الجمعة, 23 تشرين2/نوفمبر 2018 12:15

جمالية الإمكان: كتابة الجميل المفكك – كتاب مجاني للأخضر بلعيد بنجدو

قيم الموضوع
(0 أصوات)

" وكيفما كان الحال، فان هذا الكتاب كان عبارة عن مجازفة خطيرة."(ج.جويس)
 ... هو ذاك النص المتحرّك، حيث لا تناصّ، فيه بلبلة وضجيج، هو أشبه ما يكون بالحفر في أخاديد المقول والمخطوط، حيث لا مقول ثابت ولا معنى مرسل، ورغم هذا فلا مناص من تحبير العبارة في زمن التبست فيه العبارة . الأمر أدهى وأمرّ مع جاك دريدا، حين  تتوقّف الكتابة، لتعود محوا أو هي كتابة على المحو، في مقام أل ‘‘ نعم’’ و أل ‘‘لاّ’’، إذ يشد الفيلسوف المفكك الرّحال نحو التخوم البعيدة وأقاصي اللاّ- حضور، وليس بالغياب . وفي أعماق هاوية الصمت، نصادفه، وهو يخلخل السواكن ويوقد جذوة الشك الحق-بعيدا عن مزاعم ديكارت الحداثة- غوصا في غياهب المجهول، قبسا يضيء ظلمة الرتابة ، صلفا وعنوة.. هي الكتابة حول الميت، فكل نص هو الموت، انبعاث من الأجداث، البعث المتكرّر على أسوار بابل..

