لا أعرف سرّكِ وربما لا أجيد كتمانه !
هكذا قال لنفسهِ قبل أن ينام، ولم ينم..
أصبح يرى وجهها في وجوهِ النّساء اللواتي لا يشبهنها، في وجهِ مذيعةِ التّلفاز، في وجهِ مقدمةِ الحفلِ الذي ذهبَ إليه ذلك المساء برفقةِ صديقه، في وجهِ امرأةٍ عابرةٍ في سوقِ الخضار.. يراها في كلّ الوجوهِ حينَ لا يستطيع أن يراها؛ ويبتسمُ!
يشتاقها ويشتاقُ مرور ابتسامتها كطيفٍ يشبهُ نسيمَ الخريفِ على بالهِ في لحظةٍ تشبهُ حالةَ نشوى تدومُ لثوانٍ: تلمعُ عيناه ويبتسمُ دون أن يريدَ ذلك.
هي تسلّلُ همسةٍ خفيفةِ الظلّ على روحهِ بأنها هنا، هي صوت هدل الحمام كما بداية الوجعِ اللذيذِ، هي انشغالاته المتكررة عن الأشياءِ المتراكمةِ عليه، هي تأخّر الوقت حين المجيء حيث يتوقف الزمن، وهي تأخرّه عن مواعيدهِ أيضاً.
لم أرَ لمعةً في عينيهِ منذ صيف، حتى شكل ابتسامتِهِ تغيّرت.
كان قد رآها للمرة الأولى والوحيدة تربط شعرها أمام مرآة في معرض الفن التشكيلي، نزلت خصلة على عينها اليمنى فرأت ابتسامته على المرآة: ضحكت! ظلّ محدّقا في المرآة حتى بعد أن رأى نفسه فيها.
إبحث عنها، اسأل من يعرفُ..
صار ينظر في كلّ مرايا الكونِ: ويبتسمُ..
كأنّها سكنتْ عينيه .. و ربّما
ينتظرها !