مقدمة:
يعتبر العلم المكاني كوثيقة تاريخية ثمينة لا تقل قيمة عن الوثيقة التي تتمثل في القطع النقدية و غيرها ، و تزداد أهمية دراسة الأعلام المكانية في المجتمعات التي تفتقر إلى أرشيفات الوثائق المكتوبة ، ذلك، لأن الهدف هو قراءة و فهم معاني الأعلام الجغرافية التاريخية التي اندثر بعضها من الوجود و بقي فقط في النصوص المكتوبة أو اللغة العامة . لكن كثيرا منها بقي و استمر رغم كل التغيرات التاريخية من غزو و'' مثاقفة '' تبرك و تقرب و تيمن و '' أدلجة '' و تغيير لغة النخب الاجتماعية إلى لغة أجنية أخرى، مثل الفينيقية واللاتينية و العربية و الفرنسة لاحقا"[1]
ومجال تساوت هو ما يهمنا هنا لنرصد التغير الذي عرفه ، مع الزمن ونتعرف على أسماء مجالات مرتبطة بالطوبونيمية المائية، ذلك أن لكل مجال خصوصيته ، فالطبونيمية المائية، تكتسي معرفة الأسماء المرتبطة كون منشأ الحضارات إرتبط أشد ارتباط بالماء، وبدورها منطقة تساوت، تعرف استقرارا بجانب نقط الماء ، هذا ما أفرز لنا أسماء مرتبطة بالماء في هذا المجال ولكي نسلط الضوء على المجال ونتعرف على خصوصيته وارتباطاته بالطبونيمية المائية بالخصوص اتبعنا التصميم التالي:
المبحث الأول : التعريف بمجال تساوت.
المبحث الثاني : تعريف الطوبونيميا والأبعاد الجغرافية والتاريخية المرتبطة بها.
2-1: تعريف الطوبونيميا.
2-2: البعد الجغرافي للطوبونيميا.
2-3: البعد التاريخي للطوبونيميا.
المبحث الثالث: الطوبونيميا المائية بتساوت وخصائصها ومجالاتها.
3-1: الطوبونيمية المرتبطة بالسواقي المائية.
3-2 : أسماء طوبونيمية مرتبطة بالمجال الفلاحي.
3-3: أسماء طوبونيمية لبعض العيون والمجاري المائية بتساوت.
3-4: أسماء بعض المجالات المرتبطة بطوبونيميا الماء.
خاتمة.
المبحث الأول: التعريف بمجال تساوت.
إن بلاد تساوت تعتبر محدودة بمنطقة الحوز شرق مراكش حسب الشفويات في مفهومها الأوسع، وتمتد عند الناس على عدد من القبائل كالسراغنة وزمران غالبا، ولو بحتنا في أصل كلمة تساوت لوجدنا أنها مثل أسماء كثير من الأماكن والمواقع بالمغرب، كلمة بربرية، وهي تعني الحواشي أو البطون ، إن لم نقل الأراضي الخضراء، والكلمة تطلق على نهريين كبيرين يمران من بلاد السراغنة هما واد تساوت والاخضر، ليصبا بعد التقائهما وسطها شمالا في أم الربيع واتجاههما هو جنوب شمال بعد منبعهما من جبال الأطلس الكبير، كما تطلق الكلمة أيضا على السكان وصلحائهم بالخصوص، فنقول مثلا " رجال تساوت" أو على المجال أو الحيز الترابي للسراغنة التي عرفت أيضا بهذا الإسم ، فيقال مثلا بلاد تساوت أي بلاد السراغنة، وتضم أيضا بلاد زمران احيانا، واعتبر بذلك إسم تساوت إسما مبجلا ومحترما،... ولشهرة بلاد تساوت وحسن ذكرها بكثرة مياهها وصلحائها وخيرها وخصبها فهي تتسع عند بعضهم لتشمل ما بين أحواز مراكش ودمنات[2] ويمكن القول بأن منطقة تساوت منطقة مهمة من الناحية الجغرافية حيث تتميز بتربة خصبة جعلت من منتوجاتها الفلاحية ، ذات جودة عالية وإنتاج وفير، ومنطقة تساوت هي عبارة عن مخروط انصباب هذا ما جعل منها سهلا أخضر مرويا بمياه واد تساوت وواد الأخضر، كما تتميز بغناها المائي سواء ما كان في الجوف أو السطح، وتم شق العديد من السواقي من هذين النهرين، منها الساقية الفطناسية والخيراوية والبروطية وتاوزينت والصنهاجية والعتمانية. وهي مع العيون والأبار تساهم في اخضرار المنطقة ووفرة غلالها وثمارها الفلاحية والرعوية ومن تم قولتهم المشهورة: "تساوت الخضرا فيها زيانت النظرا" [3]
