"أن نتفلسف يعني أن نقاوم"
إذا كان التنوير بالنسبة لكانط هو "خروج الإنسان من عدم نضجه الذي جلبه على نفسه"، وهو عدم نضج ناجم عن "الافتقار إلى القرار والشجاعة"، فإن الثورة هي شرط الحداثة والفرد المستقل هو أساسها. لقد حدّدت الثورات السياسية تاريخ الحداثة؛ العلم والتكنولوجيا في حالة اضطراب دائم. تستمر الطليعة الفنية في الثورة وإعادة تعريف روح العصر. لقد تعاملت الفلسفة على نطاق واسع مع الثورة والحق في المقاومة. لكن العلاقة بين الاثنين تم فحصها بشكل سطحي إلى حد ما. يتم تناول استكشاف الفلسفة المتردد للعلاقة بين الثورة والحق في المقاومة. فما الذي يسبب العودة الدورية للمقاومة والثورة في مجال التاريخ؟ وهل تستطيع الفلسفة تفسير العودة الأبدية للمقاومة رغم محاولات القانون المستمرة لحظرها؟ وما الذي يجعلنا نقرر المقاومة بصورة جماعية؟ وبأي معنى تصير مقاوما فلسفيا في الفضاء العمومي؟

مصطلح المقاومة سمعناه في المظاهرات المطالبة بالحرية والاستقلال والسيادة وضد الغزو والاحتلال. وهو المصطلح الذي أصبح منتشرا في كل مكان منذ موجات المطالبة بتقرير المصير للشعوب. وهو بالطبع مصطلح يطارد ذاكرتنا منذ الحرب العالمية الثانية: نقاوم العدو، لا نستسلم، نصمد، لا نتفاوض. في مواجهة الرعب، نحن لا نخضع. وفي مواجهة ما لا يمكن تصوره، نبقى واقفين. بعد الاعتداءات، بدا أن المقاومة والتظاهر والتواجد معًا والتعبير عن الاشمئزاز، قبل الفهم أو الشرح أو التعليق، كان رد الفعل الوحيد الممكن، البداية الضرورية. لكن يجب أن أثير هنا شكًا، خوفًا: هل المقاومة، رغم أنها ضرورية، كافية؟ هل يكفي أن نقول "أنا أقاوم"، أن أقاوم الجمود، أن أواجه الغزاة والمحتلين للرد على المعتدين؟

مقدمة
ازداد العنف في السنوات الأخيرة وكان ذلك بين الأفراد فيما بينهم في شكل تنامي الجريمة والنزعات أو بين الأفراد والأنظمة وأجهزتها في شكل تمرد وعصيان واحتجاج وحراك اجتماعي أو عقاب وردع وإلزام باحترام القوانين والإجراءات والتدابير الرسمية التي تتخذها بعض الدول من أجل تنظيم الشأن العام. لقد تسبب تصاعد العنف في الكثير من المخاطر والتداعيات وخلف الاضرار والخسائر وزعزع الاستقرار والأمن والحرية والحق وطرح العديد من الإشكاليات والاحراجات والأسئلة لعل أهمها ما يلي: هل السلطة السياسية عنيفة بالضرورة؟ وهل النظام السياسي يستبعد العنف؟ وهل يمكن اعتبار العنف، كما يعتقد الكثيرون، أساس أي نظام اجتماعي؟ وهل يختلف العنف باسم الدولة اختلافًا جوهريًا عن جميع أشكال العنف الأخرى؟ وأليست أعنف قوة هي اللاعنف؟ وهل يمكن أن يكون العنف علاجاً للظلم؟ وهل الغرض من القانون إلغاء العنف ام امتصاصه؟ وهل العنف القانوني عنف؟ وهل عقوبات القانون هي شكل من أشكال العنف مثل أي شكل آخر؟ وهل من الصواب محاربة العنف بالعنف؟ وهل العواطف هي أصل الاضطرابات السياسية؟ وما العمل للحد من العنف والتقليص من تداعياته والتخلص من مضاره؟ وأيهما أنفع للحياة السياسية الأيديولوجيا أم اليوتوبيا؟ وكيف يمكن تخطي اطلاقية المثالية السياسية للعبور نحو إمكانية الواقعية السياسية؟ الا ينبغي ممارسة النقد والمحاسبة في القرار السياسي لكي تتطور الحياة السياسية نحو الافضل وتفتك الشعوب المزيد من الحقوق والحريات؟ وماهو النظام السياسي الاجدر؟

