اذكر أن ذلك حدث ذات ليلة ممطرة.
ما يؤكد عندي ذلك, قولها ذاك الذي بقي محفورا في ذاكرتي
كذلك الوشم المحفور في شق مؤخرتها الأيمن, والذي يمثل كوبرا في حالة انقضاض.
قالت يومها ونحن نلتحم التحاما تاما
_أحب أن نفعل هذا الشئ والسماء تمطر...
ضحكت واسترسلت
_وقع زخات المطر على زجاج النافذة يزيدني إثارة .....
مع دوي الرعد اهتز جسدها , كان ذلك من حسن الحظ حيت غطى ذالك على تأوهاتها التي يمكن سماعها من النافدة المقابلة.
الزقاق ضيق إلى حد يمكنك من مصافحة جارك أو أن تناوله كوب شاي عبر النافدة, إذا مد كلاكما
يده على طولها.
ما كان يومها اشد إثارة هو تلك الظلال التي يشكلها خيال جسدينا كلما أومض البرق.
خيالات مضكحة أو مرعبة في آن معا,كلوحة سوريالية لسلفادور دالي...
خيالات أضفت على طقوسنا تلك مزيجا من المتعة والرهبة.
في لحظة ما أومض البرق وهي تقف بكامل عريها, خيل إلي أن خيال عجيزتها الذي تشكل على الحائط كان بحجم كوكب , كأنها الكرة الأرضية بالتحديد.
..............................
...............................
بقية من ثمالة في قعر الكأس, ومنفضة مليئة ببقايا السجائر وكأنها جثت لمحاربين بلا رؤوس.
تلك عادة من علامات التوتر, وهو كان حينئذ في غاية التوتر. مد يده بتلقائية إلى جيب معطفه بحثا عن علبة السجائر في حين كانت الأخيرة مستلقية بإغراء على الطاولة أمامه,وخاب أمله حين وجدها فارغة تماما.
_تفوووو.........زمجر بسخط
الرغبة في التدخين مازالت تلح عليه , لكنه لا يستطيع مغادرة المقهى,من مكانه قرب النافدة,راقب زخات المطر وهي تجلد إسفلت الشارع والسيارات المارقة والمارة وزجاج النوافذ بلا هوادة من مكان ما من المقهى ,يصل إلى سمعه صوت الساهر
_...منذ رحت وعندي عقدة المطر
_وألان اجلس...والأمطار تجلدني ,على ظهري,على وجهي...
....فمن يدافع عني....
.............................
.............................
أحسست بنظرات ما تخترق راسي وظهري,كنت داخل احد المحلات التي تبيع الأشرطة السينمائية والموسيقية, التفتت فالتقت عيناي بعينيها,عينان بلون البحر تبادلنا الابتسامات كانت بصدد اختيار أشرطة غنائية,أشاح كلانا بوجهه عن الأخر للحظات فقط لينتابني نفس الإحساس الأول, التفتت مرة أخرى فارتبكت هذه المرة لدرجة سقط من يدها الشريط الذي
بيدها وعندما انحنت لاخده لمست عفوا رفا قريبا مما سبب في سقوط أشرطة أخرى,ترددت للحظة فقط في مساعدتها لحظة كانت كافية ليهب صاحب المحل لنجدتها.
في مثل هذه المواقف ,إذا لم تبادر ضاعت الفرصة. والمتربصون على قفا من يشيل كما يقول أهل مصر.
.....................
لكنها
كانت مستندة إلى الحائط غير بعيد عن محل بيع الأشرطة وبيدها كتاب الإرشادات في وقفتها ’وان كانت تبدو لا مبالية,الكثير من الإثارة والإغراء,لو راءها نحات أو رسام لاستلهم منها منحوتة أو رسم لها لوحة.
حيتني وقالت إن كنت اسمح لها بإلقاء سؤال, تفضلي قلت لها وفي ظني أنها ستسال عن مكان ما, إذا بها تسألني إن كنت اسمح لها بمرافقتي إذا لم يكن لدي مانع,ثم قالت أنها تود ألا احسب ذلك نوعا من التطفل,قلت على الفور وأنا أداري ارتباكي لا..لا مانع عندي أنت على الرحب والسعة. راودتني أحاسيس متضاربة هي مزيج من النشوة والغرور ولست ادري ماذا أيضا إحساس غريب هو أن تتحرش بك امرأة
........................
.........................
