لف سيجارته الأخيرة بأصابعه المصفرة عند الأطراف، بعناية ثم وضعها بين شفتيه. أخذ نفسا عميقا بعد أن أشعلها تاركا الهواء الدافئ يتغلغل في صدره المتعب.
كان واقفا تحت شجرة اللوز العملاقة، يتأمل حقله الذي يمتد نزولا أمامه إلى أسفل الوادي حيث جف النهر منذ شهور عدة. لقد أوشك على إتمام عمله: حرثَ الأرض ووضع السماد، لم تتبق سوى عملية الزرع وسينتظر بعدها هطول المطر. لم تبد فوق الجبل المقابل تباشير رياح الغربي. غير بعيد، كانت زوجته تلم الحطب بدون كلل بينما يحرس صغيرهما الغنم.
تذكر أوامر الطبيب، لا سجائر بعد اليوم، لا تعب.. وعلاج سريع ومكلف لاستئصال المرض.
هب واقفا، تناول الكيس الذي بجانبه ووفق خطوط متوازية ومسافة متماثلة، بدأ بزرع حبات التبغ.