في سياق التعريف بقضايا التاريخ الجديد، ومنهج التاريخ الشامل ،وعلى هامش صدور الأجزاء الأولى من الموسوعة التاريخية الضخمة "تاريخ وحضارات"، قامت يومية le monde الفرنسية بنشر حوار فكري، بعمق تاريخي متميز مع المؤرخ "جاك لوغوف"J.LE GOFF ،أحد رواد التاريخ الجديد، والذي يشتهر عالميا بتخصصه كمؤرخ وسيطي، من مؤلفاته الحديثة "العصر الوسيط ،والبحث عن الزمن المقدس"(2011) و"العصر الوسيط، تفسير بالصورة"(2013) ،"هل ينبغي حقيقة تفكيك التاريخ إلى قطع؟"(2014).
أسئلة شملت موضوعات متنوعة:التاريخ وأزمنته، الحضارة والثقافة، الأديان،المدينة،الجسد،صراع الحضارات،العولمة والأفق المنظور للتاريخ الإنساني.
*لماذا تقديم سلسلة"تاريخ وحضارات"؟
هذه المجموعة،تبدو لي أنها تجيب عن ضرورة أساسية في مجال التاريخ: وضع مجموعة من المعارف الضرورية لتربية الإنسان اليوم رهن إشارة عدد من القراء، كما يظهر لي أن هذا أكثر أهمية في عدة بلدان ،منها فرنسا،حيث التاريخ اليوم في تراجع في التعليم. يتعلق الأمر بخطأ مقلق،لأن التاريخ ،سواء على المستوى الفردي والجماعي،ضروري لفهم العالم ،ولفهم دورنا في اشتغاله.
*هل الأمر نفسه بالتاريخ القديم والوسيط؟
ينبغي إعادة منح الأهمية،والتأثير، لمعرفة الماضي القديم والوسيط: وجودنا يستمد حياته من الإرث héritages،وهذا الإرث ،ليس مجرد عودة نوستالجية إلى الماضي،إنه،وينبغي أن يكون معبرا نحو المستقبل.في هذا الإطار،تبرز الأهمية الكبرى التي نمنحها للمدة الطويلة. لدينا متخصصون فيما نسميه اليوم ما قبل التاريخ،وأعتقد أنه،وبفضل الأركيولوجيا، يلزمنا إعادة استكشاف الشواهد من جديد،والتي ستسمح لنا بالجواب ،وبشكل أفضل عن السؤال :"من أين جئنا؟".
يمكن للمؤرخين أن يقدموا،أساسا، أمرين،الأول ،هو معرفة الإرث.إذا كنت لا أعتقد أنه يتضمن معنى تاريخيا،فرغم كل شيء،فإن التاريخ يعيش ،في جزء منه،بفضل الإرث الذي ينبغي علينا معرفته،كي نتعلم كيف نستفيد منه،ومعرفة توظيفه.
الأمر الثاني ،هو أن معرفة التاريخ ،والفكر التاريخي (العقل التاريخي) يسهمان في تكويننا من أجل استخدام أفضل لما يشكل معطى حيويا لوجودنا الفردي والجماعي :الزمن .
العالم،ونحن بالذات،نتطور،ونتغير، وهذه التحولات،التاريخ هو ما يكونها. التاريخ،باعتباره مادة للمعرفة،هو ما يسمح بوضع التحولات القائمة حاليا ضمن أفقها المستقبلي.
* ما الذي يميز الحضارة عن الثقافة؟
الحضارة،تستند على البحث،والتعبير عن قيمة عليا، بخلاف الثقافة التي تختزل في مجموعة من العادات والممارسات. الثقافة طبيعتها أرضية(نسبة للأرض) بينما الحضارة صاعدة متعالية .الجمال،والعدل،والنظام...هذا ما تتأسس عليه الحضارات.