ومنه أيضا نجد الحسن شوقي في جل كتبه يقول بأنه إذا كانت مصر هي هبة النيل، فالسراغنة هي هبة تساوت. كما أننا عندما نتطلع لدراسة بعض كتب الجغرافية الوصفية متل كتاب الحسن الوزان وصف افريقيا أو كتاب إفريقيا لمارمول كاربخال. فالأول يذهب للقول بأن إسم تساوين وهما عنده جبلان أحدهما بجوار الأخر وينبع منها نهر يجري في سهل بديع في قبضة الأعراب في عهد الحسن الوزان ويقر بأن تساوين نهران ينبعان من جبل غجدامة[4]. فيما يذهب مارمول كربخال في كتابه إفريقيا" بأن هذين النهرين يسقيان السهول التي يمران بها بواسطة جداول.[5]
وكما هو معروف أننا عندما نحاول دراسة تاريخ الدهنيات نستقي كثيرا من المعلومات والإشارات التي تدل على ارتباط ديمغرافية مجموعة بشرية بالمجال يمكننا التوقف عند نمط من أنماط التاريخ يكون بمثابة رافد يشرح لنا الذهنيات في مجال معين ولو بصورة طفيفة ، فنجد أنفسنا نلجأ للأغاني لرصد الصورة التي ثمثلها تساوت فنجد المعطي السرغيني الفطناسي المتوفي عام 1878م يتغنى بالمنطقة تعبيرا منه عن الحنين إليها لما كان بمراكش.
أيا قاصدا دمنات عرج نحو بلدتــي وســـلم ويصـحـبنك منها سلامــها
تساوت بها استواء قلبي وراحتـــي وأول أرض مس جلدي رغامــــها
بـلاد إذا ذكــرت سـح مـيـــاهـهـــا تسـح دمـوعـي واعتـراني هيــامـها
وينعشني من ســهلـهـا وحـزونــها خـمائل نـور كـالزرابي خيـــامـــها[6]
ونظرا للإستقرار المهم الذي يعرفه المجال، والكثافة السكانية التي تتميز بها منطقة تساوت فإنها تعتبر منطقة غنية بصلحائها وأوليائها مما يجعل من المنطقة مزارا للعديد من الزوار من مختلف مناطق المغرب ، قصد الإستشفاء والتداوي ببركة بعض الشيوخ كبويا عمر للتداوي بالمياه المعدنية التي تتميز بها منطقة تساوت، كما تحظى بعض الحفر والمطافي والأبار والأحجار[7] بطابع القدسية والخشوع التي تجب لبيوت الله نظرا لكثرة الأولياء بتساوت فنجد الشفويات تقول" شايلاه ارجال البلاد" تعبيرا منها عن الإحترام لتساوت ولما تزخر به من الصلحاء كسيدي رحال البودالي، ومولاي رحال ، وبويا عمر وبويا احمد وسيدي عبد الرحمن. كما أن نهر تساوت منذ دخوله إلى السهل نجده يغير اتجاهه الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، بعد أن كان ذلك من تيمينوتين إلى اكادير بوعشيبة لينتني سريعا وفجائيا نحو الشمال الشرقي مارا عبر المخروط وملتحقا بأم الربيع ، وهذا بعد أن يكون قد اتصل عن يمينه بالواد الأخضر، وبالتالي فعلى مستوى الإنحراف ، وبهذا الانحراف فإن نهر تساوت يكون قد غير اتجاهه عن تانسيفت. نحو أم الربيع وهو الامر الذي فسره جان دريش بانعراج بسيط لصالح هذا الأخير، في حين بقي أثر مجراه القديم مرئيا ومشاهدا وهو اليوم مكان مرور الساقية السلطانية[8]. ويوجد بمجال تساوت وادي يسمى الواد الأخضر ويسمى أيضا بتساوت الفوقية . وصفه شارل دوفوكو سنة 1883 في كتابه التعرف على المغرب بأنه نهر يجري وسط نباتات في ظلال أشجار الزيتون الكبيرة والحقول الكثيفة[9]. وتظهر به ينابيع مهمة وغزيرة على طول مجراه، مثل عين غبري في أولاد سلامة عند التقاءه بنهر تساوت التحتية، وفي هذا المكان كان الفرنسي دوتي وهو في طريقه من دمنات إلى القلعة قد أقام مخيمه في مناطق وصفها بانها خضراء، وشبهها بعضهم فيما بعد بالبادية الفرنسية لجمالها واخضرارها ووفرة أشجارها وغلالها.[10]
المبحث الثاني :تعريف الطوبونيميا والأبعاد الجغرافية والتاريخية.
