كتاب من تأليف الباحث المغربي عبد الهادي البياض، صدر عن دار الطليعة للطباعة والنشر ببيروت، يتألف من بابين رئيسيين موزعيْن على عدة فصول، وهو بمثابة دراسة أكاديمية تبحث في تأثير الكوارث الطبيعية (القحوط، المجاعات، العواصف، السيول، الجراد، الحرائق، الزلازل، الأوبئة) على ذهنية وسلوك إنسان المغرب والأندلس، وما قد تفضي إليه من تحولات قيمية، وذلك في الفترة الممتدة من القرن السادس إلى القرن الثامن الهجري، عبر مقاربة منهجية تمزج بين ما هو كمي إحصائي، فضلا عن المناهج الأنثروبولوجية والسوسيولوجية، ومقاربات التحليل النفسي والسلوكي، والمنهج المقارن. كما يقر صاحب الكتاب ببعض الصعوبات المنهجية التي اعترضته من قبيل ندرة المصادر النصية التاريخية التي يمكن الاستناد إليها.

وفيما يخص الآثار المترتبة على وقوع كارثة ما، عادة ما ينجم عن ذلك عواقب ديمغرافية من حيث تناقص عدد السكان، فضلا عن بروز توزيع جغرافي جديد (هجرة القبائل الصحراوية إلى الأراضي الخصبة، إذ كان سكان المناطق الصحراوية أكثر صمودا في وجه الكوارث بفضل المناخ الصحراوي الحار ونظام التغذية المعتاد على التقشف)، بالإضافة إلى تداعيات سياسية مثل إضعاف وباء 610 ه لسلطة الموحدين، ومن ثم استفادة خصومهم المرينيين من ذلك المعطى، دون إغفال تداعيات أخرى سنعرض لها فيما يلي:

مقدمة:

     عرف المغرب عبر حقبه الطويلة والممتدة، ظواهر اجتماعية وسياسية عديدة، لعل أبرزها ظاهرة العنف التي بصمت تاريخه بأشكال مختلفة فطبعت بذلك نصوصه التراثية، ولعل تسليط الضوء على هذه النصوص باستقرائها، سيساهم في الكشف عن مدى تفاقم هذه الظاهرة، التي تتوخى هذه الدراسة المتواضعة تقديم قراءة تحليلية على تجربة تعتبر النموذج الأمثل لها، وهي التجربة الموحدية.

1- الاسطوغرافيا والعنف الموحدي:

     بإلقاء نظرة خاطفة على المصادر التي أرخت للدولة الموحدية، على اختلاف مشاربها واتجاهاتها نجدها متفقة على العنف الذي مارسه الموحدون منذ ظهورهم على مسرح الأحداث، ويكفي في هذا الموضوع ذكر أسماء كل من أخبار المهدي للبيدق، ونظم الجمان لابن القطان...

     والظاهر من خلال هذه النصوص، أن الدولة الموحدية مارست إكراهها وعنفها " الشرعي"، بأساليب متنوعة، وتقدم متون الفترة انطباعا عن كثرة القتلى، وسفك الدماء، ولاتعوزنا النصوص التي تصف المهدي بن تومرت بأنه كان " سفاكا للدماء غير متورع فيها ولا متوقفا عنها يهون عليه سفك دم عَالَم من الناس في هوى نفسه وبلوغ غَرَضِه"[1]، مثلما تصف عبد المومن بن علي بأنه " كان كثير السفك لدماء المسلمين على صغار الذنوب "[2].

     ولم يفت أحد الجغرافيين أن يسجل على الموحدين أنهم " سفكوا الدماء، وباعوا الحرم كل ذلك بمذهب لم يروا فيه حلالا"[3]، كما تكشف النصوص عن الأعداد الهائلة من السكان الذين لقوا حتفهم بسبب الحملات التي شنها الموحدون على مناوئيهم، ففي إحدى الحملات العسكرية التي شنها الموحدون ضد مدينة مراكش" قتلوا ما لا يحصى"[4]، كما " قتل أهل أغمات مقتلة عظيمة ومات فيها من جناوة ثلاثة آلاف أسود"[5]، أما في منطقة درعة فقد " قتل فيها من شيع التجسيم نيف عشرين ألفا"[6].