خذوا،مثلا،العمل في الأرض، الثقافة تستعمل ما هو ضروري(الأرزriz) بينما الحضارة ستخلق الجمال ،عبر إنشاء الحدائق. في الشرق الأقصى،تترجم الاختلافات بين الحضارات الصينية واليابانية من خلال بنية حدائقها. الحديقة الصينية تميل إلى الفوضى والكتمان،بينما ،الحديقة اليابانية جد مرتبة،وتعطي مكانة هامة لعنصر الماء. يمكننا أن نخمن تأثيراتها الدينية والروحية،رغم أنهما يكشفان علاقتين جد متباينتين مع الدين، فمن جهة، دين غرائبي "التاوية" الصينية، ثم من جهة أخرى دين النور "الشنتوية" اليابانية . لنعط مثالا قريبا منا: توجد علاقة قوية بين الحديقة الانجليزية، والحديقة الفرنسية. الأولى مكان رومانسي،مناسب للأحلام ،في حين أن الثانية،فهي مشيدة،ومهيكلة.إنها حديقة كارتيزية، تعلو فوق السطح بأسلوب عقلاني.
الثقافة تفضل فكرة قابلية الاستعمال،والأمن،والثروة، بخلاف الحضارة،فهي تمنح قيمة كبرى للروحي والإستيتيقي.
*كيف تولد الحضارات؟
الحضارات،إنها إنسانية. الأفراد أو المؤسسات ،هي التي تحفز على انبثاق الحضارة،لكن يطرح سؤال المكان:أين تولد؟ بالنسبة لي،ومن غير تردد،المدينة هي المأوى الأكبر للحضارة. يمكننا أن نربط ولادة حضارة بإرادة قوة الأفراد . بالنسبة لهؤلاء،الاستجابة ثم التحدي يحيطان القوى التي تخلق حولها تلك الرغبة في تثمين،وإعلاء تميزهم،وتقوية هيمنتهم.
إرادة الفراعنة في البقاء،وتحدي الموت،بواسطة عنصر الذكرى،هي التي أنتجت الأهرام. الديانات،هي أكبر المنتجين للحضارات . فكروا في دور المدافن بمختلف الحضارات، عند الأستيك Aztéques ،والانكاIncas ،والماياles Mayas كما في الغرب،حيث الكنيسة التي عملت على التعويض المبكر للمدافن،كانت عنصرا أساسيا للمرور من الحضارة القديمة إلى الحضارة الوسيطية المسيحية والحديثة. الرغبة الجامحة الطموحة،والبحث عن القيم العليا،هي التي تحول ثقافة إلى حضارة .
*حضاراتنا،نحن،نعرف الآن أننا زائلون"كيف علينا أن نفهم هذه العبارة لدى Paul Valéry،والتي كتبها سنة1919؟
إنها قبل كل شيء رد فعل تجاه الخراب،والدمار الذي أحدثته الحرب العالمية1914-1918 ،هناك خلف تلك الكلمات فكرة،مفادها أن الآثار،والمؤسسات،والمدن،يمكنها أن تتعرض للدمار المادي ،وهو (الطابع المادي) الذي يحمل أيضا قيمتها. إنها ليست سوى فرضيات،لكن من الممكن أن نجد بعض الحضارات القديمة جدا في أمريكا ماقبل كولومب، أو إفريقيا، قد اختفت بفعل الحرب .وعلى مستوى ثان،فإن "بول فاليري" يماثل بين الحضارة والجسد الإنساني. فكرة الموت الرهيب،والمدمر،تم استبدالها بفكرة الانطفاء والموت البطيء. يمكن للحضارات أن تختفي لأنها لا تستطيع الحفاظ على ولادة قادرة على تمديد الإنسانية التي تحملها،أو إنتاج الخيرات الكافية لأجل البقاء والاستمرار في الزمن. تعيش،فعلا،الحضارات فوق أرض حيث وجودها الفيزيائي ليس ،بالكامل،في مأمن من الدمار.
