مقدمة
عرفت جميع الأمم المتحضرة الحمامات واعتنت بتشييدها وزخرفتها، كما اعتنت بتسيير مجاري مياهها، وإتقان أحواضها وصهاريجها، وتزيين مجالسها. باعتبارها أماكن للنظافة والاستحمام، وقد رفع الإسلام شأن النظافة، وأعلى قدرها حتى جعل المتطهرين أحباء الله إذ قال جل جلاله :"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"[1] كما أن ظاهرة وجود الحمامات في المجتمعات الاسلامية تعبير صادق عن واقع المجتمع بالتزامه النظافة، كما تعبر أيضا عن مستواهم الحضاري باتخاذ أشكال للبناء تنجم عنها عادات وسلوكيات مرتبطة بها أشد الارتباط.
وقد تجاوزت الحمامات النظرة الضيقة التي تعتبرها مكانا للاستحمام و النظافة فقط، وهو ما يمكن أن نلمسه من خلال الأدبيات التاريخية و كتب الرحلات الجغرافية و رسائل الحسبة. وإذا كانت الدراسات التي أنجزت عن هذه المنشأة المائية قد ركزت على الجانب الفني و المعماري و الخدمات المتنوعة التي كانت تقدم للعامة عند ذهابهم إلى الحمامات، فإننا ومن خلال هذا العمل البسيط سنعطي لمحة عن جانب من الجوانب التي لا تقل أهمية عن سابقتها : وهو الجانب الديني والاجتماعي، لأن الحمامات ليست فقط بناية مكونة من قاعات يرتادها الناس من العامة حتى صارت مرفقا اجتماعيا ؛ بل هي في عمقها مسألة ثقافية، و عادات اجتماعية، و تقليد أخلاقي، ومصدر رزق للعديد من الاشخاص الذين ارتبطوا بهذه المنشأة الدخيلة على الثقافة الاسلامية، ومن خلال ما عرفته هذه الأماكن )الحمامات( عبر التاريخ من عادات و تقاليد منافية للشرع الإسلامي، وكذلك ما عرفته من مثالب و مساوئ تمثلت في كشف العورات ورفع الحياء بين عامة الناس ناهيك عن الملابسات التي تخللت بعض الحمامات كالسرقة والتي استوجبت النظر فيها و الوقوف عندها . كان من الضروري أن توكل للمحتسب أمور الإشراف عن أحوالها ورفع الضرر عن سكانها، من أجل الحفاظ على السلامة العامة وعلى القيم الأخلاقية التي تدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وقد قسمنا هذا العرض إلى ثلاثة محاور، تناولنا في المحور الأول : الحمامات ودورها وانتشارها وكثرتها بعد ظهور الإسلام، وكذلك إبراز أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، وعلاقتها بالماء من تنوع مصادر مياهها بين مختلف الأقطاب الاسلامية، دون أن نغفل طرق ووسائل استغلال المياه بالحمامات.
وفي المحور الثاني : تناولنا موضوع الحسبة بالتعرف على مفهوم الحسبة والمحتسب لغة واصطلاحا، بالإضافة الى الصفات التي يجب أن يكون عليها المحتسب.
أما في المحور الثالث والاخير: ذكرنا علاقة المحتسب بالحمامات وأبرزنا الدور الحيوي الذي يقوم به المحتسب في الإشراف على الحمامات الإسلامية العامة، من المحافظة على طهارة المياه ومنع الإخلال بالحياء بين عامة الناس، وقد أدرجت الأسباب التي كانت تستوجب على المحتسب مراقبة الحمام.
وكخاتمة لهذا العرض قمنا بمقارنة دور المحتسب بين الماضي والحاضر ومعرفة الأسباب التي أدت إلى تناقص دوره، بل وغيابه في بعض البلدان الاسلامية واستبداله بجهاز آخر في ظل الحديث عن الدولة الحديثة.
المحور الاول: الحمامات الاسلامية
I. إشكالية ظهور الحمامات
تعد الحمامات العامة من المنشآت البارزة التي تكشف عليها بعض المدن الاسلامية كالقاهرة و فاس وقرطبة وغيرها، وما ورد في الوثائق الوقفية من أوصاف لهذه الحمامات، وجدير بالذكر أن الحمام في المدينة الإسلامية كان من المنشآت التي تعددت الآراء حولها بشأن أصلها، و اختلفت هذه الآراء اختلافا يوضح أثر منهج البحث الذي تناولها فيري باعتبار أن أصل الحمام هو " الثرما " أي الحمام اليوناني القديم[2]، وخالفه في ذلك " جرنباوم" حيث يعتقد أن الحمام الإسلامي لا يمكن أن يكون وريث الحمام اليوناني[3]، بينما يرى "بلباس" أن الحمامات الإسلامية مشتقة من الحمامات الرومانية التي أثرت في المسلمين مباشرة، أو من الحمامات البيزنطية في القرون الأولى للميلاد التي كانت بهيئة أبسط[4].
ولم تغفل كتب التاريخ، والفقه، والحسبة، وكذلك الأدباء الرحالون، ومؤلفو كتب المسالك والممالك، عن الإشارة إلى ما شاهدوه من حمامات أثناء تجوالهم، ومنهم من اعتنى بها في المدن والحواضر لأنها أضافت إلى فن العمارة كثيرا من الفن والجمال، وإلى الآداب الاجتماعية ألوانا من العادات والتقاليد، واتخذها بعض الشعراء والكتاب موضوعا طريفا أطلقوا فيه العنان لمخيلتهم، متنافسين في تشخيص ما بها من زخارف، وصور، وزجاج ملون، وأثاث.. الخ. ومن التعبير عن أحاسيسهم بجانب أحواضها الساخنة، ووسط أبخرتها الحارة حيث قال ابن الجياب للماموني في وصف الحمام .
