كان قلمي يمج دما
يلفظه ليلا بهيما
يحفر أخاديدا لبنات أفكاري
يخفيها بعيدا عن عورات لساني
سألوني لم تكسو قلمك لون الحداد؟
زين وجهه العابس وألبسه حلية العيد
عله يلقى الحبور
على مائدة الأسماع والحضور
فتنزع عنك لباس الفقر والثبور
التي يلهج بها حالك المقرور
فخاطبت قلمي ويحك ألن تنزع زيك البائس
وتثور على حظنا التعس؟
تملى في صفحة وجهي
ثم عبس مجددا مستنكرا لومي
صرخت ألم تكن نايي
وقيثارة تعزف ألحاني
حملنا في حقائبنا الفجر
وبعثنا الربيع من براثن القهر
نثرنا في الدنيا نسائم العشق
وأحلام الولائد والصبيان الخضر ؟
بنفس متقطع
ململما اطراف ثوبه المرقع
قال : كنت قيثارة
تعزف لروحك المغردة
- في زمن الانسان - بالحب والحياة
حينما كان قلبك المزهر أبدا يصافح كفك الندي
برحيق الأمنيات السعيدة
أصوغها جنانا خضرا مرتعا للقلوب الطيبة
حينما ملكنا السماء والأرض
وغزونا البقاع البعيدة
حينما كنا سلاطينا يهابنا الفرسان
وأمام سناني تنحني الركبان
ترتعد الفرائص لحكمنا ولاتراوح السيوف الغمدان
سكنا القصور وزينت هاماتنا التيجان
التقط أنفاسه المجهدة، ثم قال :
يا صاح، شاخت روحك العجفاء في زمن القيان والمغنين
وقلبك الذابل ليس له صوت سوى الأنين
وسياط زفرات تلهب جسدي المسكين
وبحنق نظر الي قائلا : الآن أتجملني ؟
وتعرضني في سيرك المهرجين
ليشتريني ثعلب ماكر أو مخمور لعين
يتباهى بصيده الثمين ؟
أيها العجوز الخرف المجنون
لقد جن ليلنا، قلاعنا غدت مقاما للمهطعين
بأفئدة هواء ، مرابطين
على الأعتاب متسكعين ...
ثم سكت شهريار عن الكلام المسنون
أطرقت برأسي
حملت رفيقي بين أعطافي
فتحت شراعي
وأدرت دفتي نحو مثوى الأسلاف المطمورين
بين الذاكرة والحنين