هَا أَنَا أخْلَعُ جِلْدِي !
وَأَلْبَسُ جِلْدِ أَبِي ،
الَّذِي قَصَّفَتْهُ الْفُصُولْ .
وَفِي غَوْرَيْ عينيَّ ،
أَسْكُبُ عَيْنَيْهِ السَّاحِرَتَيْنْ ،
اللَّتَيْنِ سَخَرَ مِنْهُمَا الْقَدَرْ،
فَمَاتَ فِيهِمَا سِرُّ الْحَيَاةْ ،
وَلَمْ يَفْضُلْ مِنْهُمَا غَيْرُ زُجَاجِ النَّوَافِذْ .
أَسْتَعِيرُ ، الْآنَ ، مِعْوَلَهُ الْحَجَرِيْ ،
وَكَفَّيْهِ الْمَجْبُولَتَيْنِ مِنْ رَمْلِ الصَّخَرْ ،
أَسْتَعِيرُغَضَبَهَ وَغَلْيُونَهْ ،
وَغِنَاءَهُ فِي لَيَالِي الصَّيْفْ ،
أَقْتَبِسُ خُطَاهُ عَلَى أَرْصِفَةٍ تُبَلِّلُهَا الَوَحْدَةُ وَالْخَوْفْ ،
أَقْتَبِسُ ضَحْكَتَهُ ،
تَتَدَلَّى عَنَاقِيدُ جَلْجَلَاتِهَا مِنْ سَقْفِ الْغُرَفْ .
وَهَبَنِي تَدَمُّرَهُ فِي الشِّتَاءْ ،
وَوَلَعَهُ بِالطِّيبِ وَالنِّسَاءْ ،
وَوَجَعَ النَّايِ الَّذِي يُبْكِيهْ ،
وَهَبَنِي تُرَابَ الْأَرْضِ
وَكَأْسَ خَيْبَتِهِ فِي الْحَيَاةْ ،
وَهَا أَنَا ، أَمْتَطِي فَرَسَهْ !
مُخَلِّفاً فِي السُّفُوحْ ،
لَيْلَ الْقُرَى مُوغِلاً فِي الظَّلَامْ .
وَرُبَّمَا أَعُودُ، يوْماً ، كَمَا عَادَ مِنَ الْجِبَالْ ،
مُضَرَّجاً بِالثُّلُوجِ وَالدِّمَاءْ ،
وَعَلَى جَبِينِي ثُقَبُ بُنْدُقِيَهْ .