كنت أظن أن الأمر يتطلب قليلا من الصبر لكنني كنت مخطئا بشأن ذلك فانفجرت غضبا وشتمت( ال...) كيف لا أنفجر و أنا أرى الشرطي يتواطأ مع اللص لسرقة ما بحافظتي و عندما لم يجدا شيئا أشبعاني ضربا مبرحا و اتهماني بالخداع ، كيف لا أنفجر غضبا و أنا أرى معلم التلاميذ الصغار يسرق حقائبهم و يبيعها في سوق ( مريدي) و رصيف الحرامية، كيف لا أنفجر و أنا أرى أن القطط و الكلاب قد قاومت تغيير طباعها كل هذه العصور و لم ينجح كثير من الناس بالإحتفاظ بطبائعهم الآدمية ، أكان علي أن أتحلى بالصبر و أنا أرى البقال يضع أزبالا في كيسي بدلا من الفاكهة التي أشرت اليها و دفعت مالا لشرائها ، كيف لا أنفجر،و كلما مُدت يد لأشعال شمعة تضرب بعصىً غليضة تكسر عظم اليد و تطيح بالشمعة ، ماذا يجري ، كيف لا يغزوك الخوف و الغضب و أنت ترى وطنك مثل رجل فارع يمشي مترنحا وهو يغرزخناجره بجسده دون وجل مخلفا وراءه خيطا من الدم الأحمر القاني .
كيف لا تغضب و تنفجرو أنت تعجز عن الهرب من تلك الشباك المنصوبة على جوانب الطرقات التي تترصدك في كل لحظة ، وفي كل لحظة يمكن أن ترتطم بشبح صلب يراك ولا تراه يتحين الفرصة ليطبق على عنقك ، لذلك كله أرى أن تستثمر معلوماتك عن إيكاروس و صناعة الأجنحة و تباشرمنذ اللحظة بقتل كل حمامة و طائر و كل دجاجة ، لتجمع ريشها ثم تسرح شرفك و ضميرك من الخدمة فهما عبيء في معارك العبث ، لتسرق بعد ذلك من مصانع الأحذية تلك المادة المدهشة التي تلصق وجه الحذاء على أسفله دون أن تؤثر عليها الشمس فلا تقلق من مصير إيكاروس ،تحمل ما صنعت من أجنحة غير متقنة و تجازف بحياتك حاسبا لجميع الأخطار التي تأتي من فوق حيث المروحيات تطير بلا هوادة و من الجنب تتجنب القناصين الذين يأكلون لفات ال(فلافل) فوق السطوح العالية يقتلون الناس بناء على لون القميص و لون المسبحة و تشاغل أو ترشو الشرطة و الحرس لكي تستطيع أن تصعد إلى الطابق الأخير من بناية البنك المركزي حيث تلقي بأوراق محاضراتك في الهواء لتطير كالحمام الأبيض ثم تخلع حذائيك لتلقي بهما على رؤوس المارة الذين لا يرون عجبا إن أمطرت السماء أحذية مستعملة ثم ترتدي جناحيك و تلقي بنفسك و ستطير لمجرد محاولة ذلك، آه..آه بغير هذا الهذيان سيكون وجودك وسط هذا الحشد سببا كافيا للحزن ، في وسط الشارع مع هذا الحشد الذاهب في مناحي شتى و أنت تقف وسط الحشد لا تعرف إلى أين تذهب لا تظن إنك واقف حيث أنت لأنك في حيرة فاتجاهات الحشد الذاهب في مناحي مختلفة تعرفها جيدا ليس لأنك تخمن بل لأنك على جهة اليقين من معادلة الظن ، إن هذا الحشد فاسد ،و همجي ،غارق في الخطيئة و ها أنت ترى إن من بلغوا غاياتهم سقطوا كالذباب، ماذا تظن ؟ هل أن ذلك سبب كاف لأن تشعر بالأسى، لم يكن بد من الإعتراف بوضوح إنك لست في المكان المناسب ، لكن إفعل ذلك بسرية، لا تثير الحشد لأنه لو علم إنك لست منهم سيسحقونك كما يسحقون صرصارا ، ألا تشعر في هذه اللحظة أنك ذلك الصرصار ، نعم إني أعرف و أنت تعرف لكن حاول أن تتقن دورك كن كما هم و أنت في حيرتك حتى تسنح الفرصة لتختبيء في شق من شقوق جدار المنظور الممتد خطأ في كل الإتجاهات دون قواعد و لا تعاليم و لا أقداس ومن المؤكد إنك لا تقترب من أي نقطة نجاح هم يواصلون نجاحهم فيها ، الحشد يسلك مسالكه بنجاح باهرو أنت تقف واعيا لفشلك بأن تكون واحدا من الحشد فأنت لا تستطيع أن تكون قاتلا ولا لصا ولا دجالا ولا محتالا مجيدا ، مالي أعدد لك اتجاهات الحشد الذي أنت في وسطه، لم لا تكون من الحشد؟ أليس حشر مع الناس عيد من قال هذا ، إنه تبرير غبي ففي يوم الحشر لا يعرف أحد أحدا آخر ، آه إنها أنصاف حلول مراوغة ، .. أفهم من ذلك إنك لا تستطيع أن تكون واحدا من الحشد ،هذه هي قضيتي ( سأقول الحقيقة ) و ليحدث ما يحدث كانت صرخة واحدة ( اللعنة على ال....، قتلة لصوص دجالون ،..عند ذلك توقف الحشد أنا في المنتصف ، استدار الحشد كله نحوي شعروا للحظة إنني أشهر حقيقتهم البشعة ، أغمض بعضهم عينيه و هو يتقدم نحوي لبس بعضهم خراطيم ووجوه كأقنعة الوقاية من الغاز السام ، تقدم نحوي ستة من الحشد أخذوني في ثلاث سيارات الأولى أنا محاط فيها بستة من الجنود مفتولي العضلات و الثانية فيها قاض واحد و أوراقه و خمسة من الحشد و الثالثة فيها عدة و ماكنة قال القاضي بعد إن و ضعوني في الحفرة، كان الرمل المتطاير يؤذي عيني القاضي
- هل أنت
- -نعم أنا
- وضعو عجينة الدنميت في جيبي مقابل القلب تماما ، ثم قرأ القاضي هاتفا و كأنه يسمع الجمع
- إعدام رئاسي
بعد ذلك أنتم رأيتم الحدث على قنوات التلفاز، لم يبق غير خيوط من ثيابي ، لكنني هنا في أذهانكم ، استمر الرمل المتطاير يؤذي عيني القاضي الذي لم يستطع النوم بعد ذلك في الليالي التالية.