كان أخ حفيظة السكير قد منعني يوما من رؤيتها بحجة أنه التقاني على بعد ستين كيلومترا من منزلي في بلدة أغبالة. السفر خروج من الستر وأفق المرأة الوقور حذاؤها. لم تكن هذه الإشادة بمخيلة الإسكافي لتروقني ولا لتروق صديقة الطفولة. كنا نحب المرور أمام المقاهي التي تتحاشاها النساء استفزازا للذكورة المصطنعة. مرة فعلناها تحت المطر بلا مظلات. كنا نمشي الهوينى أمام مقهى عيطون ونتحدث بأصوات عالية منفرة.
طلبنا من الج أن يأتينا ببغل من قرية إيمهيواش، ركبناه وأوجهنا إلى الخلف. أوصلنا الرجل الطيب للثانوية على هذا الحال ثم أخذ منا بعض الطفولة والبهيمة وعاد من حيث أتى وعيناه تلمعان من الضحك.
مرة أخرى استلفنا لباسا عسكريا ومررنا ورؤوسنا مرفوعة صوب قمم أشجار الجوز الفارهة. كان ذلك في نفس المكان الذي صفعت فيه نفيعة بعد أعوام رجل سلطة عنّف دون سبب ظاهر صديقا نحيفا مريضا بالسكري. واستعدت يومها للسجن كما تستعد النسوة للزواج.
نفيعة هذه كانت مثل الصلاة لا يستغنى عنها في أوقات الضعف وكانت تأتي جريا كلما مسّك سوء وتحملك لبيت والديها قائلة: أنت في بيتك ومن لم يعجبه الحال يخرج هو و لو كان أبي.
ويأتي الأب أحيانا ليطفىء النور ببساطة ونحن لم ننم بعد و يقول: إيوا السيبة هذى، الضو ماشي فابور ولا ماشي نتوما لي كتخلصوه.