دراكولا !؟
من أين أتت هذه الملعونة؟ لا مقابرَ قربي، ولا أطلالَ قصور حولي، هل صعدت مع مواسير المياه العادمة؟ أم دخلت من النافذة قادمة من أعماق الفضاء، حيث ترقد الأحاجي و غرائب الأخبار؟.
وجها لوجه معي تحدجني بعينيها الحمراوين، مبتسمة ابتسامة عريضة تنحسر عند نابين أبيضين طويلين مدببين كمسامير.
تخطو قدما نحوي، اخطو وراءً القهقرى هروبا، تقترب فالف حول المائدة، تتبعني، أنزلق وأحبو، فأجدها قاعية ككلبة أمامي .
"آه ! ليت داري قصر، أو فيلا واسعة تحميني منها، أو... أو كنت في الشارع حرا مطلقا رجليّ للريح أخاتلها.
تشعر الملعونة أني لست صيدا سهلا فتجعل تخلل بأصابعها المرمرية شعرها الأشقر الطويل مسبّلة عينيها الجميلتين، وباليد الأخرى تمسد كشحها الضامر وعجيزتها النافرة. ثم تفتح ذراعيها كحذأة باسطة جناحيها للريح، تحاول احتوائي ضما، فأنفلت انفلات خيط من عجين
"تريد الماكرة إغوائي ، لن استسلم لسحرها وألاعيبها، حتما إن تمكنت مني ستمتص كل دمي ولا تتركني إلا وانا هشيم للريح ذروا!"
تصير أكبر، وأضخم، أحاول الهروب لكن أصطدم بملابسها المهلهلة، فاسقط على سريري وترتمي فوقي، تخنقني رائحة النافتالين الهاجعة بين ثيابها فاشهق، وأشهق، وما أن القى توازنا بين رئتي حتى تعاود وتطبق على رقبتي، أسعل وأسعل بينما هي تمد فمها لتغرس أنيابها تحت ذقني.. بكل ما أوتي من قوة أحاول التخلص من قبضتها لكن كل محاولات تذهب سدى..
أبدأ اقرأ في القرآن محاربة لها، فاتمم الفاتحة وأنخرط في سورة الملك، وحين أنتبه أجدها تضحك ضحكا هيستيريا، أستنتج من خلاله انها ربما تسكنها روح مسيحية، وما انا براهب ولا افقه شيئا في الصلوات الانجيلية.
انتفضت تحتها كطائر مذبوح، وصرخت كوليد ضائع، وشرعت أفك يدها على رقبتي محافظا في نفس الوقت على مسافة أمان بيني وبين قبلتها الدامية. لكنها كانت قوية! ومصرة على استلابي.
لم استطع مجاراتها، فاستسلمت، واسلمت امري لله.
لحظة الارتخاء احسست بقلمي في جيبي يخزني، أخرجته وبكل قوة غرسته في قلبها، فانتفضت صارخة وتحولت إلى وحش مخيف، فخفاش حام في البيت ثم خرج مرفرفا عبر النافذة.
فتحت عيني... فوجدت أمي أمامي مبتسمة وتقول لي:
ـ الحمد لله على سلامتك.. كانت حمى خيالية قاربت حرارتك خلالها الواحد والأربعين، والمفرح والجميل ان اختبار الكورونا 19 كان سلبيا