2-1 تعريف الطوبونيميا:
يرجع أصل كلمة الطوبونيميا إلى الكلمة الإغريقية " toponymie " وهي كلمة مركبة من" topo" بمعني المكان و "nymie" بمعنى الاسم و بترجمة كلمة طوبونيميا تعني دراسة الأعلام الأماكينية التي يرتبط بها الإنسان مثل السكن و تعبر عن خصائص المحيط و الإنسان الذي يعيش فيه و تكون إما قصدية أو عفوية، فارتباط الإنسان كفرد أو جماعة بمكان معين تنشأ معه الحاجة على إطلاق أوصاف أسماء على الأماكن بالسكن أو الارتياد أو بالفكر و الخيال, و هو بذلك يثبت وجوده في المكان و يعبر عن تملكه له و تحكمه فيه. لذلك فهو يعطي له قيمة بإطلاق العلم عليه و أكتر من ذلك يعطيه كناية بأعضاء جسده و يعبر فيه عن أفكاره و معتقداته و هواجسه. و هذه الأسماء تعطي قيمة للأماكن، و تعتبر الأماكنية من بين العلوم المتعددة الاختصاصات و لها علاقة وطيدة بالعلوم الأخرى و هي بمثابة علوم مساعدة لها و من بينها علوم اللسانيات و التاريخ و العلوم الإنسانية و الطبيعية. و للعلم المكاني يحدده لغويا باعتباره الاسم الدال على مكان معين فإن الأماكنية لا تعتبر أعلام الأماكن مجرد لواقع من الكلمات الموضوعة مقابل لواقع من النقط التي تتقاطع فيها درجات خطوط الطول و العرض بل تعتبرها نظاما فكريا يساعد على فهم المشهد العام لمجال المكان المسمى, لذلك فالعلم المكاني يتميز بخصائص علمية و شخصية و جنسية و قصدية.
2-2 : البعد الجغرافي للطوبونيميا.
كما أن الطوبونيميا تستمد مرجعيتها من البعد الجغرافي فالأعلام الجغرافية ترتبط في تسميتها بعناصر عدة تشكل أساسا ومصدرا ومرجعا لها، ومن بين هذه العناصر المكونة لبنية مرجعيتها البعد الجغرافي ليس باعتبار المكان المسمى ينتسب للبعد الجغرافي . فهذا جانب حاضر في التحليل منذ البداية نظرا لكون الأعلام الجغرافية هي في البدء أمكنة ومجالات ، لكن المتحدث عنه هنا البعد الجغرافي في التسمية وليس في المسمى. فإذا كان البعد اللغوي في التسمية حاضرا من حيث اللغة المستعملة، فإن البعد الجغرافي في التسمية حاضر من حيث المضمون الجغرافي الذي حازه اسم المكان تصريحا أو كناية عن ظاهرة طبيعية أو مجموع الأشكال والوحدات والألوان التضاريسة والجهات والظروف المناخية والأحجام والمجاري المائية، والألوان والأنواع النباتية، والمعادن والأسماء الحيوانية[11] لذلك قلنا إن البعد الجغرافي للمرجعية هو ذلك الرابط لمجموع الصفات المظهرية التي يتحلى بها المكان [12]. ومن مظاهر حضور البعد الجغرافي في أسماء الأماكن ما يرتبط بالأشكال التضاريسية ومنها ما يتعلق بالصخور ومنها ما يرتبط بالأودية والمجاري المائية وهذا ما يهمنا حيث نجد وانسيفن وادي الأودية[13]، وادي درعة ( الوادي العميق).[14] ، وادي إغرز ( وادي الشعبة، الوادي غير الدائم الجريان)[15]، أكرسيف، ( مابين النهرين ، أسفي ( المصب)[16]، تيطاون ( العيون).
فاسم العلم الجغرافي على قدر بساطته من حيث التداول ، إلا أنه يمثل أساس رصيد تراكمت عبره العديد من الأشكال المظهرية وانشدت إليه العديد من الجماعات، وعرف به العديد من الأعلام ، حتى أصبح وعاء يحوي الكثير من المعاني والأحداث والقضايا[17].
ويعتبر الإهتمام بأسماء الأماكن في البعد الجغرافي لمرجعيتها، هو اهتمام بأسماء أماكن ناطقة تفصح عن شكلها الطوبوغرافي، وغطائها النباتي ونشاطها الفلاحي، ومجراها المائي، ومظهرها الجغرافي.
2-3 : البعد التاريخي للطوبويميا.
