شذرة البدء " مع إختفاء بورديو إختفى أحد أخر من كبار السوسيولوجيين في القرن العشرين ، و الذي لم يكن يأبه بتخوم التخصصات و حدود المجالات ، و قد كان بطبيعة الحال إتنولوجيا منذ أبحاثه الأولى بصدد إصطدام المجتمع الجزائري بالعقلية الرأسمالية ، غير أن إنتاجه الذي تدفق دون كلل يتموضع تحت شارة السوسيولوجيا ، تماما كما ينتسب إلى الفلسفة و الإقتصاد و العلوم الإجتماعية ، أو تحليل اللغة و جميع المجالات التي دشن فيها أفاق جديدة و منظورات واعدة " يورغن هابرماس
في سماء الفكر والإبستومولوجيا و بين رحاب العقل و التفكير ، و في بلد ثورة المثقف و المناضل الشهيد ، و في مواكب الأسماء الغربية اللامعة ، إنفلت إسم من التاريخ و أسس لنفسه مدرسة حقيقية سندانية القاعدة و البنيان ، شريفة المقاصد و الغايات ، أمنت بالغربلة و التشويش ، و إعتنت بالحفر و التمحيص و إرتبطت بالتفكير النقدي العميق ، فكانت خلية حيوية تزعزع الثابت و الساكن و تبدي عدائها للكسل و النوم العميق ، فإعتزت بفن الرقابة و التنقيب ، و إنشغلت بإنتاج المعنى و تبديد مساحات الإستكانة و الإرتياح ، كما إحترفت الإضاءة على المعتم و المستور ، و فضحت كل شيء متيم بالتواري و الإختفاء ، و أظهرت المخفي الغير راغب في الإنبراز و الظهور ، و أخلصت لمنطق الكشف و التعرية دونما تفاوض أو نقاش ، لتتحول لمؤسسة ثقافية و لسلطة فكرية تمتاز بالشمولية و الرونقة على جل الأصعدة و المستويات ، بأعمال معرفية تعد أدوات للنضال الفكري و النظري دونما شك أو تشكيك ، صارخة دائما ضد منطق الهيمنة و التضبيع ، لتوهب لنفسها عن طريق البحث و الإرتياب مجالات إشتغال عديدة و متنوعة تمتاز بالتشعب و الإرتباط ، محركة لأسئلة القلق والإزعاج التي لا تهاب الخطوط الحمراء ، نسبت لنفسها مهمة الدرس الاجتماعي من خلال آليات النقد و التحليل ، ففرضت نفسها على المسرح السوسيولوجي بتفجيرها لأصلب الأسئلة و أكثرها تعقيدا و تركيبا و أشدها إرباكا و مشاكسة ، دون أن تختار لنفسها الإنزواء في برجها العالي العتيد ، أو تفضل التقوقع قي قصرها الذهبي الحصين الذي منحته إياها مسيرة تراكم إبستمولوجي علمي نادر و غزير ، فانشغلت بالعمل الأمبريقي المنتظم ، و زاوجت بين السبر الميداني المتنوع و التنظير النقدي المتراكم ، فمزجت بين كل من التقنيات المنهجية الدقيقة و التركيب النظري الأشد تعددا ، قائلة عبارتها الشهيرة " النظرية بدون بحث أمبريقي خواء ، و البحث الأمبريقي بدون نظرية هراء " لتصبح بقوة الأشياء متألقة في فضاء العلم و سابحة في عوالم العلمية بدون تعثر و لا إنقطاع ، فارضة لنسقها الفكري على الخشبة بقوة الأبحاث و المقاربات ، فأبدعت كعادتها و أنتجت و أعادة إنتاج الإبداع ، لتجيد كثيرا و لربما أكثر من المستطاع حتى إستنفدت طاقاتها في ميدان الخلخلة و الإزعاج ، فتجاوزت بإرادتها لجل الإشكالات الفكرية المقلقة للأوائل المؤسسين و المشاغبة لأغلب الباحثين ، فأفاضت في البحث