جلسَت على مائدة الإفطار تُناول زوجها كوب الشاي وتدردش معه عن جارتهما صفية التي بدأت تضايقها بكثرة الشكوى من زوجها كل يوم، وكيف أنها ملت من حكايات خصامهما المتكرر. وقبل أن يغادر "أبوعلي" البيت كانت صفية تهم بطرق الباب التفت مبتسما وقال مناديا "صديقتك صفية يا ليلى". خرجت ليلى من المطبخ متأففة تجفف يديها بمنشفة قرمزية اللون "خيرا إن شاء الله؟... صالحته؟" توجهت صفية بنظرها إلى الأسفل نحو الأريكة الموجودة عن يمينها وألصقت ظهرها بالجدار وقالت متمتمة "نعم صالحته" وصمتت لبرهة وعادت لتقول "ولكننا عدنا للجدال هذا الصباح، إنه يرفض السماح لي بزيارة أختي المريضة", ردت عليها ليلى بنبرة حادة "وماذا بعد؟"، أردفت صفية وهي لاتزال تشيح بعينيها عن صديقتها التي تحذق بها "وماذا عساي أفعل؟ سأكتفي بمكالمتها هذا المساء وأحاول اختلاق عذر مناسب لعدم زيارتي لها".
انتفخت أوداج ليلى فجأة واحمرت وجنتاها وجحَظت بصرها إلى صفية وبدأت تصرخ في وجهها وهي تلوح بالمنشفة في الهواء "تبا، يا لك من امرأة ضعيفة الشخصية ساذجة، متى تتخلصين من استعباده لك؟، متى تتعلمين أن تقولي له ولو لمرة واحدة في حياتك عفوا أنا أخالفك الرأي؟، متى تجعلينه يحترمك ويحترم مشاعرك وقراراتك؟، متى تكفين عن الركوع تحت قدميه كلما خاصمك تطلبين غفرانه حتى وإن كان هو من أخطأ في حقك؟، متى تدركين أن قوتك في الدفاع عن مواقفك وليس في سكب الدموع والتضرع له كأمة؟، متى تكفين عن تقديسه، متى تستوعبين أن هشام زوجك وليس مولاك، تبا لك أنا أكرهك أكرهك".
تجمدت صفية مكانها، لتنطق فجأة "ليلى، هشام زوجك أنت!!!"