رأيت في المنام أني أذبحه. كان جارا طيبا وصغاره ودودون للغاية، أما الزوجة فلا تظهر إلا صبيحة الأحد لنشر الغسيل. في المرات القليلة التي تقابلنا على الدرج أظهر تواضعا وأدبا جما. يسأل عن الصحة والأولاد ثم يلج شقته بسرعة كأنما يخشى مزيدا من الكلام.
تعودت على هذا الصنف من الجيران الذي يُنشئ حدودا وهمية للإبقاء على الود في نطاق ضيق، فقصص الأسر التي خرّبها تطفل الجيران ودخولهم بين الظفر واللحم عديدة. قدّرت حرصه وأبقيت على تحية خفيفة، وتهنئة بحلول العيد؛ لكن شيئا ما بداخلي كان يهمس بأن خلف جاري ذي الملامح الجنوبية قصة ستنكشف خيوطها يوما ما.
يومها مالت الشمس إلى المغيب بينما كان اللغط في شقة الجار يرتفع. تظاهرنا باللامبالاة لولا أن صراخ زوجته بأن يُعتق أحد روحها دفعنا لطرق الباب. كانت اللحظة اختبارا لأدبه الجم، غير أنه بدا هادئا كأن شيئا لم يكن. شكرنا على حرصنا واهتمامنا، ثم قال بأن الأمر شأن داخلي ولا داعي للتدخل.
-هل نتصل بالشرطة؟ سألَت زوجتي. أجبت بأن حضور الشرطة قد ينزع فتيل الحرب مؤقتا، لكنه سيكهرب علاقتنا مع الجار لأمد طويل.
- لنتريث قليلا إذن، فإن عادت إلى الصراخ مجددا فلا مناص من إحضارهم.