 يبدو أن الكتاب من عنوانه يهتم بالنقد الاشتراكي للحداثة. وهو بالمناسبة تيار فلسفي نقدي يستند إلى المبادئ الاشتراكية ويستهدف تحليل الحداثة كظاهرة فلسفية واجتماعية. ويروج للتفكير النقدي الذي يركز على العوامل الاقتصادية والاجتماعية في تطور الفكر الحديث، والتغييرات التي أحدثتها الثورة الصناعية والرأسمالية، كما تبين لي من خلال نظرة أولية في متن الكتاب. وبالتالي، يمكن القول إن هذا النقد الاشتراكي -في نظرنا- يبين أن الأفكار والقيم التي تنشأ في إطار الحداثة، تعكس هذا النظام الذي يحافظ على التفاوت الاجتماعي ويعزز الاستغلال الاقتصادي. سيصدقني القول الكاتب فريد لمريني الأمر. لأن في نظره أيضا، ومن خلال النقد الاشتراكي غالبا ما يتم التركيز على النقاط الضعيفة في المشروع الحداثي، مثل التركيز الزائد على الفرد والانفصال عن المجتمع، والتركيز على الربح المادي والاستهلاك، والتجزئة والتشتت الاجتماعي. لكن في الكثير من الاحيان يعتبر هذا النقد الاشتراكي للحداثة أن هذه العوامل تؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية وإلى فقدان التوازن في العلاقة بين الإنسان والطبيعة.
يسعى الكاتب إذن إلى استكشاف وتقييم البدائل الاشتراكية للحداثة، ويركز على أهمية تطوير نظم اجتماعية تتمحور حول المساواة الاقتصادية والسياسية. نجده توفق في أن يبين ان النقد الاشتراكي للحداثة في الفلسفة يمتلك عددًا من الشخصيات المهمة، الذي نجده توفق في اختياره لها، من بينها جورج لوكاتش (Georg Lukács)، وارنست بلوخ (Ernst Bloch). اذ يُعتبر جورج لوكاتش من الفلاسفة الماركسيين الذين قدموا تحليلاً نقديًا للحداثة وتأثيرها على الفرد والمجتمع. كما ينظر إلى الحداثة على أنها عملية تحويلية للمجتمعات، حيث يتم تحويل هياكلها وثقافاتها وتحولاتها الاقتصادية. وناقش كثيرا تحرر الفرد وتحوله من النظام التقليدي إلى المجتمع الحديث والرأسمالي، واستعرض العواقب المترتبة على هذا التحول وما يتعلق به من تجزئة وتفكك اجتماعي. أما ارنست بلوخ، فهو كذلك أحد الفلاسفة الماركسيين الذين ركزوا على النقد الاجتماعي للحداثة وتأثيرها على الهوية والثقافة. يبدو أن بلوخ كما فهمت من خلال كتاب "النقد الاشتراكي أن الحداثة"، قد أدت الحداثة إلى تفكك الهوية الإنسانية والتشتت الثقافي، وقد تسببت في فقدان الروابط الاجتماعية والانفصال بين الفرد والمجتمع. الامر الذي دفع بلوخ الى نقد التركيز الزائد على النجاح المادي والاستهلاك في المجتمع الحديث، ودعا إلى استعادة الروح الإنسانية والتواصل الاجتماعي العميق.

ملخص:
قبل سنوات، نشر كريستيان غودان في مجلة الفلسفة والعلوم الإنسانية الإلكترونية مقالة يلخص مضمونها في كون الفكرة الحديثة عن الكارثة تظهر في نفس الوقت كامتداد وقطيعة مع الفكرة الأسطورية والدينية عن نهاية العالم. الكارثة هي مطلق المخاطر والحوادث. إنها تمثل الحدث في أبشع حالاته. هل هناك كوارث موضوعية أم أننا نتعامل مع فكرة مركزية بشرية مرتبطة بالخطر الخارجي؟ هل تعتبر الكارثة بوصفها انقطاعا جذريا (هذا هو معناها الرسمي في الرياضيات) استثناءً أم أنها تقع ضمن إطار انتظامات يمكن تحديدها؟ يتضمن هذان البديلان خطين دلاليين رئيسيين: خط الكارثة الإنسانية وخط القطيعة الموضوعية. وبينما استخدم فولتير زلزال لشبونة لتحدي النظام الإلهي للطبيعة، كان روسو أول من حدد الإنسان باعتباره المسؤول الوحيد (وليس الشخص الوحيد المعني) عن الكارثة. إن زيادة وتكثيف قوة التكنولوجيا على البيئات الطبيعية والاجتماعية أكدت إلى حد كبير حدس روسو هذا. أما الكارثية، فيمكن أن تكون عاطفية واستراتيجية بشكل متناقض، مما يضاعف ما يمكن أن تكون عليه هذه الظاهرة من بشاعة، ولكنها أيضا رائعة.