وبيت كأحشاء المحب دخلته وما لي ثياب فيه غير اهاب
أرى محرما و ليس بكعبة فما ساغ فيه غير اهاب[5]
إننا لا نكاد نجد في دواوين شعراء العصر الجاهلي والشعراء المخضرمين ذكرا للحمامات، ومن المؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يغتسلون في الغدران، إلا أن جل المسلمين الأولين الذين نزحوا إلى الشام وكذلك إلى الغرب الاسلامي، عرفوا الحمامات العامة والخاصة، ومنهم من استطابوا الاغتسال بها، كما أن منهم من استنكروا دخولها.[6]
II. مصادر مياه الحمامات و تقنية استغلاله
بالرجوع إلى تاريخ الحواضر والعمارة الإسلامية من خلال العديد من الاشارات التاريخية التي تناولت موضوع الحمامات كمنشأة لها علاقة بالماء، سنلاحظ أن وجود الحمامات واستمراريتها لازمة) ماء/ حمام(، أي أن بناء الحمامات كانت تراعى فيها جملة من الشروط لعل من أبرزها، تأمين مصادر التزود بالماء الطاهر ووضع قنوات صرف المياه المستعملة التي فسدت إلى خارج المدينة.[7]
وقد تنوعت مصادر تزويد الحمامات بالماء من منطقة إلى أخرى تبعا للبنية الجيولوجية و الظروف المناخية السائدة في كل منطقة على حدة، بل وقد اختلفت من مدينة إلى أخرى في المنطقة الواحدة، وتراوحت بين المياه الجارية ومياه الأمطار و الآبار، والعيون الساخنة و كذلك الحامات.
1. مصادر مياه الحمامات
ـ مياه الانهار
تعتبر الأنهار مصدرا أساسيا للتزود بالماء على غرار باقي المصادر الأخرى بحيث لا يكاد يخلو دشر أو قرية أو مكان أو شكل من الأشكال التضاريسية منها، وشيدت على جنباتها
أغلب المدن نظرا لما توفره الأنهار للساكنة من الماء الصالح للشرب واستغلالها في مجالات عدة، وما يهمنا في هذا العرض هو طريقة تزويد الحمامات بالماء عن طريق شق القنوات إليها، وفي ذلك يقول الشريف الإدريسي واصفا الحمامات الشامية : "...وكذلك أيضا سائر الأودية التي ذكرناها تخرج منها سواق تخترق المدينة و تجري إلى دورها وحماماتها "[8]، وقد عرفت سائر البلدان الإسلامية من المشرق إلى المغرب تزويد حماماتها بالماء من الأنهار حسب ما ورد في أوصاف الرحالة الجغرافيين وكتب التاريخ وغيرها، ففي حلب يرجع الفضل في تزويد الحمامات بالماء إلى نهر قويق، حيث بنيت قناة ربطت بينه وبين المدينة، وهو ما وضحه صاحب الروض المعطار " ولها قناة مباركة تخترق شوارعها و دورها و حماماتها."[9] أما عن مدينة فاس يقول صاحب القرطاس" ونهرها يشقها بنصفين و يتشعب في داخلها أنهارا و جداولا و خلجانا، فتدخل الأنهار ديارها وبساتينها و جناتها و شوارعها و أسواقها و حماماتها و تطحن به أرحاؤها و يخرج منها وقد حمل أتغالها و أقذارها "[10]، من خلال هذا النص الأخير نجد أن الأنهار تلعب دورا آخر فضلا عن تزويد الحمامات بالماء فإنها تقوم بعملية صرف مياه العادمة من أقدار وأوساخ التي تنتج عن استغلال الماء في الدور والحمامات وغيرها إلى خارج المدينة.
ـ مياه الآبار
في المشرق بنيت بعض الحمامات على الآبار كالحمامات الدمشقية نظرا لوفرتها في هذا المجال حسب مناخها الحار والجاف، هذا ما يفسر أن الآبار كانت مصدرا لتزويد الحمامات بالماء[11]، كما هو الشأن في بلاد المغرب حيث عرفت مدينة مراكش انتشارا للحمامات التي كان مصدرها الآبار والخطارات التي لعبت دورا كبيرا في عدم اندثار هذه المدينة التي لم تشيد على ضفة نهر واستمرت إلى الآن بفضل تواجد الخطرات و الآبار التي كانت تعد مصدرا أساسيا لتزويد الساكنة بالماء[12].
ـ مياه الحامات
فضلا عن الوظيفة العلاجية التي كانت ولازالت لحد الآن للحامات الساخنة فإنها كذلك كانت مصدرا لتزويد الحمامات بالماء الشيء الذي جعل الحمامات تشيد بمقربة من هذه العيون الساخنة، إذ يقول ابن أبي زرع واصفا مدينة فاس "وبالقرب أيضا من مدينة فاس على مسيرة أربعة أميال منها و نحوها حامة عظيمة تعرف بحمة خوان ماؤها أشد ما يكون من السخانة ، بالقرب أيضا منها حمة يعقوب عليها الحمامات المشهورة بالمغرب"[13]، أما في المشرق فإن حمامات طبرية كانت هي الأخرى تستخدم مياه العيون الساخنة واستغلالها في الحمامات.[14]
أما حمامات بيت المقدس فقد كانت تعتمد على مياه الأمطار عن طريق بناء أحواض تجمع فيها المياه[15].
2. تقنية استغلال الماء بالحمامات
حرص في تصميم الحمامات الإسلامية على طهارة الماء مما استوجب تصميم أحواض الماء و قنواته بطريقة معينة تكفل بذلك، الشيء الذي نكتشفه من خلال الإشارات التاريخية وكذلك الأبحاث الإركيولوجية التي قامت بها مجموعة من البعثات لاكتشاف المواقع الأثرية. ونجد في مقدمة هذه المواقع حمام "اشويحن"[16] حيث تم العثور على أماكن التزود بالماء وتقنية جلبه من الساقية المارة بجانبه عبر قواديس فخارية جعلت بالأعلى والأسفل، تجعل الماء يمر عبر مراحل حتى يصل صافيا صالحا للغسل خاليا من الشوائب [17]، أما طريقة استغلاله فيقول قاسم السبتي في معرض حديثه عن حمامات سبة" وعدد الحمامات المبرزة للناس اثنان وعشرون حماما أعظمها هيكلا وأشهرها ذكرا حمام القائد أبو علي ناصح الذي كان بناؤه على يديه رحمة الله عليه، و هذا الحمام بلغ الغاية في الكبر، يسع المئين من الناس، مترفع السمك طيب الهواء، قائم على أعمدة الرخام، مفروش بألواحه الساطعة البياض و المسلخ[18] متسع الساحة له بابان اثنان، و سقفه قبة مرتبة متقنة على أربع حنيات، وبصحن صهريج كبير مرتفع على الأرض، و في وسط الصهريج سارية مجوفة فوقها طيفور[19] من الرخام الموصوف يصعد الماء في جوف السارية إلى أن يفور في الطيفور، و فيضه يملأ الصهريج"[20].