والتعرض للأعلام الجغرافية بالبحث والظبط، خطوة تقر بأن الجغرافيا معطى ثابت في التاريخ إلى جانب معطيات أخرى، معطى يستدعي ضرورة تناول أسمائها ودلا لاتها، بما هي معالم تكشف عن جانب مهم من تاريخ المكان، وترسم سبل الوصول إلى التعرف على الحلقات المفقودة من تاريخها، مما يبرز جانبا بالغ الأهمية للطوبونيميا ليس في علاقتها بالمكان فحسب، بل حثى في علاقتها بالإنسان الذي يعيش في المكان. فإذا كان البعد اللغوي يعتمد على المخزون اللغوي الجماعي أو الفردي الموروث أو المتداول أو المنسي لظبط الأعلام الجغرافية، فإن هذا المخزون لا يجليه لنا إلا التاريخ، بما هو ذاكرة حية بنصوصها ووتائقها وأسمائها، وإذا كان المخزون اللغوي مهم في ضبط الأعلام الجغرافية، فإن هذا المخزون مهما علا رصيده لن يكون حاضرا بكل اشتقاقاته إلا إذا استند على التاريخ لتجلية معانيه، مما يجعل البعد التاريخي حاضرا أثناء ضبط الأعلام الجغرافية، بعد يمثل المخزون الحي للإسم بما هو الإطار أو السياق التاريخي الذي في الأعلام الجغرافية، فإن هذا المخزون مهما علا رصيده لن يكون حاضرا بكل اشتقاقاته إلا إذا استند على التاريخ لتجلية معانيه، مما يجعل البعد التاريخي حاضرا أثناء ضبط الأعلام الجغرافية، بعد يمثل المخزون الحي للإسم بما هو الإطار أو السياق التاريخي الذي صيغ فيه، ومجموع المؤتراث التي أسهمت في تتبيته.[18].
ومن بين مظاهر حضور هذا البعد التاريخي في أسماء الأماكن، ما يرتبط بأسماء القبائل أو الأسر والجماعات مثل دوار اولاد بارحال ، الطواهرة ، العرارشة ، اولاد مبارك بمنطقة تساوت حيث تدل هذه المسميات على العائلات المكونة للمجال والتي استوطنته عبر التاريخ. وكذلك ارتباط بعض السواقي بهذه الأسماء مثل الساقية العراضية والحطابية نسبة لأولاد عراض والحطابية سبة لاولاد سيدي الحطاب.
فإذا كان كل مكان يحمل اسما محددا، فإن هذا المكان نفسه قد يحمل أكثر من إسم في نفس اللحظة، ليس من زاوية تعدد الأسماء للمكان الواحد، ليس من زاوية أن الأسماء الجديدة تنسخ الأسماء القديمة، فتظل القديمة حاضرة في الذاكرة والتداول لفترة، بل لأن المكان قد يكون مجاله شاسعا، ليحمل جزء منه اسما باستقرار جماعة بشرية فيتحول المجال الشاسع إلى مجالين، والإسم الواحد إلى إسمين، مجال أول يحمل الإسم القديم بعد أن ضيقت مساحته، ومجال ثاني يحمل الإسم الجديد بعد أن تمت تسميته...فالأعلام الجغرافية باستطاعتها أن توفر مادة مصدرية تاريخية جديدة يمكن اعتمادها في البحث التاريخي، لذالك فالإهتمام بالأعلام الجغرافية هو اهتمام بالوثيقة بمفهومها الشامل، وهذا أحد العناصر الجديدة التي يجب استتمارها... إنها عملية تواصل بين الزمان والمكان في الماضي والحاضر. لذلك فالإهتمام بالأعلام الجغرافية في البعد التاريخي لمرجعيتها هو اهتمام بأسماء ناطقة قد تخبر عنصرها البشري، ومظهرها الإجتماعي، وحراكها الثقافي، وإنجازها الحضاري، ورصيدها التاريخي..، اخبار لن يزيد الإسم إلا وضوحا وضبطا، وهذا مقصد الطوبونيميا.[19]
المبحث الثالث : الطوبونيميا المائية بتساوت خصائصها ومجالاتها.
3-1: الطوبونيميا المرتبطة بالسواقي.
يعرف مجال تساوت تسميات عديدة للسواقي وكثرة هذه السواقي حيث اتخدت كل ساقية إسم القوة التي اشتقتها ويذهب الأستاذ حسن المباركي الى القول" إن الإرث التكنولوجي المائي الذي تشكله السواقي يعود إلى هذه الفترة ( فترة استقرار القبائل). حيث تم حفر وشق العديد منها انطلاقا من وادي تساوت، لري أراضي واسعة ومشاعة، إذ تمة تعبئة القوى البشرية المتضامنة لحفر القنوات وعلى مسافات طويلة لري رساتيقها المنتظمة على جنباتها، وتحمل كل ساقية إسم هذه القوة ( العراضية التابعة لاولاد عراض، المباركية لاولاد مبارك والوكادية نسبة لاولاد وكاد). وبذلك تكون تطابقا بين المجال المسقي والساقية وبين الجماعات المالكة المستغلة.)[20] وانطلاقا من هذا سنرصد بعض أسماء السواقي انطلاقا من بعض المسميات لبعض الفخدات المستقرة في مجالها.
