قالت: حرُمتَ عليّ شرعاً، فكيف تتمسح لاختراق المسافة بيننا خلسة عن وجهك في المرآة ؟
ثم أطفأت المصباح وعيناي ما تزالان تتابعان مشيتها متمايلة الردفين ، وددت لولا خجلي من أرق كبريائي ، أن أغازلها بما يسوس لي جسد يغلي كالمرجل في بركة جمر خامد .
أسندت وجهها للباب المغلق ، بعدما غرزت في العمق سهماً أحدّ من زمن مقيت ينخر صدري ، لعلها اطمأنت على لدغ كلماتها منتهى ذكورتي . لا أنكر أني سبحت منشغلا بها في دوامة الظلمة ، متمنيا لو أن الأرض تنشق لابتلاع سخافتي ، جمدت كل النوازع فجأة ، واستبد بي تضخم الصمت في متاهة البحث عن معنى أداري به ضعفي ، سبق لها أن سخرت مما اعتبرته تناقضا صارخا وظللتُ أعتبره مفارقة غريبة ، كنا ضفتين لفراغ عمودي تمدد بيننا جثة هامدة ، أخذتها سنة حسبتها خلالها نائمة ، وأخذتني غيبوبة التفكير في جواب بين رغبة الإصرار ورهبة الاعتذار.
عدت إلى البيت يؤويني سقف لم تشدني إليه حاجة الاحتماء به مما يغويني ، بعدما تركته وفي النفس هواجس صارت في حديث الأهل عنوانا على جنوني ، اتجهت صوب نفس شجرة التوت نهاية الطريق ، لمحت ظلها الدائري منعكسا بين رفرفة وريقات تعاند السقوط ، وجدتني أستحث الخطى للركون إلى جذعها ، كعادتي حين تسود الدنيا في عيني ، فأتسمع نفس الصوت الجارح صاعدا من قرار الإشفاق :
أنت فقط تتناسى دون أن تفلح في النسيان ، وجنونك لعبة صارت مكشوفة للعيان .
يظل يطاردني عتابها ملازما لكل صحو أعاند فيه اغترابي ، و أظل بنفس الشوق متطلعا لخلاصي :
متى تفهمين ما بي سيدتي وأم عيالي ؟
على أغصان الشجرة ، كنت أعلق تمائم يلفها كتان أبيض ، لم أكتب دعاء صديق قديم باسم شيطان الحب ، اكتفيت بجملة وحيدة ، متى تأتين بعد طول انتظار ؟
ليتها أدركتْ ما بي من حرقة السؤال ،
أهاتف جنيتي الغجرية في ثوبها الأحمر ، تطلع صورتها باسمة فلا يجلو غير وجهها حيثما أولي وجهي :
تأخرتَ ، هنا كان موعدنا من زمان ، ومرّرتْ أناملها على خدّي تتحسّس كعادتها وجودي الهارب إليها من سرابات الفراغ ، كلما عادني الحنين إلى أنثى تحت الرماد في الذاكرة ، قلت : وحدكِ دون ملامح النساء بين أمسي وغدي تلوحين لناظريّ حلما معلقا في الغياب .
زندت سيجارتي الأولى منذ خرجت متسللا باكرا من البيت، أسابق خطوي كاتما نفسي حذر لفت الانتباه لانسحابي ، بيد أمسكت كراسة كتاباتي التي لم تتحرر من عقال حروفها المخطوطة ، مازالت تحفظ مراياها صوراً شتى عن قوافل الغرب ليلة عيد الميلاد في اتجاه العاصمة ، كنت في دكان أخي حين سمعت المذياع يعلن عن قيام الجيش بثورة ، رنت في أذني بحجم بناءات الحلم في غفوات زمان ، وبأخرى حملت حقيبة من جلد اصطناعي ، تحوي بعض ملابسي الاعتيادية ، تاركاً خلفي صباحاً أيقنت أنه نهاية زمن وبداية آخر ، سابقتْ رجلي اليسرى يمناها تتنفس الهواء البارد يملأ صدري عن آخره .
