أنفاس

أنفاس

مدير تحرير أنفاس نت 

عن دار ألف في دمشق صدر مؤخرا كتاب : (آخر الكلاسيكيين : وجهة نظر في شعر يحيى السماوي) (86 صفحة من القطع الصغير) للناقد صالح الرزوق ، انطلق فيه الناقد من فكرة أن السماوي (يُعتبر من الرعيل الذي جاء بعد صمت وربما غياب الفطاحل ، وإن تقاطع معهم لردح مختصر) . وأنه (لا يمكن أن نضع أمامه مثالا يُحتذى في قصيدة النثر لأنه لم يلتزم في النماذج النثرية القليلة ، لا بقاعدة ولا بأسلوب محدد، فهذا النوع لديه يشبه الخاطرة تارة وحديث النفس أو البوح. ويتوازى أحيانا مع المقال السياسي فيحمل هم وشجن السياسة ولا يفرط بمظلة الشعر- ص 5) .
ويعتبر الرزوق سمة الوضوح من أهم سمات أسلوب السماوي التي شكلت شخصيته الشعرية ، وحكمت أداءه الشعري ، وجعلته قريبا من مدارك وهمومالإنسان البسيط والعادي .

صدر للقاص المغربي محمد حماس مجموعتان قصصيتان عن مطبعة MAILI بوجدة، من الحجم المتوسط، الأولى بعنوان "امرأة تمارس طقوسها" قدمها الشاعر سامح درويش، والثانية تحمل عنوان "أضغاث أحلام" من تقديم الدكتورة الباحثة زاهية أفلاي، أما الغلاف فهو من تصميم الفنانة حورية الظل.

عن دار مخطوطات في هولندا صدر ديوان "أمل يمر" للشاعر العراقي حسين علي يونس، وقد قام بتصميم الغلاف وختم الكتاب الشاعر والفنان العراقي ناصر مؤنس.
   والديوان مكون من 77 صفحة أنيقة الطباعة وجميلة المحتوى، فهي قصائد تراوحت بين شطر واحد وعدة شطرات، لكن الشاعر باح بها بمكنونات روحه من خلال تكثيف اللغة، مبتعدا عن الإطالة حتى لا يقع في فخ السرد، وهذا الفخ الذي وقع فيه العديد من شعراء القصيدة النثرية، وفي عدة حالات كان الاختصار والتكثيف يضع القارئ في إطار الحكمة أو المثل.
   يلاحظ أن الشاعر لم يضع لقصائده عناوين، فهو أكتفي في أعلى كل صفحة باستخدام كلمة من كلمتين: شذرة، قصيدة، ليترك القارئ يخوض في أسلوب مختلف عما اعتاد في قراءاته، فهو يبتعد عن العنوان الذي قد يعطي الدلالة المسبقة للمحتوى، وهذا الأسلوب الكتابي تميز به الشاعر حتى في الرواية، حيث لجأ لكتابة الرواية ضمن روح شعرية وباستخدام التكثيف اللغوي.
    الشاعر عانى في حياته الكثير بسبب مواقفه، فطورد تارة وفصل من عمله تارة أخرى، فكانت قصائده وشذراته تتمحور حول ذلك، وعن الحياة الصعبة البائسة التي مر بها، ولهذا نجده قد أهدى ديوانه إلى الشاعر و"الصعلوك" العراقي الراحل جان دمو، واعتبر الإهداء له حيًا وميتًا، بينما نجد الشاعر قد قدم ديوانه باقتباس للشاعر والناقد الأرجنتيني "بورخس"، واقتباس آخر للكاتب والفيلسوف الهندي "كرشنا مورتي".

يتناول الكاتب في الجزء الخامس المعنونة ب "بادية الظلمات" مرحلة إنتقال مركز القوة التقليدي الى مجموعة من الأمراء تحكمها علاقات النسب و الإنتماءات القبلية للأمهات أكثر مما جمعتها علاقات الأخوة و الإنتماء الى نسل السلطان القوي الذكي الذي وحد السلطنة لكن حكمه إستبدل هذه المقومات بعيوب الدولة التي جاءت بدلاً عن السلطنة.هذه الرّواية هي الخامسة من سلسلة روايات مدن الملح والأخيرة، وبها يختم عبدالرحمن منيف هذه السّلسلة، يقع الكتاب هذا في ٥٧٤ صفحة من القطع المتوسط.في هذه الرّواية يطوي الكاتب كثيراً من الفصول ويعلّق فصولاً أخرى، هذه الرواية هي خليط من أسلوب الأخدود والمنبتّ، فيها قليل من وصف الأخدود وكثير من سرد وحوارات المنبتّ، ليس فيها صناعة لشخصيّات جديدة إلّا ما ندر (ربّما ثنتين أو ثلاث شخصيّات) وكعادته يسهب في وصف طبائع تلكم الشخصيّات ويأتي بها بين الفينة والأخرى حتى تظن أنّك تفهمها جيداً فيفاجؤك بما يمكن أن تقوم به تلك الشّخصيات.

