يطرح صاحب هذه المقالة من منظور لا يقصد، ارتهانا لموقف عدمي، إلى تسويد الأفق، بل إلى مساءلة-لا تنكر الحماس-راهن واقع تعليمي ثقيل التكلفة بطيء المردودية هزيل الفائدة، في مجتمع سريع التحول كثير المطالب بالغ التذمر، في سياق دولي غير مسبوق ينذر بالابتلاء والابتلاع؛ يعتمد المنظور مدخل القيم بما هي أساسا ما يجعل أي فعل إنساني ذا معنى؛ لأنها مبدأ لتعليله وشرعيته، ولأنها ما يجعل الحياة قابلة أو جديرة بأن تعاش.
يصدر هذا المقال عن طائفة من الافتراضات نعرضها على سبيل المساءلة والمناظرة، وندعو إلى تمحيص وجاهتها وتـأمل استلزاماتها:
• القيم هي ما يمنح التربية والتكوين معنى ؛
• التربية على القيم هي ما يحقق التعايش ويضمنه ؛
• التكوين الحقيقي هو ما يحقق المشاركة في فرص الحياة وإمكانياتها ؛
• لكي يكون الفعل التربوي التكويني(=المدرسة) ذا معنى؛ لا ينبغي أن يكون متناقضا(تناقض القول مع الواقع، القيم مع الممارسة...) ؛
• لكي تنجح المدرسة يجب أن تتطابق قيمها مع قيم المجتمع، أو أن يتناغم خطابهما بحيث يرى خطاب المجتمع المدرسة ضرورية ويقنع خطاب المجتمع نفسه بأنه مفيد ؛
• خطاب المجتمع خطاب مضاد لخطاب المدرسة ؛
• إصلاح المجتمع رهين بإصلاح المدرسة ؛
الانتهاء بالافتراض الأخير الذي هو خلاصة الافتراضات السابقة يعني أن مصدر التنمية البشرية والتنشئة الاجتماعية يعاني خللا مشخصا بأزمة القيم، من دون أن يعني ذلك البتة رد الأزمة إلى ما هو لامادي فقط؛ فالأسباب المادية ربما كانت أكثر قوة ووجاهة.
الحديث عن أزمة التربية والتكوين(=المدرسة اختصارا من الآن فصاعدا)هو حديث لا ينقطع في كل الأمم وعلى مر التاريخ. ومن البدهي أن هذه الأزمة تتلون بوعي المجتمعات وانتظاراتها؛ فأزمة المدرسة في كندا هي غير أزمتها في فرنسا أو في المغرب، ومن ثم تتنوع الحلول تبعا لتصور الأزمة ونوعيتها.
في العصر اليوناني حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، لم يظهر السوفسطائيون إلا لكي يحلوا أزمة التربية والتكوين التي انتهي إليها تعليم الشعراء؛ كان السؤال الخطير، في واقع شهد تنازع الملل والنحل الفلسفية والعقدية وتصارع التعاليم المختلفة التي تزرع الشك واللايقين وقلق المعرفة ولا تستجيب لمطالب الحياة، كان هذا السؤال هو إلى من تكل أولادك إن وجدوا، في مثل هذا السياق؟
إن هذا السؤال يجد راهنيته اليوم ليس من جهة محتوى المقارنة فقط، بل ومن جهة فكرة المقارنة ذاتها؛ كان التعليم الذي قدمه السوفسطائيون تعليما ينسجم مع الجو الديمقراطي الذي أخذ في الاستتباب عهدئذ، ولا سيما مع بركليس"Périclès" (حوالي 495-429 ق.م)، تعليما لم يكن يقدم المعارف المجردة فقط، بل يقدم كيفية الحياة ومهارة العيش في المدينة. ومن ثم كان تعليمهم لا متهافِتا كما يدعي خصومهم، بل متهافَتاً عليه؛ لأنه مرتبط بحاجة المجتمع.
إن واقعا بشريا يعيش تحديات ورهانات على مستوى العقيدة والمعرفة والعلم، وعلى مستوى الاقتصاد وفرص الحياة وأنماطها، لا يمكن تدبيره إلا إذا ساد وخيم جو ديمقراطي يتم فيه تدبير الشأن العام والبحث عن تحقيق الخير الأسمى للجميع بحرية وحوار ومشاركة وبعقلانية تبني البرامج عبر قراءة التاريخ(استخلاص القيم والخصوصيات الضامنة للوحدة والهوية)، وتحليل الواقع(التعامل النقدي مع المطالب الآنية في ظل إكراهات الواقع المحلي والدُّوَلي) واستشراف المستقبل(البحث عن موطئ قدم في خريطة العالم التي أصبحت افتراضية إلى حد لا يتصور).إن الاقتناع بوجود أزمة في المدرسة المغربية سبب كاف لتدشين مسلسل إصلاح المنظومة التربوية التي يقدم عنها البنك الدولي تقريرا أسود، يقدمه بالوصف ويعيشه المجتمع المغربي بالمعاناة، يقول:«وعلى الرغم من الإنفاق العام الكبير على التعليم(6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي)، إلا أن النوعية ونطاق التغطية على السواء لا يزالان ضعيفين بصورة ملحوظة. وعلى الرغم من أن الأمية تنخفض ببطء، إلا أن معدلاتها لا تزال عالية بصورة تنذر بالخطر، وبوصولها إلى 48 في المائة تمثل أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدول الأقل دخلا. وبالمثل، فإنه على الرغم من أن الالتحاق بالمدارس قد زاد، إلا أن 2.5 في المائة من الأطفال لا يزالون لا يلتحقون بالمدارس-وأغلبيتهم من بنات الريف. وتمثل النوعية أيضا مشكلة كما تدل عليها المعدلات الرديئة لاستبقاء التلاميذ في المدارس، حيث يترك 25 من تلاميذ المدارس الدراسة قبل السنة الخامسة، ويبقى فقط 10 في المائة حتى السنة الحادية عشرة. أما طلبة الجامعات، الذين يقضون في المتوسط ثماني سنوات لإنهاء برنامج أربع سنوات، فيجدون غالبا أن مهاراتهم لا تناسب سوق العمل»[1].