III. وظائف الحمامات
1. الوظيفة الاقتصادية :
هناك من المنشآت المدنية ما أنشئ لخدمة العامة من السكان كالحمامات التي كثر إنشاؤها في المدينة الاسلامية لحاجات وظيفية مرتبطة بدعوة الإسلام للنظافة و التطهر، الشيء الذي أذى ببعض القادرين على إنشاء هذه الحمامات واستثمار أموالهم فيها نظرا لما تدره من رزق وفير لشدة الطلب عليها.[21]
كما شكل الحمام فضاء لمزاولة أنشطة تجارية بحيث كانت تباع فيه بعض المشروبات الساخنة وبعض المستلزمات، كالصابون والعطور والدلوك والسدر؛ وهو ورق شجر النبق ، وكان يستخدم في الغسل والخطمي أو الغاسول، وهو صنف من الملوخية البرية، له ورق مستدير و جذوره وبدوره لها فوائد طبية [22]، وكذلك بيع لوازم الحمامات وآلة الحمام [23].
وبما أن ولوج الحمام لم يكن حكرا على أبناء المنطقة التي يوجد بها ، بل كان يرتاده أيضا الغرباء وعابر السبيل، فقد كان لزاما أن يكون للحمامي ميازر[24] يؤجرها للناس، وهو شكل آخر من أشكال النشاط الاقتصادي داخل الحمامات.
2. الوظيفة الاجتماعية
كانت الحمامات توفر فرص شغل متعددة و متنوعة ، تراوحت بين الخدمة والتجارة، فقد شكلت فضاء لتقديم خدمات متنوعة و متكاملة لم يكن ممكنا بدونها ضمان استمرارية نشاط هذا المرفق العمومي، فهناك الحمامي، والناطور أو الوقاف، والمزين أو البلان، والمدلك، والوقاد، وأخير الزبال.
- الحمامي : يتولى إدارة و تدبير أمور الحمام فهو المسؤول الكبير، يقوم باستقبال الزبناء واستخلاص ثمن الاستحمام و السهر على التسير العام.
- الناطور[25]: أو الوقاف وكان يسهر على حفظ أثواب الناس ، وعلى استبدال الميازر المستعملة بأخرى نظيفة ، وأدوات الاستحمام الأخرى، كما كان أحيانا مكلفا بنظافة الغرف.
- المدلك[26] : وهو الشخص الذي يقوم بدلك جسم المستحم وقد كان هذا من بين النشاطات ومورد رزق لصاحبه.
- المزين : أو البلان و كان مكلف بالحلاقة ، وملزما باستعمال الأمواس الجيد الفولاذ وينبغي أن يكون خفيفا رشيقا بصيرا بالحلاقة وأن لا يأكل ما يغير نكهته كالبصل والثوم حتى لا يتضرر الناس برائحته عند الحلاقة .
وهناك خدمات أخرى لم تكن لها أية صلة مباشرة بالزبناء داخل الحمامات ويتعلق الأمر هنا بكل من الوقاد[27]، و الزبال [28].
إذن فكل حمام كان يوفر العمل لسبعة أفراد على الأقل، وبالتالي فإن رسالته لم تكن مقتصرة على الجانب الاقتصادي أو النظافة ، بل تجاوز ذلك في أبعاد عديدة، خصوصا الجانب الاجتماعي الذي يشكل ركيزة أساسية في بقاء واستمرار الحمامات وتزايد عددها في مشارق الأرض ومغاربها.
3. الوظيفة الصحية
لقد كانت الحمامات العامة فى كل المدن الإسلامية منشأة مائية ذات وظيفة صحية دارت حولها جوانب مهمة من حياة الإنسان اليومية؛ وارتبطت بها بعض عاداتهم وتقاليدهم، ثملت في نظافة الأبدان من الأوساخ والعرق، وكذلك إزالة بعض الأمراض مثل الحكة والجرب وعلاج الزكام[29] ، هذا وقد أخد الحمام طبيعة علاجية منفردة عن باقي المؤسسات الصحية فقد كان يتخذ مكانا للاسترخاء وتدليك الجسم لإزالة التعب و الإرهاق الناتج عن العمل المرهق والسفر الطويل. هذا ما تحدث عنه ابن الزيات في كتابه التشوف يقول: " كنت يوما جالسا إذ وقف علينا رجل حديث عهد الاياب من المشرق بعد أداء فريضة الحج وعليه غبار السفر فسلم علي فقلت له : أنت حديث عهد سفر مبارك فأريد أن أخدم هذه الأعضاء القريبة العهد بالسفر المبارك . فوافقني على ذلك. فحملته إلى الحمام و توليت دلك جسده بيدي فأمررت يدي على جسده إلى أن انتهت إلى صدره "[30]، وإذا كان للحمام منافع صحية على عامة الناس فإن له كذلك مضار كثيرة ، كالحرارة عند طول المقام فيه وصب الماء الحار على الاعضاء الضعيفة.[31]
المحور الثاني : الحسبة
I. الحسبة في الاسلام[32]
الحسبة أو الاحتساب اسم منصب في الدولة الاسلامية كان صاحبها بمنزلة مراقب للتجار و أرباب الحرف، يمنعهم من الغش في تجارتهم و عملهم ومصنوعاتهم ، ويأخذهم باستعمال المكاييل والموازين الصحيحة. كما كان له دور كبير في مراقبة الحياة العامة للناس ولمرافقهم، كالأسواق، والمساجد، والحمامات العامة، بغية تنظيمها على قواعد الشريعة الاسلامية . هذه هي الحسبة كما حددها لنا أكثر المؤرخين، أما الكتب الفقهية[33] فإنها تذكر لنا حقوقا كثيرة أدبية و دينية و عمرانية و قضائية تجعل منصب الحسبة في نطاق واسع عن باقي التنظيمات الإدارية التي عرفتها المدن الاسلامية، وقبل الدخول في موضوع الحسبة والمحتسب يجب تعريفهما لغة واصطلاحا.
II. تعريف الحسبة
1- تعريف الحسبة لغة:
الحسبة لفظة مشتقة من أصل (حسب) يقال: " فعلته حسبة واحتسب فيه احتسابا " أي طلبا لوجه الله تعالى وأجره.
و لقد ورد هذا المعنى في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا) أي طلبا لوجه الله وثوابه. [34]
2- تعريف الحسبة اصطلاحا:
اختلفت تعاريف الفقهاء للحسبة كثيرا، ولعل سر اختلافهم في ذلك اختلاف تصورهم للحسبة، ولقد ذكر أحد الباحثين أن من أهل العلم من نظر إلى أنها ولاية من الولايات الشرعية ومنهم من نظر إلى بعض اختصاصاتها دون البعض الأخر ومنهم من نظر إلى أصلها والقاعدة التي تنطلق منها.
