كان عبد الله يجوب القرية قلقا. بدا أن أحدا غيره لم ينتبه.. كانت البلدة تعج بسكانها. لم يكن الفصل صيفا، ليأتي المغتربون والأصدقاء بهذه الكثرة. لم يكن في البلدة غير أهلها.. لماذا هذا الإكتظاظ، إذا؟
لقد لاحظ منذ بعض الوقت أنه لم تحدث أي وفيات.. وأنه لم تل صلاة الظهر أي صلاة عن الموتى. إنه لا يستطيع أن يتذكر آخر جنازة حدثت في البلدة. انتبه للأمر منذ أيام فقط. جارته التي تجاوز عمرها المئة عام والتي تعاني من عدة أمراض مزمنة، لم تمت. ومحمود الراعي، حين وقع من أعلى الجبل في الجرف العميق، لم يمت. والحاج عبد السلام، مازال يصارع المرض الخطير والألم منذ أزيد من الستة شهور، وإن أكد له الأطباء كل مرة أنه لن يتجاوز نهاية الأسبوع... الحالات كثيرة جدا.. حتى إن سعيد الذي أصيب برصاصة طائشة في صدره، من بندقية صديقه القناص، لم يمت.
لكن عبد الله، لاحظ أيضا أن كل حالات النجاة من الموت، لم يصاحبها شفاء معجزة. فكل الناجين يعانون من المرض ومن حالات ألم رهيب. في الليل، حين يجافيه النوم، يسمع بوضوح أنين الألم من بيوت الجيران. ربما لأن كل بيت كان فيه ناج يتألم، لم يبال أهل القرية بالظاهرة. فالكل كان يتألم لألم قريب له.
شعر عبد الله بان عليه ان يجد تفسيرا للأمر.. لابد أن هناك سببا وراء معاناة أهل القرية. غدا، يوم جمعة. بعد صلاة الظهر، سيخبر أهل القرية بملاحظاته.
تململ المصلون حين طلب منهم شيخ البلدة، البقاء لماقشة أمر سيعرضه عبد الله. فهو لم يكن أتقى أهل البلدة، ولم يكن أحد حكمائها.
- أعلم أنكم مستعجلون للعودة إلى مرضاكم.
هكذا استهل عبد الله حديثه. عرض الأمر بكلماته المشتتة، فهو لم يكن يوما متحدثا فصيحا. وحين انتهى من عرضه، سادت حالة الإستغراب جموع الحاضرين. ثم علت بعض صيحات الإعتراض.
- إنها مشيئة الله.. هذا كلام رجل مجنون..
وهب بعض المصلين، ليغادروا الإجتماع، فلا وقت لديهم لسماع هراء عبدالله. لكن أم الولد، اعترضت طريقهم.
- عودوا إلى أماكنكم واسمعوا.. وعوا..
لم يجرؤ احد على مخالفة أمرها. عادوا أدراجهم وفي عيونهم بعض الهلع. ألم تفقد أم الولد القدرة على التكلم منذ أن استشهد ولدها منذ سنة تقريبا؟ مذ ذاك، وهي منزوية في صمتها.
- إنها اللعنة، حلت عليكم. حين سمحتم لولدي أن يموت. واعتبرتموه شهيدا. ألم يكن مجرد طفل يلهو، فرميتم به إلى التهلكة، قربانا، ليستعيد أرضكم التي اغتصبت منكم؟ إنها اللعنة، حلت بكم. حين سمحتم لولد أن يموت، لتبقوا أنتم الرجال أحياء؟
عم الصمت أرجاء المكان، بينما تجمهرت نسوة القرية حول باب المسجد يستمعون إلى الحديث.
- وما العمل؟ سأل عبد الله بصوت خافت..
- ارحموا أطفالكم، ردت أم الولد. ودللوهم.. فقد يعود الموت من إجازته، فتستريحون..
- أعلم أنكم مستعجلون للعودة إلى مرضاكم.
هكذا استهل عبد الله حديثه. عرض الأمر بكلماته المشتتة، فهو لم يكن يوما متحدثا فصيحا. وحين انتهى من عرضه، سادت حالة الإستغراب جموع الحاضرين. ثم علت بعض صيحات الإعتراض.
- إنها مشيئة الله.. هذا كلام رجل مجنون..
وهب بعض المصلين، ليغادروا الإجتماع، فلا وقت لديهم لسماع هراء عبدالله. لكن أم الولد، اعترضت طريقهم.
- عودوا إلى أماكنكم واسمعوا.. وعوا..
لم يجرؤ احد على مخالفة أمرها. عادوا أدراجهم وفي عيونهم بعض الهلع. ألم تفقد أم الولد القدرة على التكلم منذ أن استشهد ولدها منذ سنة تقريبا؟ مذ ذاك، وهي منزوية في صمتها.
- إنها اللعنة، حلت عليكم. حين سمحتم لولدي أن يموت. واعتبرتموه شهيدا. ألم يكن مجرد طفل يلهو، فرميتم به إلى التهلكة، قربانا، ليستعيد أرضكم التي اغتصبت منكم؟ إنها اللعنة، حلت بكم. حين سمحتم لولد أن يموت، لتبقوا أنتم الرجال أحياء؟
عم الصمت أرجاء المكان، بينما تجمهرت نسوة القرية حول باب المسجد يستمعون إلى الحديث.
- وما العمل؟ سأل عبد الله بصوت خافت..
- ارحموا أطفالكم، ردت أم الولد. ودللوهم.. فقد يعود الموت من إجازته، فتستريحون..