يسود الترقب قطاع صناعة الانترنت وتتزايد التكهنات بشأن الخطوات التالية للعلامة التجارية الأغلى في العالم "غوغل" بعد تسلم مؤسسها لاري بيج دفة سفينتها في مهمة لا يبدو نجاحها مضموناً.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها بيج على مقعد الرئيس التنفيذي، فقد سبق له شغل هذا المنصب قبل عقد كامل من الزمان، قبل الاستعانة بخدمات ايرك شميدت.
لكن الأمور هذه المرة مختلفة عما كانت عليه قبل عشر سنين.ففي عهد شميدت تحولت "غوغل" من شركة طموحة إلى عملاق من عمالقة الانترنت بأرباح ضخمة و24 الف موظف سيرتفعون إلى 30 ألفاً مع نهاية العام وفق التوقعات.
ووفق تقرير لـ"تك كرانش" شهد العام الماضي اقتراب إيرادات غوغل من الرقم 30 مليار دولار، مع رأسمال سوقي يقف عند 188 مليار دولار.
ولا شك أن الدور الرئيسي في هذا النجاح يعود الى مجهودات شميدت، الذي آثر الانسحاب بهدوء من غوغل في يناير/كانون الثاني الماضي بعدما بدأت مصالحها تتضارب مع مصالح شركة "آبل" التي يحظى شميدت بعضوية مجلس إدارتها، ليضع لاري بيج في موقف لا يحسد عليه للحفاظ على نجاحاته المتتالية، بل ودفعها إلى الأمام.
لكن غوغل تواجه كذلك مشاكل داخلية نتجت عن ضخامتها؛ وإحداها خطر البيروقراطية والثانية خطر مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة واوروبا.
ويعرف بيج (38 عاماً) منذ اللحظة الأولى لتسلمه مقاليد الشركة أن عليه إصلاح تلك المشاكل.
ورغم تصريحات غوغل التي تحذر الصحفيين من المغامرة بتوقع "تغييرات جذرية وفورية" إلا أن بيج بدأ بالفعل بتغييرات في تنظيم الشركة.
فقد عمد بيج إلى اتخاذ إجراءات إدارية تلزم مديري المشاريع بالتركيز على الأفكار الجوهرية المتعلقة بمشاريعهم وتتيح فرصاً أكبر للقاء بعضهم وتبادل خبراتهم عبر اجتماع اسبوعي كان شميدت معارضاً له.
كما بدأ بيج بتقييد المشاريع بمنهجيات مدروسة عوضاً عن استراتيجية شميدت التي كانت تفتح الباب واسعاً لانطلاق الأفكار وتنفيذها الفوري دون قيود، وعلى سبيل المثال كان مشروع "جي ميل" فكرة سريعة من "بول باتشيت" الذي صمم مسودته في 24 ساعة ونفذها على وجه السرعة باستعارة مهندسين من أطقم أخرى في الشركة.
ولا يبدو بيج مهتماً كثيراً ببرامج التواصل الاجتماعي كسلفه شميدت الذي كان مستعملاً لتويتر، لكنه قد يحاول تدارك فشل غوغل في هذا المجال الذي يبقى بعيداً عن طبيعة شركة تقودها مجموعة من المهندسين الذين تتركز أبحاثهم حول البحث، وهو يدرك أن هذا الفشل هو "نقطة سوداء" في عمل الشركة يجب تبييضها وإغلاق الباب في وجه المنافسين الذين يتسللون عبرها.
وقد تسبب قوانين منع الاحتكار في أوروبا صداعاً مؤرقاً لبيج، إذ يقوم الاتحاد الوروبي بتقصي ما إذا كانت غوغل هيمنت على سوق الإعلانات بشكل مخالف لقواعد المنافسة العادلة واستغلت ثقلها لإغلاق السوق تماماً أمام منافسيها.
وتبدو "مايكروسوفت" المنافس الأكبر لغوغل في السوق، إذ أنها تحاول تحقيق اختراقات في المنافسة على سوق البحث بمحركها الجديد "بينغ" وأنظمة تشغيل الهاتف المحمول بنظامها "ويندوز 7" الذي فضلته شركة نوكيا على نظام "اندرويد" من غوغل، لكن إذا ما ركز بيج على تحقيق اختراق في سوق البرامج المكتبية الذي تحتكره مايكروسوفت ببرنامجها "أوفيس" فإنه يمكنه حينها أن يزعزع استقرار المورد الأكبر لمنافسته مايكروسوفت ويدفع المنافسة إلى آفاق جديدة.