هذا الحرفٌ سفينة تبحرٌ بي إلى المزيد من جزر ملح المدينة .. أقيمُ داخل زنزانة شوق .. يكتبني مدنا تنفث صمتا مقيتا .. أرى جسرا يشرده يبسٌ الوقت .. رجالا و نساء و أطفالا تحت سقف مطرٍ أشتهيه .. يصارعهم السؤالٌ عن لون المحال .. أرى كرسيا من حجر ينقش اسم ولده الجنين .. بين أزقة تحترق وردا في الجبين .. لكَ الجلالة أيّها الحرفٌ المغسول الوجه بماء البحر و الريحان ... و على رصيف المدينة يمدّ الضجرُ ذراعه المقوس إلى الأشجار المارة أمامه .. يطلب منهم قراءة مدن المنشور الوهّاجة .. فيردّون أنهم لا يٌحسنون العوْمَ في مياه مستنقع لعين .. و كالطفل البحري أسألٌ حارس المدينة عن رائحة هذه الخريطة الممتدة عبر رمال من جحيمٍ .. مَن يكون هذا السائل الأزرق في ليلنا البهيم ..؟؟
هو من فئة الكراسي المبتورة العين .. و هذه الجسور الوارفة الظل تصول صبورة في الدم .. و الحصون الشاهقة في العيون المعطلة .. ترسم أجمل الشروخ في وطن .. بالمزيد من خطب المواسم يؤسس حرمة الزنازن .. و أعمدة صهاريج الثلج .. يوشّحها بأوسمة من قصب ..
هي أفواه واسعة .. إلينا صدّرها زمن القحط .. حين انقلبت الأمكنةُ على وحشة الزمان .. فساد الظلام .. و تلاه ظلم البشر ..
من قبور جليد الصمت العنيد .. نهارا ستقفز النارٌ باسمة في وجه حجر سرقته الرياحٌ .. و كلما ارتفع حجمُ أرصدتهم في صدورهم .. اتسعت سماء الشوق في عيون هذي الجسور الجريحة .. و ازداد جمالا رشقُنا لهم .. بالمزيد من أوسمة حارقة كتبتها المدينةٌ بأوجاع تسكن في الشمس .. و بين اندفاع موج السواعد في المدن السفلى .. و المهجورة المعنى .. على أرصفة محطاتنا الجريحة إلا من جليد قاماتنا المحشوة قسرا برائحة كأس تكاد تقتلها الوحدة .. و صرخات السيارات المدجّجة بلعنة صخب الوحشة .. تكنّسني حروفا أخرى خارج أسوار المدينة .. و زفيرُ صمت البحر يصلني ورداً أسود اللون .. من أعلى مسارح لغة عارية .. ترسم نجمات الزّيفِ قبل مَحْوِ أكوان الأمسِ .. فطوبى لكل الكلمات المفروشة ببساتين ورد مشدود إلى سلاسل من سجيل
مضيتٌ .. أمتطي وحدتي .. و اخترقتٌ .. بعد حين .. أهازيجَ هذه المدينة المكبلة بصمت شجر سجين ، و على رصيفها الفوّاح برصيد أجساد متعبة أعرفها .. حفرتُ اسم الجدار بين حروف أنهكها انتظار حارق .. و بفأس من زبد البحر .. كسرت تابوت الجسر اللعين .. و ألقيت بمعاني الصمت إلى قيامة حروف مدينة أخرى تقيم في مدن بلا ملح ...
محمد بقوح
مضيتٌ .. أمتطي وحدتي .. و اخترقتٌ .. بعد حين .. أهازيجَ هذه المدينة المكبلة بصمت شجر سجين ، و على رصيفها الفوّاح برصيد أجساد متعبة أعرفها .. حفرتُ اسم الجدار بين حروف أنهكها انتظار حارق .. و بفأس من زبد البحر .. كسرت تابوت الجسر اللعين .. و ألقيت بمعاني الصمت إلى قيامة حروف مدينة أخرى تقيم في مدن بلا ملح ...
محمد بقوح