وقد أجمع الكثير من العلماء على أنها وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين يعين لذلك من يراه أهــــلا لذلك[35]، تنفيذا لأمر الله تعالى" ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون "[36].
3- تعريف المحتسب:
تختلف تعاريف المحتسب من باحث لآخر نظرا للوظيفة المتشعبة التي يقوم بها المحتسب، لكن معظم تعاريف أهل العلم والفقهاء تتفق على أنه الآمر بالمعروف إذا ظهر تركه و الناهي عن المنكر إذا ظهر فعله[37]. أي من يتولى منصب الرقابة الشرعية على أفعال العباد و تصرفاتهم لتحيق موافقتها للشريعة الاسلامية .
إذن من خلال هذه التعاريف للحسبة و المحتسب نستخلص أن الحسبة هي منصب ديني من قبيل القضاء، وصاحب الحسبة) المحتسب ( يبحث عن المنكرات ويعزر ويؤدب على قدرها، ويحمل الناس على المصالح العامة في المدن مثل المنع من المضايقة في الطرقات، ومنع الحمالين ومنع أهل السفن من الإكثار في الحمل، والحكم على أهل المباني المتداعية للسقوط بهدمها وإزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة، والضرب على أيدي المعلمين في المكاتب إذا بالغوا في ضربهم للصبيان، وله النظر في الغش والتدليس في المعايش وغيرها وفي المكاييل والموازين، والأصل في الأمور التي ذكرناها أن تكون من واجبات القاضي، لكنهم جعلوها عملا ٍّ مستقلا ً ، تنزيها للقاضي عن استقصاء هذه الأمور بنفسه[38].
I. صفات المحتسب
شملت سلطة المحتسب جميع شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية كما كان عليه معرفة الشريعة الاسلامية معرفة دقيقة و متعمقة لأنه ينظر في تطبيق الأحكام الشرعية. وبقدر ما كان للمحتسب من شروط[39] يجب التحلي بها تجعله منه رجلا قائما على أحوال المجتمع بقدر ما كانت عليه صفات تميزه وتسعفه في مباشرة وتطبيق نظام الحسب من أحكام وقضاء وفق الشرع الإسلامي، ونجد من جملة هذه الصفات ما ورد عند الإمام السقطي في كتابه إذ يقول: " ويجب أن يكون من ولي النظر في الحسبة فقيها في الذين قائما مع الحق نزيه النفس عالي الهمة معلوم العدالة أناة وحلم[40]، عارفا بجزئيات الأمور وسياسة الجمهور، لا يستنفره طمع ولا تلحقه هوادة ولا تأخذه في الله لومة لائم "[41] ويضيف كذلك بروفنسال في تحقيقه لرسائل الحسبة لابن عبدون قائلا : " يجب أن يكون المحتسب رجلا عفيفا خيرا ورعا عالما غنيا نبيلا عارفا بالأمور محنكا فطنا لا يميل ولا يرتشى فتسقط هيبته و يستخف به "[42] هذه النصوص تعطينا لمحة عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحتسب؛ وهي الرفق و لين القول، بحيث أن المحتسب يجب عليه أن لا يعجل في تطبيق العقوبة لأنه وضع للإصلاح و تحقيق ذلك، ينبغي أن يكون بالرفق لا بالسلطة و المعاقبة[43] بالإضافة إلى طلاقة الوجه وسهولة الأخلاق والحزم في ضبط الأمور بثقة عالية مواظبا على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعفف عن أمور الناس و يرفض قبول الهدايا والرشاوي، و أن يكون عمله بإخلاص لوجه الله. كل هذه الأمور و الصفات تجعل من المحتسب أهلا للحسبة، وقد اتسعت مهام المحتسب في المجتمع الإسلامي حتى شملت أمورا عديدة منها ما يتعلق بالحمام وهو ما سيأتي التفصيل فيه في المحور الأخير بإبراز العلاقة بين الحسبة والحمام .
المحور الثالث: الحسبة في الحمامات
I. دور الحسبة في الحمامات
تلعب الحسبة في المدينة الإسلامية دورا فعالا في تنظيم العمران وتشيده، حسب الشروط الضرورية تبعا لقواعد تخطيط المدن والعمارة، ودفع المضار عن الساكنة وهذا ما نلمسه من خلال أثرها في المدينة الإسلامية، وما فيها من منشآت واسواق و عمارات، وهو دور جعل المدينة الإسلامية متميزة عن غيرها من المدن.
والحسبة واسطة بين أحكام القضاء و أحكام المظالم[44]، وتتفق الحسبة مع القضاء في انصاف المظلوم وإلزام المدعى عليه بالأداء وتقل عنه بعدم سماع جميع الدعاوي الخارجة عن الظواهر والمنكرات بينها تزيد الحسبة عن القضاء في متابعة المحتسب لتنفيذ ما يأمر به[45].
ومع تطور نظام الحسبة في الإسلام نظمت الأحكام الفقهية العمل داخل الحمامات وخضعت لإشراف المحتسب خضوعا مباشرا يكفل باستمرار عملها وفق القواعد والقيم الإسلامية، وتماشيا مع هذا الاتجاه أنشئت حمامات خاصة للنساء وأخرى للرجال وهناك من الحمامات ما استخدم بواسطة الرجال في أوقات محددة، وللنساء في أوقات أخرى[46].
ومن خلال ما عرفته هذه المنشأة المائية الاجتماعية من فثن ومثالب أوكل أمرها الى المحتسب في الإشراف عليها، وهذا ما نجده في النصوص التاريخية وكتب الحسبة التي أمدتنا بمجموعة من الإشارات والمعلومات عن الدور الحيوي الذي يقوم به المحتسب في عمله واشرافه على الحمامات العامة من المحافظة على طهارة المياه، والعمل بداخلها حسب التقاليد والقيم العقائدية الإسلامية، ومنع أي اخلال بالآداب العامة أو مخالفة للشرع من حيث أمر المستحمين بستر عوراتهم بالمآزر والحفاظ على النظافة ومنع انتشار الأمراض المعدية بين المستحمين[47]، وقبل الحديث عن دور المحتسب في إشرافه عن الحمامات يجب أولا معرفة الأسباب التي كانت وراء هذا العمل وجعلت المحتسب يقوم بهذا الدور داخلها
II. اسباب الحسبة في الحمامات
1- عدم التستر
أمدتنا المصادر التاريخية والكتب الفقهية )الحسبة( بمجموعة من الإشارات التي استقينا منها ما عرفته الحمامات من مثالب و سوء الخلق بين الناس عن طريق دخولهم الحمامات مكشوفي العورة ينظر بعضهم لبعض ويستقبحون السترة[48]، ومثل هذه الأفعال هي التي جعلت من القائمين على الحق أن ينظروا في أمور الناس وأحوالهم ومعايشهم ويؤدبونهم على ترك التستر في الحمامات وعدم التستر هذا في الحمامات هو الذي أثار انتباه اهل الحسبة من أجل التدخل لوقف هذه المساوئ حتى لا تسير عادة عند الناس[49].
