هل تتذكرين ؟ أم انك، مسحت كل الذكريات الجميلة التي جمعتنا من قاموسك؟ اعرف أن لك حياة جديدة، بصحبة رجل ثاني. هو لا يعلم، أن رجلا أخر، سبقه إلى شفتيك الجميلتين، لا يعرف أن يدا أخرى، تحسست جسدك تحت جنح الظلام، غير يديه، لا يعلم بالمواعيد الغرامية، بالهدايا، بأنك قلت احبك لشخص أخر.
أنت تتذكرين ذلك، حتى وان تخلصت من كل الهدايا التي تذكرك بي، و مسحت اسمي من مفكرتك، لن تستطيعي مسح قبلاتي ، ولا لمساتي الدافئة.
هل تتذكرين تلك الليلة؟ قبل أربع سنوات، أواسط شهر مارس، كان اللقاء الأخير، كان الجو زمهريريا، جعل أذني تلبسان اللون الأحمر و أنا انتظر قدومك. أتيتني مسرورة، في ذاك المكان المعهود، تحت شجرة البلوط، تذكرينها، أليس كذلك؟ كانت الابتسامة بادية على محياك، ظننت انك فرحة للقائي، أمسكت بيدك كما العادة، لكنك على غير العادة سحبتها بسرعة، وقلت لي: لدي كلام يجب أن أقوله .
أنا أيضا، كان لدي كلام كثير، لكنك صممت أن تتحدثي أولا. ظننت لوهلة انك ستشنفين مسمعي بكلامك المعسول الذي الفت سماعه، ستقولين اشتقت إليك، ولا استطيع البعد عنك، احبك، احبك..... تحدثت ويا ليتك لم تفعلي.
قبل أن تتركيني وتغادري مسرعة، لم تتريثي لتسمعي ما كنت سأخبرك به، كنت احمل خبرا سعيدا، لو انتظرت برهة قصيرة، كنت ستعرفين أنني وجدت وظيفة وأنني منذ أن جاءني الاتصال الهاتفي، كنت ارتب للتقدم لطلب يديك.
لم تلتفتي وراءك، لم تتحسري على فراق أنت من اختاره، تركتني هناك، أشكو خيبتي لشجرة البلوط، الشاهدة على كل تفاصيل علاقتنا. كفكفت دموعي، وانصرفت. ظل جرحك ينزف، يأبى أن يندمل. التحقت بوظيفتي وقررت، ألا أعود إلى القرية، كي لا أتذكر خيانتك.
الآن، ها أنا أراك أمامي مرة أخرى، ربما تقرئين ما يدور في ذهني، أو تحاولين تفسير نظراتي الللامبالية، أنا قرأت رسائل عينيك، قرأت بؤسك البادي على محياك، رأيت معاناتك، في تعاملك مع الطفل الذي تمسكين بيده، والطفل الثاني المحمول على ظهرك، هو يصرخ، وأنت تريدين إسكاته دون جدوى. هل سمعت أنت همساتي؟ هل قرأت رسائل قلبي؟
بعد أربع سنوات من زواجك، لم تعودي تلك المرأة التي عرفتها، وأنا أيضا لم اعد الرجل الذي احبك. كلانا تغير، صرت أنت أما قهرها الزمان، انطفأ سحر قوامك الرشيق ، صرت انحف مني، هل تذكرين، حين كنت تستهزئين من نحافتي؟ صرت الآن أغلظ، وبطني تتقدمني،لكن سريري لا يزال خاويا، لا زلت ابحث عن امرأة تشاركني دفئه.
أترين؟ أغواك مال الرجل الثاني، سحرتك السيارة التي يركبها، أنا أيضا اشتريت واحدة، وأعيش في فيلا ضخمة في العاصمة، لم اكتف بالوظيفة، وانخرطت في العمل السياسي والنقابي، لأنساك. صرت شخصية سياسية معروفة، انظري لبطني البارزة، ستتأكدين مما أقوله؟ أتعرفين لم عدت الآن؟ السياسة من أعادتني، عدت لأحكم القرية.
زوجك أيضا صار مشهورا، صوره ملأت كل الجرائد. لكن شهرته مدمرة، أحرقته وأحرقتك معه. ربما كرهت أن يناديك الناس بزوجة "حمادي البزناس*". ربما تتمنين أن تعود عجلة الزمان إلى الوراء؟ و تلعنين اليوم الذي تقدم فيه لخطبتك. هو الآن يقضي عقوبته السجنية الطويلة، وأنت تقضين عقوبة اختيارك الخاطئ، عقوبة جريك وراء المال، تركك مثقلة بهموم طفلين وفضيحة. أتلاحظين؟ كلانا تغير.
نسيت أن أقول أمرا أخر، صادفت اليوم إحدى صديقاتك، لم اعد اذكر اسمها، لكنني تعرفت عليها من ملامحها. رأيتها تداعب صغيرها ذا السنتين. بدت لي أكثر جمالا ونضارة من ذي قبل. خمنت أنها تزوجت الرجل الذي أحبها وأحبته، فكرت أن اختيارها كان صائبا وأنا أراها اليوم سعيدة.
الآن وبعد أربع سنوات، ها نحن نتقابل ثانية، أمد يدي للسلام عليك، لم تسحبيها بسرعة هذه المرة، نسيت أمر الطفل الذي يبكي، هو لا يعلم من أكون، لا يعلم أنني ربما كنت سأكون والدا له، لولا تسرعك. وأنا لا استطيع أن اسحب يدي، رغم تظاهري باللامبالاة، لا استطيع أن أنكر، لا زلت احبك، ولا زال جرحك مفتوحا، أو ربما أكرهك. اليوم تحل الذكرى الرابعة، ذكرى اغتيالك للحب والوفاء.
فهل تتذكرين؟ أنا أتذكر كل التفاصيل. تفاصيل جريمتك.
* البزناس: تاجر المخدرات