يلتحم الوهج بإشراقة الصباح الشبقي. .. تتسارع خفقات جنونها ،وأنفاس عبقها وهي واقفة أمام العتبة، تنتعش بألق اللقاء الذي تنتظره لسنوات...تشابك نظرات الأهل مع خيوط أشعة الشمس يحومها الاحتواء..أمام دهشة العيون الجاحظة في انتظار قدوم الزوج الغائب لعقد من الزمن ...
يشدها التوق لرؤيته،و سنى تعلقها يداعبه الهواء على الربوة كما خصلات شعرها الحريري الطويل...وعشق البلوغ يتدفق كما المنبع في الشتاء،وقوة بصرها يثقب ركن الطريق غير المعبدة نحو اتجاهها...
ينتابها ارتياب وشيك أن تعود وتبقى في وحدتها المبيدة،صيفا وشتاء،وأشغالها المضنية التي تثقل كاهلها،تمسح دمعة تترقرق في مقلتيها الذابلتين،تنتظر لتنطلق من مدارها وعقالها نحو الفجاج الموشومة في وجنتيها التي سبرهما الانكماش والذبول...
يتشح وجهها حزنا كالعادة توشك أن تتحول إلى لوحة الجوكندا باكية،والى مذياع يبث أوجاعا أليمة، تجهش كمحطة الوجدان تسربت أوحالها وهي تلمح سيارة زرقاء من آخر طراز تدب ببطء نحو القرية الصغيرة المنعزلة....ينتفض داخلها،يتوهج ويتولج الشعور لديها...تتزاوج المشاعر فرحا وبكاء وهلوسة...
تتراقص الأشياء أمام عينيها ،وتتمايل الجماجم وتتناسل على مرأى بصرها،لا تستطيع التمييز بينها لتلاطم أمواج عبرات في عينيها تتدفق...
بدهاء تنظر إلى الواجهة الأمامية للسيارة، فتلمح امرأة جميلة برداء اسود وثلاثة أطفال ينظرون من النافذة في استكشاف للمكان الجديد، تنتابها حمى باردة وأخرى مرتفعة الحرارة عمت سائر جسدها الذابل...فتنهار قواها في إغماء على الأرض ...فتسقط بقوة...