2- السرقة
لم تكتفي الإشارات الإخبارية التاريخية بالحديث عن عدم التستر في الحمامات فحسب بل تجاوز الأمر ذلك الى الحديث عن السرقة به ولكي لا نترك الكلام على عواهنه نستحضر ما رواه ابن تجلات عن سرقة بن النجار الدي كان يغتسل في حمام وكان يحمل معه خريطة بها ثمانون دينارا فلما انتهى من الاغتسال لم يجد ما كان معه من متاع فأمر المحتسب بغلق الحمام وقام بتفتيشه[50].
III. دور المحتسب في الإشراف على الحمامات
1- دور المحتسب في تخطيط الحمام و مرافقه
للحمام أهمية كبرى في الحياة الاجتماعية داخل المدن الإسلامية فقد اعتبر من المرافق الحيوية بها وفضلا عن وظيفة الحمام الصحية و الترفيهية، فقد كان للحمام غرضه الديني كما هو الحال في جميع مرافق المدن الإسلامية ومن تم فقد خضعت الحمامات للمحتسب للإشراف عليها مند بداية تشيدها حيث كانت تراعى في اختيار موضعها العديد من الخصائص الغير مضرة بالسكان و مصالحهم[51]، وقد كان المحتسب يضع مجموعة من الشروط لما ينبغي أن تشيد عليها الحمامات حتى لا تشكل أي عائق لعامة الناس و من هذه الشروط ما يلي:
ـ أن تتوسط المدينة.
ـ وأن تكون مصارف الماء فيها واسعة مستقلة ليؤمن عليها من الاختناق.
ـ وأن تكون بيوتها متوسطة مكتنزة ليعمل فيها الوقود.
ـ وأن يكون مخلعها و قيمنها واسعين ليمكن إدخال الكثير من الوقود لها
ـ وأن تكون على مقربة من الماء لتأمين حاجتها من هذه المادة الحيوية[52].
كل هذه الشروط تعتبر ضرورة ملحة يجب الأخذ بها عند تخطيط أي حمام أو أي عمارة، ويدخل في مجال المفاضلة بين الحمامات تفضل ما كان قديم البناء كثير الأضواء مرتفع السقوف واسع البيوت عذب الماء طيب الرائحة وأن تكون حرارته بقدر مزاج الدخل إليه، وأن يكون الفناء متسعا لأن أبخرة الحمام رديئة و كثيرة، فإن ذلك معين تقليل بخارها[53].
كل هذه الاشتراطات إن دلت على شيء، فإنهما تدل على مدى حرص المحتسب على أن تكون الحمامات بأحسن وضع مشيدة وفق نظام يضمن للمستحم عدم تعرضه للإيذاء بالانتقال السريع من البرد الى الحر أو العكس، مستوفية لكافة الشروط المطلوبة في هذا المرفق الهام من مرافق المدن.[54]
2- دور المحتسب في الإشراف عن العاملين بالحمام
لم يقتصر دور المحتسب في الحمامات على تخطيط موضع الحمام ومرافقه فحسب، بل كان له دور في متابعته للعاملين به حتى يستفيد عامة الناس من خدمات جيدة في هذا المرفق الاجتماعي، وكان من الأشياء التي يقوم عليها المحتسب حثه للعاملين على نظافة الحمام من الأوساخ، إذ كان يؤمرهم بغسل الحمام وكنسه وتنظيفه بالماء الطاهر غير ماء الغسالة، ويفعلوا ذلك مرارا في اليوم، وأن يدلكوا البلاط بالأشياء الخشنة حتى تصير نظيفة، وأن يغسلوا في كل يوم حوض النوبة[55] من الأوساخ المجتمعة فيه وكذلك القدور المجتمعة في المجاري والماء العكر الراكد في أسفلها في كل شهر مرة؛ لأنها إن تركت أكثر من ذلك تغير الماء فيها من الطعم والرائحة، ولا يسدوا الأنابيب بشعر المشاطة بل يسدوها بالخرق الطاهرة أو الليف الطاهر ليخرج من الخلف[56].
كما كان المحتسب يضع في الحسبان حاجة الناس من الماء الشروب في الحمام لمن عطش و سط حره وبتالي كان لازما عليه أن يأمر بتوفير زيرا )قربة ماء( من الماء العذب الصالخ للشرب ولم يسلم الوقاف من تنفيد أوامر المحتسب حيث كان يلزمه حفظ أقمشة الناس فإن ضاع منها شيء دمه حتى يكون واعيا بمسؤولية حفظ الأمانة من الناس وعدم ضياعيها[57].
بالإضافة الى انه كان يلزم صاحب النوبة[58] أثناء عمله في حلق الشعر و تزين الناس أن يستعمل أمواس جديدة من الفولاذ حتى ينتفع بها الناس و يمنع عليه المحتسب أكل الثوم والبصل وكل ما يمكن أن يغير رائحته أثناء عمله حتى لا يتضرر منها الناس[59]، أما البلان[60] وهو الشخص الذي يقوم بدلك المستحمين كان المحتسب يأمره بعدم تدلك الأعضاء الخفية وعدم مسها باعتبار أن ادخال اليد تحث الميازر ولمس العورة حرام كالنظر إليها لذلك وجب على المحتسب منعه من القيام بهذه الأمور والأفعال السيئة التي من شأنها الإخلال بالحياء. وحتى يستلذ به الناس كان المحتسب يأمره أن يدلك يده بقشور الرمان لتصير خشنة فتخرج الوسخ[61].
3- دور المحتسب في مراقبة المستحمين
إن معالم الدين الاسلامي في الدول والمدن الإسلامية تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا ما تبلور في الحسبة ودور المحتسب حتى يعيش الناس في مجتمع محافظ مبني على القيم الدينية والأخلاقية، وأن تطور نظام الحسبة عبر التاريخ استوجب مراقبة الاسواق والباعة واصحاب الحرف والمرافق العمومية والاجتماعية، لم تسلم الحمامات من هذا النظام الديني وباعتبار أن الحمامات وما يقع داخلها يخرج احيانا عن نطاق العفة و الاحترام وهذا ما استدعى اهتمام أولي الأمر والقائمين على خطة الحسبة أن يتدخلوا بسبب ظهور هذه الممارسات الخارجة عن العفة والأخلاق، وفي ظل ما أسلفناه من هذه الممارسات كان المحتسب يقوم بمراقبة المستحمين ليلا ونهارا حيث كان يمنع كشف الناس لعوراتهم لأن ذلك محرم على الناس في ظل العقيدة الإسلامية وبالتالي كان المحتسب يأمر بارتداء الميازر في الحمام حفاظا على أخلاق المسلمين وحتى لا تصير عادة بين الناس كشف عوراتهم في العلن[62].
