وجاءت الحرب، واللعنة على الحرب وعلى الذين يصنعوها، لم تجلب لنا غير القهر والتعاسة.
وكنت أحلم حالما أعود من الحرب أن ألبس ذلك الحذاء الجديد و أن أخاصر زوجتي اللحيمة ونسير في شوارع المدينة وأن أكون سعيداً وأنا أسمع طقطقات الحذاء على إسفلت الشوارع .
طاق ..طاق ..طاق . ذلك الحذاء الجديد. !! هي الحرب ولعنة على الحرب التي لم تجلب لنا غير غلاء المعيشة وندرة الحليب للرضع وانقطاع الماء والكهرباء وأكواما من الجثث . هذه الحرب حرمتني من أن أنتعل حذاءي الجديد.
حين جاءت، كدت أن أضع الحذاء في حقيبتي الوحيدة٬ لكنهم قالوا : " هذا الحذاء لن تحتاجه في الحرب ". تركته في علبته البيضاء ملفوفاُ في ورق حليبي شفاف، بعد أن مرَرت أطراف أصابعي على جلده اللامع الأسيل وألقيت نظرة أخيرة عليه. لكنني عقدت العزم على إنتعاله حالما أعود من الحرب . لكن !! حين عدت، تعذر علي إنتعاله، ليس فقط لأن الحذاء لم يعد يلازم علبته التي قد تكون إنتهت إلى سطل القمامة، ربما منذ زمن بعيد ، بل كذلك لأنني عدت بلا قدمين بل حتى بلا رجلين ، وبعطب في رجولتي.
حين قدمت من الحرب ، زارني عمُو ، ذلك الرجل الغريب . لم يسبق لي أن شاهدته في الحي فكرت " لقد تغيَر كلُ شيء بعد كل هذه السنين التي قضيتها هناك !" ربما يكون الرجل قد قدم إلى الحي في غيابي .
. حين حضر ، قدمه لي الصغير مبتسما .
- هذا ، عمو !! فقال الرجل الغريب للصغير .
- بوس ، عمُو !!مطط إبني شفتيه ولثم خد الرجل الغريب . علمت حينها أن عمُو قد فعلها في غيابي ، إلا أن زوجتي وحتى تبدد شكوكي أخبرتني أن عمو كان يجلب حاجيات البيت حين كنت في الحرب . لكن ، لم يعد يهمني ما كان يفعله الرجل الغريب في غيابي ، كما لم يعد يهمني أن ينتهي معاشي وتعويضات حادثة الحرب إلى جيب عمو كما كانت تنتهي حوالاتي التي كنت أرسلها إلى زوجتي على رأس كل شهر . فعمُو رجل طيب لأنه يبتسم لي من حين لآخر رغم أنه يصفعني أحيانا .. لكن !!لا بأس أن يصفعني ولا بأس أن يأخذ معاشي وحوالاتي مادام الأولاد يأكلون ويضحكون ويتغوطون ولا يشكل لهم التغوط عائقا كما شكله لي بعد أن عدت من الحرب .
عمو يسكر كل ليلة وحين يتعكر مزاجه يضربنا ، أنا وزوجتي والأولاد . لكن حين يصبح مزاجه رائقا ، يفسحني في شوارع المدينة ، يدفع عربتي ويغني لي غناء يحزنني ولا يفسد علي تلك الفسحة – حين يروق مزاج الرجل الغريب – غير إيقاع كعبي الحذاء الذي يلبسه وهو يدفع بي العربة في شوارع المدينة .
طاق ..طاق ..طاق ...
ذلك الحذاء لذي لم يتسن لي أن أنتعله .
- هذا ، عمو !! فقال الرجل الغريب للصغير .
- بوس ، عمُو !!مطط إبني شفتيه ولثم خد الرجل الغريب . علمت حينها أن عمُو قد فعلها في غيابي ، إلا أن زوجتي وحتى تبدد شكوكي أخبرتني أن عمو كان يجلب حاجيات البيت حين كنت في الحرب . لكن ، لم يعد يهمني ما كان يفعله الرجل الغريب في غيابي ، كما لم يعد يهمني أن ينتهي معاشي وتعويضات حادثة الحرب إلى جيب عمو كما كانت تنتهي حوالاتي التي كنت أرسلها إلى زوجتي على رأس كل شهر . فعمُو رجل طيب لأنه يبتسم لي من حين لآخر رغم أنه يصفعني أحيانا .. لكن !!لا بأس أن يصفعني ولا بأس أن يأخذ معاشي وحوالاتي مادام الأولاد يأكلون ويضحكون ويتغوطون ولا يشكل لهم التغوط عائقا كما شكله لي بعد أن عدت من الحرب .
عمو يسكر كل ليلة وحين يتعكر مزاجه يضربنا ، أنا وزوجتي والأولاد . لكن حين يصبح مزاجه رائقا ، يفسحني في شوارع المدينة ، يدفع عربتي ويغني لي غناء يحزنني ولا يفسد علي تلك الفسحة – حين يروق مزاج الرجل الغريب – غير إيقاع كعبي الحذاء الذي يلبسه وهو يدفع بي العربة في شوارع المدينة .
طاق ..طاق ..طاق ...
ذلك الحذاء لذي لم يتسن لي أن أنتعله .