و أضافت و جددت في العلم الإجتماعي و قلصت من مواطن ضعفه و زادت من نقاط هيبته و قوته ، فحتى تلك التناقضات التي أهلكت ذهن سلف السوسيولوجيا الصالح العتيد ، تمت مقاربتها بآليات المنهج و المفهوم ، حتى أصبح من المستعصي و العسير الإحاطة العلمية الشاملة بزخمها الفكري داخل حقول علوم الإنسان بمعناها الواسع الكبير لتجدر أصالتها ، و نظرا لكثرتها و لتداخل براديغماتها و لغناها المنهجي و تكاملها المعرفي ، فلكل منها سياق مفاهيمه و منطق وجوده و رهاناته الجوهرية و سيرورة إنبنائه ، فرائدها إذن مفكر سوسيولوجي تارة ، و فيلسوف نقدي بمزاج أنتروبولوجي تارة أخرى ، أتقن أكثر من غيره فن الكشف عن المنطق المتحكم في الممارسات الإجتماعية في جميع الحقول ، و أبرز الآليات الضمنية المفسر لنسق جل تلك الممارسات ، يميل إلى الخصوبة والتجديد بمتن إبداعي متشابك عميق يمتاز بقوة الإختراق للتخصصات و الحدود و يتسم بآلية التكيف مع جل الثقافات و اللغات ، ما فتئ يعلن كامل العداء لكل فكر إستهلاكي تافه المعنى و رخيص القيمة و هش البنيان و الأساس ، فرنسي المولد والمنشأ كما إنكتب على وثائق الثبوتية و الإنتماء ، ينتسب إلى عوالم الفئات الشعبية الريفية الكادحة المآل ، كيف لا فمنها قدم و ضمن دروبها رأى النور ، و من أجلها نفق ساعات تلو الساعات ، أتى منها لينافح على أوضاعها و ليدافع على حال أحوالها ، فهو صاحب أفكارها الحرجة و مؤيد لمواقفها المزعجة ، ظل وفيا لخطاب العلم الإجتماعي المتمرد بشقيه التفكيكي و الإزعاجي ، معلنا الإستعداد بلهفة لإقتحام كل ما هو سياسي شائك السياج أو بديهي مسلم به و بصحة يقينه ، مقر الإخلاص لمنطق الفكر و التفكير ، يقظ كعادته و محترس بفطرته ، يؤمن بالتريث الدائم تجنبا للوقوع في أوهام التحليل الساذج العامي ، و يخاف من التعثر في تخوم الحدس الفردي الذاتي ، يعيب على مواقع التعالي و الإستعلاء ، و يمتعض من كل شيء يعلن التنافر مع المعيشي اليومي و يبحث في ما وراء الفيزيقي ، حلق بعيدا في عوالم السوسيولوجيا كيفما رغب و أراد ، فنخر أكثر مواضيعها تشنجا و تعصبا ، و زحزح ستار المقدس على جلها و أغلبها ، فتمكن ببحثه المستمر من تجاوز كتبان الصور الساذجة في التشفير و التحليل ، و بآليات تفكيره إتخذ مواقف دفاعية صلبة القاعدة و الأساس ، تؤطر ذهنه ضد ركام الأفكار الرائجة المنتشرة طولا و عرضا ، فإمتاز بمناعة فكرية لا تنفذ و لا تنتهي ، و عرف بالحذر الإبستمولوجي الموضوعي ، فتشبث بكل أصالة و إقتناع بإستعداده الدائم لمواجهة كافة المقاربات الساكنة المتآمرة و المتواطئة ، و فضح رغبته بنهشه لمواقف الارتياح تجاه أحكام الوقت المنتشرة و الأخذة في الاستفحال ، و بعيدا بأي حال من الأحوال عن خطابات العنف إزاء كافة المواضيع شاكس و قام بالتفكيك ، و بعيدا عن أي نهج يسلك منحى التجريح قام بالنقد و الإنتقاد ، تجنبا لهدم للبيت الداخلي بنزعة مازوشية متعجرفة ، أو بأخرى سادية إستعلائية