     وأثناء دخول عبد المومن بعض المدن المغربية لم يتردد في قتل أغلب مناوئيه، فقد كان دخوله مدينة فاس سببا في هلاك " خلق كــــــثير "[7] وفي مكناسة تعرض السكان لأغرب طرق التعذيب التي قام بها الموحدون في غزواتهم، بإحراق الناس أحياء في حادثة فريدة، حيث فر منهم مجموعة من الناس وهرعوا إلى شجرة تغصاص كبيرة " ظنوا النجاة فيها فتعلق بها منهم خلق كثير، وضم الموحدون الحطب لتلك الشجرة وأضرموا النيران حولها فسقط كل من كان فيها واحترقوا عن آخرهم"[8] .

توطئة:
حققت الكتابة التاريخية المغربية، طفرة مهمة كماً وكيفاً خلال الأربعة عقود الأخيرة، حيث اتسع مجالها وتجاوزت مرحلة الرد على الأطروحة الاستعمارية وتفنيدها، واتخذت منحى اجتماعياً واقتصاديا وثقافيا، بعدما كانت مختصرة في الجانب السياسي، فاقتحم المؤرخون المغاربة مجالات كانت حكراً على الفقهاء والجغرافيين والأنثربولوجيين وعلماء الاجتماع ([1]).

هذا التقدم حتم إعادة النظر في كل المفاهيم التاريخية مثل، الوثيقة والواقعة التاريخية والحقبة التاريخية والنقد التاريخي، الذي لم يعد مقتصراً على التحقيق اللغوي والتدقيق الزماني والمكاني ([2])، كما أن هذه التحولات شملت مواضيع وفترات جديدة، كتاريخ الزمن الراهن، الذي بدأ الاهتمام به من طرف الباحثين والمؤرخين المغاربة ([3]).

فالمغرب لم يكن بمعزل عن التحولات التي شهدها العالم، فقد خضع للاستعمار ما بين 1912و 1956، وواجهت هذا الاستعمار حركة وطنية مسلحة وأحرى سياسية، وبعد الاستقلال وقعت صراعات يبن القوى السياسية، كان من نتائجها حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان خاصة في الفترة التي اصطلح على تسميتها بسنوات الجمر والرصاص، وخلال مطلع القرن الحالي، عرف ب "عدالة انتقالية"، مبنية على مقاربة تصالحية بعد إنشاء " هيئة الإنصاف والمصالحة".

وفي سياق هذه التحولات، وخاصة خلال العقدين الأخيرين اللذين شهدا توسعا ملحوظا في هامش الحريات العامة، عرف المغرب حضورا كبيرا لهذا النوع من الكتابة التاريخية، من مظاهر هذا الحضور بروز كتابات ذات صبغة تاريخية وسياسية وصحافية ومذكرات وسير ذاتية تناولت الفترة الاستعمارية وفترة الاستقلال، كما تعزز هذا الحضور لهذا النوع من الكتابة التاريخية، بالتطور التقني والإعلامي الهائل حيث يمكن الحديث اليوم، عن طغيان وهيمنة وسطوة التاريخ الراهن.  

ورغم ما يكتسيه هذا النوع من الكتابة التاريخية من أهمية كبيرة، فمما لا شك فيه أن الباحث أو المؤرخ الذي يسعى إلى المساهمة في كتابته، سيواجه حتماً العديد من العوائق، وستقف أمامه الكثير من الصعوبات وستحول دونه العديد من العقبات، منها إشكالية المفهوم، والتحقيب الزمني، وإشكالية المصادر، والتداخل ما بين التاريخ والذاكرة، وكذا التداخل بين المهام أو بالأحرى من يكتب التاريخ الراهن.

” إن مخالطة الأغراب، لا سيما إذا كانوا من أولى الألباب، تجلب للأوطان المنافع العمومية “ ( مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية ص: 168)·. ” ... والبلاد الإفرنجية مشحونة بأنواع المعارف والآداب التي لا ينكر إنسان أنها تجلب الأنس وتزين العمران.... أنهم يعرفون التوفير وتدبير المصاريف، حتى أنهم دونوه وجعلوه علماً “ (تخليص الإبريز في تلخيص باريز ص: 119-171) (الطهطاوي).

