إن أكثر من يلجأ إلى زيارة الأضرحة هم أولئك الذين يعانون من علة مرضية، حيث يعتقد البعض أن كل ما ينتسب إلى الولي يتميز بقوة خارقة. ونحن في هذا المقال سنعمل على رصد الطقوس والعادات التي يتم تتبعها أثناء "الزيارة"، حيث تتضمن الشعائر والطقوس الخاصة بالزيارة الضرائحية دلالات رمزية عديدة ستتم الإشارة إليها أثناء حديثنا عن كل طقس على حدة:
- النية: فالنية معطى نفسي اجتماعي، ترافق الفرد خلال مختلف مراحل نموه وتترسخ لديه بكيفية أكثر أو أقل من خلال التنشئة الاجتماعية، وأشكال التنشيط الاجتماعي الذي تمارسه البنية الاجتماعية والثقافية، كما تترسخ من خلال العديد من الأمثال الشعبية كالقول "مول النية يربح" "دير النية وبات مع الحية (Espace_réservé1)" .
فالنية التي يستحضرها الزائر عند زيارة ضريح ما يمثل الإحياء النفسي، الذي يعبر عن قبول حالة نتلقاها من مؤثر خارجي، دون نقاش ولا قصد ودون تفكير ولا عقل، إلا أنه لابد أن يوافق فكرة أو احساسا أو شعورا قائما في دخيلة النفس، وهذا ربما السبب الذي يفسر الحالات التي تشفى بعد الزيارة من خلال التي يأخذها الزائر أن يكون على يقين بأن هذا الولي الذي سوف يزوره سيحقق له مراده من هذه الزيارة.
- الطواف الدائري حول الضريح: يعكس تشبها بأعمال الحج، وهذا يتم عادة من اليمين في جهة الشمس، مما جعل "دوطي" يعتبره من الطقوس الشمسية البدائية.
- عبور باب الضريح: يجسد عملية الانتقال من المكان المدنس إلى المكان المقدس، والباب رمز للعدالة والقوة والانتقال، وخلع النعلين عند الدخول هو رمز للدخول في حياة جديدة تكون قريبة من الله والموت، من التخلي عن الدنيا والجسد، من التطهر والصفاء الروحي.
-النوم بجانب قبر الولي: يشير إلى علاقة الارتباط بين روح الزائر وروح الولي.
-تعليق أغصان رطبة في جدار الضريح: يعتقد الناس أنهم سيشفون بعد تقبيل هذا الغصن.
-تعليق الشمع لإنارة الضريح: حيث توضع في المكان المخصص لها في الضريح.
-التضحية: تعتبر أضاحي الدم أكثر أهمية، وتقديمها للولي من العادات القديمة والشائعة في مدينة وجدة، وتكون من أجل التقرب من هذا الولي، وطلب الشفاء من الأمراض، وهناك من يضحي من أجل إنجاح مشاريع شخصية (كالزواج- العمل..)، "فالأضحية تؤسس الصلة مع العالم القدسي، وتتحول إلى طقس عبور من الدنيوي إلى القدسي ، على اعتبار أن الطقس يعمل دوما على تجسير العلاقة بين العالمين" كما يؤكد ذلك عبد الرحيم العطري؛ فمن خلال الطقس يحدث التجلي والتعالق، وتتأسس سلطة الدنيوي على رمزيات المقدس.
وتختلف الأضاحي التي تقدم للولي الصالح ونجملها في الأنواع التالية:
• الغنم: خاصة الأكباش، فالكبش يعتبر مباركا. أو الثور: وهو دائما ما يكون في الأضرحة الكبرى. أو الماعز أو الديك أو الأرنب ويستحسن أن تكون الأضحية في بعض الأحيان سوداء لإبعاد الجن والشيطان.
- تعليق الملابس على أشجار الضريح: يعتبر تخلص الإنسان من بعض الأشياء الخاصة به، بتعليقها على الأشجار الخاصة بالضريح أو إلقائها في عيون الماء، كنوع من ممارسة السحر الاتصالي، حيث أن الأشياء المتصلة بالإنسان تظل في علاقة تعاطف معه حتى بعد انفصالها عنه تماما، بحيث أن ما يطرأ عليها يؤثر تأثيرا مباشرا في الآخر.
- اللون: للون أيضا دلالات متعددة حسب الفضاء المستعمل فيه، فمثلا الأضرحة يحتاج إلى دعامات ذات رمزية كاللون الذي يميز كساء القبر، والأعلام الترفع.
حيث يكسى القبر بألوان مختلفة فمثلا اللون الأبيض بالرجوع إلى تاريخ الإسلام نجد أنه سنة نبوية كرمز للطهارة، وغالبا ما يستعمل في عيد المولد النبوي، كما أن اللون الأخضر يميز الأشراف وهو رمز للعبث والأمل، وأحيانا نجد ألوانا أخرى.
- طلاء اليدين بالحناء وتلطيخ الضريح بهما: تعبير عن استباق لتحقيق الزواج، أو الفأل الحسن والتمني.
- الهدية: تقدم في شكل أعطية اختيارية تقدم للضريح بغية الحصول على الرغبة المرجوة، وتقدم كذلك النقود توضع في العلبة التي دائما ما توجد على الضريح، أو تقدم الشموع لإنارة الضريح؛ حيث توضع في المكان المخصص لها.
( تتعاقب على الإنسان حالات يشعر فيها بالخوف من البشر (لصوص_ سلطة)، أو الطبيعة (كوارث_ مرض_ مجاعة)، أو يعجز عن تحقيق رغباته ( إنجاب_ عثور على مفقود)، فيكون اللجوء إلى الولي هو السبيل للتخلص من هذا الخوف ).
المصادر والمراجع:
1. أوسرار مصطفى، الأضرحة ومزارات الأولياء بالمغرب، مجلة الثقافة الشعبية، ع33، السنة التاسعة، ربيع 2016،ص:103.
2. عبد الرحيم العطري، بركة الأولياء بحث في المقدس الضرائحي، ص:127.