..... ليس غريبا أن ينزعج مني فقد كنت بالنسبة له عنصر قلق يختزن طاقة جبارة من الإزعاج حتى أنه كان يحاول دائما تجنب لقائي أو مقاسمتي فضاءات تواجدي.
ولشدة ما كنت أسبب له القلق الشديد فإن عواطفه اتجاهي كانت واضحة لا يتوانى في الإعراب عنها علنا.
لا أدري لما لم أستسغه بدوري يوما؟ فقد كنت أمقت طباعه زئبقية مواقفه تلك الخفة التي تكتسي حركته و سرعة انتقاله من جهة إلى أخرى .
لا رأي له يحترف فقط النط بين مواقف الآخرين يستطيع أن يتفق معك ومع خصمك في الوقت ذاته. له قدرة غريبة على الجمع بين أكثر ألأشياء تناقضا دون أن يستشعر أي إحراج.
إنه حرباء مشوهة ممسوخة على شاكلة إنسان لا لون له إلا ما انعكس عليه
حتى عندما كان وسط المعزين الدين حجوا إلى بيتي يوم انتقلت إلى عالمي الحالي لم يتورع للحظة في إبداء انزعاجه من طريقة عيشي السابق.
"-: الله يرحموا مسكين كان راجل معقول اللي قالها كيديرها أو رأيو من راس وااخى ااخاي فهد الزمان ألراس اللي مايدور كدية..........." .
بدوري لم أكن أرتاح لوجوده بقربي خاصة يوم حفل انتقالي إلى عالمي الحالي لم يتورع للحظة في إبداء انزعاجه من طريقة عيشي الحالي فقد كنت أرقب تقلبه بين أراء الحاضرين دون أن يترك مناسبة تمر لإبداء مشاعره المقيتة اتجاهي ولو بشكل مشفر محكم التلفيف لغويا.
"-: ما صعيب فالموت غير لولف والغفلة أو ما هو مقدر أو مكتوب .مسكين غير الله يصبر أحبابو وااخى ذاك الطريق اللي كان غادي فيها ماكتدي لاين." .
قليلون هم من ألأصدقاء أيضا من تقبلوا وجوده بين جحافل المعزين الدين حجوا لوداعي يوم انتقالي ألأخير فقد كانوا يدركون حقيقة مشاعره اتجاهي.
غير أن العديد ممن حضروا ظنوا أنه يعبر عن موقف إنساني كبير من خلال مقاسمته للحاضرين مشاعرهم رغم حجم الجفاء و الخصومة التي جمعتني به خاصة عندما تقدم للمشاركة في حمل نعشي إذ اختار الذراع الخشبي القريب من رأسي ناحية ألأذن اليسرى.
العديد كانوا ينظرون لسلوكه هذا بكثير من ألإجلال و الرضا .وحدي كنت أعاني من ذلك فقد كان يتعمد إمالة النعش ويتفنن في رجه رغم أني لم أكن أعبأ لذلك بسبب الخدر الذي شب بأوصالي نتيجة قطع الكافور التي كانت تسد كل فتحات التنفس بجسدي والتي وضعها مغسلي لحظة إلباسي كفني حتى أن هناك من بين المعزين من قرر التصويت لصالحه في الانتخابات البرلمانية التي شارك فيها وفاز بها لاحقا إذ اعتبره البعض مثالا يحتدا به في الصدق والوفاء رغم أني كنت أسمع نواياه وحواره الداخلي الذي كان يتناهى إلى مسامعي مع كل شهقة هواء يختلسها وزفرة نفس يلقي بها تحت أذني اليسرى.
لقد كان بصدد الإعداد لحملته الانتخابية وكلما حاول الاتصال بسكان الحي إلا وتبوء محاولته بالفشل فلم يجد من بد سوى القدوم لحفل انتقالي ألأخير.
بين الفينة والأخرى كان يقطر الشتائم بأذني:
-:"دين أمك الله يعطينا من تقلك ذهب......... تقيل على القلب وأنت عايش أو دابا تقيل على الكتف أحسن عوان عزرائيل معاك فذاك الدار.......... ."
أسعدني أنه لم يكن يدرك الوجهة التي أنا ذاهب إليها ولا من سيصحبني في سفري ألأخير هذا لكن أنفاسه الزفرة كانت ترعف بزفارة نواياه وبذاءة اللغة بحلقه تقذف قبحه الداخلي نحو الخارج ليتساقط على رؤوس الجميع كان يرتفع كأنه دخان معامل الفخار ثم يتساقط على رؤوس الجميع في شكل رذاب عفن حتى إذا ما استقر على الرؤوس تحول إلى ذهن لامع يغلف الرؤوس .
لا أدري لما لم يكن هناك من يأبه لذلك؟؟؟ أ لأنهم راحلون أيضا إلى عالمهم الجديد مثلي؟؟؟؟........ .
انتهى
بقلم : الوزاني الشاهذي حاتم