الساقية المباركية : نسبة لأولاد مبارك، ويظهر جليا من وراء هذه التسمية أن القبيلة سابقة لهذه الساقية فاتخدث هذه الساقية تسميتها الطوبونيمية انطلاقا من القوة التي شقتها، أو قامت يإحياءها.
الساقية العراضية: نسبة لاولاد عراض وهي الأخرى ظاهر جلي بأن هذه القوة هي المسؤولة على شق أو كنس هذه الساقية وتستغلها في زراعتها مما جعلها تتخذ إسم القوة التي تستفيد منها،
الساقية الوكادية: نسبة لاولاد وكاد ، وهي الأخرى ينطبق عليها ما على غيرها من السواقي السابقة.
الساقية الحطابية: نسبة لأولاد سيدي الحطاب ويظهر ان هذه القوة هي التي قامت بشق هذه الساقية واتخد المجال اسمه الطوبونيمي انطلاقا من هذا المسمى.
ويمكن اعتبار بلاد تساوت بما فيها السراغنة وزمران تعرف تواجدا كبيرا للسواقي التي اشتقتها القوى التي تستفيد من هذه السواقي مما جعل العديد منها يتخد اسماء طوبونيمية مرتبطة بالقوى البشرية التي لها علاقة بالمجال المسقي او المجال الذي تمر منه الساقية.
ساقية تازمورت: وهي ساقية بمجال زمران ومنها يشتق إسم زمران وإزمراون ، وهو شجر الزيتون البري الزبوج، ونجد تزمورت عبارة عن نبتة منتشرة بالمجال ذات ساق طويل تستعمل في إعداد المكانس جمع مكنسة اي (شطابة) .
3-2: أسماء طوبونيمية مرتبطة بالمجال الفلاحي.
المحيصر: وهو مجال فلاحي شاسع يتواجد في منطقة تساوت وهو في غالب الأحيان يطلق على المجال الفلاحي الذي يحصر بين عين واخرى ،أو بين عين مائية وهضبة صخرية ، ونجده في منطقة البسيبيسة في أقصى شمال السراغنة تتواجد بعض الحقول الزراعية تسمى بالمحيصر تنحصر ما بين الهضبة المسماة بكهف الخماسة والعين التي تنحدر مما يسمى بالخطاطر( جمع خطارة) ، ويطلق هذا الإسم على كل مجال يفصل بين عينين أو يحصر بين معطيين جغرافيين كهضبتين أو هضبة وعين.
الدخلة : وهي عبارة عن مجال جغرافي يكون صالحا للزراعة ويتواجد بالقرب من الوادي حيث أن هذا الواد في منعطفه يميل لجهة معينة ليشكل منعطفا وداخل هذا المنعطف تتشكل الدخلة التي تستعمل للفلاحة نظرا لتربتها الغنية والمسامية ، وتكون في بعض الأحيان هذه الأخيرة أي التربة مكسوة بالأشجار والأعشاب خصوصا ما ينموا بجانب الوادي أي البردي، وتكون الدخلة في غالب الأحيان ذات ارتفاع قليل بالمقارنة مع السهل وتتواجد هذه الدخلة بالقرب من مصب واد تساوت في واد أم الربيع، بدوار العزابة بجماعة سيدي الحطاب بتساوت السفلى.
شعب القوس: وهي شعبة تتجمع فيها المياه وتمر نحو المنخفظ متبعة الإنحدار ويعرف المجال الدائر بها بشعب القوس لكونه يشبه في دورانه القوس، وهو معروف في المجال على الطريق التي تربط بين مدينة تملالت والعطاوية
ملقى الويدان: وهو المكان الذي يتواجد بالقرب من التقاء واديين ويعرف هذا المكان في تساوت عندما يلتقي واد تساوت بواد أم الربيع حيث يشكل واد تساوت رافدا من روافد واد أم الربيع، وتعرف المنطقة القريبة من هذا الواد وهي هضبة مرتفعة قليلا تطل على المشهد الذي يرى من خلاله مشهد التقاء الواديين، وتسمى بكدية الضياف كونها تستقطب كل الضيوف القادمين عند عائلاتهم من الدواوير القريبة من هذا المجال حيث كل شخص يحب أن يأتي بضيفه ليرى هذا المشهد الجميل الذي تزخر به منطقة تساوت ويوجد فوق هذه الكدية ضريح ولي صالح يعرف بسيدي علي بن يسف، وتتواجد به خلوة كان يختلي بها الشيخ للعبادة والذكر.