المقال:

كانت الرؤى الأولى لنهاية العالم دينية. ويمكننا أن نتحدث هنا عن ثابت حقيقي في المخيال الإنساني: لقد آمنت جميع المجتمعات بحقيقة الكوارث الماضية أو المستقبلية. لكن هذه الكوارث التي تثيرها الأساطير نادرا ما كانت كاملة، وعندما كانت كذلك، كان لها ما يبررها كوسيلة للتجديد. حتى لو استبدلت الغائية اليهودية-المسيحية رؤيتها الخطية الموجهة لمسار الأشياء، بصورة الدورة، التي تميز الأديان القديمة، فإن فكرة التجديد هذه لن تختفي: في الواقع، إنها بالفعل إنسانية جديدة يجب أن تنشأ بعد الكوارث التي أعلن عنها القديس يوحنا في يوم القيامة.

رفضت عقلانية العصر الكلاسيكي هذه الميلودراما الكونية والإلهية لصالح فكرة التقدم الذي يحققه الإنسان نفسه. في نهاية القرن الثامن عشر، استطاع كانط أن يكتب أن فكرة نهاية كل شيء لا تنبع من التفكير في المسار المادي للأشياء في هذا العالم. لكن ذلك على وجه التحديد لم يعد صحيحا اليوم. يقول بيتر سلوتردايك في صيغة مأخوذة عن سارتر، إنه ليس خطأنا ولا من قدرنا إذا كنا نعيش في عصر تكون فيه نهاية الإنسان شيئا معتادا بشكل يومي.

وحتى قبل الحروب العالمية، والشمولية والإبادة الجماعية التي دمرت المسرح العالمي، أوحى الفن والموسيقى الحديثان بهذه الرسالة الرهيبة: من الآن فصاعدا، يعيش الإنسان تحت علامة الكارثة. وحدث هذا في نفس اللحظة التي لم بعد فيها يؤمن بنهاية العالم. ومن ثم، فإن فكرة نهاية العالم لن تظل معلقة إلا لفترة قصيرة جدا من الزمن، بين كانط وهيروشيما. من أعراض نقطة التحول هذه تغير الضوء الذي يغمر الخيال العلمي: لقد حلت الأسطورة السوداء محل الأسطورة الذهبية.

تمهيد:
اننا لكي نحاول سد الثغرات الغائرة الخاطئة التي تخترق هيكل وجسد تاريخ الفلسفة كما اشارت له نظرية التحول اللغوي وفلسفة اللغة ونظرية فائض المعنى التي بدأت مطلع القرن العشرين وتبلورت الى نضج فلسفي متشظ منتصف القرن العشرين في تنصيب فلسفة اللغة الفلسفة الاولى على هرم مباحث الفلسفة يلازمها في المقدمة تنحية مبحث الابستمولوجيا الفلسفة الاولى القارة في تاريخ الفلسفة منذ ما قبل القرن السابع عشر عصر ديكارت.
بات على رواد الفلسفة المعاصرة بعد دخول فلسفة اللغة نفق التشظي الفلسفي اللغوي المسدود اعقاب ما جاءت به فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات. التوجه نحو مراجعة أخطاء افكار الفلاسفة على مر العصور وليس تحميل تاريخ فلسفة اللغة الاخطاء المتراكمة في البحث عن حفريات معرفية جديدة غير مسبوقة تقودها قراءات حديثة تبدأ من دراسة اثنولوجيا تاريخ الاقوام البدائية التي ليس لها تاريخ كما فعل شتراوس وليس انتهاءا بالخروج على جميع طروحات عصر الانوار والحداثة كما وليس وقوفا امام مرحلة ما بعد الحداثة مع الفلاسفة الذين يرغبون مجاوزة ما بعد الحداثة الى ما بعدها.. اللغة ليست مشكلة الفلسفة بل اراء الفلاسفة التضليلية الخاطئة هي المشكلة.