يعتبر رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) أحد قادة النهضة العلمية في مصر والعالم العربي خلال القرن التاسع عشر، لقب برائد التنوير في العصر الحديث، لما أحدثه من أثر في تطور التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث. اختير إماماً مشرفاً ومرافقاً للبعثة العلمية الأولى التي أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا بعد أن رشحه الشيخ حسن العطار (1766-1835) لهذه المهمة وزكاه عند السلطان. بذلك يعتبر الطهطاوي هو أنبغ المصريين الذين بُعثوا إلى أوروبا، وقد كانت له بعد عودته جهود محمودة في حياة مصر الثقافية، مما يجعله بحق زعيماً لنهضتنا الفكرية في ذلك العصر.

وتعتبر هذه الزيارة التي قادت رفاعة رافع الطهطاوي إلى اكتشاف أسرار باريس، بعدما عين من طرف أستاذه حسن العطار كمشرف ليرافق البعثة التعليمية المتكونة من 40 طالباً مصرياً لفرنسا لتعلم العلوم والوقوف على المناهج التعليمية الفرنسية، زيارة تاريخية وقف من خلالها الطهطاوي على عوامل نجاح وتقدم فرنسا ثقافياً وحضارياً وعلمياً، ولم يكتف رفاعة الطهطاوي بمهمة الإشراف الديني على البعثة بل دفعه شغفه بالمعرفة وحب الاكتشاف إلى تعلم أبجديات اللغة الفرنسية وهو لا يزال على ظهر السفينة الحربية المتوجهة نحو فرنسا رفقة الطلاب المصريين.

كانت نصيحة العطار لرفاعة أن يُسجل مشاهداته في رحلته في كتاب خاص، وقد استجاب التلميذ لنصيحة أستاذه، فبدأ منذ ركوبه السفينة في الإسكندرية يَفتح عينيه وأذنيه ليرى كل شيء ويسمع كل شيء. وكان كلما رأى جديداً أو سمع جديداً، انطوى على نفسه يفكر فيما رأى وفيما سمع، ثم لا يلبث أن يستحضر في مُخيِّلته الصورة المقابلة - لِما رأى أو سمع - في وطنه، أو في ديار الإسلام عامة، ثم يترك نفسه على سجيتها يُلقي النظرة بعد النظرة على الصورتين: الصورة القديمة التي عرفها في وطنه أو في ديار الإسلام، والصورة الجديدة التي رآها في الغرب أو في ديار النصرانية، فإذا ملأ نظره من الصورتين انقلَب يُحلل ويُقارن؛ لأنه كان يرى دائماً أن الصورة القديمة باهتة كريهة وأن الصورة الجديدة زاهية حية محبوبة.

وُلد رفاعة رافع الطهطاوي عام 1801م، بمدينة طهطا بصعيد مصر. اعتنى به أبوه في صغره، رغم مروره بضائقة مالية فرضت عليه التنقل بعائلته من قرية إلى أخرى، إلى أن استقر المقام بهم في القاهرة. وكان رفاعة قد حفظ القرآن الكريم، ودرس النحو واللغة، كما حفظ كثيراً من المتون المتداولة في عصره. وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره أكمل رفاعة دراسته في الأزهر الشريف، ومن حُسن حظه أن درس على يد الشيخ حسن العطار، فقد كان واسع الأفق، كثير الأسفار، يقرأ كتب الجغرافيا والتاريخ والطب والرياضيات والأدب والفلك؛ فخرج رفاعة كأستاذه واسع الأفق، عميق المعرفة. وقد تخرج رفاعة في الأزهر في الحادية والعشرين من عمره.

- قراءة في كتاب رفاعة رافع الطهطاوي (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) عام 1834:

معنى الإبريز، حسب قواميس اللغة العربية، هو الذهب الخالص، ويقال: ذهب إبريز، والقطعة منه إِبريزة، ويعود الفضل إلى رفاعة رافع الطهطاوي الذي جعل هذه المفردة حاضرة، حين اختارها في عنوان كتابه الأشهر: " تخليص الإبريز في تلخيص باريز "، الذي يمكن أن نعده النافذة العربية الأولى على الفكر الأوروبي الحديث، وأحد الكتب المؤسسة لفكر النهضة العربية، بل لعله أهمها.