3-3: الأسماء الطوبونيمية لبعض العيون والمجاري المائية بتساوت.
عين غبري : وتعرف بهذا الإسم لكونها تتميز في بدايتها بالسير تحث الارض حيث تعرف جريانا عميقا في الأسفل مما يجعل جزءا كبيرا منها يبدوا مختفيا عن الأنظار وتتواجد عين غبري في منطقة الفرايطة بالسراغنة وتتميز هذه العين بوفرة مياهها وتستفيد الساكنة منها.
العين الزرقاء: وهي عين يميل لون مائها للزرقة تتواجد بمجال تساوت بالقرب من دخول واد تساوت إلى واد أم الربيع، بالقرب من دوار العزابة ، ويستعمل مائها للشرب لكونه نقي جدا ونظرا لكونها تجري في الواد فإنه لا يستفاد منها كثيرا في سقي الأراضي الفلاحية ،
عين الحاجبات: وهي عين تعرف بهذا الإسم لكونها تتواجد بمجال مختفي عن الأنظار ولا يبدوا للجميع نظرا للأشجار المتواجدة بجنباتها ، وكانت النساء اللواتي تسكن في المنطقة بالقرب من العين ، ويعرف أهل المنطقة بالمحافظة مما يجعل النساء لا تختلط بالرجال وتخصص هذه العين للنساء لقضاء أغراضهن من غسل للملابس وباقي حاجيات النساء مما يجعل من النساء اللواتي يعرفن بالحاجبات بالحضور لهذه العين. مما جعل من الساكنة يطلقون هذا الإسم على هذه العين.
إيكلي: وهو منخفض فسيح تتجمع به المياه وتتجه نحو واد أم الربيع لتصب به ويتواجد بهذا المنخفض عين تسمى بعين سيدي موسى بن قرقور ، تذكر شجرة النسب الممتدة للشيخ إلى القول بكون هذا الولي لما قدم لبلاد السراغنة ضرب بعصاه في الأرض فانبجست عين ماء من المنطقة. وثلك من كرامات الشيخ.
غياسل: وهو مجرى مائي صغير يتسم بغلبة نباث الغاسول ، يتخذ طريقه نحو واد تساوت ليصب فيه مياه الأمطارالتي تتجمع به . وهو بالقرب من قرية الرديدة.
لكرار: وهي وهو الإسم السابق لإسم القلعة حيث مجال قلعة السراغنة ، ونظرا لكون هذا المجال يتسم بغلبة شجر الزيتون ، فيعتقد أن الإسم له ارتباط بالسهل الفسيح المرتبط بالزيتون، ومن هنا نجد تكرارت حيث توجد مكناسة الزيتون، تكرارت بالامازيغية تعني كومة من النبات. ونظرا لما يميز المجالين أي السراغنة ومكناس من انتشار لشجر الزيتون ووفرته بكلا المجالين فلا يستبعد أن يكون المفهوم ذو ارتباط بالزيتون.
فليون : وهو مجرى مائي يتجمع انطلاقا من الحدرة ليشق طريقه نحو الشمال ليصب بواد أم الربيع، ويرتبط هذا الإسم بنباث البابونج المنتشر بهذا المجال ذلك أن البابونج باللغة الأمازيغية هو فيلي ويعرف هذا النباث بمجال تساوت بعوينة الفلوس.
3-4: أسماء بعض المجالات المرتبطة بطوبونيمية الماء.
تملالت: مجال شبه حضري يتواجد بتساوت عرفت استقرارا بشريا قديما ، يرجع للعهد الموحدي أو اقدم وتشكل نقطة عبور بين مدينة فاس ومراكش، تذهب المصادر الطوبونيمية للقول بأن هذا الإسم الذي يعني بالأمازيغية البيضاء ، يمكن أن يرجع أصل تسميتها بهذا الإسم نظرا لبياض الماء وعذوبته بالساقية السلطانية القادمة من اكادير بوعشيبة التي قام باستصلاحها السلطان مولاي عبدالرحمن بن هشام، بعدما كان يريد شقها لتصل لمراكش لكن الطوبوغرافيه حالت دون وصولها مما جعلها تنعرج نحو الشمال لتسقى بها العراصي بتملالت، وتقول الرواية أيضا بأن أحد السلاطين المرينين لما كان يمر من هذا المجال أي تملالت توفيت إحدى زوجاته والتي تسمى تملالت هذا ما جعل المدينة تاخد هذا الإسم، وتذهب رواية اخرى للقول بكون مدينة تملالت يوجد بجانبها مرتفعات الجبيلات، وبهم هضبة كبيرة يتوسطها البياض ولازالت ضاهرة الى اليوم، وتذهب تفسيرات اخرى للقول بكون تملالت بها ثربة خصبة تعرف بالبياض ومن ذلك عرفت بتملالت لكون الإسم بالأمازيغية معناه البيضاء.