وهم الجدل الهيجلي

سبق لي وكتبت أكثر من مقال منشور لي على مواقع ومنصات الكترونية تتوزعها مؤلفاتي تعنى بالفلسفة والفكر طعنت بها حقيقة الزيف الجدلي الهيجلي المثالي ليس من منطلق رؤيته الفلسفية المثالية الدارجة عنه من ان كل شيء يتم بالفكر قبل سيرورة الواقع. بل لما امتاز به جدل هيجل من تلفيق مصطنع كان مثار ليس تشكيك كبار الفلاسفة الذين عاصروه، بل الاهم ان هيجل صاحب الجدل التلفيقي لم يكن مؤمنا هو بما يقول به عن جدله فلسفيا كونه كان على دراية كاملة انه يبحث عن جدل تخييلي وسط تلاطم امواج من التلفيق والتنظير الانفصامي عن صيرورة الواقع وحركته التطورية بمعزل عن الحياة.  

تمهيد : علاقة الزمن بالاشياء علاقة ادراكية محايدة بالدلالة المعرفية لا يقوم الزمن بها بل بدلالتهما المتواشجة معا "الزمن والاشياء" ندرك العالم والطبيعة والموجودات.
علاقة الزمن بالاشياء ليست علاقة جدلية ديالكتيكية. بل هي علاقة ادراكية معرفية فقط كون الزمن محايد في عملية الادراك. ادراك الشيء موجودا حسيا او خياليا تسبق معرفته والوعي به عقليا. الادراكات الحسية هي نقل انطباعات ادراكات الحواس للاشياء في المرورالوقتي بالذهن وهذه الانطباعات الحسيّة هي مرحلة اولى على طريق المعرفة العقلية والوعي بالمدركات.....الوعي العقلي يسبق التعبير اللغوي عن المدركات. الوعي لافيزيائي مجرد ينتجه العقل المادي كما ينتج تفكير اللغة ولا غرابة بذلك.
الزمن لا يعي ادراك الاشياء بدلالته ولا الاشياء تدرك الزمن ذاتيا الا بدلالة ثالثة اخرى تكون وسيطا بينهما هو حركة جسم ما . حركة الشيء تعني ادراك دلالة الزمن ولذا يطلق سقراط على الزمن انه مقدار حركة جسم او شيء لكن الزمن في ماهيته الجوهرية غير المدركة عقليا ليس حركة.. الوعي يدرك ذاتيته من خلال محايثة موضوعه له والوعي لازمني بالنسبة لادراك موضوعه.

الوعي القصدي والموضوع

حين لا نستطيع تعريف ماهو الوعي الا بدلالة غيره من حلقات سلسلة المنظومة الادراكية العقلية  التي تبدا بالحواس وتنتهي بالدماغ. فكيف يعي الوعي موضوعه ويدركه بالاحاطة به والتعبير عنه؟

مخترع الوعي القصدي بالفلسفة هو الفيلسوف السويسري هيرمان برينتانو 1831 – 1917 وهو عالم نفس ايضا. حاضر بالفلسفة وعارض النقد الكانطي وانصب اهتمامه على علم النفس. كان تاثيره شديدا على تلميذه ادموند هوسرل فيلسوف الظاهريات (الفينامينالوجيا) وبدوره اي هوسرل كان له التاثير الاقوى على فلاسفة الوجودية مارتن هيدجر، بول سارتر، ياسبرز، جبرييل، ميرلوبونتي واخرين جمعتهم الهجمة الشعواء التي شنوها على كوجيتو ديكارت انا افكر اذن انا موجود حتى اصبحت مقولة ديكارت تفلسف  من لا شاغل له بالفلسفة.