لذلك فإن الحديث عن الإصلاح هو رهان على الاستجابة لحاجات المجتمع ومتطلباته، فعندما لا تكون المدرسة بمنتـوجها المعرفي والمهاري والقيمي في مستوى المجتمع بانتظاراته وتحولاته ورهاناته؛ أي عندما لا تكون المدرسة في وفاق مع المجتمع، أو تعجز عن التفاعل معه، تكون الأزمة. لذلك يلح الميثاق في اختياراته وتوجهاته التربوية العامة أي في فلسفته التربوية على"العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمع باعتبار المدرسة محركا أساساً للتقدم الاجتماعي وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج"[2]، كما يلح على" اعتبار المدرسة مجالا حقيقيا لترسيــخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية"[3]. وهذه الفلسفة العامة هي التي توجه مراجعة المناهج التربوية استنادا إلى مدخل بيداغوجي يتمثل في"اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية والتربية على الاختيار"[4]، واستنادا إلى اختيارات وتوجهات في مجال القيم؛ تعد مرتكزات ثابتة في الميثاق وهي"قيم العقيدة الإسلامية، قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، قيم المواطنة، قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية"[5].
إذا كانت هذه هي الفلسفة العامة والاختيارات والتوجهات والمرتكزات الأساس، فبأي معنى نتحدث عن أزمة القيم؟
للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نبين أولا ما المدرسة؟ وما المجتمع؟ وما العلاقة بينهما وبين القيم؟
أولا:المدرسة مؤسسة اجتماعية وقناة إديولودجية رسمية[6]:
تكون المدرسة مؤسسة اجتماعية لأنها نظام اجتماعي، مهمتها " تكوين مواطن المستقبل وتربيته"؛ تكوينه عن طريق تعليمه وتأهيله، وتربيته عن طريق تنشئته اجتماعيا، أي عن طريق إكساب المتعلم/التلميذ معارف ومهارات من دونها لا يستطيع فهم العالم والتفاعل معه والتأثير فيه، وعن طريق تنشئته اجتماعيا بإعداده لأن يمارس أدواره الاجتماعية باكتسابه كيف يعيش في الجماعة مع احترام القواعد الاجتماعية المشتركة، وتثمين قيم العدالة والحرية والمسؤولية[7].
أما كونها قناة إيديولوجية رسمية فمعناه أن المدرسة ليست فضاء محايدا اجتماعيا تنقل فيه المعارف العلمية فقط، بل فضاء لإعادة "إنتاج النظام الاجتماعي(عن طريق ممارسة العنف الرمزي الخفي) للطبقة المسيطرة وإضفاء الشرعية عليه، ولفرض تراتبية الطبقات الاجتماعية ولثقافتها[8]، أو"نموذجها الثقافي" كما يقول ألان تورين[9].
ثانيا: المجتمع وحدة عضوية وتوافقية:
المجتمع مفهوم نظري يعني الوحدة البشرية والجغرافية والثقافية والسياسية، التي يقع فيها تنظيم عمليات وقنوات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك(وهو ما يسمى بالمستوى الاقتصادي)، وتوزيع الأدوار ومراتب السلط والنفوذ(المستوى السياسي والاجتماعي)، وأيضا توزيع الرأسمال القيمي والرمزي بحسب لغة بورديو(وهو ما يمثل المستوى الثقافي)[10].
المجتمع بهذا المعنى كلية(Totalité) ذات نسق يمكن أن يعرف من منطقه الخاص ووحدة عضوية وتوافقية (لكنها لا تسلم من التناقضات الاجتماعية الاقتصادية). ويتسم كل مجتمع بنوع من الاستقلالية الثقافية فهو ينظم عالمه بلغته(Langage)، وينتج وضعيته الخاصة به"[11].