العطاوية: إسم مجال شبه حضري ببلاد تساوت تحمل هذا الإسم أي العطاوية نسبة لساقية العطاوية القادمة من الأطلس الكبير،
الصهريج: إسم لجماعة حضرية ببلاد تساوت ، يحمل هذا الإسم نظرا لكونه يرتبط بكثرة الصهاريج بهذا المجال، ويتوسط المجال الحضري صهريج كبير كانت تجمع فيه مياه الساقية، ويستفيد منه السكان.
سكان الواد: وهي قرية بجوار شعبة تتخد شكل واد مما جعلها تتخد هذا الإسم وهو يتواجد ببلاد زمران على الحدود مع كلاوة الشمالية. بالقرب من دوار اولاد عبو.
فرح الواد: وهو إسم يطلق على قرية بجانب شعبة ماء ، وهو عبارة عن واد صغير يشكل شعبة يتجمع بها الماء بالقرب من مدينة تملالت.
العرصة : وهي مجال جغرافي يطلق على مكان كانت به في بداية الأمر عرصة يصيد فيها سلاطين الدولة العلوية ، وهي متواجدة بمنطقة تملالت ويرتبط هذا المجال بالساقية السلطانية التي ذكرناها سابقا.
بلاد مئة بير وبير: وهي بلاد تتواجد بمجال إيكلي حيث عين سيدي موسى وورد هذا الإسم في تعريف الولي الصالح سيدي موسى بن قرقور دفين بلاد السراغنة، في وتيقة تبين شجرة نسب الولي وهي بحوزتنا.
بلاد عطشى: وهو مجال جغرافي فيه أرض قاحلة على هضبة الحدرة بمجال يسمى غرفة الواسع بجانب هضبة صغيرة تسمى هضبة المصلى، وشيدت داخل هذه البلاد مطفية للإستفادة من مياه الأمطار،
الرديدة: وهي عبارة عن قرية بجانب واد تساوت بالقرب من مصبه بواد أم الربيع ، سميت بهذا الإسم لكونها ارتبطت بشكل كبير بالرد وهو ذلك الحاجز الطبيعي الذي يجمع به الماء ويكون مجالا للسباحة وللإستعمالات اليومية من سقي للماشية وباقي الأغراض الأخرى ، خصوصا وأن الواد يعرف توقفا عن الجريان مما يجعل بعض العيون التي تنبع من جنبات وضفاف الواد توجد لنا ما يسمى بالرد .
خاتمة.
نخلص في النهاية إلى القول بأن مجال تساوت شأنه شأن المجالات عامة حيث عرف استقرارا بشريا متنوعا يمزج بين المكون الأمازيغي والعربي ، هذا ما أفرز لنا تغيرا في أسماء المجالات طوبونيميا، فعلى الرغم من كون المجال المغربي يعرف اسقرارا امازيغا سابقا للمكونات الأخرى القادمة للمجال إلا أن بعض المناطق التي طبعها التواجد العربي تميزت بأسماء طوبونيمية عربية، وهذا نرصده من خلال ما توصلنا إليه من مجالات فلاحية ومائية ومجالات حضرية ارتبطت بالماء، فتميز مجال تساوت بتنوع وتباين في الأسماء الطوبونيمية، واتخدت السواقي أسماء طوبونيمية مرتبطة بالمجال ومكوناته ، كذلك العيون اتخدت أسماء مرتبطة بالمجال ومكونات العين وشكل طبوغرافيتها، وكذا بعض المجاري المائية التي ارتبطت بأسماء بعض النباتاث المنتشرة بجانبها، كما تم رصد بعض المجالات الفلاحية، المرتبطة بطوبونيمية الماء.
لائحة المصادر.
- ابن الزيات ، التشوف إلى رجال التصوف واخبار ابي العباس السبتي، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلة الأداب والعلوم الإنسانية الرباط سلسلة بحوث ودراسات رقم 22 ط 1997.
- الحسن الوزان، وصف افريقيا، ترجمة ذ.حجي وذ. الأخضر. الجزء الاول الرباط 1984.