الترجمة
" النص الذي ننشره هنا بالترجمة الفرنسية ولد ككتابة عرضية. إنه يشكل حوالي ثلث المساهمة في التنوير والمسيحية التي طلبت منا لعمل جماعي باللغة الألمانية مخصص لتاريخ الفكر المسيحي. وبعد أن تخلى الناشر عن مشروعه لاحقًا، سيتم نشر مساهمتنا في كتيب مستقل. ولمعلومات القارئ نشير بإيجاز إلى الخطة: تم تخصيص الجزء الأول لخاصيتين معرفيتين للفكر التنويري:
أ) القيمة الأساسية المعطاة للمعرفة التي يُنظر إليها على أنها مستقلة، ومستقلة عن أي صلة مباشرة بالتطبيق العملي الذي يعتبر قبل كل شيء بمثابة تطبيق تقني أو اجتماعي لها،
ب) حقيقة أن هذه المعرفة يتم تصورها على أنها تتكون من عناصر مستقلة بما فيه الكفاية بحيث يمكن نقلها بالترتيب الخارجي والأبجدي للقاموس؛
- أما الجزء الثاني فيدرس المواقف المتعارضة في الفكر الجدلي:
أ) الوحدة العضوية والفورية للنظرية والعملية،
ب) تصور الفكر الإنساني ككل منظم،
ويحدد النقد الجدلي للفكر التنويري كما تم التعبير عنه في كتاب غوته فاوست وفنومينولوجيا هيغل؛
— الجزء الثالث يتكون من النص المرفق؛
- والرابع يدرس موقف الفكر التنويري من الديانة المسيحية.
— السؤال الأخير، أخيرًا، عن طريق استنتاج القيمة الحالية للعقلانية.

 تحت تأثير كارثتي الزلزال والفيضان اللتين ضربتا على التوالي وبشكل متزامن بلدين عربيين مغاربيين (المغرب وليبيا)، قلت في قرارة نفسي: كيف قاربت الفلسفة إشكالية الكوارث؟ لمحاولة إيجاد جواب عن هذا السؤال، عثرت على مقال بالعنوان أعلاه كتبه فلوران بوسي الحاصل على دكتوراه في الفلسفة. كان مدرسا لهذه المادة في المدرسة الثانوية، قبل أن يتم تعيينه محاضرا في جامعة روان الفرنسية (2006-2013). ألف العديد من الكتب ونشر العديد من المقالات، ويتعاون حاليا مع مجلة “Les Zindigné(e)s”، التي يديرها بول أريس.
المقال:
إن التفكير في الكوارث المعاصرة يجب أن يجعل من الممكن تسليط الضوء على خصوصياتها، بما يتجاوز القواسم المشتركة الواضحة للأحداث المؤلمة التي عانى منها البشر منذ بداية تاريخهم. ومن الضروري بالفعل تجنب الوقوع في مأزق الارتباك التاريخي الذي يتجاهل حقيقة أن عصرنا يحمل في داخله الكارثة، لأنه يثيرها ولأنه ينفيها.
إن معرفة الكوارث الحالية والمستقبلية الجديدة تظهر أولاً كاعتراف بما يجعلها كوارث “خاصة بنا”. ولا يمكن للسياسة أن ترقى إلى مستوى تحديات العصر إلا بهذا الشرط، وهو أيضا ثمن (يؤدى).
إن التفكير في الكوارث العالمية كثيرا ما يثير السخرية، لأن الوجود الحالي للعالم سيكون دليلاً من لحم ودم على أنه تم تجنب الكوارث أو أن آثارها كانت جزئية فقط. “لا داعي لجلد قطة”، “ترهات دعاة نهاية العالم”، هذا ما يقوله الذين يسمون بالمفكرين الواقعيين.
ومع ذلك، فإن وضعنا يقاوم ما يسمى بواقعية القياس والحس السليم، لأن شيئا ما قد تغير في طبيعة الكوارث التي يواجهها الناس بشكل دوري، وهو الأمر الذي يجعل من المستحيل بالنسبة لنا أن نعلن ببساطة، بشكل عرضي أو موثوق، أن العالم، غدا كما اليوم (اليوم كما ألبارحة)، سوف يتعافى من العنف الذي هزه لبعض الوقت. هذا هو التغيير الذي نقترح مساءلته هنا، لأنه يتعلق بحالة الإنسان المعاصر.