كتاب من تأليف المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري (1935 – 2010)، صاحب مشروع "نقد العقل العربي"، صدرت طبعته الثانية عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت في العام 1990، وهو بمنزلة تأليف لمجموعة من الدراسات والأبحاث السابقة، التي تناولت جملة من القضايا الإشكالية المتشابكة في جوهرها، المتصلة بالفكر العربي ومدى قدرته على الصمود في وجه المتغيرات والرهانات المستقبلية التي تواجهه.

أولا: الفكر العربي بين التراث والحداثة

يذهب الكاتب إلى أن إشكالية "الأصالة والمعاصرة" لا يجدر بنا مقاربتها كمسألة اختيار أو مفاضلة بين نموذجين حضاريين (تراثنا الثقافي / الحضارة الغربية المعاصرة)، لأن النموذج الغربي قد فرض نفسه كأمر واقع، من خلال عملية تحديث شُرع في تطبيقها منذ الحقبة الكولونيالية دون تبيئة شروطها الداخلية، وذلك بالموازاة مع استمرار سطوة بعض البنى التقليدية الموروثة، الأمر الذي أفضى إلى ازدواجية سافرة في شتى المجالات (العمران، الاقتصاد، الإدارة، الثقافة... إلخ)، فضلا عن أنماط الوعي والتفكير.

كما أن تلك الإشكالية (= الأصالة والمعاصرة) ليست امتدادا للصراع الطبقي داخل المجتمعات العربية، في تقدير الكاتب، بحيث يفند الأخير الطرح القائل إن دعاة الحداثة يدافعون عن مصالح الطبقة البرجوازية، فيما ينزع الأصاليون إلى الذود عن الطبقة الإقطاعية التقليدية، فذلك الطرح – عنده – لا يتلاءم ومعطيات الواقع العربي. وبالمقابل يشدد الجابري على الطابع الثقافي الفكري المحض لتلك الإشكالية، باعتبارها تجسم الهوة التي يشعر بها المثقف العربي بين ثقافة ماضيه وتراثه من جهة، وثقافة الحضارة الغربية المعاصرة من جهة ثانية.

وهكذا فإن تلك الإشكالية المطروحة على الوعي العربي لا نجد ما يقابلها عند الأوروبيين، ولعل ذلك يعزى إلى أن الفكر الأوروبي يتعاطى مع التراث تعاطيا خلاقا وبناء، فالتراث عندهم يستوعب الماضي والحاضر في آن من دون أن يقيم بينهما تناقضا، إذ ينظر الأوروبيون إلى تاريخهم كصيرورة متصلة الحلقات، السابق فيها يؤسس للاحق، وبالتالي فإن التراث وفق هذا التصور يعد منطلقا للتجديد والمضي نحو المستقبل، الشيء الذي يملي إعادة كتابة تاريخنا الثقافي متوسلين بروح نقدية وعقلانية، على نحو يؤسس للحاضر ويفتح أبواب المستقبل.

"هناك ثلاثة عناصر ضرورية للإجابة على هذا السؤال: المكان، والزمان، والهوية...وأعتقد الآن أن التجربة الشيوعية كانت على صعيد المتخيَّل والبعد الوجودي بمثابة انفجار تحطمت معه كل الحدود، وكنا وقتئذ في حضرة ما يشبه الشفق القطبي وأمام نوع من الولادة" إدمون عمران المالح ،حوار مع ماري ريدوني،2005 .
اختارت المؤرخة ألما راشيل هيكمان لهذا الفصل، من كتابها شيوعيو السلطان الذي ترجمه إلى اللغة العربية المؤرخ المغربي خالد بن الصغير(2023)عنوان "الفرص والاحتمالات، الحرب العالمية الثانية وانتماء المغاربة اليهود" ويشمل تقديما ومقاطع سردية تاريخية جاءت تباعا كالتالي :
*المغاربة اليهود وفرنسا: 1939-1940
*نظام فيشي في المغرب وإخلاف الوعود
*اللاجئون و"غير المرغوب فيهم"
*عملية الشعلة وتحولات الديناميات العالمية
*الشيوعية والصهيونية والحركة الوطنية ما بعد عملية الشعلة
*خلاصة .
وضعت الباحثة تحقيبا تاريخيا للقضايا التي عرضتها في هذا الفصل يمزج في تركيبه التاريخي، وبتوليفة سردية تشتمل على الكثير من الذهاب والإياب، ما بين اللحظات المفصلية في تتبعها لموضوع اليهود المغاربة وصراع الاختيار في التجربة السياسية والانتماء، وتأثيرهم، ثم تأثرهم، بالأحداث الكبرى ذات الطابع العسكري "الحرب العالمية الثانية وإنزال الحلفاء بالمغرب" والسياسي " نظام وحكومة فيشي بمغرب الحماية الفرنسية" والإيديولوجي " المد الشيوعي الهائل بعد اندحار النازية" ثم الاجتماعي-الاقتصادي " حصار ومقاطعة الأعمال والأنشطة الاقتصادية لليهود والعمل القسري" .