- مارمول كربخال. افريقيا ترجمة محمد حجي واخرين مكتبة المعارف البيضاء، الجزء الأول .1989
لائحة المراجع:
- إبراهيم موسى الزقوطي، أسس الأسماء الجغرافية. المركز الجغرافي الملكي الأردني عمان 1997.
- محمد البركة- عبدالمالك ناصري- سعيد بنحمادة- عبد اللطيف الخمار- رضوان غزال. الطوبونيميا بالغرب الإسلامي أو ضبط الأعلام الجغرافية، مقدمات في الفهم والمنهج والعلائق ، إفريقيا الشرق. الدار البيضاء الطبعة الأولى 2012.
- الحسن شوقي،
- صلحاء تساوت، دراسة تاريخية، الطبعة الاولى .مراكش 2011.
- تاريخ قبيلة السراغنة، الزعامات المحلية – القواد والعمال. المطبعة الوطنية الداوديات مراكش الطبعة الاولى سنة 20
- الماء بتساوت، السراغنة وزمران الأنهار- السواقي- الدول والقسمة .تاريخ وتقنيات.المطبعة والوراقة الوطنية مراكش . الطبعة الأولى 2012.
الندوات والمحاضرات.
- الاستاذ حسن المباركي، الماء وعلاقته بأنماط الأنتاج في المجتمع الريفي المغربي، حالة الحوز الشرقي. ندوة الماء بتانسيفت: تاريخ وتقنيات تنسيق نحمد الاكلع ورشيد السلامي. مراكش 2002.
- الأستاذ . محمد أوجامع ، محاضرات في مادة الطوبونيمية المائية ، الفصل الثاني ماستر الماء في تاريخ المغرب موسم 2015-2016.
مراجع باللغة الفرنسية:
Foucauld( ch). –reconnaissances au maroc- paris 1888 .
[1] - الأستاذ . محمد أوجامع ، محاضرات في مادة الطوبونيمية المائية ، الفصل الثاني ماستر الماء في تاريخ المغرب موسم 2015-2016.
[2] - الحسن شوقي، الماء بتساوت، السراغنة وزمران الأنهار- السواقي- الدول والقسمة .تاريخ وتقنيات.المطبعة والوراقة الوطنية مراكش . الطبعة الأولى 2012. ص 14.
[3] - مرجع نفسه ص، 15.
[4] - الحسن الوزان، وصف افريقيا، ترجمة ذ.حجي وذ. الأخضر. الجزء الاول الرباط 1984.ص 34.
[5] - مارمول كربخال. افريقيا ترجمة محمد حجي واخرين مكتبة المعارف البيضاء، 1989 الجزء الأول ص 34.
[6] - الحسن شوقي ، الماء في تساوت، مرجع سابق ص 16.
[7] - الحسن شوقي، صلحاء تساوت، دراسة تاريخية،الطبعة الاولى .مراكش 2011. ص 10
[8] - الحسن شوقي، تاريخ قبيلة السراغنة، الزعامات المحلية – القواد والعمال. المطبعة الوطنية الداوديات مراكش الطبعة الاولى سنة 2010.ص 33.
[9] Foucauld( ch). –reconnaissances au maroc- paris 1888 p 76.
[10] - الحسن شوقي. تاريخ قبيلة السراغنة مرجع سابق ص 34-35.
[11] إبراهيم موسى الزقوطي، أسس الأسماء الجغرافية. ص 37.
[12] - محمد البركة- عبدالمالك ناصري- سعيد بنحمادة- عبد اللطيف الخمار- رضوان غزال. الطوبونيميا بالغرب الإسلامي أو ضبط الأعلام الجغرافية، مقدمات في الفهم والمنهج والعلائق ، إفريقيا الشرق. الدار البيضاء الطبعة الأولى 2012.ص 32.
[13] - ابن الزيات ، التشوف إلى رجال التصوف، ص 133،135،144.،
[14] - مصدر نفسه ص 158.
[15] - مصدر نفسه ص 341.
[16] - مصدرنفسه 41
[17] - محمد البركة- عبدالمالك ناصري- سعيد بنحمادة- عبد اللطيف الخمار- رضوان غزال مرجع سابق ص 37.
[18] - محمد البركة- عبدالمالك ناصري- سعيد بنحمادة- عبد اللطيف الخمار- رضوان غزال مرجع سابق ص 39 .
[19] مرجع نفسه ص 44.45.
[20] - -الاستاذ حسن المباركي، الماء وعلاقته بانماط الأنتاج في المجتمع الريفي المغربي، حالة الحوز الشرقي. ندوة الماء بتانسيفت: تاريخ وتقنيات تنسيق نحمد الاكلع ورشيد السلامي. مراكش 2002.ص 73.