ثالثا: القيم معايير وغايات وجود:
ليس من السهل الاتفاق حول مفهوم القيم، وذلك بسبب تعدد الخلفيات والمرجعيات المنطلق منها(فلسفية، دينية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية). ففي الحد الفلسفي، مثلا، تقال القيمة عن كل ما يقبل التقدير. ولها استعمالان: أحدهما معياري نسبي كما في الاقتصاد(حيث ترادف القيمة المنفعة، والمنفعة شيء نسبي يتوقف على الحاجة والعرض والطلب)، وثانيهما معياري مطلق كما في حقل الأخلاق؛ حيث لا تتوقف القيمة على المنفعة أو الحاجة أو الظروف، بل هي مستقلة عن كل اعتبار، إنها قيمة في ذاتها[12]. وفي هذا المعنى الأخير"تضارع القيمة المثال، وتتقابل مع الواقعي (le réel)،أو الموجود(l'étre)، فالقيمة تقابل الموجود كما تقابل الأكسيولوجيا الأنطولوجيا[13].من هنا تصبح القيمة نشاطا ذهنيا متعلقا بسؤال موضوعه"الموجود" وهو موجه توجيها ما(تقدير، تثمين، الجدارة بالثقة). وعموما يمكن القول إن القيمة هي ما يمثل موضوع تفضيل أو تقدير أو رغبة عند جماعة من الذوات، وبذلك فهي ذات بعد اجتماعي.هناك قيم كثيرة استقصاؤها يؤدي إلى الوقوف على تنوع بين قيم اقتصادية(النجاح الاجتماعي، الربح، الانتفاع، المال..) وقيم حيوية(الصحة، الاستقرار..)وقيم أخلاقية ذات بعد سياسي(الحرية، المساواة، الأخوة، التضامن، المواطنة سيادة القانون) وقيم جمالية(الفن، الجمال، البعد الروحي)وقيم فكرية(العقلانية، الحقيقة، الوضوح، الصرامة، التماسك المنطقي، الخصوبة الفكرية، الموضوعية..)وقيم انفعالية عاطفية(التعلق بشيء ما(الأم، الوطن)، الحب، الصداقة، السعادة، الشقاء..)[14].
تحوز هذه القيم ضرورتها ومن ثم صفتها الطبيعية والشرعية في كونها هي ما يمنح الحياة معنى، ومن ثم فإن فقدان القيم هو فقدان للمعنى؛ أي إصابة الحياة بمرض.
أما القيم في الحقل التربوي فهي"مجموعة المعايير الموجهة لسلوك الإنسان ودوافعه في تناسق أو تضارب مع الأهداف والمثل العليا التي تستند إليها علاقات المجتمع وأنشطته، ولذلك فهي تتميز عن غيرها من الدوافع السلوكية، كالعادات والاتجاهات والأعراف، في كونها تتضمن سياقا معقدا من الأحكام المعيارية للتمييز بين الصواب والخطإ، بين الحقيقي والزائف، وتمثل وعيا جماعيا، وتكون أكثر تجريدا ورمزية وثباتا وعمومية، كما تكون أكثر بطءا في التكوين وتهم غاية من غايات الوجود، وامتثالا لأوامر، تنبع من داخل الإنسان وليس بناء على ضغوطات خارجية"[15].
القيم في الحقل التربوي إذن" أنزيمات التعلم المجدد"[16] الهدف منها إعداد التلميذ للإدماج الاجتماعي وإقداره على التعايش ضمن التعدد في مجتمع ديمقراطي منفتح على العالم، وعلى المشاركة في العمل الجماعي لأجل بناء مجتمع عادل ومنصف، استنادا إلى قيمتي المواطنة وحقوق الإنسان؛ ضمان الإدماج الاجتماعي.
وإذا علمنا أن عالمنا اليوم يحتاج إلى أفراد قادرين على فهم التعددية وعلى استثمار غناها، وعلى تخيل حلول جديدة وعلى إخضاع المبتكرات التكنولوجية إلى مبادئ اجتماعية أخلاقية، معنوية(moraux)، قانونية، شرعية، وإذا علمنا أيضا أن هذا العالم يحتاج إلى حيوية أفراد ينخرطون في إنسانية يعرفون ماضيها، ويتحكمون في كفايات ضرورية للمشاركة في الحياة الجماعية الراهنة، ويعرفون كيف يصنعون مستقبلهم ويتحكمون فيه.
إذا علمنا كل ذلك، فإن على التربية أن تهتم على الأقل بثلاث قيم أساس، وأن تعمل على ترسيخها وتشريبها للناشئة:
أ-الضمير: بكل ما يعنيه من صحوة ويقظة ووضوح، بصرف النظر عن كونه وازعا دينيا أو دنيويا وضعيا واجتماعيا.
ب-الشرف والنزاهة: بكل ما يعنيانه من انسجام المرء مع نفسه؛ بحيث يعكس الخارج بأمانة ما بداخله، وذلك لن يتأتى إلا إذا بلغ درجة يتمكن فيها من أن يقول ما يفكر فيه ويفعل ما يقوله ببساطة واستقلالية.