 مقدمة
لقد استقبل بعض علماء الأنثروبولوجيا ميشيل فوكو في الولايات المتحدة، وكان لفكره تأثير كبير على الأنثروبولوجيا الأمريكية. ولكن في الواقع لم يكن هذا هو الحال على الإطلاق في فرنسا. كانت الأنثروبولوجيا الفرنسية في السبعينيات خاضعة بالكامل لسيطرة شخصية وعمل كلود ليفي شتراوس. لكن كيف يمكن أن نفسر أن علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين هم أول من تناول ميشيل فوكو بينما لم تكن الأنثروبولوجيا الفرنسية مهتمة به؟ ماهو موقف فوكو من الأنثروبولوجيا؟ هل دعمها أم قام بهدمها؟

تكشف المخطوطات غير المنشورة لدورة قدمها ميشيل فوكو في عام 1954 بدايات تفكيره حول إمكانية معرفة الإنسان، أي الأنثروبولوجيا. مخطوطة ميشيل فوكو (1926-1984) المنشورة تحت عنوان السؤال الأنثروبولوجي محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية منذ وفاة مؤلفها، على شكل أوراق مرقمة في صناديق من الورق المقوى. ولم يكن تجميع هذه المواد خاليًا من المشاكل (الترقيم العائم لبعض النصوص، وغياب العناوين لأجزاء معينة، والأقسام غير الدقيقة، وما إلى ذلك)؛ والخاتمة الوافرة التي كتبتها أريانا سفورزيني بعنوان "منزلة الدرس" تستعيد التفاصيل. ولا يقل محتوى هذه المخطوطة حسما لأنه يشكك، قبل حوالي عشر سنوات من انتشاره الواسع في الكلمات والأشياء (1966)، في مفهوم الأنثروبولوجيا، أو بالأحرى ظهور التساؤل حول الإنسان، كما نرى. تطورت في كتابات كبار الفلاسفة مثل ديكارت، مالبرانش، فيورباخ، لايبنتز، كانط، هيغل، نيتشه. ويبين فوكو هناك أن ما يعنيه أصلا “علم الإنسان” يعني في الواقع الإشارة إلى شخصية الإنسان المبنية تاريخيا، والمعتمدة على مفاهيم أخرى مثل مفاهيم العالم والطبيعة والحقيقة. ومن خلال القيام بذلك، يدعو فوكو إلى التشكيك في فكرة أن "الإنسان" سيشكل موضوعًا محايدًا للمعرفة، والذي تم تشكيله على هذا النحو منذ الأزل. وفي الواقع، الأنثروبولوجيا غير موجودة في جميع الأوقات وفي جميع الثقافات. لكي تكون الأنثروبولوجيا قابلة للتصور، يجب أن يُفهم الإنسان على أنه قادر على إعطاء معانيه للعالم وللطبيعة، في نفس الوقت لنفسه. باختصار، إن الأنثروبولوجيا التي يتحدث عنها فوكو في هذا العمل ليست "علمًا" بقدر ما هي أداة فكرية ذات موقع تاريخي.

انا افكر اذن انا موجود....... رينيه ديكارت
انا افكر حيث لا اوجد، واوجد حيث لا افكر.......
 جاك لاكان
انا افكر في شيء ما اذن انا موجود....... ادموند هوسرل
انا اتألم اذن انا موجود........... ميلان كونديرا

سبق لي ان كتبت مقالة ناقشت بها مفهوم هوسرل لكيجيتو ديكارت (انا افكر اذن انا موجود) نشرتها لي صحيفة المثقف الالكترونية الغراء بعنوان ( هوسرل  / علاقة الذات بالموضوع) ونشرها موقع كوّة الفلسفي تلاها غيره من مواقع عدة، لقد أخذ هوسرل ان التفكير المنتج هو وعي قصدي عن استاذه برينتانو. وانتشرت المقولة انتشار النار في الهشيم على صعيد الفلسفة خاصة الامريكية منها واستحدث عنها كتابات فلسفية امريكية بالخصوص لا حصر لها حول علاقة فلسفة اللغة بفلسفة العقل وكذا بفلسفة الوعي. لذا سأكتفي هنا بمناقشة عبارة جاك لاكان بضوء مقتطفات من كتاب نقد الحقيقة للمفكر علي حرب وتداخلهما مع تفكيكية دريدا. تاركا تفنيد كوجيتو ديكارت التي اضحت جثة ميتة في كلاسيكيات تاريخ الفلسفة.

