من الغرفة تفوح رائحة القيء والدماء المتخثرة . ألقي بالكيس على أرضيتها الرطبة . وبمجرد ما لامس الكيس الأرضية لسع البرد أطراف "منصور" وكان للبرد قساوة الإبر .
تدحرج الكيس هنا !.. وهناك !. وتحرك جسد "منصور" داخله في محاولة لجلب الدفء . لكنه سكن أخيرا, سمع وقع أحذية تدلف إلى الغرفة ، تمر بجانبه ثم تحوم حوله وتبتعد وسمع قرقعة المفاتيح وأصوات أبواب توصد وفجأة حل سكون عميق بفضاء الغرفة .
إضطرب داخل الكيس فحاول فك رباط يديه المقيدتين إلى الخلف ، لكن دون جدوى .كان القيد يعض على رسغيه بإحكام ويؤلمهما . إذا كان " منصور" لم يفلح في تخليص يديه من الوثاق فإنه قد أفلح شيئاً ما في تحرير العصابة التي كانت تلتف حول عينيه . ومن خلال الكيس رأى ضوءاً يتسرب من كوة تتوسط باب الغرفة كان الباب مواجهاً له . عادت صلصلة المفاتيح داخل الأقفال ففتحت أبواب إلا أن باب الغرفة العطنة لبث موصداً لا يرين وخلفه سمع إرتطام أشياء صلبة بالأرض و مر وقت قبل أن يلاحظ أن الكوة التي تتوسط الباب قد بدات تختفي شيئاً فشيئاً تاركة الظلام يتوغل تدريجياً إلى الداخل .
حينها تذكر الأشخاص الذين أقبروا في الغرف السرية المصممة لإبتلاع الخارجين عن طاعة السلطان فتملكه حزن عميق .