ج-المسؤولية: وهي أن يكون المرء مؤمنا بكونه مسؤولا عما أوكل إليه[17]
إذا تمثلنا كل هذه القيم العامة أو التربوية بوصفها تعبيرا عن الحاجة إلى تكوين شخصية المتعلم المنخرط في شأن الجماعة والوطن، فإلى أي حد يمكن القول إن المدرسة المغربية تتسم بوعي مطابق لهذه الحاجة، وكيف تحضر"صورة" المدرسة في المحكي المجتمعي؟
كأي مدرسة في العالم، للمدرسة المغربية خطاب يتمثل في تلكم المواد المعرفية الرسمية التي تعرض بغرض التلقين في شكل مقررات دراسية يفترض أن تكون إلزامية ومعممة، ويقدم هذا الخطاب(ظاهريا) نفسه كخطاب حول المعرفة والعلم والقيم والأخلاق بشكل تعميمي، رغبة من مرسله في إظهاره بريئا ومحايدا، وفي صورة إنسانية"[18]
لهذا الخطاب وظيفتان:
-وظيفة موضوعية تكوينية تتمثل في تكوين وإعداد الكفاءات في الميادين الفكرية والمهنية المختلفة؛ أي الإسهام في إنتاج وموالاة إنتاج قوة العمل داخل إطار البناء الاجتماعي المعني القائم، وتوزيعها بحسب قنوات وشروط اشتغال هذا البناء.
-ووظيفة إيديولوجية للضبط الاجتماعي والتي تتم عبر التنشئة الاجتماعية، المتمثلة في تثبيت مجمل عناصر الإطار القيمي القائم وعلى تشريبها للأجيال الناشئة حفاظا على توازن المجتمع واستقراره، عبر الإيهام بدور المدرسة، وأهمية المستوى العلمي في توزيع الشغل والدخل، وتحقيق الحراك الاجتماعي عبر رفع شعارات التعميم وتكافؤ الفرص والحظوظ، والمساواة...[19]
غير أن تأمل خطابي المدرسة والمجتمع يقود إلى استنتاج أنهما خطابان غير متناغمين إن لم نقل متناقضين ذاتيا وبينيا، وإن اشتركا في الوظيفة؛ فخطاب المدرسة(النظام التربوي)على مستوى القول(أو النوايا)شيء، وعلى مستوى الفعل(أو الإنجاز والمخرجات)شيء آخر، والأمر ينسحب على المجتمع كذلك. وأما بينيا فإن خطاب المجتمع خطاب مضاد لخطاب المدرسة؛ لأن القيم السائدة في المجتمع قيم مضادة لما يريد خطاب المدرسة أن يكرسه(مع العلم بوجود ممارسات داخلية تنقضه).
إن التضاد القائم بين الخطابين ذاتيا وبينيا هو ما نقصد بأزمة القيم أو غياب المصداقية أو أزمة مصداقية.أو بعبارة أخرى"صدام القيم"[20]؛ قيم المدرسة وقيم المجتمع، وبسبب هذا التضاد أو الصدام تصبح القيم التي تراهن عليها المدرسة بعيدة الصلة بالحياة.
رابعا:خطاب المدرسة:
إذا كانت المدرسة العمومية المغربية قد لعبت بعيد الاستقلال مجالا للتنافس والترقية الاجتماعية، فإنه بالاحتكام إلى الأمر الواقع اليوم، المتمثل في خرجها، يمكن القول إنها قد فشلت في تحقيق وتكريس هذا الترقي الاجتماعي وذلك بعد أن فقدت ما يفترض أن تظل تتمتع به من مصداقية كانت تستمدها من اشتغالها بوصفها وسيطا للاندماج في البناء الاجتماعي ومساهما فيه؛ لقد أضحى النظام التعليمي الآن مثارا للتذمر ومجالا لهدر الطاقات لا لرعايتها.فهو لم يعد قادرا على أن يحقق للمواطن مواطنته وإنسانيته عبر ديمقراطية حقيقية تقوم على ضمان تكافؤ الفرص التعليمية لكافة المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية والانتماءات الثقافية والاقتصادية. كما أصبح عاجزا عن توزيع منصف للرتب الاجتماعية والمهنية وللخيرات والثروات المادية والرمزية وللمهام والمسؤوليات، ولحظوظ الاندماج المهني والثقافي والسياسي والاجتماعي العام بالنسبة إلى منتوجاتها ومخرجاتها من الرأسمال البشري المؤهل.. مما يفترض رفدا نوعيا للتنمية البشرية والسياسية والاجتماعية الشاملة، التي يعتبر المواطن غايتها وضامن تواصلها واستدامتها[21].