"الفاشية ظاهرة عابرة للحدود الوطنية، ولفظ استعمل أولا لوصف الديكتاتورية الموسولينية، ثم اتسع خلال فترة ما بين الحربين ليشمل أنظمة أخرى، وحركات قومية ومعادية للديمقراطية..تبلور ضروبًا من الرفض: فهي نزعة مضادة لليبرالية، وللبرلمانية، وللرأسمالية، وللماركسية".
(قاموس البحر الأبيض المتوسط،2021)

تخصص الباحثة هذا الفصل من أطروحتها التاريخية للبحث في مآلات اليهود المغاربة حسب الخيارات المتاحة أمامهم فترة ما بين الحربين، وتداعيات أحداثها على المغرب.
وهي فترة تعددت وقائعها الكبرى سواء داخل المغرب، أو في محيطه الإقليمي المتوسطي، وعبر العالم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت أبرز عناوينها الأساسية :

- صعود الجبهة الاشتراكية للحكم في فرنسا سنة 1936، الدولة المستعمِرة للمغرب وبلدان الجوار بالشمال الإفريقي، وتولّي "ليون بلوم" رئاسة الجمهورية، وهو الشخصية السياسية التي يُنظر إليها بصفته أول مرشح يهودي اشتراكي يأخذ مقاليد الحكم في فرنسا (ص59).

- سياسة الإدارة الاستعمارية منذ 1930 التي كانت سببا في شرارة أول حركة وطنية جماهيرية كبرى في المغرب، وعاملا مساهما في صعود قضية الهوية الوطنية المغربية، والانتماء الوطني، في مواجهتها لمنطق الإقامة العامة الذي انتصر لمبدأ "المواطنة اللاتينية"(ص81) الذي يسعى للفصل بين مكونات الأمة المغربية بناء على اعتبارات إثنية ولسنية- ثقافية تحت ذريعة إصلاح القضاء وهياكله.

لا يُسأل الدنماركيون في كثير من الأحيان عما إذا كان الدين مهمًا في حياتهم. ربما لا يذهب الإنسان الدانماركي العادي إلى الكنيسة كل شهر، ولا يؤمن بالضرورة بالله. ولكن إذا سألت ما إذا كان هذا الشخص مسيحيًا، فستكون الإجابة على الأرجح نعم.
اثنان من كل ثلاثة دنماركيين يعرّفون أنفسهم كمسيحيين. أظهرت دراسة رئيسية جديدة أنه على الرغم من الحضور المحدود للكنيسة والإيمان بإله التوراة والإنجيل، تظل المسيحية علامة هوية لغالبية الدنماركيين. يبدو أن الإيمان المسيحي أصبح على نحو متزايد علامة وسمة وطنية للدنمركيين.
في دراسة جديدة تركز بشدة على الإيمان في أوروبا ، سُئل 15000 دنماركي ـ من بين أمور أخرى ـ عما إذا كانوا يعرّفون أنفسهم على أنهم مسيحيون، وأجاب 65٪ منهم بنعم.
يتضح هذا من خلال دراسة جديدة وكبيرة أجراها مركز بيو للأبحاث التابع لمعهد التحليل الأمريكي، والذي سبق أن حدد تدين السكان في الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا. الآن ولأول مرة ينصب التركيز على أوروبا بما في ذلك الدنمارك، حيث شارك حوالي 15000 دنماركي في استطلاع.
في الاستطلاع عرّف 65 % منهم بأنهم مسيحيون. وهي أعلى مما قد يعتقده المرء في البداية، كما تقول "أستريد كرابي ترول" Astrid Krabbe Trolle عالمة اجتماع الأديان في جامعة كوبنهاغن، والتي تبحث في نظرة الدنماركيين للدين والكنيسة الوطنية.