يظهر أن هناك علاقة معينة بين العنف وتشكل الهوية الرجولية، حيث أن هذه الأخيرة تتأسس على الهيمنة على النساء بوجه خاص وعلى تحكم الرجال في وسائل الإنتاج المادي واحتكارهم لوسائل العنف الفيزيقي والرمزي، مما يدعونا إلى طرح التساؤل التالي: هل يعد العنف ضد المرأة مكونا أساسيا من مكونات تشكيل الهوية الرجولية؟ وإذا كان الأمر على هذا النحو، فبماذا يمكن تفسير هذه العلاقة؟ وهل تسعفنا المقاربات المعتمدة في تفسير الهيمنة الرجولية على إيجاد تفسير علمي للظاهرة موضوع الدراسة؟
I- المقاربات المعتمدة في تفسير الهيمنة الرجولية:
كما سبق أن أشرنا في مقدمة هذا المقال، فإن علاقة العنف بتشكيل الهوية الرجولية لم تحض بما فيه الكفاية من الدراسة والبحث. ذلك أن الاهتمام قد انصب أساسا على دراسة الهيمنة الرجولية بوجه عام، حيث اتجه العديد من الباحثين، بالاعتماد على بعض المرجعيات الفكرية والمنطلقات النظرية، إلى البحث عن تفسير لهذه الهيمنة دون الوقوف عند مكوناتها الأساسية. وبانطلاقنا من مسلمة كون العنف بصفة عامة والعنف ضد المرأة بصفة خاصة يعد بعدا أساسيا للهيمنة الرجولية، فإنه يكون من المشروع اعتماد المقاربات المستعملة في دراسة الهيمنة الرجولية لتحليل ظاهرة العنف ضد المرأة لدى الرجال والتعرف على علاقة العنف بتشكيل الهوية الرجولية. فما هو مضمون هذه المقاربات؟
1 - المقاربة الأبوية البيولوجية:
تستند هذه المقاربة على السوسيو بيولوجيا التي تنطلق من كون العدوانية الذكورية الموروثة هي التي تمنح الأسس البيولوجية لهيمنة الذكور على الإناث، وللتراتبية والتنافسية بين الرجال وأيضا للحرب. على أساس ذلك، فإن ستيفن كولدبيرك (Steven Goldberg)، عالم الاجتماع الأمريكي، حاول أن يوضح أن الجانب الهرموني هو السبب في هيمنة الرجل.