في ظل هذه الشروط اهتزت مكانة وقيمة النظام التربوي في المجتمع كما ترتب على ذلك تدهور خطير لــــ"صورة" المدرسة(بل وحتى الجامعة) في الوعي المجتمعي العام. بحيث لم يعد ينظر إليهما على أنهما وسيلة للتكوين النافع والترقي المهني والاجتماعي وللصعود المراتبي، وإنما باعتبارها آلة لتفريح المعطلين من الشباب ولإعادة إنتاج الإحباط والبؤس والأكلاف الاجتماعية الزائدة[22]، ومثل هذا الوضع يجعل المدرسة المغربية تعيش حالة أزمة، ونقصد بذلك أنها تعيش وضعا مضادا لرسالتها ومهمتها ووظيفتها، بدءا من غياب النموذج بسبب فقدان رجل التعليم وضعه الاعتباري ومنزلته القيمية في المجتمع (يعبر عن ذلك مجتمعيا ما يتداول من نكت حول شريحة من رجال التعليم)؛ فبتلازم مع ضعف التقدير المعنوي يقف المجتمع موقف تبخيس فعل المدرس ونزع الثقة منه وتحميله مسؤولية أوضاع شريحة من المتخرجين في مجتمع ينحو نحو الأمية وإن كان يسعى في محوها. زد على ذلك تكريس سلوكيات مضادة لمعنى التربية والتنشئة والتكوين والتقويم، كالنجاح المستسهل، والنسبة المئوية وتدخل الخريطة المدرسية وتفشي ظاهرة الغش واستفحالها، حتى غدت حقا مكتسبا أو مظهرا من مظاهر تكافؤ الفرص.علاوة على هيمنة الكوابح النفسية؛ كغياب الحافز، وغياب الرغبة في التعلم[23]، والإحباط وغياب الأهداف، مما يمكن أن يوصف معه حالات عارمة من التمدرس بالسلوكات اللاعقلانية التي تدفع إلى ممارسة هجرة لا عقلانية كالمخدرات والتطرف والعنف والإرهاب...
بذلك تكون المؤسسة التربوية المغربية قد فقدت تأثيرها وقوتها الإقناعية في شأن ما تنقله أو تعمل على ترسيخه من معارف وقيم ومبادئ؛ فهي لم تعد قادرة لا على التأهيل للإدماج المهني(ولوج سوق الشغل)[24] ولا على التهييء للإدماج الاجتماعي[25].لقد أصبحت المدرسة بمعنى ما مضادة لرسالتها عندما تحولت إلى وسيلة للإقصاء لا الإدماج.وبهذا التحول تكون قد فقدت شرعية وجودها!
خامسا: خطــاب المجتمع:
لقد عجز المجتمع بفعل سيادة سلوكيات متوارثة وتقليدية أو انتهازية وصولية، عن التحول إلى مجتمع مدني ممأسس، قادر على التأثير والفعل والاقتراح والرفض أو الاحتجاج.. مساهما بذلك في تثبيت أسس"ثقافة المواطنة والحق والواجب والتعدد والاختلاف في الفكر والوجدان والممارسة الاجتماعية"[26].
ومثل هذا الوضع يؤثر سلبا في الأداء التربوي والثقافي لمجمل مؤسسات وهيئات وفعاليات هذا المجتمع المدني المذكور، فبدل أن تتحول إلى مؤسسات تربوية موازية للنظام التربوي داعمة لأدواره في مجال التنشئة الاجتماعية والثقافية والسياسية، رهنت نفسها في حسابات سياسوية أو مصلحية ضيقة، وارتمت في أحضان صراعات على سلط أو مواقع أو أدوار، الأمر الذي ينم عن ضيق أفقها الفكري والسياسي والاجتماعي؛ فالمؤسسة الحزبية فشلت في المساهمة الفعلية لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، وعجزت عن أن تشكل قوة اقتراحية حقيقية تجاه المؤسسة الملكية قانعة أو مكتفية بسياسة وسلوك رد الفعل فقط، كما أنها أخطأت في تحديد مسار التجربة السياسية وصبغ بصمتها كفاعل أساسي في معادلة الانتقال، كما عجزت عن صياغة مشروع سياسي واضح.
وكما فقد المواطن الثقة في المؤسسة التربوية، فقد الثقة في الأحزاب؛ فحصلت القطيعة بين النـخـب الحزبية والمطالب الحيوية للمواطن المغربي لتكريسها لاستمرارية أشكال وأنماط الاشتغال السابقة للتجربة الديمقراطية، زد على ذلك عدم أهلية المؤسسة الحزبية لقيادة الانتقال الديمقراطي وعجزها عن القيام بوظيفتها التأطيرية، وتكريسها لواقع العزوف السياسي؛ وذلك من خلال مظاهر متعددة أهمها: غياب التقاليد الديمقراطية داخل الأحزاب نفسها(أزمة تدبير الخلاف، الانشقاقات المتعددة، التحالفات غير الطبيعية، غياب برامج واضحة، وتقارب خطابات هذه الأحزاب رغم اختلافاتها الإيديولوجية)، وغياب المسؤولية الحزبية لدى بعض النخب الحزبية[27]. والخلاصة تعثر الانتقال الديمقراطي بسبب التكوين الداخلي للأحزاب وخطابها، وبسبب تدخلات المخزن، مما يؤدي إلى تكريس ممارسات معاكسة لإرساء الديمقراطية.