_ أين تريدين أن ندهب سألتها
_ إلى مكان هادئ من فضلك حتى نتحدث على راحتنا ردت دون أن تفارق الابتسامة شفتيها الرفيعتين
ليس من مكان أكثر هدوءا وراحة من شقتي إذا قلت في نفسي قبل أن أرد عليها
_ إلى مقهى \النورس الأزرق\ إذا
أشرقت ابتسامتها من جديد وتساءلت عن سر هذا الاسم الغريب,(النورس الأزرق) اعني ’؟؟ أجبتها لست ادري فقط هناك من هم مولعون بإطلاق مثل هذه الأسماء الغريبة على محلاتهم وبالأخص المقاهي والاوطيلات فقط لجلب الزبائن وهي مسميات في الغالب لاتعني شيئا البتة والبعض يستهويهم ذلك فينجذبون إليها كما ينجذب النحل إلى الزهور ذات الالون الخلابة أو الفراش إلى النور
_قالت كما نفعل ألان
_قلت كما نفعل ألان.
.............................
.............................
من بين كل المقاهي المنتشرة في المدينة الصغير القابعة في أقاصي الجنوب لا يوجد مقهى جدير بهذا الاسم \يقصد مقهى\ _في نظره _ من مقهى "النورس الذهبي" أو "الرمال الذهبية" الكائن بالطرف الاخر من الشارع(لن يفاجئك تشابه أسماء المحلات هنا إلى حد التطابق (على قلة الأسماء) كما يتشابه ما تعرضه ايضا,يكفي أن تفعل شيئا ما وتنجح فيه ولو بشكل نسبي, حتى يبادر الآخرون تبادر الذباب على الغائط إلى فعل الشيء نفسه, ومن كان وجهه غير مقصدر بالكامل , وبه بقية من حياء, قام بالفعل نقسه مع تغير طفيف)
كان هو يفضل الأول والدليل انه ألان يحتل فيه مجلسه المفضل قرب النافذة وقبالته صديقته الجديدة نشرا شراع الحوار فجرفتهما رياح الحديث نحو شعاب شتى فشرقا وغربا ,ثرثرا في ما يفيد و في ما لا يفيد, عرف أنها أمريكية\فرنسية لدى فهي تحمل في داخلها مزيجا من الثقافتين معا,من الاميركان تحررهم, انطلاقتهم, ولامبالاتهم ومن الفرنسيس ولعهم بالأدب والفنون.
وأنت ماذا عنك ؟ سألته. هرش رأسه كقط استيقظ لتوه من قيلولة وقلب شفتيه هازا كتفيه, عني أنا ؟ردد مرتين, ماذا عني.......؟لا شيء ليس في حياتي ما يستحق أن يروى , أنا... أنا فقط صعلوك...........
ضحكت من كل قلبها مطوحة برأسها إلي الخلف بشكل مغر أيقظ الزوابع الكامنة بداخله
_ صعلوك...............؟قالت وهي ما تغالب ضحكتها,أتعلم....أنت ظريف , ظريف حقا أنت تعجبني
أكملت وهي تنظر مباشرة في عينيه ,وفي عينيها قرأ ما لم تبح به شفتاها.
...................
.........................
_ أرى انك تحبين الموسيقى الإفريقية ,سألتها بعد أن لمحت الشريطين الموضوعين أمامها على الطاولة احدها ل"باري ويت" أما الأخر _وهو الذي قصدته فل"رقية تراوري".اعشق كل ما هو إفريقي ردت بحماس, وأنت ماذا اخدت من هناك؟ قلت وأنا اخرج الشريط من جيب معطفي,انه فيلم "العطر", صدرت منها آه طويلة وصاحت بلهفة ,_العطر ........إذن فقد تم تحويله إلى فيلم, لقد قرأت الرواية مؤخرا, إنها في غاية الروعة, اوووه هل قرأتها؟
اومات براسي أن نعم وأردفت لهذا أردت أن أرى إلى أي مدى توفق المخرج في تحويل هذه التحفة إلى فيلم.
_ نعم إنها تحفه أنت توافقني الرأي إذا, هل يمكن أن نشاهد الفيلم معا؟
_ بكل سرور
_ أين؟
_في شقتي....
_ متى؟
_ ألان إذا أحببت........
_ هل نذهب إذا؟
_ هيا بنا
وغادرنا المقهى وكان صبري قد بدا ينفد.