تدميرية للذات ، لينتصر بعمق عميق للنظرة الشمولية الواسعة التحليل ، و ليفضل بعد جهد جهيد النظر للأشياء من الأعلى حتى يتحكم في كل من ثناياها و أطرافها ، رافضا بالتعصب لأي إلتزام براديغماتي واحد و وحيد ، كطابع إستراتيجي حريص لا غير ، و كتكتيك منهجي حذر يتخلى من خلاله عن النظرة الدغمائية التي تتحصن بالبرج العاجي البعيد ، تحت شعارات من قبيل العلم و العلمية أو تخصص التخصص ، يمتاز بإحترافيته الموسوعية و بمؤلفاته المعرفية ، الناهجة لمعنى التطفل على باقي الحقول العلمية الأخرى ، فهذا هو بورديو ، العدو اللدود لكل النظريات المتخفية تحت غطاءات مبتذلة مزيفة ، تزيد من حرارة المعرفة العلمية الزائفة البعيدة عن المنهج و المعادية للواقع الاجتماعي و الباحثة في المجرد الفلسفي ، يرفض بكل الوسائل و السبل التخندق الأحادي في قلاع الزعم العلمي الخاص ، أو التقوقع داخل قيود منهجية لوعاء معرفي محدد بارز و مكشوف ، لينغمس بأدوات المنهج في تمفصلات المجتمع بفسيفساء براديغماتية مزركشة ، تخوض غمار البحث و التحليل بتوظيفها لمفاهيم إجرائية تتماشى و الظاهرة المدروسة و تسعى للتأثير عليها بعيدا عن الإيمان بها جاهزة يقينية أو مسلمة بديهية ، لا لشيء سوى من أجل إستخراج المعنى من طياتها ، كيف لا و هو السوسيولوجي العلمي والعملي الذي يدفعك بإعتزاز و إفتخار إلى الاعتراف به و تقدير أعماله الصعبة الحصر و التلخيص ، فوضعيته إذن مفكر إجتماعي بكل المعايير و المقايسس بإنتاج علمي هائل و فريد ، كتب له الإبتداء بمجتمع الفلاحين بالجزائر لينتهي بحقل التلفزيون و بخبايا الهيمنة الذكورية كأخر مؤلف له قبل أن يأخذه عنا مرض الرسطان و يقرر الرحيل ، مخلص للدقة المنهجية و حدة المفاهيم ، يمتاز بصعوبة الأسلوب وتعقد اللغة و ضخامة الإنتاج الذي يفوق سياج الانتروبولوجيا و علم الإجتماع ، ليعانق جسد الأتنولوجيا و التربية مرورا بمداعبته للسانيات و مغازلته للسياسة و الفن وغيرها من الحقول ، فاتحا أفاقا حوارية بين العلوم الإنسانية بمعناها الواسع العميق ، بعيدا عن الرؤى الضيقة في التخصصات الأكاديمية المحدودة الأفق و الغايات ، يمتاز بنظريات قابلة للتطبيق في مجالات متعددة وذات إختلاف مائز ملحوظ ، زيادة على تنوع المراجع و مصادر الإستغراف و الاستلهام ، فحصيلة نظريته إذن مطبوعة بالتطور التدريجي على المستوى العمودي ، و التنوع على المنحى الأفقي ، و التغير على مستوى الأصول و الأسس ، إستطالت بنظرتها الثاقبة و بعمق تحليلها إلى باقي الحقول إنطلاقا من متن نظري و تطبيقي مترامي الأطراف ، منتشر الصدى و ممتد عبر أرجاء العالم و بقاع أراضيه ، مما يجعل من إمكانية تطبيقه مؤكدة لا محالة في مجالات معرفية و فكرية شتى ، فلنظريته كامل الحظوظ للإستثمار في التعامل مع الواقع الإجتماعي ، و تطويقه سوسيولوجيا بأليات الدرس و التحليل ، فإطاره النظري يشكل نسقا ملائما موضوعيا و إجرائيا لعدة أبحاث داخل حقول السوسيولوجيا