فالمجتمع بعيد عن أن يمثل"مجتمع الجدارة والحداثة" بتبنيه وإعماله لقيم ومبادئ المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ فهو لا يزال يشتغل وفق آليات لا عقلانية كالرشوة والمحسوبية والزبونية والفساد والأنانية والانعزالية، وتقديم المصلحة الخاصة، وذلك على حساب المساواة والاستحقاقية والكفاءة والمشاركة وتقدير المصلحة العامة وأخلاق المسؤولية[28].بعبارة أخرى هناك أزمة معنى أو محتوى سوء في المستوى السياسي أو الاجتماعي؛ يتعلق الأمر بالتوليد المفرط للأشكال يوازيه إفقار حاد للمضامين أو المنتوج والمردود، أليس هناك من ألسنة(فاسدة أو صادقة) تتحدث عن حكومتين إحداها للحكم والأخرى للإدارة؟ أليس ثمة كثرة الوزارت يفوق نسبة أكبر البلدان مساحة وساكنة؟ أليس هناك غرفتان في البرلمان كلفة إحداهما المادية قادرة على تشغيل مئات المعطلين من حملة الشواهد العليا؟ أليس هناك أكاديميات ونيابات؟ أليس هناك كليات سيكون إلى جنبها الآن كليات متعددة التخصصات؟ أليس هناك كثرة الأحزاب دون تعددية حقيقية، أليس هناك كثرة النقابات من دون الجرأة على تشكيل قوة اقتراحية أو دفاعية حقيقية، أليس هناك كثرة الجمعيات التي تشتغل في السر لأجل التهيئ للانتخابات بعد أن أفرغت الأحزاب من محتواها وفقدت شرعية مقبوليتها الاجتماعية.باختصار إذا كثرت الأشكال ارتفعت الأكلاف وقل الإنتاج وغاب المعنى، وإذا غاب المعنى غابت العقلانية!
وإن مجتمعا يتنفس في مثل هذه الأجواء، لبعيد كل البعد عن بناء ثقافة سياسية جديدة يتكون في إطارها تربويا واجتماعيا مواطن عضوي منخرط في هموم واهتمامات مجتمعه السياسية والاجتماعية والحضارية، بل تعمل على العكس من ذلك على بروز وتطور"نسق قيمي" مغاير يكرس في العديد من مكوناته ومستجداته ما يمكن تسميته بـ"ثقافة الانحطاط"بكل قيمها ونماذجها السلوكية اللاعقلانية الآنفة[29].
وهكذا يبدو من خلال الخطابين أن المدرسة والمجتمع تمران بحالة مرضية؛ أزمة قيم تعكس حقائق مؤلمة في سياق يقضي بأن"الحياة سباق بين التربية وحلول الكارثة"[30].
لذلك يمكن القول على سبيل التسليم:
سادسا: لا يمكن إصلاح المجتمع إلا بإصلاح المدرسة:
إذا صح هذا الزعم فإنه لا يمكن إصلاح المدرسة إلا بتوافق مع انتظارات المجتمع مع إرفاد التلميذ/مواطن المستقبل بالمعارف العلمية والتكنولوجية الموازية للتنمية الدولية وعولمة الأسواق ومع إعمال قيم إيجابية تضفي الحيوية والضمان على التنمية المجتمعية وترسخ معاني التوافقية وقبول الآخر.بمعنى آخر لا يمكن أن تتطور المدرسة ولا أن يتطور المجتمع إلا إذا كان هناك توافق على قيم معينة تجيب عن أسئلة من قبيل:
-أي فرد وأي إنسان نريد تكوينه للمستقبل؟
-أي مجتمع نريد العيش فيه، وتتحقق فيه فرص الحياة الكريمة؟
الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تقتضي قيام مدرسة ديمقراطية، ولا ديمقراطية إلا بالتشارك والتعددية، وعندما نتكلم على ديمقراطية تشاركية تعددية: العدالة، الحرية، التضامن، فإن كل واحدة من هذه القيم تحيل على قيم أخرى، فالعدالة تفترض الإنصاف، والحرية تستلزم المسؤولية، والتضامن يؤدي إلى الالتزام.
إن التركيز على هذه القيم معناه إعطاء المدرسة معنى[31]، وهذا المعنى لا يوجد حقيقة في المواد المدرسة ذاتها؛ إنه بناء يتم إنتاجه وإسقاطه عليها من خلال استعمالها وفعاليتها؛ أي من خلال إمكان الحياة بها مستقبلا عندما يتحول النجاح الدراسي إلى ضمانة للنجاح الاجتماعي، ولا ضمان لذلك إلا إذا انتقلنا من ديمقراطية صورية؛ ديمقراطية الأشكال إلى ديمقراطية حقيقية اجتماعية، تتجسد في صيغة انتقال من"الشكل الديمقراطي" إلى"الجو الديمقراطي" أو من"الديمقراطية الكمية" إلى"الديمقراطية النوعية"، وهذا معناه أن ديمقراطية التعليم لا ينبغي خلطها كما حدث في كثير من الأحيان بما اصطلح على تسميته بالتعميم[32]، فتعميم التعليم يخلق ديمقراطية كمية عادة ما ترافق بتنامي التمييز الداخلي. يجب إذن، التمييز بين تحقيق التمدرس وبين تكافؤ الفرص. ولقد بينت التجارب أن التفاوتات الاجتماعية تنعكس في المسارات الدراسية، فالتلاميذ ذوو الأصول الشعبية عادة ما يتم تكديسهم في مسالك لا تضمن الترقية الاجتماعية: إن الذهاب إلى المدرسة شيء والنجاح الدراسي شيء آخر[33]، أما النجاح الاجتماعي فشيء آخر غيرهما.
