محنة الإعلام السوري في مطابخ الفضائيات العربية - 1: تغطية "الجزيرة" كشفت رفْعَ الغطاء عن النظام في دمشق

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

 aljazeeraانعكس الحراك الكبير الذي تشهده المنطقة العربية على الفضائيات العربية بشكل غير مسبوق، فبعد سحب بث قنوات مثل الجزيرة والعربية عن شبكة "نيل سات" خلال الثورة المصرية، وتطوع قنوات اخرى لنقلها، ثم التشويش على القنوات من مراكز التشويش الفائقة التقنية من ليبيا مع بدء احداثها، وصولا الى اغلاق المكاتب واعتقال وضرب او قتل المراسلين، دخل الامر مع الحدث السوري طوراً جديدا تمارس فيه الضغوط هذه كلها.

يمكننا توقيت ابتداء مسلسل الضغوط السورية مع تهديدات شديدة اللهجة وجهت الى موظفي قناة "المشرق" (اورينت) السورية التي تبث من دبي، قدم على اثرها 17 شخصا استقالة جماعية، وانسحب اغلبهم تاركين القناة في وضع لا تحسد عليه، بل قام مساعد مصور مستقيل منهم قدمته قناة "الدنيا" السورية على انه "الاعلامي الكبير حمادة سميسم" بتوجيه اتهامات كبيرة للقناة، ثم بدأت حملات تشويش على البث، تبعها انقطاع مفاجئ للبث نتيجة قرار قضائي "غامض" عزاه البعض لايران وآخرون لامارة الفجيرة، وهو امر استمر قرابة الشهر قبل ان تعود القناة بترددات جديدة.

اما من بقي من السوريين العاملين في الفضائية، فقد تعرض بعضهم لحملة تشهير كبيرة بدءا من صاحب القناة غسان عبود، الذي اتهمه بعض المقالات بالعمالة والتنسيق مع اقطاب المعارضة الخارجية للتآمر على سوريا"، كما تم التشهير ببعض العاملين في القناة، مثل الاعلامي والكاتب حكم البابا، مدير البرامج في القناة، فظهرت مقالة تشهيرية ايضا به تزعم انه يقبض من بندر بن سلطان ويوسف القرضاوي.

 

معركة الجزيرة

المعركة الكبيرة كانت بالطبع هي معركة "الجزيرة"، التي اتهمها بعض الناشطين السوريين في بداية الاحداث بانها تتجاهل الحراك السوري، مما رفع آمال السلطات السورية حينها، مراهنة على العلاقات الوثيقة بين قطر وحكام سوريا والمصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة، في امكان انحياز "الجزيرة" نحو تغطية للحدث تعكس الرؤية الرسمية للأحداث. لكن انغماس "الجزيرة" المتعاظم في تغطية الاحتجاجات المتعاظمة اثبت خطأ رهان السلطة السورية.
وقْع سقوط هذا الرهان كان صعبا على السلطات السورية، فـ"الجزيرة" ليست "العربية" او "الحرة" التي يستطيع النظام في سوريا مهاجمتهما بسهولة، باعتبارهما محسوبتين على الخط السعودي او الاميركي، ولان "الجزيرة" هي بيضة القبان التي يؤدي قرارها التحريري عادة الى تغيير في موازين القوى الاعلامية، نتيجة الرأسمال الرمزي الذي تملكه في تعبيرها عن الاحداث المفصلية في التاريخ العربي المعاصر، منذ احتلال العراق، مرورا بحرب تموز اللبنانية والحرب الاسرائيلية على غزة... الخ.
وهكذا، رأى النظام ان وقوف "الجزيرة" مع حراك الشعب السوري ضد النظام سيؤدي الى فقدانه غطاء سياسيا معنويا كبيراً كان يستخدمه دائما تحت شعاري المقاومة والممانعة.
كان الرد السوري عنيفا واعتمد التشهير الاعلامي بـ"الجزيرة" والقائمين عليها، والضغط على موظفيها ودعوة المتعاطفين او المحسوبين على اتجاهها السياسي للاستقالة، وكان قطاف الجولة الاولى في المباراة بين السلطات السورية و"الجزيرة" استقالة غسان بن جدو، عازيا ذلك الى لجوء القناة القطرية الى "التحريض والتعبئة" كما قال، وهو امر بدا شديد الغرابة من بن جدو، الذي شارك في "التحريض والتعبئة" بكل قواه ضد النظامين المصري والتونسي.
هذه الاستقالة التي هلل لها النظام السوري، استُخدمت ايضا لاحراج مقدم البرامج الاكثر شهرة في القناة، السوري فيصل القاسم، المعروف عنه قربه من بعض كبار المسؤولين في سوريا والذي لم يمنع من تعرضه هو ايضا لضغط كبير لدفعه هو ايضا الى الاستقالة، بدأ مع تصريح النائب اللبناني السابق ناصر قنديل الذي زعم فيه ان القاسم استقال من "الجزيرة" احتجاجاً، كما رشحت انباء من سوريا ان شعارات انطلقت نظمت ما يشبه تظاهرة تطالب المذيع المعروف بالانحياز الى السلطة والاستقالة من القناة!
لم ينفع القاسم امساكه العصا من الوسط، الذي ساعده فيه قرار "الجزيرة" ايقاف البرامج الحوارية، ولا المبادرات التي قام بها للتوسط بين "الجزيرة" والسلطات السورية من خلال فتح نافذة لبعض الفنانين السوريين، مثل باسم ياخور ونضال السيجري، الراغبين في التعبير عن الموقف الرسمي عمّا يجري في سوريا، والذي قيل ان ادارة "الجزيرة" اوقفته بعد ان مشى بضعة خطوات نحو التنفيذ، كما ان ذلك لم يرحمه من انتقاد جمهور المعجبين به الذين انتظروا منه موقفا واضحا مما يحصل، فالمعارضون للسلطة يعتبرون الصمت على المذابح والقمع جريمة، والموالون لها يعتبرون عدم التأييد الواضح والمباشر "خيانة"!
وقد دخلت المذيعة السورية المستقيلة لونة الشبل التي كانت ضمن عدد من المذيعات اللاتي اقالتهن "الجزيرة" في حادثة شهيرة (لينا زهر الدين، جلنار موسى، نوفر عفلي، وجمانة نمور) على الخط، حيث قامت بشن هجوم على القناة قائلة ان قراراتها تخرج من "الغرف السوداء" فيها، كما اشيعت انباء شبه مؤكدة ان زوجها الاعلامي سامي كليب قد استقال ايضا.
كما شن الاعلام السوري حملة على الاعلامي احمد موفق زيدان، هاجم فيه دوره في "طبخ" الاخبار السورية في قناة "الجزيرة"، متهما اياه بانه مجرم مطلوب للعدالة وبأنه من انصار تنظيم القاعدة!

الشبكة العربية العالمية

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