*هل تقولون مثل ماركس،بأن كل تقنية يناسبها تنظيم اجتماعي محدد،وأن الطاحونة مثلا ترمز للمجتمع الفيودالي؟
هناك شيء من الصحة في تلك العبارة لدى ماركس.يمكننا أن نقول بأن الفكر المعاصر،رغم أنه يبتعد عن التطبيق الميكانيكي والضيق لفكر ماركس،قد تأثر بتصوره لأهمية الاقتصاد والتاريخ. أعتقد،على كل،أن إبداع،وخلق،وزوال،أو تطور الحضارة يتطلب زمنا. ينبغي الربط بين التاريخ وتطور الحضارات في سريان الزمن. تستغرق حضارة ما، زمنا كي تنشأ،وتتطور،وتزول،أو تتحول وتنقل الإرث. في التاريخ،والتفكير في الحضارات، فكرة الإرث أساسية. الحضارة،غالبا،تتكون من طبقاتcouches ،أو من هبات قيم،وتقاليد تندرج في الزمن . الناس هم،دائما، ورثة .
يوجد مفهوم،كثيرا ما بالغنا في استعماله،إنه مفهوم الثورة. في تاريخ الإنسانية،الثورات نادرة جدا، وباستثناء الثورة الفرنسية والبولشفية، أرى تغييرا ضئيلا كونيا،وفجائيا. وعلى غرارF.Furet أعتقد أن الثورة الفرنسية استمرت طيلة القرن التاسع عشر. إطلاق النار يؤرخ بنهاية القرن الثامن عشر،ولكن الموجات التي دمرت الماضي،وأدت إلى ميلاد مجتمع جديد قد استغرقت مدة طويلة في إنتاج آثارها.نفس الأمر بالنسبة للثورة البولشفية، فليس من يوم لغد قامت بتحويل الفضاء الروسي،وجزء من أوربا الشرقية وآسيا.
*هل توجد دينامية حضارات، على غرار ما كان يقوله فرناند بروديل(1902-1985) بأن هناك دينامية رأسمالية؟
دينامية الحضارات لها عدة منابع،واحدة منها هي الحاجة الطبيعية للغذاء،إذ يمكنها أن تنتج حضارة يكون فيها عنصر غذائي ما،أو طريقة طبخ معينة ذات قيمة جد هامة مثل الأرز والذرة، إلا أن دينامية الحضارات تستند أيضا على ضرورة الاتصال،فمن بين الأدوات الضرورية للحضارات نجد الطرق البرية والبحرية. بالنسبة للحضارة البرتغالية،مثلا،كانت الطريق البحرية دعامتها الرئيسية .ونفس الأمر بالنسبة للحاجيات الفكرية والروحية،فهي أيضا لعبت دورا أساسيا في نشأة الحضارات. كانت المدرسة، أداة رئيسية في تاريخ الحضارات،من خلال توزيع معرفة سمحت للحضارة بالبقاء حية،ونقل الإرث، وتقوم أيضا بإعداد التطورات. المعرفة الديداكتيكية هي ما يحتل المقدمة في هبة الحضارة الإغريقية القديمة منذ مدرسة بيداغوجي pédagogue الريف،وإلى مدرسة سقراط،ثم فلاسفة أثينا الكبار. اليوم،ما نسميه "البحث" سيساهم في إثراء حضارة علمية وتقنية .