وإذا كان مشكل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية عاملا رئيسا في الشرخ الاجتماعي الذي يهدد تماسك المجتمع أكثر مما تهدده الانقسامات الثقافية والإثنية، فإن على المدرسة حتى في ظل هذا الشرخ، أن تعمل على إعادة بناء الروابط الاجتماعية على أساس مثل المساواة والحرية والعدالة، أنسب القيم للمجتمعات الديمقراطية.
ومن ثم على المدرسة، بل وعلى المؤسسات الموكول إليها مهمة التربية، أن تعمل على:
إعداد الفرد للمشاركة في المجتمع الذي يعيش فيه ويهتم بشأنه العام وعلى تطوير وعي اجتماعي يحفزه على فعل ذلك.
-مواجهه تحدي التعايش في سياق التعدد الثقافي، فالتعدد هنا يتجاوز البعد الإثني الثقافي، ويحيل على تعدد القيم وتنوع التصورات وأشكال الحياة وحتى الديانات والعلاقات بين النساء والرجال، إن أشكال التمييز والعنف والهيمنة الثقافية تعد تهديدات لمهارة العيش جماعة.
-العمل، والسياق الدولي سياق ارتباطات متبادلة، على صياغة الهوية الثقافية مع إمكان الانفتاح على العالم، وبلورة مفهوم للمواطنة في مجتمع متعدد.
ومن المناسب الإقرار بأن هذه المطامح الكبرى لن تتحقق إلا إذا أدرجت الدولة المشروع التربوي ضمن مشروع مجتمعي وليس استجابة لإيديولوجيا سياسية هدفها إدارة الأزمة لا حلها أو استجابة لإملاءات قوى خارجية معللة بسوء تدبير القطاع داخليا.
جماع القول: إن إصلاح المدرسة شرط كاف لإصلاح المجتمع، ولا يمكن أن تصلح المدرسة إلا إذا توافر الشرطان الآتيان:
- الإمكانات المادية التي لا يمكن إلا أن تكون مكلفة؛ لأنها مستثمرة لأجل الرأسمال البشري بوصفه الهدف والمنطلق.
- الخطط والبرامج التي لا تضمن تعميم التعليم أو التنشئة الاجتماعية للناشئة عبر كفايات وقدرات ومعارف ومهارات واتجاهات ومواقف، أو من خلال النجاح في الامتحانات أو القبول في سلك دراسي معين فقط، بل عليها أن تضمن أن يكون ذلك مستجيبا للوضعية الاجتماعية ومنسجما معها، أي أن يكون كل ذلك قابلا لتصريفه في عالم الشغل والحياة.
من دون هذين الشرطين ستظل المدرسة المغربية تعيش أزمة، وأن تعيشها بمعنى فقدان المعنى أو تحوله أو انزلاقه أو تغير القيم وصدامها؛ فذلك أمر يؤول في نهاية المطاف إلى وجود خلل في العلاقة بين تكلفة الاستثمار المدرسي والعائد الاجتماعي الهزيل، أما إذا فتحنا الزاوية أكثر على السياق الدولي بقيمة السائدة التي يبشر أو ينذر بها، تبين كيف يصدق القول إن"الحياة صراع بين التربية وحلول الكارثة"، وتبين أنه بإزاء تعليم محو الأمية فإن التعليم العمومي هو تعليم يمضي نحو الأمية، ولذلك إذا لم نستطع تحصين مجتمعنا وعالم واقعنا بقوة المعرفة النافعة والقيم الداعمة فإن العالم الآخر حقيقيا كان أو افتراضيا هاهو ذا يبتلينا...وقد يبتلعنا.
عود على بدء:إذا كان خطاب المجتمع خطابا مضادا لخطاب المدرسة فمعنى ذلك أن قيمه غير متطابقة أو متناغمة مع قيمها، وإذا لم تكن لامتطابقة ولا متناغمة فإن المدرسة لامعنى لها؛ لأنها لا تحقق المشاركة في فرص الحياة، ومن ثم فإنها لن تحقق التعايش وتضمنه.
[1]http://www.albankaldawli.org/mna/ArabicWeb.nsf/DocByUnid/
8855A2156B35C70285256D7C005EECA9?Opendocument
[2] - نفسه:ص:05
[3] - نفسه:ص:05
[4] - مراجعة المناهج التربوية المغربية. الكتاب الأبيض. مشروع منقح ومزيد، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي. 2202.ص: 05.
[5] - نفسه: ص:06
[6] - مصطفى محسن: المعرفة والمؤسسة (مساهمة في التحليل السوسيولوجي للخطاب الفلسفي المدرسي بالمغرب).دار الطليعة.بيروت.ط1. 1993.ص:25
[7] -Jean Hénaire.valeurs démocratiques et finalités éducatives repères pour une pédagogue
des droits de l'homme. thématique n 4.2001.conflits de valeurs.(page web):
http://www.eip-cifedhop.org/publications/thematique4/thematique4.html
[8] - بيار أنصار: العلوم الاجتماعية المعاصرة.ترجمة نخلة فريفر. المركز الثقافي العربي بيروت/البيضاء.ط1. 1992.ص:38
[9] - نفسه:ص:118.