لا أرغب مصادرة عبارة جاك لاكان بأن الوجود عنده أمنية الفيلسوف أن يوجد الانسان في وجود انساني أصيل غير ما هو فيه من وجود مجتمعي زائف، وأنّ وجوده العياني الماثل هو وجود مجتمعي لا قيمة ولا نفع من التفكير من خلاله. اولا عبارة جاك لاكان سبقه بها عشرات من الفلاسفة ربما اشهرهم نيتشة، هيدجر، فوكو، هوسرل، سارتر، وفلاسفة اخرين بينهم امريكان. ورغم بهرجة وزهو العبارة الا انها لا قيمة حقيقية فلسفية لها.

 فهمي التأويلي التفسيري لعبارة جان لاكان ( انا افكر حيث لا اوجد، واوجد حيث لا افكر) ولا يشترط ذلك أن غيري لا يقرأها بفهم وتأويل مغاير بتعدد وتنوع  واختلاف القراءات. لكني اجد في تلك القراءات انها تماهي استعراضي فلسفي غير مشروط بالفهم الخاص الذي اراده جان لاكان بعبارته الغامضة العصيّة التي تتقبل التناقض التفسيري كما نجد مثاله الصارخ مارتن هيدجر. الذي كان اوضح هذا التناقض بجدارة اكثر فلاسفة سبقوه.

امّا لو اننا اخذنا عبارة علي حرب مثالا في تفسيره لعبارة (جاك لا كان) فهو يذهب الى تفسير نوع من العدمية التفكيكية المباشرة في الغاء أن يكون الانسان ذاتا مفكّرة في جوهرها، لأن كل ماهو في  حجب الغيب ويمتنع الافصاح عن حقيقته يكون ذاتا غير مفكّر بها فتوجد حيث لا وجود وهذا دليل تفسيره في العبارة وفق استراتيجية ميتافيزيقية لا تنطبق في معناها الا على الذات الالهية فقط. وخارج هذا الحيّز لا قيمة لها ولا يمكنها التحقق منها وجودا من عدمه.

الوجود لغة.....  وليفريد سيلارز

يذهب جورج بيركلي (1685 – 1753) وهو فيلسوف إيرلندي من أصل انكليزي الى (أن وجود الشيء هو أن يكون مدركا في جميع الحالات، إلا عندما يكون الوجود هو الإدراك)1.

ان يكون الادراك موضوعا لادراك العقل بمعنى العقل يدرك نفسه عندها لا يبقى موضوعا يدركه العقل خارج ادراكه لذاته. .  وسيلارز الامريكي قال الوجود هو اللغة. وقال آخر الوجود هو الله. والعبارتان صحيحتان لا يمكن إدحاضهما.

عبارة بيركلي هي نوع من الإدراك الذاتي المثالي الذي يلغي الوجود واقعا ماديا حقيقيا مستقلا خارج الإدراك الحسّي العقلي بالفكر. فهو يعتبره إما أن يكون شيئا مدركا صوريا تجريديا فكريا يمر في الذهن، وإما أن يكون الوجود هو الإدراك بذاته بلا ذات إنسانية يحكمها العقل تدرك ذلك الوجود. وهو خطأ فالوجود لا يدرك ذاته بذاته كما يفعل العقل. صحيح ليس كل موجودات الوجود تلزم العقل ادراكها الا انها لا تدرك ذاتها بذاتها. الموجودات لا تمتلك عقولا تدرك بها غيرها ولا تدرك بها ذاتها. ادراك الشيء تعبير لغوي ناتج عن تفكيرعقلي.

أي أن إدراك الوجود لذاتيته هو إدراك الذاتوية الوجودية لنفسها ولا يكون مهما إرتباط الإدراك ألخارجي للموجودات بالعقل. وهنا يسقط بيركلي في حفرة الأوهام الميتافيزيقية بفارق جوهري هو أن الوجود المادي لا يمتلك إمكانية إدراك ذاته بذاته ما عدا الانسان الذي يمتلك الخاصيّة العقلية التي تدرك الادراك موضوعا مغايرا لها في العالم الخارجي في نفس الوقت التي تدرك خاصية العقل ذاتها.

جميع الكائنات الارضية في الطبيعة لا تمتلك ذاتا إدراكية تعي نفسها ولا تعي المحيط بها كما لا تمتلك عقلا هو سيّد التفكير الإدراكي للذات والطبيعة ما عدا الانسان الذي يمتلك تلك الخاصيتين.