عندما شرع الطرقُ؛، تقطع الصمتُ ..
كان ثمة خطرٌ داهمٌ يقترب .. بدأ كخطواتٍ تقترب، ثم تتوقفُ ..
وكانت أرضية الزقاق تتسق .. تقرّب الطرق، وتبعده.
كان قرب زوجته .. نظراتهما تلتقيان .. وتتباعدان ..
وكان هو على وشك الوقوف لفتح الباب الذي لا يقرع ..
في نهاية الليل كانا على حافة الجنون .. صاحت، فصاح .. قام على ساقين مترنحتين .. خطا.. ثمَّ خطا .. تمسك بالجدران، كان الطرقُ يخفت متباعدا .. جاور باب الصفيح ..ألقى كفّه، وأدار مزلاجه، صار في مواجهةٍ مع الخارج .. تلمس بقدمين حافيتين الأرض، وكان الزقاق ضيقا بحجم جسده الدقيق..
أثنى جذعه، وتقدّم، تخيّل للحظةٍ أنه بطل خفيّ، لا يراه أحد، بطل في غياب كل البشر، فراقته الفكرة، ورفع ساقيه، واحدة تلو الأخرى كمن سيقبض بنفسه على مكمن الخطر، تتبع الطرق، حتى اتسقت معه ساقاه، خطوة بطرقة، أخذه الطرق، وكان الملبي المستجيب، غير هيّابٍ رغم لهاثه، وأمّا رجفه؛ فأرجعه لهول الموقف، لا لجبنٍ فيه، استدار الطرق؛ فاستدار .. توقف برهةً، فتوقف ..ثمَّ عاد لخطوّه .. طرقة، بخطوة.. في لحظةٍ أدرك أن الطرق يخرج من داخل كوخ بعينه، فهزّ رأسه في عتمة الليل، هزّه كمستكشف، ثمَّ اعتدل أكثر، أنهض كتفي جسده الفارع، ومن فوق الجدار الواطيء ألقى نظرة، فرأى ساقا ممتدّة، وقدما تدوس، كان حديد سرير صغير يروحُ، ويجيء.. وكان الحديد يطرق الاسمنت .. وكان رضيعٌ يغفو متنعما بالطرق.