من أنت أيها الصاحب الفريد.. يا مدى المجهول وشقيق المغامرة؟.. أيها البحر طالعاً من دفـاتر المهاجرين، مـن أنت مـن أنت..؟.. حامت الأسئلة تترى في الليل البحري الطويل.. والرجل النحيل الصامت يواكب موجاً يتلاطم والفنار الوحيد يلوح واهناً بعيداً يتدفق الليل الخريفي ثقيلاً هامدا ًوالرجل يتوسد حقيبته صغيرة وبقـايا دراهم عليه أن يسـددها لمن سيحمله في زورق الليـل مهـاجرا إلى المجهول.. صفقة يعرف أبعادها جيداً وفحواها انه لـن يعود.. لـن يعود.. فالبحر وخباياه تحمل نذر اللا عودة.. وكل أولئك العابرين سيحملون تابـوت الوقت معهم.. إذ قد يداهمهم حـرس السواحل فيتهاوى زورق الغرباء إلى القاع.
يا نذير الراحلين، يا أصدقاء الوهج القديم من هؤلاء.. ومن أولئك.. ماذا بقي منهم، قلبوا مشاهد الرحيل الطويل عبر البوابات والعسس والغرباء، قلبوا أوراقه وتفرسوا في ملامحه وسألوه مرارا لأنه كان قد ألغى قصائد الترحال، واجل جنون المغامرة إذ سقته السلطات علماً جعله يواكب ولا يمضي ويكتم ولا يركب موجة التعبير عن مكنونات روحه.. روحه الوحيدة الأسيـرة، التـي تمردت على ثـلة المعاصرين الـذين حاؤه بأمـواج الحداثة وتفرقوا فجـأة بلا مـلاذ.