ما أن فـَتـحت الباب حتى اندفعت جارتـُها إلى الداخل مثل قذيفة مسددة بإحكام..حدست من طريقة دخولها أنها تحمل خبرا عاجلا..يسميها جاراتها في الحي"الجزيرة مباشر"..ويعرفن حرصها على تحقيق "السبق الصحافي" في كل مرة..طبعت على خديها قبلتين سريعتين ، ثم سألتها :"هل عاد زوجك؟"..توجست خيفة لأنها أدركت أن ما تحمله من أخبار تتعلق بزوجها دون شك،إذ ليس من عادتها أن تسأل عنه..فقد ألفت أن تقدم "نش رة أخبارها" دون مبالاة بحضوره أوغيابه..وأحيانا كانت تتعمد أن ترفع صوتها في بعض المقاطع حتى يسمع كل من في البيت "منجزاتها"..
لم تنتظر أي ترحيب بها ، بل دخلت من تلقاء نفسها إلى غرفة الجلوس..وألقت بجسمها النحيل على الأريكة التي تتوسط المجلس..انتظرت التحاق ربة البيت بها..وعندما رأتها تجلس أمامها مثل تلميذة مهذبة بدأت تحرك رأسها الصغير مثل رأس عود ثقاب وكأنها بذلك تنذرها بخطورة ما تحمل من أنباء..وتعمدت أن تطيل لحظات الصمت لترفع من وتيرة الشوق لدى زميلتها..وضعت رجلا على أخرى وسوت جلستها مثل مذيعة تتهيأ لتقديم برنامج مشوق.. وبعد أن سعلت سعلة خفيفة اطمأنت بعدها إلى سلامة حبالها الصوتية ، قالت:"الثقة اليوم عملة نادرة..أحيانا نعتقد أن أقرب الناس إلينا لا يمكن أن يصدر عنهم ما يسئ إلى ثقتنا فيهم..قد يصدمنا ذلك.. وقد يؤدي إلى انفصام كل رابط بيننا وبينهم..الثقة كنز كبير..ولكن علينا أن نحسن وضعه في المكان المناسب..أقصد الشخص المناسب.."
صمتت بعض الوقت وهي تتفحص آثار كلامها على ربة البيت..ولما اطمأنت إلى وقعه الجيد عليها واصلت بانتشاء كبير:"الرجال يا صديقتي معدن مجبول على خيانة الثقة..هم جنس لا يقدِّرون ما تقدمه النساء من أجلهم من تضحيات..فيأخذون في التنكر لهن في أول فرصة تتاح لهم.."صمتت من جديد وقد لاحظت أن اهتمام ربة البيت
بدأ يتزايد..لاحظت أنها سوت من جلستها ووضعت هي أيضا رجلا فوق أخرى وأخذت تنصت باهتمام كبير..أدركت بحرَفيتها المكتسبة أن الوقت حان لتفجر القنبلة التي جاءت تحملها على عجل.."اسمعيني يا أختي..ولكن تماسكي جيدا.. واضبطي أعصابك..أعرف أن الموقف صعب..وأن وقع المفاجأة سيكون قويا.."
نظرتْ إليها من جديد بعينيْ أفعى تحاصر فريستها..ودون أن تسمح لها بالكلام أو السؤال واصلت:" كنت أمر من شارع الحرية..وبالصدفة رأيت زوجك يدخل إلى فندق.." قاطعتها بحدة :"زوجي أنا ..يدخل إلى فندق؟!هذا مستحيل..أنا أعرف أنه لا يحب الفنادق..حتى عندما نسافر لا نذهب إلا إلى المدن التي يوجد فيها أقاربنا أو أصدقاؤنا الخلـَّص.. هذا مستحيل.. قد يكون شخصا آخر يشبهه.."أدركت أنها استطاعت أن تزعزع ثقتها بزوجها..هي التي كانت تتبجح بينهن بحبه الأعمى لها وإخلاصه الذي لا مثيل له.. ردت عليها بلهجة واثقة:" أنا نفسي شككت في الأمر..لذلك تبعته حتى دخل إلى الفندق..أنا متأكدة أنه هو..ولولا خوفي من الشبهات لدخلت وراءه لأستطلع الأمر..لذلك وقفت غير بعيدة أراقب باب الفندق..لكنه تأخر فجئْتُ إليك مسرعة لأخبرك.."