نفسها ، أو في مجالات علمية شقيقة للعلم الإجتماعي ، لذا نشهد لبورديو بمحاولته الجادة و الصادقة لخلق سوق تشاركية واسعة لتداول المعرفة بصبغة سوسيولوجية محضة تسعى للفهم و التغيير ، سوق يتجاوز إطارها العلمي حدود المتخصصين و يستعلي نسقها المعرفي قلاع النخبة و المثقفين ، كنهج يتخلى من خلالها كل مفكر إجتماعي عن أنانيته و غطرسته الزائفة المبتذلة ، ساعيا إلى ترك الإحتكار التعسفي السفسطائي للمعرفة العلمية ، لفرض حالة طلاق وجداني مع هيمنتها و تملكها ، زيادة على رفع الزعم بإقتصارها على فئة الأنتلجنسيا و خلخلة بداهة صورها عند المتخصصين ، و ذلك ليس من باب إشراك العامة أيضا في عوالم المعرفة بالمعنى الإستهلاكي البخس و الرخيص ، و لكن من أجل تعميم نوع من القلق المعرفي و تمديد أشكال من التوتر الفكري حتى يكتنز الجميع وعيا يحركهم ضد ما يحاك لهم و ليناضلوا من أجل التغيير ضمن نطاق المؤسسات أو حتى على أرصفة الشوارع ، فجميل فعلا ما فعله بورديو عندما إلتصق بميدان النضال و أعلن الخصام مع التأمل داخل المكاتب المريحة و المكيفة الأجواء ، ليفضل التجربة و المعايشة أحيانا و حتى المشاركة أحيانا أخرى بوعي نقدي خام ، يتماهى و الطريقة الفرنسية الموروثة من كبار المثقفين و أعظمهم تفلسفا و إنتاجا ، فجَسد نموذج المثقف الملتزم المناصر للمستضعفين و المستبعدين ، و تقمص نموذج المثقف العضوي المؤيد للمغلوب على حالهم و المحتاجين ، فأغضب السياسين كثيرا عندما رفض الرضوخ الميكانيكي لأوامرهم أو التوافق مع إستراتيجيات حزب من الأحزاب ، فكرهه اليمين لتصرفاته المتمردة و إستعداده لقلب الطاولة في كل لحظة من اللحظات ، أما يسار اليسار فقد أعلن عدم رضاه لغياب نية واضحة منه للإنخراط ضمن عوالمه للدفاع عن أفكاره ومبادئه ، فإمتعض منه السياسيون من يمين و يسار لإعتبارهم أن كل تدخل منه في الشؤون العامة إسترتيجي المنبع و الإنبثاق و ليس بالثقافي مطلقا لعرقلته لأغلب القوانين و المشاريع ، كما إنزعج منه فئة كبرى من المثقفين خصوصا عندما خلخل واقعهم و كشف عن وضعيتهم و قام بتعرية أوهامهم و رهاناتهم ، بأدوات سلسة هادئة بعيدة كل البعد عن خطاب التجريح أو منهج الإقصاء و هذا ما زاد في إمتعاضهم و مقتهم ، لذا ليس من الغريب أن يكون في طليعة الوقفات الإحتجاجية مؤزارا لحركات المعطلين و المهمشين ، و ليس بالتناقض أن يكون ناقدا لتيار العولمة الجارف لكل ذوق جميل و محاربا للرأسمالية المتوحشة الساحقة لكل ثقافة أو عرف أو قوانين ، ففد إنتصر لمنطق التعرية في الأمور ، و فضح النزعة الميركنتيلية للسادة الجدد من أرباب الشركات و القادة السياسين ، كما خاض معارك شرسة ضد النيوليبرالية بكل تشكيلاتها و تلويناتها ، و كشف بشغف كبير عن تطلعات مالكي المقاولات الإعلامية النافذة المهيمنة و الخاضعة لمنطق التجارة و مصالح السوق ، فإجتهد بآليات المنطق و التفكير في إتهام الميديا عاكسا نواياها الخفية المتخفية التي لا