[10] -مصطفى محسن.المعرفة والسلطة.ص:27 أو في المسألة التربوية (نحو منظور سوسيولوجي منفتح).المركز الثقافي العربي.بيروت/البيضاء.ط2. 2002..ص:51.
[11] - بيار أنصار. مرجع مذكور.ص:184.
[12] - عبد الرحمن بدوي. موسوعة الفلسفة(ماحق موسوعة الفلسفة).المؤسسة العربية للدراسات والنشر.ط1. 1996.ص:216 وما يلي.
[13]-André Lalande.1926.Vocabulaire Téchnique et critique de la philosophie.PUF.15emeéd.1985.(Axiologie)
[14] -Philosophie et spiritualité, 2005, Serge Carfantan
[15] - المصطفى صويلح.مجالات التربية على حقوق الإنسان. مجلة عالم التربية،ع:15 (التربية على المواطنة وحقوق الإنسان). ص:36
[16] - المهدي المنحرة وآخرون.من المهد إلى اللحد(التعلم وتحديات المستقبل)مطبعة النجاح الجديدة.البيضاء.ط3. 2003.ص:97
يتكلم المنجرة وآخرون عن التعلم المجدد في مقابل التعليم للصيانة، الذي"يتجاهل القيم التي لا تكون جزءا لا يتجزأ من البنية الاجتماعية والسياسية المطلوب صيانتها" (ص97) في سياق يرى أن" كل تعلم وسائله اللغة والأدوات والقيم والعلاقات الإنسانية والتصورات"(ص92).
[17] -Philosophie et spiritualité, 2005, Serge Carfantan
[18] - مصطفى محسن، المعرفة والمؤسسة، ص:25
[19] - مصطفى محسن، في المسألة التربوية، ص:161.
[20] - Koichiro Matssure, Directeur général de l'Unesco: Ou vont les valeurs: http://www.lalibre.be
[21] - مصطفى محسن، إشكالية التربية على المواطنة وحقوق الإنسان بين الفضاء المؤسسي والمحيط الاجتماعي. مجلة عالم التربية ع.15.ص250.
[22] - نفسه، ص:252.
[23]- التعلم بحسب فرويد هو استثمار الرغبة في موضوع المعرفة:Michel Develay, 1996.Donner du sens à l’école.
[24] -(حيث المطلوب الكفاءة والخبرة والمردودية والجودة، بينما لا تزال أغلب برامج التكوين ولا سيما في المدرسة العمومية، تشتغل بعقلية رهان مغربة الأطر أكثر مما تشتغل بحسب رهان التنمية الاجتماعية الاقتصادية، كما لا يتلاءم لا مع البعد الجغرافي للوطن الذي فرض أو فرض عليه اختيار اقتصادي هو الفلاحة ولا مع الإمكانيات السياحية...)
[25] -(المواطنة وحقوق الإنسان، إذ كيف يمكن أن تكون هناك مواطنة من الاقتناع بضمان المستقبل لكل مواطن، وكيف سيكون هناك حقوق إنسان في مجتمع معدل نسبة الأمية الألفبائية فيه يكاد يتجاوز النصف؟ كيف سيكون هناك حقوق إنسان مادام كثير من البرامج والنصوص مضاد لقيمها،منها ما يكرس الإقصاء ومنها ما يشرعن العنف المعنوي والمادي، ومنها ما يناقض قيم الحوار والتواصل السليم والتسامح، ناهيك عن انعدام مواد تثمن قيم المواطنة والتضامن والاحترام(والحياء)، كيف سيكون هناك حقوق ما دام هناك عقوق لهذه الحقوق في الواقع(البيت، المدرسة،الشارع، الإدارة))
[26] - مصطفى محسن. التربية على المواطنة.. م،م.س.:ص:253.
[27] -دفاتر سياسية.ع:65. 8/9. 2004. تقرير الجامعة الصيفية لمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية.الدورة الأولى. بعنوان" إشكالية التنمية الاجتماعية في المغرب، نحو مقاربات جديدة".
[28] - مصطفى محسن، إشكالية التربية على المواطنة.م.مذكور.ص:253
[29] - نفسه:ص:253
[30] - قولة لـ.هـ.ج.ولز. انطر المنجرة وآخرون. م.م.س.ص27
[31] - انظر في شأن علاقة المدرسة بالمعنى الكتاب الدقيق لمحمد بوبكري. المدرسة وإشكالية المعنى.السلسلة البيداغوجية(6).دار الثقافة.ط1. 1998
[32] - حتى هذا المطمح لا يزال بعيد المنال فقد صرح الوزير الأول السيد إدريس جطو أمام مجلس النواب يوم 25 ماي 2005" أن المؤشرات الاجتماعية والبشرية للمغرب لا زالت بالفعل لم ترق إلى المستوى المطلوب نتيجة للتراكمات الماضية. وخص في هذا السياق بالذكر نسبة الأمية التي تناهز40 في المائة ونسبة وفيات الأطفال عند الولادة التي تصل إلى 40 في الألف، وعدد الأطفال الموجودين خارج المنظومة التعليمية الذي يقدر بمليوني طفل"
[33] - ٍVéronique Truchot. L'école et les valeurs démocratique.in Thématique 4. (page web)op.cit