يغوص في عينيها بشراهة . هي على ما يبدو قد لاحظت ذلك ، حتى أنها صارت مرتبكة بعض الشيء . . ذلك الارتباك الذي يتوارى وراء تعابير الوجه المختلفة. حين نظرت هي في عينيه لأول مرة تغيرت ملامح وجهها من قلق الانتظار إلى إسترخاء وترقب . ما الذي يدور في فكر كل واحد منهما. أتراهما الآن يتبادلان الإعجاب . ذهوله ناحيتها يدل أنه ذاب في كل شىء فيها، أما هي فلم تشكل دلائل واضحة سوى تلك النظرتين السريعتين اللتين رشقتاه بهما. وجهها مملوء بالخجل والاسئلة، بينما وجهه مملوء بالشراسة والمباغتة بتلك النظرات التي لم يقطعها إلا حينما يحدق في سقف المقهى. هناك غيري بالتأكيد من لاحظ أن هذين الاثنين يثيران الانتباه اليهما، خصوصا من جانبه هو، ومن المؤكد أيضا أن الأثنين لا يعرفان شعور بعضهما. قد يعتقد أنها غرمت به من خلال تلك النظرتين ، أو يعتقد أنها فقط حاولت معرفة سر نظراته المستمرة فيها. وقد تعتقد هي أنه هام فيها، أو تعتقد أنه مجرد عابث بنظر لكل النساء بنفس النظرات .
تنظر في ساعتها باستمرار. أتنتظر أحدا، ربما رؤيتها للساعة من قبيل العادة أو التسلية، وأنها لم تكن لتنتظر أي أحد. ولو كانت تنتظر أحدا، فمن يكون ، أيكون إحدى صديقاتها مثلا، أو زوجها، أو ربما حبيبها. إن كان انتظارها لزوجها فهو احتمال ضئيل ، فمن المفترض أنهما - هي وزوجها - يأتيان ويد كل واحد منهما تمسك بيد الآخر.. وأن يكونا حريصين على رسم الابتسامات لبعضهما البعض .. وبامكانها أن تناوله الأكل بيدها.
وإن كان إنتظارها لحبيب لها، فلا أعتقد أنه يتأخر عليها كل هذا الوقت ، والأرجح إذن أنها تنتظر صديقة لها.