دلفت الغرفة متسللا على رؤوس أصابعي، كانت قطتي نائمة ، لم أشأ إفساد نومها الهادئ، أو حلمها الجميل ، تناولت من على رفّ المكتبة كتابا دون أن أعبأ بعنوانه ، استلقيت على الوثاب ،قلبت الصفحات دون غاية مقصودة، ثمّ شردت في القطة و قد استلذت النوم على الأريكة جاعلة رأسها في حضنها و بين ذراعيها، كانت تحرك إحدى أذنيها بين الفينة و الأخرى لتطرد الذباب . ترى ما الذي يمكن أن تحلم به هذه القطة البريئة ؟ . وددت لو استطعت الولوج إلـى حلمها لأشاركها فيه ، ربما قد تحلم بي و قد صرت ميسور الحال ، أعيش إنسانا كامل الإنسانية يتحسن عيشي،ويتحسن عيشها هي أيضا،وتراني أقتني لها غلب المصبّرات الخاصة بالقطط من السوق الممتازة، و تنعم معي بحمام دافئ كلّ صباح و مساء ، و تنعم بلمسات فاتـــنة هيفاء تدلكها حتى النوم .
أو ربما، قد تحلم بقط متسكع ، يطمر أنفه في كلّ قمامة في طريقه ، يجول الأزقة و الدروب دون وجهة ، و يقتات من فضلات البيوت الآدمية ، أو ربما ، قد تحلم بكلب متشرد لا يزال يكن العداوة لجنس القطط ، يتربص بها عند كلّ عطفة ، و في كل درب ،أو ربما، قد تحلم و قد أصبحت قطة تنعم بمواطنة كاملة ، و قد استنسخ لها اعتراف بالتسجيـــل و رقم مميز ، و جواز سفر و بطاقة تلقيح ... لمالا و بنو جلدتها في ما وراء البحر ينعمون بكل هذه المكاسب، و أخرى لا تزال مجرد حلم عند بني البشر جنوب البحر ؟؟ .
سبحت في حلم قطّتي دون أن أفطن إلى الوقت..وفجأة أيقظني رنين الجرس بقوة ، فتحت الباب..فألفيت رجلا مقطب الجبين،سلّمني فاتورة الكهرباء دون أن ينبس ببنت شفة، آه..،لقد صعقتني الفاتورة،لقد انتزعتني من عالم القطط الحالم لتلقي بي ثانية في عالم الإنسان المكهرب .