ضبطْتها..تلك المتكبرة التى تستكثر حتى الرد على أسئلتي المنهكة..اعتقدت لفترة طويلة أنها مصابة بالخرس أو الصمم..كنت أنظر إلى عينيها أتلمس إجابة...تفاعلاً..لكن هيهات.. لمحتها في بعض اللحظات ترمينى بنظرات خفية أقتنصها لأؤكد لي أنها تراني وتشعر بي..لكنى ما ألبث أشكك فيها وألقيها فى مهملات الظنون...اليوم رأيتها منتحية بأوراقها جانباً تكتب..تمنيت أن أطل على أوراقها وأن أنفذ إلى حروفها لأعرف فيم تفكر..لكني خفت الاقتراب ..كأن شيئاً خفياً يمنعني عن الدخول إلى عالمها..راقبتها حتى انتهت..طوت الأوراق وذهبت تدور فى حلقاتها المفرغة التي تنفصل فيها عن كل شيء إلا روتينها اليومي...أحياناً أشعر أنها تترك عقلها تحت وسادتها قبل أن تستسلم لجرار حياتها وتتركه يحملها من مكان إلى مكان..وأحياناً أخرى أراها فقدت القدرة على أى مقاومة لميكانيكية عمرها..فقط لو تترك لي فرصة أناقشها..أحاورها..ربما استطعت أن أساعدها..لكن ترفعها المقصود أو غير المقصود يبنى بيننا حواجز غير مرئية لا أستطيع عبورها...
نظرت إلى أوراقها المطوية...راودت هي فضولي لأقتحم محتواها..ترددت أصابعي وهي تقترب شيئاً فشيئاً منها..قبضت عليها.. فتحتها... ياللهول.. هذه الخبيثة.. لم أكن أعرف أنها تسكن الدهاء...إنها طيلة الوقت ترقبنى..تكتبني..تنقل حتى أخفى اختلاجاتي وتنثرها على الورق... غلى الدم في عروقي..شعرت بالغضب يلتهمني قطعة قطعة ويبتلعني داخله لأتحول إلى قنبلة موقوتة تبحث عن تلك العابثة لتنفجر فى وجهها...سمعت خطواتها تلهث فوق الأرض لتلحق بأوراقها..كانت يداي ترتعشان من سورة الغضب سأنفجر فيها حالما تقف أمامي..لكنها ما أن وصلت حتى اختطفت الأوراق من بين أصابعي دون أن تنظر إلىّ..زلزلت مكتبها وهي تبحث عن قلمها..أخيراً وجدته...التقطته بسرعة البرق...فتحت الأوراق بلهفة..قوة مغناطيسية هائلة تجذب القلم إلى الورق..وتسحبني...تسحبني.. حتى آخر نقطة في مدادها.....
د.حنان فاروق