تابعتْ بإمعان تغيرات الملامح على وجه ربة البيت..وأيقنت أن الصدمة عقدت لسانها..لذلك انتظرت بعض الوقت قبل أن تضيف:"أرأيت يا أختي أن الرجال لا يؤمَن جانبهم..صدقيني..أنا أعرفهم جيدا..خذي مثلا زوج جارتنا فاطمة..الرجل الورِع الذي لا تفوته صلاة الجماعة في المسجد ولم يتخلف يوما عن صلاة الفجر..لقد أسمعني مرارا من الغزل ما لم أسمعه حتى من زوج سعاد المخمور على الدوام..بل لم أسمعه قط من زوجي الذي لم يعد يطيق البقاء معي في البيت ساعة واحدة.. "
ما كادت تنهي كلامها حتى فـُتِح باب البيت ودخل الزوج يحمل في يديه أكياسا بلاستيكية مملوءة بالمؤونة..مرت بجانبه مثل سهم طائش دون أن ترد تحيته وأغلقت الباب خلفها بحدة..هز كتفيه مستغربا ، وخمَّن أن يكون خلاف قد نشب بينهما..كانت زوجته ما تزال جالسة في مكانها..حياها كعادته رغم ما لاحظه عليها من توتر واضطراب.."مساء الخير حبيبتي..لدينا اليوم ضيف عزيز..صديقي محمود هاتفني في العمل وأخبرني أنه موجود هنا ويريد أن يراني..زرته في الفندق الذي نزل فيه..حاولت إقناعه بالإقامة عندنا وقبول استضافتنا له حتى ينهي الأغراض التي جاء من أجلها..لكنه اعتذر بلباقة..وبصعوبة قبل أن يتعشى عندنا اليوم.. أرجو أن تهيئي لنا أطباقا لذيذة من يديك الحلوتين.." تقدمتْ نحوه بخطوات مرتبكة كطفل مذنب..ثم انقضت عليه وعانقته بحرارة وسط استغ رابه وذهوله بينما الأكياس البلاستيكية ما تزال معلقة بيديه...
نظرتْ إليها من جديد بعينيْ أفعى تحاصر فريستها..ودون أن تسمح لها بالكلام أو السؤال واصلت:" كنت أمر من شارع الحرية..وبالصدفة رأيت زوجك يدخل إلى فندق.." قاطعتها بحدة :"زوجي أنا ..يدخل إلى فندق؟!هذا مستحيل..أنا أعرف أنه لا يحب الفنادق..حتى عندما نسافر لا نذهب إلا إلى المدن التي يوجد فيها أقاربنا أو أصدقاؤنا الخلـَّص.. هذا مستحيل.. قد يكون شخصا آخر يشبهه.."أدركت أنها استطاعت أن تزعزع ثقتها بزوجها..هي التي كانت تتبجح بينهن بحبه الأعمى لها وإخلاصه الذي لا مثيل له.. ردت عليها بلهجة واثقة:" أنا نفسي شككت في الأمر..لذلك تبعته حتى دخل إلى الفندق..أنا متأكدة أنه هو..ولولا خوفي من الشبهات لدخلت وراءه لأستطلع الأمر..لذلك وقفت غير بعيدة أراقب باب الفندق..لكنه تأخر فجئْتُ إليك مسرعة لأخبرك.."
تابعتْ بإمعان تغيرات الملامح على وجه ربة البيت..وأيقنت أن الصدمة عقدت لسانها..لذلك انتظرت بعض الوقت قبل أن تضيف:"أرأيت يا أختي أن الرجال لا يؤمَن جانبهم..صدقيني..أنا أعرفهم جيدا..خذي مثلا زوج جارتنا فاطمة..الرجل الورِع الذي لا تفوته صلاة الجماعة في المسجد ولم يتخلف يوما عن صلاة الفجر..لقد أسمعني مرارا من الغزل ما لم أسمعه حتى من زوج سعاد المخمور على الدوام..بل لم أسمعه قط من زوجي الذي لم يعد يطيق البقاء معي في البيت ساعة واحدة.. "
ما كادت تنهي كلامها حتى فـُتِح باب البيت ودخل الزوج يحمل في يديه أكياسا بلاستيكية مملوءة بالمؤونة..مرت بجانبه مثل سهم طائش دون أن ترد تحيته وأغلقت الباب خلفها بحدة..هز كتفيه مستغربا ، وخمَّن أن يكون خلاف قد نشب بينهما..كانت زوجته ما تزال جالسة في مكانها..حياها كعادته رغم ما لاحظه عليها من توتر واضطراب.."مساء الخير حبيبتي..لدينا اليوم ضيف عزيز..صديقي محمود هاتفني في العمل وأخبرني أنه موجود هنا ويريد أن يراني..زرته في الفندق الذي نزل فيه..حاولت إقناعه بالإقامة عندنا وقبول استضافتنا له حتى ينهي الأغراض التي جاء من أجلها..لكنه اعتذر بلباقة..وبصعوبة قبل أن يتعشى عندنا اليوم.. أرجو أن تهيئي لنا أطباقا لذيذة من يديك الحلوتين.." تقدمتْ نحوه بخطوات مرتبكة كطفل مذنب..ثم انقضت عليه وعانقته بحرارة وسط استغ رابه وذهوله بينما الأكياس البلاستيكية ما تزال معلقة بيديه...