نزيهةٌ رفيقةُ دربي هي مشكلتي الآن هي تراثي الحميم الذي لا يفارقني أبدا والآن صارت نزيهة مشكلة بعد إن سرى بجسدها الغض المرض الخبيث، وطدت العزم على الصمود أمام هذا الواقع الذي يناكدني و يريد كسري والسخرية من وفائي لنزيهة خصوصا وقد سلّط علي جارتي المطلقة اللعوب ميادة التي صارت تزورنا بعد العشاء بحجة الواجب الذي يحتم عليها تفقد نزيهة بعد مرضها العضال كما تقول هي ولطالما سدت علي الطريق غارزة عينيها في عيني تتكلم بلغة العيون الفصيحة والواضحة محرضة نفسي على خيانة نزيهة ولطالما تمنت موتها أو الوقيعة بيني وبينها لكنها لم تفلح أبدا أما الآن بعد داء نزيهة العُضال فقد أمعنت في أحلامها بالاستحواذ علي بعد موت نزيهة المتوقع فارضة علي الأمر الواقع و لطالما ألمحت أثناء مزاحها المستمر معي عندما تنام نزيهة مخدرة في نوبات علاجها أن مصيري في أحضانها بعد نزيهة لا سمح الله .
جلستُ في المقهى أحتسي شايا باردا حسب طلبي وأنظر لتلك الأصابع المعروقة التي تحمل قطع الدومنو البيضاء دون شعور بالموت الذي بدا يدب في عروقها تلك اليد التي تمسكت بقطع الدومنو كآخر خيط واهٍ قبل التردي ألى الهاوية ،الرجل حامل قطع الدومنو التي تبدو بيضاء للرجل الذي يقابله ومشوبة بنقاط سود كثيرة من جهته، كنت أفعل ذلك هروبا من فكرة احتمال موت نزيهة ومحاولات ميادة المستمرة لأغوائي، و هكذا رحتُ أراقب عضلات وجهه بين دور دومنو و آخر ولشد ما بهرني أن أساريره تنفتح كلما ازدحمت النقاط السود على قطع الدومنو بعد فترة وجيزة تخللتها ضربات بقطع الدومينوعلى سطح المنضدة الأملس صاح الرجل الذي يقابل ذا الكف المعروقة:
ـ مات الدوشيش،* فعل ذلك وهو يصفق قطعة الدومينو بشدة على سطح المنضدة اللامع ويرفع عجيزته بنصف قفزه إلى الهواء ، تقلص وجه رفيقه ذي الكف المعروقه ووجم وجوم من فقد عزيزا لتوه و هنا ربت على كتفي أحدهم قائلاً:
ـ امرأة بباب المقهى تناديك!
كانت ميادة التي تنتظر ، بادرتها ، ها ، هل ماتت نزيهة ، و أمام بعض المارة ولجلالة الموقف احتضنتني ميادة ووضعت رأسها فوق كتفي وراحت تنشج ، في تلك اللحظة شممت رائحتها التي تختلف تماما عن رائحة نزيهة حبيبتي التي كانت تطغى عليها رائحة المرض الخبيث كلما اقتربت منها ، عند ذاك ازداد التصاقها بي وكانت رائحتها المغوية شديدة فاستسلمت لها وضحكت بداخلي كثيرا إذ تذكرت كلب الجزار وصبره وتخليه عن كثير من شراسته ونباحه الحميم ودوّى في رأسي صوت فرقعة قطعة الدومينو وصدى الصوت وهو يصرخ مات الدوشيش .............................
ماتت نزيهة و كنت قد نفضت كل شيء على مرضها والآمال بشفائها وقد أنفقت كل ما أملك بل وكنت مدينا للكثيرين إذ أن راتبي البائس لا يكفي ثمنا لجلسة علاج كيمياوي أو ذري في المشافي التي لا يرتادها أمثال نزيهة وكانت ميادة أكثر الدائنين ، ولقد عدّت أمامي خمس وصولات دين بعد مواراة نزيهة التراب بقليل ، تقدم الكلب قليلاً نحو خشبة الجزار وراق للجزار هزّالكلب المستمر لذيله الملتوي وراحت يد الجزار تواصل إلقاء العظام للكلب الصابر
صار لزاما علي تحت ضغط الفاقة ودين ميادة الكبير أن أترصدها لا لشيء إلا لطأطأة رأسي لها وهز عطفي بالطريقة التي تعلمتها من الكلب لعلها تدخلني إلى حيث أشم رائحتها النفاذة التي يتشممها الكثيرون غيري إذ إنني وجدتُ أن لا مناص من ذلك.
*الدوشيش= قطعة الدومنو التي تحمل إثنتي عشرةَ نقطة