خرج مسرعا من المنزل ، كان مُقدم(1) الحي يرقب في مدخل الزقاق كل هابّة و دابة، حيّاه بابتسامته الصفراء المعهودة ، كان سعيد يرتاب من تلك الابتسامة ، و يعتبر رؤية المقدم نذير شؤم سيلقاه في يومه . كان يسرع الخطى ، إنه يرغب في حضور محاضرة الفلسفة منذ البداية ، لأنه يعشق الفلسفة ، بل يراوده من حين إلى آخر حلم أن يصير فيلسوفا بلحية كثة و شارب طويل .. أليست هي ملامح الفلاسفة و المجاذيب !؟. واصل سيره دون التفات،أمعاؤه تقرقر .. ليس فيها سوى جرعات من شاي أسود، في الجهة المقابلة ، شاب يعاكس فتاة متبرجة ،كأن كل مساحيق العالم قد صبت على وجهها ... ألم تفعل ذلك للإثارة ؟ يعاكسها و تتمنع ، فارتسم في رأسه سؤال الرغبة و الامتناع دون أن يجهد نفسه في الإجابة عنه.استفاق من غَـشية السؤال ، فوجد نفسه أمام الجامعة .. الباب مغلق و الباحة فارغة إلا من كلاب الحارس الليلي . آه .. ،لم يفطن إلاّ حينها ..
تساءل في اندهاش مُريع ، تُرى ما علاقة الجامعة بالغابة ؟ و هل يمكن أن يكون طريق الجامعة هو نفسه طريق الغابة ؟ . التقط حَجرا من على الأرض ،و نحت السؤال على جدار البوابة و لوى راجعا ، ربما قد يأتي من يجيب عنه يوما.
-------------------
1 - المُخبر المكلف من قبل الداخلية بمراقبة سكان الحي وتحركاتهم .
2 - يوم الأحد هو عطلة نهاية الأسبوع بالمغرب ،تعطل فيه جميع المرافق العمومية