تعطي حرية الكلام إلا لكتاب ثرثارين و غير أكفاء ، داعيا بتشجيع منقطع النظير لحضور المثقف المناضل كحل أساسي بديل ، ليناهض كل صيغ العنف سواء المادي منه أو الرمزي ، كما أمر الباحثين من باب أخر الإنغماس في الواقع الإجتماعي للبحث و التقصي ، و حثهم على الإنخراط من أجل التنقيب الميداني لكشف الهيمنة و نزع غطاء التعتيم ، عمن يمتلك السلطة و يمارس التعسف السلس الغير محسوس ، و لضرورتهم الإلحاحية المضادة لإنتهازية العولمة و لسياساتها التنظيمة و الفكرية الكارثية على الإنسان ، لا لشيء سوى لفضح ما يمكن فضحه من أفكار أخذت من العتمة مكانا لها ، سواء بتقديمهم لحكم موضوعي رصين يكشف عن إيديولوجيا الإعلام و التواصل و الإتصال و كل ما يعتمل بمطبخهما ، أو برفضهم للتبضع الثقافي الممنهج الذي إجتاح حقولها ، ناهيك عن تعميمهم فكرة الإستبداد الممارس من طرف التليفزيون ، و إبرازهم للدور الذي تلعبه الشاشة في تكريس نفس المصالح و الأوضاع ، زيادة على سيادة مبدأ الإستحمار ، دون نسيان آلية التلاعب بالعقول ، فهذا إذن هو بورديو و هكذا إنكتب لحياته أن تكون ، فلم يكن الرجل مجرد عابر سبيل في خرائط العالم السوسيولوجي ، بل كان ولا يزال علما مؤسسا و منارة باذخة بارزة في تاريخ الدرس الإجتماعي ، رحل عنا كغيره من كبار المنضرين لكن سيظل لا محالة نموذجا غائرا في عقول المفكرين و سيبقى مثالا للمثقف النقدي الذي قيل عنه الكثير ، خصوصا بأن وجوده شكل الأساس الأسمى لخلق معادل لدكتاتورية السلطة و معاكس لها ، و منافس لجل تكتيكاتها و صمام أمان للحرية و مدافع عنها ، فهو المناضل بشكل من الأشكال سواء في الميدان بلباس سياسي أو علميا بلباس إبستمولوجي ، فبورديو نموذج للمثقف العالمي الذي من كثرة تراكم أبحاثه و دراساته و خاصيتها النوعية ، نزل إلى الشارع و شحذ سلاح النقد الإقتراحي مساندا كل فعل نقدي إحتجاجي ، معريا عن المقولات الإيديولوجية للعولمة و فاضحا نوايا السلطة الرابعة و حرية التعبير ، داعيا إلى التموضع النقدي و السياسي للمثقف المناضل ضد تيار العولمة الجارف في طريقه للأخضر و اليابس سواء من أفكار و تقاليد ، لذا سنطمئن إلى أبد الآبدين لأن بورديو لن ينمحى أبدأ و لن يزول ، و لن تدفن أفكاره و تتحلل كما لحق هذا الحال بأعضائه ، لكنه سيبقى كسؤال إشكالي مرير ، كسؤال حرج في خضم الحركات الفكرية و الإجتماعية المنادية بمزيد من الكونية على الصعيد الثقافي كخطوة أولى على طريق بناء أممية جديدة ، ترفع رايات الحرية و تنتصر للقاع الإجتماعي ، و تمحص كل ما يأتي في طريقها حبا في السوسيولوجيا كعلم ينتج الفضيحة و يفصح عنها أولا و أخيرا ، مؤسس على النبش و التعرية كمنهج دقيق و كعقيدة لتحليل أتفه الأمور ، و كمفهوم سيبقى دائما ساري الأثر و المفعول ، يتوخى تتبع مسارات الهيمنة داخل تضاريس المجتمع و تمفصلات كافة الحقول ، ليرفع النقاب عن مثالب الهيمنة ، ليعكس الواقع على حقيقته دونما تزييف أو تنميق .