هذا الاعتراف ليس خطيرا أبدا، فقط هو يشبه فراشة تراود شمعة، فراشة تراود شعلة نار، من أين تأتي الفراشة اللطيفة بالشجاعة لتراود النار المشتعلة. فالفراشة مليئة بكل أسباب الضعف. إن اللطافة هي الشيء الحاد، هي شجاعة الفراشة وهي تسوق نفسها الى معانقة النار المقدسة.
الحب شيء غريب، الحب هو تلك النار المقدسة التي تروم الفراشة اللطيفة أن تغتسل من ينابيعها. نار تنبع من المحبوبين، كل منهما فراشة ونار، فراشة لذاتهم ونار المحب الفراشة الذي يحاول ان يقترب متوجسا.
من أنتِ كي لا يكون الأمر أشبه برجم الغيب! فلأسمك، والاسم عنوان البيت، عنوان البرقية، كي اتمكن من مخاطبتك، في اللحظة التي أسميك افصلك عن ذاتي كي اراك في غير مرآتي ولتكسري انت مرآتك لتري جمالك الحقيقي فيّ.
عندما أسميك فالأمر يصبح شخصيا، هكذا تصبح المسألة أكثر حميمية، و إذ افصلك عني انا أوطنك فتكونين سؤال ذاتي.
و أدعوك للشعر غزالة و أدعوك لقرب الدعوة غزالة، و أدعوك/ أسميك غزالة لأنك غازلة خيوط المحبة البيضاء فيَّ وكأنك تأخذين من الغيوم خيوط ثلج ابيض وتغزلين رداء قلبي من ثلج محرق، و أسميك غزالة يا غزالة الفؤاد لأني تعلمت الحب من جدتي.
جدتي التي كانت تعتق الحب دهورا منذ مغادرة جدي، حتى وجدي في حضوره الغياب كانت جدتي ترسم بخيوط الحناء وكانت في كل ليلة تعتق الحب وتلد الذكرى مرارا و مرارا.
والان يا غزالة اني احبك نعم واحبك حبا لا طيش فيه ، ايتها اللطافة التي تلامس فؤادي الخاوي كالنصل الحاد، وكان فؤادي قد مات او كان كالأرض الفلاة وما ان قبّله حبك وغمره حسنك حتى عاد الى الحياة (عشتار).
انت ناري وشمعتي وانا الفراشة تدنو تارة وتبتعد تارة، ليس لأني لا احبك بل لأن السؤال : ماذا بعد الحب؟ كان أبدا عقبة في طريق فتح كتابي امامك. ولدنا في وطن لا يصلح للحب ولدنا في زمن لا يصلح للحب، عامان وانا اجبر كسور الفؤاد في زمن لا شوك حدود فيه لكن لي منفاي ولك منفاك، بيننا سياجات الواقع المؤلم، ولدنا في زمن الخبز، زمن الخبز فيه اهم من الحب، لا حب دون خبز، كيف نستطيع تصديق قلبينا والعقل مليء بالتشاؤم والهرم يتسرب الينا والكهولة تقترب ولم ننعم بعد بالحب.
طول عمري وأنا صائم والشراب؛ شراب الحب كان في متناول اليد لكننا في وطن في زمن لا يحلو فيه الحب.
لا هواءَ نقي في هذا الزمان، علينا تنفس ادخنة العوادم، يجب على عيوننا ان تحمر من ثلوث كل شيء، على مائها ان يجف.. كيف نحب ولا وطن للحب ولا زمن.
لكني احبك ولست اعرف في نفسي حقيقة اخرى غير هذه، ولكن ما المعنى من هذا الحب! ان يكون فقط من شؤون القلب، هذه الارض لا تنبت طعام القلوب، كانت فيما مضى لكنها لم تعد. ما معنى هذا الحب ان لم استطع ان امسك يدك ونحن نسير على الرصيف بكل ثقة، ان يملأنا الامان والشعور بالوطن بالأمن، لا ان يكون هذا الحب مجرد شيء مسروق، من الضمير من العرف من القبيلة ومن العائلة، عليه ان يكون كما يراه القلب.
أحبك يا غزالة نعم، ولكن ما المعنى من هذا الحب، أي معنى اذا لم تستطيعي ان تميلي برأسك على كتفي وقد اعياك الطريق، اي معنى لهذا الحب وأنا لا استطيع ان ادفن نفسي في حضنك في لحظات انكساري، وما الجدوى منه ان لم استطع التفكير بك بكل حريتي وان تستطيعي التفكير فيّ بكل حريتك، هذه الارض ملح، هذه الارض ارض قبيلة تحارب الحب بالمناجل والبنادق.
هل نستطيع أن نعيش ونحن مجرد لصوص للحب، لا يمكن للحب ان يعيش مسروقا، سيختنق إن عاجلا ام آجلا، والحب ازهار تعطى، تعطيها الارض ولا تسرق.
الحب زهرة ليمون تعطي الرحيق غير مهتمة بالعسل للنحلة، زهرة الليمون لا غرض لها في العسل لكنها تعطي رحيقها، هكذا على الحب ان يكون عطاء.
ما معنى هذا الحب اذا لم استطع ان احضنك دون ان احس بعيون من الظلام تمزق جلد ضميري، ما جدواه ان لم أحضر في حبات عطرك وانت ترشينها.
لا معنى له ابدا إن لم تكوني عطري وأكون عطرك ، ان لم نبتسم دون خوف فلا معنى لهذا الحب. فلا خوف مع الحب.
هل نزرع بذرة حبنا في الملح، انا لا اخون ولن اخون الحب ولن تعرفي الخيانة معي، لكن من يضمن لنا أن لا يخوننا الوقت.
إن للحب وقتا، ووقتنا ليس وقت حب وقتنا وقت خائن! فكيف نأمن من غدره ومكره.
ما معنى هذا الحب ان لم اجلس لأظفر لك شعرك وانت تضحكين ملء المكان لا تخافين ان يسمعك احد، وان تنصتي لأصابعي وهي تتخلل شعرك وكأنها تعزف على بيانو توقع لحنا لا نخاف عليه من الضياع.
هذا الوطن الذي لا نجد فيه مكانا يصلح للحب، يؤلمنا أن نعيش الحب في النصوص، يؤلمني ان لا استطيع ان المسك الا في القصائد وان لا اعطرك الا بالكلمات، الشعر ثرثرة فارغة دون حب، أحاول ميتا ان أذيب روحي في قصائدي لكي تري نفسك هناك في الخط المرسوم، لكن! المداد ابدا لا يمكن ان يكون كخيوط الحناء، اني يا غزالة الفؤاد احبك لكن اخاف من خيانة الوقت لهذا الحب.
لا معنى لهذا الحب ان لم تكوني ستضعين الحناء من اجلي وفقط من أجلي ولا معنى لخيوط الحناء عندي إلا وهي مرسومة على يدك الغضة، لا معنى لكأس الشاي ان لم يكن عسليا كعيناك ولا معنى للكرز والعنب وكل الفواكه الأخرى ان لم يكن فيها معنى من معاني شفتيك واي لحن يحلو واي نغم ان لم يكن لصوتك في اذني خلخلة.
اي معنى للنجوم للبدر للجلوس لرؤية الغروب والشفق منتظرا طلوع البدر أي معنى ان لم تكوني لحني الداخلي، انت كل المعاني لي، كل المعاني ومعاني المعاني.
إني أحبك بهذا المعنى ولا معنى لكل كلامي وانت عنه غائبة، ودونك تكون قصائدي مجرد هراء.
أحبك لكن متى ! هل ننتظر الوقت أم نلده!