ستزورني الملائكة، غدا. اليوم، إنها الشياطين التي تحيط بي.. تدفع بي إلى الشارع المظلم. أتبع الخطوات المتسارعة والرتيبة: طق-طق..طق-طق.. طق-طق.. أرفع ياقة المعطف، وبحركة شبه عفوية، ألقي بنظرة على أرجاء المكان. بعض الشباب في مقتبل العمر يتسامرون عند مدخل عمارة مظلم، يتناوبون على سيجارة وحيدة..وفي الجهة الأخرى، رجل وحيد، يمشي سريعا. . حين يمر بجانبي، أشم رائحة سمك.. انتبه إلى ابتعاد الخطوات الرتيبة، فأسرع لأتدارك المسافة الفاصلة بيننا.. قد تكون الفرصة مواتية عند المنعطف القادم.
لاحظتها مباشرة عندما نزلت من الحافلة.. كنت واقفا منتظرا طريدة مناسبة لهذا المساء.. لم تكن أنيقة جدا. شعرها المسدل الحريري كان أجمل زينتها. وخطواتها المتمايلة جعلت نظرات الرجال تتبعها. ظللت متكئا على عمود الكهرباء أتتبعها بدوري.. كلما اقتربت لاحظت تفاصيل أكثر.. قميصها الأسود كشعرها الليلي، و بنطلونها الضيق الذي يلف فخديها، ويرسم بقليل من الحياء مثلثها السري.. بصعوبة أرفع نظري إلى وجهها، بيد أن الإنارة الخافتة التي يبعث بها المصباح فوقي، تمنعني من رؤية لون العينين، لكنني ألمح شكل الرمح الذي يتخذه حاجباها.
حين ابتعدت قليلا، وجدتني أسحب نفسي عن العمود واتبعها من بعيد..
أدركتها تقريبا. تطلعت حولي.. المكان فارغ، إلا منا. ليس الوقت متأخرا جدا.. على بعد شارع تعج المدينة بحركة المتسامرين. لكن، ليس على امرأة وحيدة، أن تستبيح الشارع. إنها امرأة حقيرة.. وتستحق أن أعترض سبيلها.. أباغتها، وأدفع بها خلف صندوق النفايات الكبير.. تنتفض كقطة مرتعبة، لكنني أمسك بها جيدا. ألوي ذراعي حولها، أخطف بالثانية سلسلة تتدلى من عنقها وأقاوم لألا أضع شفاهي هناك.. أطلب منها أن تعطيني خاتمها و حقيبتها..
- أصمتي.. و إلا..
تعطيني الخاتم والحقيبة وتحاول الهروب، فأمسك بمعصمها.. أعيدها إلي..
ملمس معصمها دافئ.. أشعر بارتعاشة خوفها.. يتعلق نظري بصدرها الذي يرتفع ثم يهوي..
- خذ كل أغراضي، لكن أرجوك، الله يحفظ لك كل قريب، أتركني أذهب.. أريدها.. أقترب أكثر. أشعر بدفىء تنفسها.. شهيقها.. أنحني قليلا.. تفلت يدي الأخرى الحقيبة وتحط على الصدر المرعوب..
فجأة، حاسة اللص توقفني.. أسد بيدها توسلاتها.. صوت خطوات يقترب.. في لحظة أشعر بالأسف عليّ .. لا وقت لتتردد، أفلت المعصم الناعم.. أحمل الحقيبة عن الأرض وأسلم رجلي للريح..
غدا، سأشتري ملمع الحذاء، وسأذهب إلى مطعم سّي العربي. إنه بارع في إعداد طاجين السمك.. وغدا سأدعو سوسن زميلتي في الجامعة، إلى فنجان قهوة..
لكني الآن أعدو.. وأعدو..
تعطيني الخاتم والحقيبة وتحاول الهروب، فأمسك بمعصمها.. أعيدها إلي..
ملمس معصمها دافئ.. أشعر بارتعاشة خوفها.. يتعلق نظري بصدرها الذي يرتفع ثم يهوي..
- خذ كل أغراضي، لكن أرجوك، الله يحفظ لك كل قريب، أتركني أذهب.. أريدها.. أقترب أكثر. أشعر بدفىء تنفسها.. شهيقها.. أنحني قليلا.. تفلت يدي الأخرى الحقيبة وتحط على الصدر المرعوب..
فجأة، حاسة اللص توقفني.. أسد بيدها توسلاتها.. صوت خطوات يقترب.. في لحظة أشعر بالأسف عليّ .. لا وقت لتتردد، أفلت المعصم الناعم.. أحمل الحقيبة عن الأرض وأسلم رجلي للريح..
غدا، سأشتري ملمع الحذاء، وسأذهب إلى مطعم سّي العربي. إنه بارع في إعداد طاجين السمك.. وغدا سأدعو سوسن زميلتي في الجامعة، إلى فنجان قهوة..
لكني الآن أعدو.. وأعدو..
فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
تطوان- المغرب