هل سمعت همسي في المنام بالرغبة في موتها قبلي فامتعضتْ أو دعتْ عليّ جهاراً بما ظلت تكتمه عنّي؟
يعاندني الخطو كالغارق في وحل طيني كثيف ، فتمثل أمامي حبيبة عمري الضائع في انتظارها على بوابة المغارة تصعد دائما من رماد الذاكرة ، ابتسمت على مضض وقالت :
افتقدتك ، اتسع الفراغ من حولي حتى ضاق بي ، أتساءل كثيرا كيف تسربت كل هذه السنون من عمري دونما وجودك بحياتي ، دون صدى ، كيف عشت كل الماضي دون أن تكون أنت زادي ؟
بنظرة رجعية للخلف لم أجد تاريخي إلا معك، الماضي الجاف والمتيبس أخضرّ وأورد على يدك... كل ما فيني أينع بك و لك أنت ، جمالي ، مشاعري ، كوة الضوء التي أرى منها لم تتسع إلا لك وحدك ، و هذا المدى الشسع أراه ضيقا إلا منك ...أنت حاضري ولحظتي وحديثي يا تغريد الكلام في فمي .
أستذكر كل الكلمات بأوصالي يغريني همسها باشتهاء الوصال، ثم أنظر حواليّ لعلها تتسمع الصدى من جراحات انتظاري،
ثم جلست أهادي الريح على قارعة الموتى
بيني و بين الماء ضفاف كليحة تغازلني حمراء ذابلة العينين...
سألتني من تكون في كياني ، قلت :
عاشق الجنية الغجرية ، وفرجت حاجبيها بنظرة ما خلتها إلا ستحضنني لانتشالي من زحمة البعاد ، وددت لو أقبل فيها زمني المتبقّي على حافة طول انتظاري ، هنا كنت تفترشين الحصى مثلي ساع الغروب ، ترقبين عود الزورق الورقي ،
و هناك... خلف غـيوم عابرة مثلي مسافات الوهم بلا مجداف أنهـكه الرحيل،
ظللت حين تهلين حبيبتي يحملك موج المساء ،
أعانـق وهجك المملح بلون الخراب ،
غضبى يغالبك الخوف من ذوبي قبل الأفول ،
فيورق شوقي سنبلة .
تخترق هبة ريح باردة ظل الشجرة ، يمتد صدى حفيف الأوراق بداخلي عازفا لحن الحلم باستعادة صورتها ، فلا تلوح طريق العودة إلا منفتحة على آخر النفق ،
وحدها الامتداد حبيبتي حتى الجنون، فلا هي أتت ولا أنا مللت انتظاري،
هل أنصتت لخفقي بين أضغاث أحلامي ؟ أم أنها كعادتها نامت وجهها للباب المغلق على السؤال .
يظل يطاردني عتابها ملازما لكل صحو أعاند فيه اغترابي ، و أظل بنفس الشوق متطلعا لخلاصي :
متى تفهمين ما بي سيدتي وأم عيالي ؟
على أغصان الشجرة ، كنت أعلق تمائم يلفها كتان أبيض ، لم أكتب دعاء صديق قديم باسم شيطان الحب ، اكتفيت بجملة وحيدة ، متى تأتين بعد طول انتظار ؟
ليتها أدركتْ ما بي من حرقة السؤال ،
أهاتف جنيتي الغجرية في ثوبها الأحمر ، تطلع صورتها باسمة فلا يجلو غير وجهها حيثما أولي وجهي :
تأخرتَ ، هنا كان موعدنا من زمان ، ومرّرتْ أناملها على خدّي تتحسّس كعادتها وجودي الهارب إليها من سرابات الفراغ ، كلما عادني الحنين إلى أنثى تحت الرماد في الذاكرة ، قلت : وحدكِ دون ملامح النساء بين أمسي وغدي تلوحين لناظريّ حلما معلقا في الغياب .