وينبغي أن يكون للحمام ميازر تؤجر للناس تكون عريضة حتى تستر ما بين السرة والركبة أي أن تكون هذه الميازر بمواصفات تنم عن حسن خلق وعفة بين المستحمين حتى لا يضيع الحياء بينهم وتسوء الأمور وتنعدم الأخلاق التي هي أعظم ما في الايمان والأثقل في الميزان عند الله.[63]
اضافة الى هذا كان المحتسب يضع أوقاتا للاستحمام حفاظا على أوقات الصلاة حتى لا ينشغل عنها الناس.
وحفاظا على سلامة المستحمين و حتى لا يكونوا عرضة لبعض الأمراض الجلدية المعدية كان المحتسب يمنع اصحاب الأمراض من دخول الحمام مثل الأبرص و الحكة وغيرها من الأمراض التي سرعان ما تنتقل بين الناس[64].
خاتمة
عرفت المناطق الإسلامية القديمة الحمامات باعتبارها مرافق اجتماعية لابد منها في كل مدينة أو تجمع سكاني، ومن المؤكد أن تاريخ الحمامات في المدن الإسلامية قديم جدا، فما من آثار حضارة قديمة تم اكتشافها في أي المنطقة، إلا وكانت الحمامات في مقدمة تلك الآثار.
ومع الفتح الإسلامي ازدهرت الحمامات ازدهارا كبيرا، فالإسلام أمر بالنظافة وجعل الغسل من ضروريات، فانتشرت الحمامات انتشارا كثيرا في كل المدن والقرى والبلدات الإسلامية، وظهر مهندسون متخصصون في عمارتها وزخرفة جدرانها وتجميل أقسامها، في ظل هذه العناية الكبير بالحمامات فقد عرفت مجموعة من الأحداث اللاأخلاقية الخارجة عن نطاق العفة، وهذا ما نستنتجه من الإشارات التاريخية والكتب الإخبارية التي أعطتنا صورة واضحة حول واقع هذه المنشأة وما يقع داخلها من مثالب كعدم التستر، وغير ذلك من الممارسات المنافية للدين الإسلامي، الشيء الذي أدى بالقائمين على أحول الناس وضعها تحث المراقبة والحرص عليها.
وبظهور نظام الحسبة وما عرفه من قواعد تشريعية مبنية على الدين الاسلامي خضعت هذه المنشأة المائية للمراقبة من طرف المحتسب الذي أشرف على جميع مكوناتها بحيث كان يضع مجموعة من الشروط التي يجب أن تسير عليها وهذه الشروط كانت وفق الشريعة الإسلامية وما تمليه من قواعد.
ومع تطور الحياة الاجتماعية والتقنيات التكنولوجية في الوقت الحاضر انتشرت الحمامات الحديثة المزودة بالتجهيزات الصحية في إطار المنازل الخاصة لبعض الشرائح الاجتماعية الشيء الذي انعكس على الحمامات العامة وقل الطلب عليها نسبيا، وفي ظل هذا التطور والتغير الذي عرفته الأنظمة الإسلامية بالدولة الحديثة جعل دور المحتسب يتناقص و يتلاشى في مراقبته لجميع المرافق العمومية، وهذا راجع إلى التغيرات التي طالت أجهزة الدولة واصبح المحتسب مجرد موظف له اختصاصات محدودة غير التي كان عليها في السابق، ولو أردنا أن نجد للمحتسب الفقهي شبيها في وقتنا الحاضر لاضطرارنا الى القول بأنه يشبه رئيس البلدية و مدير الصحة ورئيس الشرطة الأخلاقية و مدير الشؤون الاجتماعية بل هو كل أولئك وزيادة.
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم برواية ورش عن نافع
المصادر
ـ ابن ابي زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس في اخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس. دار المنصور. الرباط 1973.
ـ ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي. معالم القرابة في أحكام الحسبة، بدون طبعة، وبدون تاريخ.
ـ الأنصاري محمد بن القاسم السبتي ، اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار ، تحقيق عبد الوهاب بن منصور ، الطبعة الثانية ، الرباط ، 1983.
ـ بروفنسال ليفي، ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة و المحتسب، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1995.
ـ ابن الزيات، التشوف الى رجال التصوف و أخبار ابي العباس السبتي . تحقيق احمد توفيق، الطبعة الثانية 1997، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
ـ السقطي أبي عبد الله محمد بن ابي محمد، في آداب الحسبة ، بدون تاريخ.
ـ الشريف الادريسي ، نزهة المشتاق في اختراق الافاق ، الطبعة الاولى، بيروت، 1989
ـ ابن القاضي احمد المكناسي، جدوة الاقتباس في ذكر من حل من الاعلام مدينة فاس ،دار المنصور للطباعة، الرباط، 1973.
ـ لحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، تحقيق احسان عباس، الطبعة الثانية ،بيروت ، 1984
ـ الماوردي أبو الحسن علي بن محمد البغدادي، الأحكام السلطانية و الولايات الدينية، مكتبة الحلبي، القاهرة، 1966.
ـ ابن منظور ، لسان العرب، الجزء 1، دار صادر، بيروت
ـ ابن المؤقت محمد بن محمد بن عبد الله، الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية، تقديم الدكتور أحمد الشقيري الديني، الطبعة الثانية، 2000.
المراجع
ـ الابيض أنيس، بحوث في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، الطبعة الاولى، بيروت، 1994.
ـ ازريكم عبد الرزاق، مدينة غمات وما إليها في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمدينة الوسيطية ببلاد المغرب، الطبعة الاولى، المطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، 2012.
ـ بهيني عبد المجيد، الحمامات العمومية و الديمغرافيا التاريخية اية علاقة ، ضمن اعمال ندوة دراسات تاريخية في العمارة و السكن ، منشورات كلية الآداب و العلوم الانسانية وجدة ، 2008.
ـ حضيري ناجي بن حسن بن صالح، الحسبة النظرية و العلمية عند شيخ الاسلام ابن تيمية ، دار الفضيلة الرياض، 2005.