.

الجزء الرابع من خماسية مدن الملح حمل عنوان "المُنْبَت" و فيه يستعرض عبدالرحمن منيف حال السلطان المخلوع "خزعل" بعد أن أطاح به أخوه الأمير "فنر" خلال زيارة الى ألمانيا. هذا الإنقلاب الذي شارك فيه رجال زرعهم مستشار السلطان المخلوع "الحكيم صبحي المحملجي" أثر على العلاقات الودية بين خزعل و الحكيم التي توجت بزفاف السلطان من إبنة الحكيم الوحيدة.
السلطان بات يتعلق بأدنى بصيص أمل قد يعيد له عرشه المخلوع و لم يلتفت الى كم الوعود التي ساقها له إخوانه لكي يأمل في عودة سلمية فيما هم يفعلون ذلك من أجل ان يصرف النظر عن أية تحركات قد يقوم بها من أجل عودة الحكم إليه.
أما الحكيم وسط إغترابه فقد غاص فلسفاته التي لم تشفع له رحلة الإستحواذ فكفر بكل ما عمل و سعى من أجله في السابق. تغيرت نظرته لبدو موران الذين تنكروا لفضائله عليهم فهم مثل الصحراء التي يعيشون فوقها إذ بقدر ما تبدو الصحراء بسيطة ، مكشوفة ، متشابهة ، فهي خادعة ، غدارة ، و لا يمكن للإنسان أن يستحوذ عليها.

" الفيلسوف الذي يعرف هدفه هو الطبيب الذي يشفي الجراح العميقة للوعي البشري ، و يسعى بيد رصينة و رقيقة لشفائها " (شيلنغ ) ..
لم يكن إنطلاقي من مقولة شيلنغ هذه مجرد دعابة اعتباطية أو رميا لورود هاربة من زمن لم يعد يتقن سوى رمي القنابل و الرصاص ...من أجل إنجاح موتنا الخاصّ و لما لا موتنا العمومي ...من رحم عقل مثقل بوباء الخطيئة والإحساس العميق بالذنب ينبثق نص الفيلسوف التونسي زهير الخويلدي ..فتشريح العقل و خاصة العقل الغربي صار ضرورة بعد أن أصابته أورام صلفه ..و كبريائه وأوهام عقلانيته ...يا له من انقلاب درامتيكي أعده لنا هذا المفكر المبدع و المناور البارع بالأفكار وهو يلقي بنا في صميم رؤياه المتعقلة و المشبعة " بفرونيزيس الحكماء" و يدعونا عبر السفر في قرآن أفكاره أن نفكر معه وأن ندرك عن كثب " آلام العقل"..إنه يعلن لنا وهو يشرّح العقل في آلامه النظرية ومساراته العملية ومخاضاته الابداعية عن مشروعه الفلسفي الذي يأتي بعد ...ما بعد آلام العقل ..إنها فلسفة الكثب تلك التي تعتمد منهج التشريح للعقل في أبعاده الثلاث النظري و العملي و الآداتي ..إنه كتاب يحمل مشروع الكشف عن عقل بلغ من شيخوخة المرض ما يستدعي تدخلا تشريحيا طبيا عاجلا يستند إلى التجريب و الإختبار المباشر لدور العقل و وظائفه على مر التاريخ الإنساني و بأكثر دقة العقل الغربي الذي أذهبت خمرة الحداثة و إدمان عقلانيتها المزعومة بأنوار تعقله ..

صدر عن دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع بالعراق كتاب جديد للناقدة والباحثة الأكاديمية ورئيسة تحرير المجلة الدولية المحكمة “جيل الدراسات الأدبية والفكرية” الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي، الأستاذة غزلان هاشمي موسوم بـ«تعارضات المركز والهامش في الفكر المعاصر ـ عبد الله إبراهيم أنموذجا”.
حاولت فيه الباحثة تقصي الخطابات الفكرية الهامشية المعاصرة والتي ظهرت بمحاذاة الخطابات المركزية في محاولة تقويض أسسها، وإعادة الاعتبار للهامشي أو العرضي، كخطاب ما بعد الحداثة والنقد النسوي والتفكيكية وتيار الزنوجة وتيار ما بعد الكولونيالية والنقد الثقافي، لتنتقل في باقي الفصول إلى الحديث عن تجربة الناقد العراقي الدكتور عبد الله إبراهيم باعتباره تعمق في البحث عن مسألة الهامشية والمركزية مستعينا بمعطيات النقد الثقافي في مراجعته للتراث السردي العربي.