*الحضارة الوسيطية أرست علاقة مبهمة مع الجسد،فهو تارة منفي،ومتواري،وبخس،وتارة أخرى ممجًًََََد،كما هو الأمر بالنسبة للمسيح. هل توجد توترات دينامية في قلب التاريخ والحضارات؟
نعم،إلا أنها من طبيعة متنوعة. الفكر الصيني يغذي توترا بين قطبين le ying وle yang،بينما الحضارة الغربية تقوم على توتر أساسي بين الخير والشر. بالنسبة للغربيين،يبدو أن هذا يسير تلقائيا،في حين يتعلق الأمر ببناء تاريخي،وهو الذي يعتبر بأن كل مجال التفكير والفعل يتطور بين حيزين متعارضين،وفي صراع شبه قار. شخصيا أحاول إيجاد حيز محايد،لكنني سرعان ما رأيت بأننا لا نظل طويلا في ذلك الحياد. سيكون لي ميل أكثر نحو اعتبار وجود عدد ما بين اثنينentre-deux،يدخل تارة ضمن مجال الخير،وتارة أخرى ضمن مجال الشر،وهذا التنوع في المواقف يبدو لي أنه الأقرب إلى الحقيقة،ويسهم أكثر في ضمان السلم.
يوجد في الحضارات شيء من الكونية،هو الذي سيسمح بوضع تصور متنوع لها.
*هل يمكننا الحديث عن "صدام الحضارات"كما ذهب إليه صمويل هنتغتون؟
كان هناك في التاريخ صراع حضارات،ولكن،وإن تم الحديث ،في ذلك العمل، بكثرة،وتعميم للفكرة،أعتقد أن ذلك خطأ. لقد انطبعت مرحلة الاستعمار(القرن19و20) بصدام الحضارات،كما الأمر نفسه في الفترات القديمة،حيث حدثت صدامات بين الإغريق والفرس،وفي العصر الوسيط خلال غزوات المغول. وعلى خلاف ما نعتقده، لم تلعب الاكتشافات الكبرى دورا حضاريا مهما،لقد قامت ببناء مادي لطريق اتصال ظلت مجهولة،وسجلت إمكانية ابتكارات مستقبلية في البلدان المستكشفة،كما في بلدان المستكشفين،وفي كل المناطق المجاورة لها،غير أنها لم يكن لها الأثر الذي لا تعتبره ضروريا ولا مناص منه. لم تذهب بعض الاكتشافات أبعد من مجرد اتصال،وأخرى استغرقت وقتا أطول كي تعطي نتيجة أعمق:خذوا مثال أمريكا،لم يصر(الاكتشاف) مهما بالمعنى الفعلي سوى في نهاية القرن الثامن عشر حين نشأت الولايات المتحدة، وعاشت أمريكا الجنوبية خلال القرن الثامن عشر،تماما مثل أوربا الوسيطية، وقد كان من الضروري انتظار Bolivar كي يعطي الاكتشاف ثماره .
*لماذا تقولون بأن المدينة هي بؤرة(حضن) الحضارات؟ أليست هناك حضارات ريفية؟
لست أرى كثيرا منها،علي أن أقول،بأنه بمجرد ما نتحدث عن حضارة،نجد المدينة،حتى ولو تعلق الأمر بحضارات قديمة. مصر القديمة،إمبراطوريات،وملكيات الشرق الأوسط،الإمبراطورية الرومانية المسيحية،أمريكا ما قبل كولومب، الشرق الأقصى، والهند القديمة، في كل مكان لعبت المدن دورا رئيسيا. الإغريق القديمة كانت لديها أثينا، واسبرطة، وكورنت..وحتى حضارات الهلال الخصيب كانت حضارات مدن. لماذا؟ لأن المدينة تمنح شيئين ضروريين للخلق:العدد والقرب،لذلك ،فمن بين دعائم الحضارة الأوربية احتفظت(بضمير المتكلم) بمقياس الحي. المدينة هي تجمع جيران. لقد أدت إلى ميلاد سلوك،ومؤسسة، لم نعطها الاهتمام الكبير خلال التاريخ: الصناعة اليدوية
( الحرفية).لقد بدأت أهميتها منذ القدم،عند الإغريق القدامى،والرومان، يعتبر الحداد شخصا أساسيا،إذ أنه هو من يصنع العربة الضرورية للفلاحة،وصفائح الحصان،وأدوات أخرى كانت أساسية لتطور الحضارة. خلال القرن 11م،في فرنسا، حدثان،كانا تقريبا متزامنين،قاما بزعزعة العصر الوسيط: ميلاد القرية مع استقرار الفلاحين ضمن تجمعات تحترم نفس البنية مع الكنسية والمقبرة في الوسط،ثم الحركات الأولى التي اتسمت بوضع اليد على السلطة ،والتي نسميها:البرجوازية.