ـ زيدان جرجي ، تاريخ التمدين الاسلامي ، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، ج1، الطبعة 2012.
ـ عبده محمد عبد العاطي محمد، الحمامات الإسلامية في الأندلس في العصر الإسلامي، رسالة لنيل درجة الماجستر في الآثار الإسلامية، الطبعة الاولى القاهرة ، 2012.
ـ عثمان محمد عبد الستار، المدينة الاسلامية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 128، بدون تاريخ.
ـ العرباوي عيسى السيد ، لمحة تاريخية وأدبية عن الحمامات في المجتمع الإسلامي ، مجلة دعوة الحق العدد 81-82 .
ـ عزب خالد محمد مصطفى، تخطيط وعمارة المدن الإسلامية، الطبعة الأولى، الدوحة،1997.
[1] - سورة البقرة ، الآية 222
[2] - عثمان محمد عبد الستار، المدينة الاسلامية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 128، بدون تاريخ، ص 223.
[3] - الابيض أنيس، بحوث في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، الطبعة الاولى، بيروت،1994 ص 58
[4] - عثمان محمد عبد الستار، المدينة الاسلامية، مرجع سابق ص 223.
[5] - ابن القاضي احمد المكناسي ، جدوة الاقتباس في ذكر من حل من الاعلام مدينة فاس ،دار المنصور للطباعة ، الرباط، 1973، ص 188.
2- عيسى السيد العرباوي ، لمحة تاريخية وأدبية عن الحمامات في المجتمع الإسلامي ، مجلة دعوة الحق العدد 81-82 ص 22.
[7] - ازريكم عبد الرزاق، مدينة غمات وما إليها في التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي للمدينة الوسيطية ببلاد المغرب، الطبعة الاولى، المطبعة الوراقة الوطنية، مراكش 2012 ص 162.
[8] - الشريف الادريسي ، نزهة المشتاق في اختراق الافاق ، الطبعة الاولى ، بيروت ، 1989، ص 52.
[9] - لحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، تحقيق احسان عباس، الطبعة الثانية ،بيروت ، 1984،ص 124.
[10] - ابن ابي زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس في اخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس. دار المنصور. الرباط 1973، ص 16.
[11] - عبد المجيد بهيني ، الحمامات العمومية و الديمغرافيا التاريخية اية علاقة ، ضمن اعمال ندوة دراسات تاريخية في العمارة و السكن ، منشورات كلية الآداب و العلوم الانسانية وجدة ، 2008، ص 80.
[12] - زيارة ميدانية الى مجموعة من الحمامات المعروفة في مدينة مراكش والتي كانت تستغل مياه الآبار في التزود بالماء ونجد ابرز هذه الحمامات حمام الكرماعي .
[13] - ابن ابي زرع، الأنيس المطرب، مصدر سابق ص 18
[14] - عبد المجيد بهيني ، الحمامات العمومية مرجع سابق، ص 80.
[15] - نفسه، ص 80
[16] - اشويحن كلمة امازيغية تطلق على القديد الذي يتخذ من اللحم بعد تشريحه و تمليحه ثم تعرضه لأشعة الشمس ليجف و هو يصلح بعد ذلك للادخار و الاستعمال في الأسفار الطويلة و كان اهل فاس يتخذونه كزاد لهم في رحلاتهم التجارية .
[17] - ازريكم عبد الرزاق، مدينة غمات وما إليها، مرجع سابق ص 166.
[18] - المسلخ ورد عند عبد الستار في كتابه المدينة الاسلامية ص 246 بالمشلح وهو موضع خلع الملابس وحفضها وراجح هو المسلخ يعني المكان الذي يتجرد فيه المستحمون من ثيابهم قبل دخول الحمام ، ومن العامة من يستعمل كلمة المفسخ أي مكان فسخ الثياب بمعنى ازالتها قصد الغسل ويسمى اليوم في للسان الدارجي المغربي "الجلسة " تنطق بجيم مصرية وبها يستريح المستحم الى حين أن يلبس ثيابه ليستعد للخروج و مغادرة الحمام .
[19] - اناء عريض مستدير اكبر من الصينية يستخدم في تقديم الهدايا ، و المراد به هنا هو الجفنة الرخامية المستديرة التي يفور منها الماء و ينزل الى الصهريج ، كانت تدعى قديما بالخرشفة و تسمى اليوم الخصة .
[20] - الأنصاري محمد بن القاسم السبتي ، اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار ، تحقيق عبد الوهاب بن منصور ، الطبعة الثانية ، الرباط ، 1983، ص 35.
[21] - الابيض أنيس، بحوث في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، مرجع سابق، ص 56.
[22] - عبد المجيد بهيني ، الحمامات العمومية، مرجع سابق ، ص 81
[23] - نفسه، ص 82.
[24] - الميازر و مفردها مئزر : رداء قصير يستر الجسم من السرة الى الاسفل .
[25] - الناطور: المقصود به هنا حارس الثياب في الحمام .
[26] - دلَّك الشَّيءَ بالغَ في دَلْكِه ، فركَه ودَعَكه :- دلَّك جسمَه عند الاغتسال
[27] - الوقاد كان مكلف بإقاد النار وتسخين الحمام.
[28] - الزبال كان مكلف بجمع الوقود من حطب و اخشاب و جلبها الى الحمام على ظهر الدواب، كما كان مكلفا أيضا بتطعيم الفرن أو الموقد بالوقود الطبيعي كلما تطلب الأمر ذلك.
[29] - عبد المجيد بهيني ، الحمامات العمومية، مرجع سابق ، ص 83.
[30] - ابن الزيات، التشوف الى رجال التصوف و أخبار ابي العباس السبتي . تحقيق احمد توفيق، الطبعة الثانية 1997، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
[31] - عبد المجيد بهيني ، الحمامات العمومية، مرجع سابق ، ص 84.
[32] - عرفت الحضارة اليونانية نظاما اقتصاديا انتشر مع السيطرة اليونانية في بلاد الشرق وكان يعرف باليونانية باسم آغورانوموس "صاحب السوق" و كان عمل هذا الموظف الإشراف على أمور الاسواق وقد استمرت هذه الوظيفة عند الرومان و البيزنطيين ولما جاء الإسلام و انتشرت راية الدولة الإسلامية في الشرق والغرب أبقى الخلفاء والولاة على هذه الوظيفة ولكن اطلقوا عليها إسم "الحسبة" وعلى صاحبها " المحتسب" على أن المسلمين وإن اقتبسوا هذا النظام عن النظم السابقة فإن ذلك لا يعني أنهم أبقوا عليه كما هو ، بل أدخلوا عليه الكثير من المهام و التعديلات و المبادئ المستمدة من تعاليم الإسلام ، وعلى اعتبار أن مهمة " الآغورانوموس" كانت مستمدة من التعاليم و البيئة الوثنية و المسيحية. أنظر كتاب الأبيض أنيس ، بحوث في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية ، مرجع سابق ص 67.
