اليوم هو الثامن من مارس..بأية حال عدت يا عيد ؟
وجدت نفسي أضحك وأنا أقف في المطبخ مشعثة الشعر والشعور كعادتي
لا أدري من أين تفجرت هذه الرغبة في الضحك لدي وقد أقلعت عن ممارسته منذ سنين
هل هي المرارة تتزين داخلي فترتدي ثوب الضحك لتقيم حفلة في مسرح نفسي الخرب؟
المفروض على الأقل أن أرتاح قليلا هذا اليوم من رائحة الملفات ورطوبة المكتب ورياء الزملاء.
تتكلمين عن الراحة؟ قهقهت نفسي داخلي بصوت كالفرقعة.
خجلت وأنا أرى زوجي وحماتي الجالسين في الصالون يشرئبان نحو المطبخ يستطلعان..
تصنعت الانهماك في تغيير قارورة الغاز الفارغة بواحدة جديدة..
سمعت حماتي تهمس لابنها الذي هو على بركة الله زوجي..كان همسها مرتفعا..لعلها أرادت أن تشعرني بمساندتها.
- قم يا رجل وساعدها ألا ترى أنها تئن تحت ثقل القارورة.
- لا تخافي يا أمي –قال ضاحكا وكأن الأمر يُضْحِك حقا- هذه التي أمامك رجل ونصف..لا تتزين حتى..لا ينقصها سوى الشارب.
عضت حماتي على شفتها ..ارتبكت حركات يديها وهي تحاول إسكاته..ثم قالت في صوت لا يقل ارتباكا
- لكن لا تنس يا ولدي أنها تطعمك وتطعم أولادك وأنت تقضي نصف حياتك في النوم ونصفها الآخر في المقاهي..و...
عم الصمت حين رأياني أقف أمامهما بباب الصالون..لا شك أن وجهي كان يشبه بركانا على وشك الانفجار..
امتقع وجه حماتي المجعد فصار مثل الكرة التي يأتي بها أولادي ملوثة إلى البيت كلما انتهوا من مباراتهم الزقاقية..بينما أشعل الذي هو على بركة الله زوجي سيجارة ونفخ الدخان في اتجاهي..
ظللت برهة أتأمل اللوحة..
ثم فجأة انفجرت أضحك وأنا أقفل راجعة إلى المطبخ...
لم يكن في اللوحة رجل .
لقد رأيت امرأتين كانت إحداهما تدخن.