كشف سر ألوان الدنيا السبعة ،ثبت مجدافيه في الماء ، عادت السكينة لتخيم على المركب ، تمدّد فوق الغدير الخالي لما عاد إلى البرّ ثانية ، كانت كائنات الأمكنة ترتشف لها من الندى البليل ، حتى خال المساء بجمال امرأة اختلط على محياها الحزن بالجمـال ، نفَسا متجددا كانت ،بل كزرقة السماوات وقت الضحى ،أو كسمفونية هائمة في الزمن الزئبقي، تتراقص الأجسام وتتماوج برقة ورشاقة على موسيقـاها .
يكلم نفسه في صمت :
يا أنا :
أظن أن الرحلة تبدأ الآن من آخر نقطة ،على عكس ما اعتاده كل الناس ،يرمي بك ذلك الصحن الطائر في أنأى الأمكنة ،لتعود إلى نقطة البداية ، وفي عودتك ستدرك الفوز طبعا ،هي فعلا رحلة عبر زمن خرافي .
الليل يجعل من هذه اللحظات تجربة جديدة ومخيفة، ممتعة أحيانا ،قاسية هي رغما عن أنف كل متجبر .
كانت أصوات المارة تنداح تدريجيا في أدراج الصمت الخجول ،وصوت صاعق آت من خلف الظلمة ،يبدو أنه آثر أن يباغت المكان.
تقول له أخته :
لا بد من القرابين لنيل حظنا الوفير من هذا العالم ، وكتْم أنفاس الشر .
تقول له كلماتها :
- لا تبحر في سماء كيانك، ففي سكونه ،يسبح شيطان أخرس يكلمك خفية .
الذاكرة أصبحت مثقلة ، وهذا العالم لا يصلحه شيء.
يبتسم الشيطان بغتة ،ويناوله قرصا مسكّنا، ليحلم بعالم يصمت فيه الشياطين في رحلة مفاجئة ،ويكف عن زحزحة حديث الدُّمى الثابتة منذ أمد بعيد .