[33] - - حتى لا نطيل عن القارئ في هذا العرض يحب التطرق وبشكل دقيق عن الحسبة التطبيقية التي دونت من طرف بعض الفقهاء ،و المحتسبون التي تهدف الى الحفاظ عن المجتمع الاسلامي من التمزق وتشتت ، ويأتي كتاب "نهاية الرتبة في طلب الحسبة "على رأس المؤلفات في هذه الطريقة الخالصة للتطبيق، وهو للمؤلف عبد الرحمان بن نصر بن عبد الله العدوي الشيزري ، المتوفى سنة 1193 وقد جعل كتابه اربعين بابا يذكر كل سوق وكل حرفة أنظر الشيزري عبد الرحمان نهاية الرتبة في طلب الحسبة. وقد حذا حذوه ابن الأخوة في كتابه "معالم القرابة في أحكام الحسبة" حيث نقل عن الشزري لكنه أضاف أبوابا من خبرته في الحسبة وعلى كل حال فإن كتاب "نهاية الرتبة" يعتبر الكتاب الأم في الحسبة التطبيقية في مشرق العالم الإسلامي. أما في مغرب العالم الاسلامي فهناك كتاب " آداب الحسبة" لابي عبد الله بن ابي محمد السقطي، وهو يعتبر أقدم ما وصل إلينا في الحسبة التطبيقية فهو يسبق كتاب الشيزري السالف الذكر لأنه عاش في أواخر القرن الحادي عشر اليلادي و اوائل القرن الثاني عشر ميلادي.
[34] - ابن منظور ، لسان العرب، الجزء 1، دار صادر، بيروت، ص 314.
[35] - حضيري ناجي بن حسن بن صالح، الحسبة النظرية و العلمية عند شيخ الاسلام ابن تيمية ، دار الفضيلة الرياض، 2005، ص 28.
[36] - سورة آل عمران الآية 104.
[37] - حضيري ناجي، الحسبة النظرية و العلمية، مرجع سابق، ص 83.
[38] - زيدان جرجي ، تاريخ التمدين الاسلامي ، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، ج1، الطبعة 2012، ص258.
[39] - يجب التميز في هذا الموضوع بين صفات المحتسب و شروط المحتسب وحتي لا نغفل شروطه بعد تناولنا لصفاته في صلب العرض تجنبا للإطناب والحشو في الموضع لابأس أن نذكر بعض من هذه الشروط بإيجاز على هامش الموضع وهي نتقسم الى ثلاثة أقسام شروط الصحة : أي الشروط التي يتوقف عليها صحة الاحتساب من بينها 1-التميز وهو مطلق الإدراك لا تفريق بين الخير والشر. 2- الإسلام وهو أحد اسباب قبول الأعمال 3- العلم بحكم المنكر وهذا شرط = في صحة المحتسب. القسم الثاني هو شروط الوجوب وفيها 1- التكليف وهو العقل و البلوغ عند الفقهاء 2- القدرة وهي القدرة على تغير المنكر. و القسم الأخير شروط التولية وفيها كذلك التكليف والإسلام بالإضافة إلى العلم و القوة والأمانة والعدل والحرية . أنظر الحسبة النظرية و العلمية لحضيري ناجي
[40] - الحلم هو الأنا و العقل و الوقار الإ أن الأنا تدل على كثرة الحلم فيقال رجل آن بكسر النون أي كثير الحلم أنظر حضري ناجي، الحسبة النظرية و العلمية ص 107.
[41] - السقطي أبي عبد الله محمد بن ابي محمد، في آداب الحسبة ، بدون تاريخ، ص 5.
[42] - بروفنسال ليفي، ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة و المحتسب، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1995، ص 20.
[43] - حضيري ناجي، الحسبة النظرية و العلمية، مرجع سابق، ص 107.
[44] - الماوردي أبو الحسن علي بن محمد البغدادي، الأحكام السلطانية و الولايات الدينية، مكتبة الحلبي، القاهرة، 1966 ص 240.
[45] - عزب خالد محمد مصطفى، تخطيط وعمارة المدن الإسلامية، الطبعة الأولى، الدوحة،1997 ص 94.
[46] - الإبيض أنيس، بحوث في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، مرجع سابق، ص 57.
[47] - عبده محمد عبد العاطي محمد، الحمامات الإسلامية في الأندلس في العصر الإسلامي، رسالة لنيل درجة الماجستر في الآثار الإسلامية، الطبعة الاولى القاهرة ، 2012، ص 11.
[48] - ابن المؤقت محمد بن محمد بن عبد الله، الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية، تقديم الدكتور أحمد الشقيري الديني، الطبعة الثانية، 2000، ص 263
[49] - أزريكم عبد الرزاق، مدينة غمات، مرجع سابق، ص 169.
[50]- نفسه، ص 169.
[51] - أزريكم عبد الرزاق، مدينة غمات، مرجع سابق، ص 163.
[52] - عزب خالد محمد مصطفى، تخطيط وعمارة المدن الإسلامية، مرجع سابق، ص 110.
[53] - عزب خالد محمد مصطفى، تخطيط وعمارة المدن الإسلامية، مرجع سابق ، ص 111.
[54] - نفسه ، ص 112.
[55] - حوض النوبة المقصود به عند إبن الإخوة هو الصهريج الذي يوضع فيه الماء الساخن .
[56] - ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي. معالم القرابة في أحكام الحسبة، بدون طبعة وبدون تاريخ، ص 205.
[57] - ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي. معالم القرابة، مصدر سابق، ص 207.
[58] - صاحب النوبة هو الشخص المكلف بحلاقة الشعر و التجميل.
[59] - ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي. معالم القرابة، مصدر سابق، ص 207.
[60] - البلان هو مصطلح ورد عند بن الاخوة معناه القائم بدلك الناس في الحمام وقد سبق الإشارة إليه أنه يسمى المدلك وبالعامية المغربية الكسال أو الكلاس.
[61] - ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي، معالم القرابة، مصدر سابق، ص 209.
[62] - ابن الإخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي الشافعي. معالم القرابة، مصدر سابق، ص 207
[63] - نفسه، ص 205.
[64] - نفسه، ص 205.