زندت سيجارتي الأولى منذ خرجت متسللا باكرا من البيت، أسابق خطوي كاتما نفسي حذر لفت الانتباه لانسحابي ، بيد أمسكت كراسة كتاباتي التي لم تتحرر من عقال حروفها المخطوطة ، مازالت تحفظ مراياها صوراً شتى عن قوافل الغرب ليلة عيد الميلاد في اتجاه العاصمة ، كنت في دكان أخي حين سمعت المذياع يعلن عن قيام الجيش بثورة ، رنت في أذني بحجم بناءات الحلم في غفوات زمان ، وبأخرى حملت حقيبة من جلد اصطناعي ، تحوي بعض ملابسي الاعتيادية ، تاركاً خلفي صباحاً أيقنت أنه نهاية زمن وبداية آخر ، سابقتْ رجلي اليسرى يمناها تتنفس الهواء البارد يملأ صدري عن آخره .
هل سمعت همسي في المنام بالرغبة في موتها قبلي فامتعضتْ أو دعتْ عليّ جهاراً بما ظلت تكتمه عنّي؟
يعاندني الخطو كالغارق في وحل طيني كثيف ، فتمثل أمامي حبيبة عمري الضائع في انتظارها على بوابة المغارة تصعد دائما من رماد الذاكرة ، ابتسمت على مضض وقالت :
افتقدتك ، اتسع الفراغ من حولي حتى ضاق بي ، أتساءل كثيرا كيف تسربت كل هذه السنون من عمري دونما وجودك بحياتي ، دون صدى ، كيف عشت كل الماضي دون أن تكون أنت زادي ؟
بنظرة رجعية للخلف لم أجد تاريخي إلا معك، الماضي الجاف والمتيبس أخضرّ وأورد على يدك... كل ما فيني أينع بك و لك أنت ، جمالي ، مشاعري ، كوة الضوء التي أرى منها لم تتسع إلا لك وحدك ، و هذا المدى الشسع أراه ضيقا إلا منك ...أنت حاضري ولحظتي وحديثي يا تغريد الكلام في فمي .
أستذكر كل الكلمات بأوصالي يغريني همسها باشتهاء الوصال، ثم أنظر حواليّ لعلها تتسمع الصدى من جراحات انتظاري،
ثم جلست أهادي الريح على قارعة الموتى
بيني و بين الماء ضفاف كليحة تغازلني حمراء ذابلة العينين...
سألتني من تكون في كياني ، قلت :
عاشق الجنية الغجرية ، وفرجت حاجبيها بنظرة ما خلتها إلا ستحضنني لانتشالي من زحمة البعاد ، وددت لو أقبل فيها زمني المتبقّي على حافة طول انتظاري ، هنا كنت تفترشين الحصى مثلي ساع الغروب ، ترقبين عود الزورق الورقي ،
و هناك... خلف غـيوم عابرة مثلي مسافات الوهم بلا مجداف أنهـكه الرحيل،
ظللت حين تهلين حبيبتي يحملك موج المساء ،
أعانـق وهجك المملح بلون الخراب ،
غضبى يغالبك الخوف من ذوبي قبل الأفول ،
فيورق شوقي سنبلة .
تخترق هبة ريح باردة ظل الشجرة ، يمتد صدى حفيف الأوراق بداخلي عازفا لحن الحلم باستعادة صورتها ، فلا تلوح طريق العودة إلا منفتحة على آخر النفق ،
وحدها الامتداد حبيبتي حتى الجنون، فلا هي أتت ولا أنا مللت انتظاري،
هل أنصتت لخفقي بين أضغاث أحلامي ؟ أم أنها كعادتها نامت وجهها للباب المغلق على السؤال .