نحن النائمون فوق صخور الأرض الباردة، والمياه العكرة، التراب الداكن الذي أنجبنا عاقر لا يخرج إلا شوكا اسود.
تم ولدت وسط الجبال الشامخة والحياة الهادئة، والنفوس التي لم يرزقها القدر ذهبا ولكن أكسبتها الجبال عزة وصبرا.
الأيام هناك في ارضي أوراق مبعثرة، خطوط مبهتة، كلمات قليلة، تمر الأيام دون أن نعلم أن الكلمة فراشة تطير لتجعل الجو مخضرا مزهوا بلحن جميل. كان الصمت سيد المكان ومالكه، والابتسامة أميرة الزمان تلك الرشيقة التي تتحرك كل صباح بدون كلل لتنشر الدفء في الأجساد الباردة وتزرع الحب في الدماء الراكدة، تترنح يوميا في بين الحقول والوديان، بين الزرع والريحان، لتنير الطريق وترقى بالشعور والإيمان.
أنجبتني أرض ملعونة، لعنتها أيام الحرية والدفاع والهوية، أخرس لسانها الرطب التعسف والبندقية، طمر أنوثتها الرقيقة قذف الشرف والضرب في العذرية. ورغم كل الألقاب المزرية تبقى هي أمي الهنية منجبة رجال القضية ونساء لا كباقي الرعية.
احتضنتني الجبال وعلمتني أن امشي شامخا مهما قست السماء وقل الثراء، قالت يوما: " القلوب المنفية تحمل ضياء سيشع يوم الرخاء"، اتخذت من مسالكها معلما محترفا يطعنني آلاف المرات لأتعلم أن أكون أسدا لا عرين له، أسد في الجبال وفي وكري امرؤ الدلال. حاضنتي أول رفيقاتي كانت ترجو مني لا صبيا خفيف الظل، انبتتني شبلا حر العزيمة لا يهرب كالحمل.
مربياتي كثيرات مختلفات ، حاملات للحس الجمال، للروح الفن، وللانتماء للأرض، اذكر منهن : سنبلات شامخات، شجرات تين هائمات، بقرات هادئات، أزهار خجولات، فراشات خفيفات وأقربهن الي أمي أعظم العظيمات. علمتني السنبلات أن رقي النفس سيد الشموخ، وشجرات التين أن الجذور العظيمة لا ترضى بالرضوخ، وتعلمت من دروس بقراتي أن العطاء أساس الحياة، ومن أزهاري أن الجمال ملك الزمان، ومن المياه أن اليأس عدو الإنسان، ولقنتني سيدة النساء وملكة قلبي أن القلب الدافئ الأرض الخصبة لينبت جيل مثمر ...
أعرفتم من أنا؟:
أنا الروح الأمازيغية ابنة هذا الوطن ومالكة تلك الأرض