دخل الحلبة مزهوا بكسوته الزاهية الألوان، يحمل سيفا وقطعة ثوب أحمر،
علا الهتاف والتصفيق من أعلى المدرجات، رد التحية على الجماهير المتحمسة والمتعطشة للدم..
ارتفعت الموسيقى وفتح الباب الخشبي الكبير..
خرج الثور يفور ويضرب الأرض بقوائمه، انتظره المصارع أن يهجم.. استفزه بالثوب الأحمر.. لكن الثور جمد في مكانه ورفض الهجوم على المصارع..
اقترب المصارع من الثور ووكزه بسيفه :
لماذا لا تهجم ؟ انظر إلى هذا الجمهور المتعطش لدمك .. أهجم ..فأنت هنا لتُقاتِل ..
لأقاتِل أم لأُقتل ؟
قال المصارع مزهوا يتبختر في كسوته :
ـ لتقاتِل وتُقتل إنه قانون اللعبة ..
يائسا رد الثور الذي ركب رأسه، وبدهاء كبير قفز على فكرة أضاءت عينيه الحمراوين غضبا ودما..:
ـ مللت أن أكون أنا المقتول دائما.. لم لا نجرب أن تكون أنت الثور وأنا المصارع ؟
ـ أقاتِل وأُقتل ؟ مستحيل.. أنا المصارع وهذا الجمهور جاء ليراك تقاتِل وتُقتل..
مستعطفا بادره الثور :
ـ لنجرب.. دعني أتذوق وأنتشي بنشوة الانتصار ولو مرة واحدة..
ـ ولكنك الثور ..
ـ أعرف.. وهذا من سوء حظي ..
تبادل المقاتلان نظرات غامضة.. كل يقرأ في عين الآخر ما يعتمل داخله من انتقام وقتل وما يخططه هذا لذاك ..
نظرا إلى الجمهور الغاضب والمتعطش للدم..
ـ ثور أو مصارع.. الدم .. الدم ..
علا المدرجات صمت رهيب وارتسمت علامات استغراب واستفهام غطت شساعة الحلبة..
سلّم الثور قرنيه للمصارع وتسلّم الثوب الأحمر والسيف..
وبدأ الصراع.. كر وفر..ودم يسيل وعرق..
صراخ وهتاف وعطش للدم..
تعب المصارع وسقط أرضا فبادره الثور غاضبا:
ـ هيا.. أهجم ..
ـ تعبتُ.. خذ قرنيك وهات السيف والمنديل..
ضحك الثور وهو ينظر إلى المصارع الذي تتلاحق أنفاسه من الخوف والتعب..
اندمج الجمهور في اللعبة واختلط العرق بالدم بالخوف بالزعيق ..وصاح بالثور يطلب دم المصارع..