كلّ ألوانِ الدّنيا اقتربتْ من بعضها وتمازجَتْ لتصيرَهُ، هذا اللون المفضّل عندكَ، ولا تدري لماذا هو مفضّلٌ، ترى غيره ولا تحسّ سواه، يعيشك وتعيش وجعه، فرحه..وكآبته، تعيش حالته، حالتكَ.. إنّه لونكَ أنتَ..
تختارهُ الآن ويختاركَ بمحضِ عشقٍ وبدهشةِ الصّدفة.
وكلّ صورِ الذّاكرة اقتربتْ من عينكَ هلاماً هشّا، لا تمدّ يدك عليه لتنثره بعيداً بل أنتَ لا ترى سوى صورتكَ"الآن".. هي صورتك "الآن".. تعيشها حقيقةً تريدها وتريدكَ وتعيشُ بها ولها وفيها.
وكلّ نساءِ الأرضِ اقتربتْ من أناملِ يديكَ.. جسداً، فكرةً، صورةً، إحساساً..ولا تشعر الّا بها، وحدها "هي" هكذا وحدها، ليس لشيء انما لكونها "هي".
تقبّل أنامل يديك ان ذكرتها أو تخبّئها داخل جلدك كي تصيرها وتصيرك أكثر.
وكلّ كاساتِ الرّوى اقتربتْ منكَ لحظة عطش، ولا تشرب غيرهُ.. إنّه نخبكَ وتعرفه كل خلاياك، ويعرفها..
وكلّ رسائلِ الحنينِ والحنّيةِ المفرطةِ والأسفِ الزائدِ الخجولِ العاجلِ، والنّدم الأوّلي التافه من تجربةٍ هشّةٍ ورسائل أخرى من البحر ربّما، لا تريدُ الافصاحَ عنها يا ابن السريّةِ الكامنةِ فيكَ جهرا، كلّها تجمّعت في سلّة مهملاتكَ، لم تقرأها لأنكَ لم تعد قادراً على فهم لغتها، فكلّ اللغات لا تعنيكَ.. الآن أنتَ تفهم لغةً واحدةً وتتقنها بكلّ أفعالها وحروف علتها وصفاتها.. انها لغتكَ
وكل الظّلالِ الخريفيةِ بما فيها من ظلال الحشرات والكائنات البدائية وأنصافها، تنتشر كما خلايا الجسد المذوَّبِ شوقاً ولا ترى غير ظلّين، تمدّ يديكَ على قرصِ الشمسِ وتلعبُ بأشعتهِ كي يصيران ظلّاً واحداً تحسّه..
وأنت وحدكَ من يدركهُ، يصيركَ .. إنه ظلّك.
وكل حالات الدنيا تصطفّ أمامكَ كما قطعَ الجليدِ وتختار أنت قطعتكَ ووحدكَ تعرف متى تذوّبها..
إنها حالتكَ