الاستقرار في مدن الإخوة الدومينيكان والفرنسيسكان، كانت وظيفته ترتكز على تعزيز الاتصال،و المدينة صارت،أكثر من أي وقت مضى،مركز إنتاج ،وهكذا أنهت امتلاك كل الإمكانات التي سنحت لها بأن تصير محركا .
*هل يمكننا القول بأن هناك"حضارات حارة" وأخرى" باردة"؟
يمكننا أن نقول بوجود مناطق أكثر حركية،وإبداعية من غيرها،في المجال الاقتصادي والفني،أو في مجال التدريس. لقد ظل أحد البلدان في أوربا الوسيطية متميزا ،والذي كان أكثر حرارة من أغلبية باقي البلدان المسيحية:إنه إيطاليا.
*من هم الذين يطبعون الحضارة بآثارهم؟
ينبغي التمييز بين من طبع الحضارات ممَن هم قد زال وجودهم،وبين الموجودين حاليا.إن اللذين يهتم بهم الأنتروبولوجيون، والسوسيولوجيون ،هم كثر جدا،وقد يكون ما يطبع حضارة ما عنصرا غذائيا،فإيرلاندة ،مثلا، حضارة بطاطس،إذ أن جزءا كبيرا من نشاط المدينة كان يدور حول آثار زراعتها .إن الحضارة شيء معولمglobalisant .
* لماذا تتحدثون عن عولمة في الزمان والمكان؟
المشكل،هو مشكل المكان، الحيز الجغرافي،والعلاقات التي تقيمها مجالات الحضارات فيما بينها . يلزمنا التمييز بين ثلاث حالات رئيسية: الاتصال –التبادل-الالتحام(الانصهار). الاتصال هو ما حدث خلال الاكتشافات الكبرى،حيث الأداة كانت هي الباخرة ،والتبادل حدث بين البلدان الأوربية والبلدان المستكشفة،حيث نشأت تبادلات تجارية ،ولكن أيضا فكرية،بعد ذلك ستأتي لحظة تشكل موحدuniformisation بين بلدين في حالة اتصال وتبادل،مع أنه لا توجد حاليا أية منطقة عرفت تلك الحالة،على خلاف ما يقول به بعض الصحفيين، والسياسيين بمفاهيم لأمركة américanisation العالم. أظن أن تلك الظاهرة(الانصهار) لا توجد بعد، فنحن لا زلنا دائما في مرحلة التبادل ،إلا أنه تبادل غير متكافئ.
*هل يمكننا الحديث عن حضارات بالجمع،أم أنه لم يتبق سوى واحدة ،هي حضارة العالم الموحد ؟
لقد دخلنا في مرحلة جديدة من التاريخ،أداتها الرئيسية هي الحاسوب. إننا نقوم بمواجهة أداة لم تنتشر بعد في كل مكان،ولم يحدث ذلك الانتشار إلى درجة الإشباع. أعتقد أننا،ولأول مرة،وبشكل أفضل من الهاتف أو التلفاز،لدينا أداة ستصير شبه كونية،والتي يمكنها نسج حضارة رقمية .
اليوم،نحن لسنا سوى في مرحلة الاتصال، وينبغي التريث لمعرفة مدى إمكانيتها في خلق حضارة جديدة.
Propos recueillis par Nicolas Truong.
Le monde- dossier Histoire et civilisations .p.p.1-4