  نتساءل  لماذا الكتابة حول دريدا من جديد ؟. ألانّه فريد عصره، حين  قدر أن يُعمل معول التفكيك – بعد نيتشه وهيدغير/ أو سيرا على منوالهما- ليس في الموروث الميتافيزيقي وحسب، بل نبشًا  في منظومة العقل الغربي ومؤدياتها ، وتحليلا لتاريخ الميتافيزيقا برمّته، منذ اليونان القديم، وصولا إلى عصر الحداثة، دون مواراة أو خجل. أم لكونه الفيلسوف المترحّل/المرتحل ، الذي لفظته الحاضنة الثقافية الفرنسية غرورا وصلفا، في حين أقبل عليه الجميع من كل أرجاء المعمورة، تبجيلا وتقديرا؟؟ .
لعله استفهام مربك لنا نحن العرب قبل غيرنا، إذ لا يجب أن  ننسى أن دريدا عربي المولد، وليس بعيدا عنا فهو جزائري البدايات. والحق أن أصل التساؤل طرحه معظم قرّاء دريدا  العرب ومترجمو نصوصه(نذكر على سبيل المثال لا الحصر عز الدين الخطابي، محمد ميلاد، صفاء فتحي، عزيز توما، عبد العزيز بن عرفة، كاظم جهاد....وغيرهم ) ملاحظين أمرا على غاية من ألأهميّة وهو أنّه مع هذا الرجل، ما بين النص والنص تتولّد نصوص ونصوص، ولكنّها في جمعها ذاك إنما تتنافر لتتلاقى، وتلتحم لتنفجر غيابا، أعلنها دريدا صراحة: ‘‘..نحن نكتب لإبلاغ شيء ما لأناس غائبين..’’( في –توقيع، حدث، سياق-  limited Inc abc، عرض جيرالد غراف،  ص86، ورد في مجلة العرب والفكر العالمي، عدد 10، ربيع 1990.).النص المتفجّر هو النص الدر يدي. لذلك وجب على كل منشغل به أو مشتغل عليه أن يستجمع قواه حتى يقدر على لملمة الشظايا والقطع المتناثرة، قالها دريدا:‘‘..ان الكتابة...ليست كتابة .’’ ومن ذلك يبدو السعي جاهدا لإعادة تركيبها ضمن سياق المغايرة ، سياق محيّر ومتوتّر وقلق. الطواف بين النصوص ولا شيء غير ذلك، هي كتابة أشبه ما تكون بعملية نصية تغزو نصوص الغير، تبحر فيها، ولكنّها في النهاية لا تدل إلا على نفسها في إحالة غريبة على المختلف والمتجانس. هناك ‘‘ نهاية الكتاب وبداية الكتابة’’(وهو في أصله عنوان الفصل الأول من كتاب دريدا: في الغرمّاتولوجيا)، ولكن هناك أيضا ال‘‘بروغرامّا’’ أو ذاك الذي يكتب مسبّقا...فكيف نتقوّل كل هذا ؟ .
لعلّني لا أجد العبارة الملائمة لقول تلك الإشكالات، ولا حتى هذا النص المتحرّك، الذي هو في أصله  ملفوظ لا مكتوب، كتاب المارقون / جاك دريدا(Voyous : deux essais sur la raison, Éditions Galilée, Paris, 2003 .- نص غير معرّب بعد) وهو في منبته الأم محاضرتان قيلتا في سياق معين لتقرير أمر مغاير، تناول جريء لمواضيع التفلسف التقليدية، الأولى عنونت‘‘ منطق الأقوى، أي مروق أشدّ؟’’ وأمّا الثانية فسميت ‘‘ الأنوار المقبلة’’، ورغم الفاصل الزمني بينهما فقد كانتا تسمِّعان بعضهما البعض، صدى نرجسية العقل الغربي، تشخِّصان حال الأزمة التي بات يتخبّط فيها، وهو الذي فقد صلته ببنيته الأنواريّة والحداثيّة . لأجل مثل تلك الأسباب حلّ تفكيك العقل، في صورته الغربية الحديثة، فهو المارق مروق السهم من كل مقرّراته، تلك التي عمل عليها لقرون خلت، قيم العدالة والكرامة الإنسانية وتشريعات حقوق الإنسان وسيادة الدول واستقلاليتها . ولكنه كان أول المنقلبين عليها، عقل متنافر مع نفسه، وهو الزاعم في ذات الوقت أنه المطابق والمتماهي مع هويته المنطقية والهوُوية..كتاب مربك لكل قارئ وخاصة للقارئ التقليدي...
....ويبقى الامر محل ضلوع وتورّط مع فيلسوف التفكيك في فعل النبش في جذور مفاهيم ، خلناها لردهة من الزمن ، قد انقرضت ولكنه يستعيدها ويحيّنها. هي مقولات الفكر السياسي منذ افلاطون، الدولة، السيادة، الحق، القوة، الشرعية، العدالة، الديمقراطية....
من هو درّيدا  ؟
دار يدا (جاك، جاكي)، من أصل جزائري ، ولد سنة  1930 في البيار بالقرب من الجزائر العاصمة ، تلقى دراسته الأولى في مدرسة الحضانة ثم رحل إلى فرنسا ليواصل دراسته في معهد Louis Le-grand سنة 1950 وفي سنة 1957 تحصل على شهادة التبريز. ثم تمكن من مباشرة التدريس في معهد Mans مع صديقه جنيت، وكان ذلك في سنة 1960. ثم تواصلت مسيرته العلمية ليدرس لاحقا في الصوربون "الفلسفة العامة والمنطق". ونشر دريدا سنة 1967  ‘‘الكتابة والفرْق ’’ وأردفه بكمٍّ هائل من الأعمال لاحقا. وما يلاحظ أن  دريدا لم يجد الاهتمام اللازم داخل فرنسا بالقدر الذي حظي به خارجها، لأجل ذلك نجد أنه مارس التدريس في الولايات المتحدة الأمريكية في مرات عديدة (منها ما امتد من1971 إلى 1974 ، ثم من 1996 إلى 1999 )... وخاصة في جامعة جونس هوبكنز وغيرها... وعرف دريدا بنشاطاته المناهضة للميز العنصري حيث نجده ينتخب أول مدير للمعهد العالمي للفلسفة ويشارك في عرض ضد الميز العنصري وفي لجنة كتابة كتاب "من أجل نيلسون مانديلا". وفي سنة 2003 أصبح دريدا عضوا في المجلس العلمي لقسم الفلسفة في دار المعلمين بباريس ثم يشارك في عشرية مركز سيريزي حول موضوع "الديمقراطية المقبلة" تنظيم وإشراف ماري – لويز ماليه (ومداخلته هي التي حوّلها إلى كتاب عنونه "المارقون")... وفي صبيحة التاسع من أكتوبر 2004 فارق فيلسوفنا الحياة بفعل مرض السرطان ، وترك كمّا هائلا من الأعمال الإبداعية والفلسفية ذات قيمة نادرة نذكر منها: -      الكتابة والفرْق - الصوت والظاهرة  - الغراماتولوجيا – صيدلية أفلاطون- الحقيقة في الرسم- أبراج بابل- الانتثار-أطياف ماركس- ...و غيرها في اللسان الفرنسي.....
 ملاحظة: وردت "مسيرة جاك دريدا "في ماغزين ليترير، العدد 430، أفريل 2004 ، بمساعدة من جاك دريدا نفسه، صاغها ميشيل ليس(أستاذ باحث، يدرس الأدب والفلسفة في الجامعة الكاثوليكية لوفان-لا-نيف (بلجيكا).

تحميل الكتاب

معلومات إضافية

  • الكاتب: الأخضر بلعيد بنجدو
  • مجال الكتاب: فلسفة
  • تاريخ الصدور: 2018
  • عدد الصفحات: 158
قراءة 9049 مرات

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

آخر المقالات