" عن المحكي والتخييل الذاتي ومسألة التجنيس وسؤال التخييل وعلاقة نظام السرد بنظام التحولات السياسية والاجتماعية واالتاريخية"

تستمر الناقدة والأديبة المغربية الدكتورة زهور كرام في تتبع مسارتحولات الجنس الروائي. فبعد كتابها " الرواية العربية وزمن التكون " الصادر سنة 2012، والذي أعادت فيه التفكير في الجنس الروائي في التربة العربية انطلاقا من النصوص الأولى، وباعتماد أسئلة السياقات العربية المختلفة، تنشر مؤخرا كتابها النقدي الجديد"ذات المؤلف من السيرة الذاتية إلى التخييل الذاتي" 2013، عن مطبعة الأمنية، وتوزيع دار الأمان بالرباط، والذي تناقش فيه تجربة النصوص السردية التي يحضر فيها المؤلف في مجال النص ذاتا سردية، مما يطرح من جهة  سؤال تجنيس هذه النصوص، ومن جهة ثانية سؤال التخييل.
يبحث الكتاب في التحولات الجديدة التي بات يعرفها النص السردي بدخول ذات المؤلف إلى مجال التخييل بشكل معلن عنه، وبدون التحذير أو الاختفاء وراء إشارات وعلامات. وهي وضعية انتبه إليها بعض الروائيين قبل النقاد خاصة في التجربة المغربية، مما أدى بهم إلى إعادة النظر في تجنيس نصوصهم ب"الرواية" واعتماد تجنيسات جديدة مثل "المحكي" و" التخييل الذاتي" و" رواية الرواية" وغير ذلك من التجنيسات التي تشخص حالة السرد الروائي وهو يعرف تحولات في نظامه مع دخول ذات المؤلف.

ثمة إهمال لافت في الثقافة العربية للنص الموجَّه إلى الناشئة، هذه الشريحة الواقعة في البرزخ بين لغتين وخطابين. فالكاتب العربي عادة هو كهلٌ يحادث كهلا مثله، أو طاعن في السن يروي لمسنّ مثله. إدراكا لهذا النقص في ثقافتنا العربية، وضمن نطاق برنامج الترجمة من الإيطالية الذي يشرف عليه الأستاذ عزالدين عناية، أصدر "مشروع كلمة" الإماراتي ترجمة لرواية إيطالية موجهة إلى الناشئة، بعنوان: "جمل وسط قطعان الكنغر"، وهي رواية مستوحاة من السيرة الذاتية للكاتبة الإيطالية كريستينا كابّا ليغورا. تندرج الرواية ضمن أدب الرحلة الموجه إلى الناشئة بعد أن باتت الكتابة التي تستهدف تلك الشريحة الاجتماعية فنّاً يستهوي العديد من كبار كتّاب الغرب. وإيمانا بتفادي ذلك النقص في الثقافة العربية، وبموجب قلة المنتوج فيه، حرص "مشروع كلمة" على رفد المكتبة العربية بجملة من الإنتاجات الإيطالية في هذا المجال، بغرض إطلاع الشبيبة العربية على تجارب ثقافية وحضارية أخرى تثري زادها المعرفي.

لقد أعاد عبد الرحمان منيف بناء بغداد العثمانية بيتاً بيتاً ،ونخلة نخلة ، وأطلق الحياة في أحيائها ومقاهيها بما ينسجم وهموم الناس آنذاك ، مفرداً للواقعي مساحته ، كما للخيال ، فتمكّن من إعادة البناء تلك ، ومن ثمّ بناء المرحلة التاريخية التي يحتضنها ، وهكذا جسّد مكاناً نصّياً يحاكي المكان الواقعي ، ويوهم به ، ليطرح أسئلته ، ونجح إلى حدّ بعيد في الخروج بهذا المكان عن حياده ، ليندغم بمصائر الشخوص الذين يعيشون فيه ، إنّ دجلة إذ يفيض ويثور متمرّداً على ضفّتيه يبدو وكأنّه يشارك الأهالي نقمتهم على الأجنبي ، ولذلك فهو يكّر على الرصافة ، أو على الكرخ ، ولا يوفّر البساتين المترامية على ضفتيه ، جارفاً معه الطين والحيوانات النافقة وبقايا الأشجار والأغصان والجذور ، لكنّ هذه الطبيعة الغاضبة سرعان ما تختلف ، عندما تسافر ماري برفقة زوجها صوب الشمال في فصل الربيع ، فتصبح وادعة واعدة متنوّعة المشاهد والألوان ، وتتفاجأ المرأة بالأرض تنتفض بعد طول سبات ، وتتلوّن بألوان لا تخطر في البال .