شعب "إرادة الحياة" فلتحذر! - د. عزالدين عناية

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse- tunisieلن تشتكي تونس ظلمهم فليس الوقت للشكوى.. لأن الله وحده يعلم مكرهم، فتونس مشغولة بالنظر إلى الأمام بعين ملؤها حلم أمّة.. إذ لا تزال انتفاضة الشعب على قدم وساق، في معركة مع من خرّ بنيانهم من القواعد، من ظلمهم، مع أزلام نظام بائد اختطف تونس في غفلة من روحها، وألقى بها في مهاوي الردى، طيلة عقود عجاف.
فما أصعب أن تكون تونسيا الآن.. فأخشى ما يُخشى الالتفاف على أحلام الشعوب، فلتحذر يا شباب تونس أن تسرق منك هبّتُك، كما سرقوا من أجدادنا وآبائنا الخبز والبسمة. فالذين اختطفوا تاريخ أمّة لن يتورعوا عن إتيان الفاحشة مجددا.. فيا شعبي فلتحذر! إنهم "قِربِلَّة لا دين لا ملّة".
ذلك أنه في لحظات انتفاضة الشعوب لا بد من التعقّل، حتى لا تُغدر الثورة، أكان من قبل الحرس القديم بالداخل أو من المتربّصين بالخارج. فليست الانتفاضات ولا الثورات هدفا للشعوب بل وسيلتها لإزاحة الظلم والقهر، ولن يكون سبيل لإزاحة طغيان السنين إلا بعقل رصين وقلب رحيم.
فشعب إرادة الحياة استطاع أن ينهض من بين ركام طغيان ويقول: لا للطغاة.. نعم للحرية، وتلك وحدها آية. فالشعب الذي سُرقت منه انتفاضاته وأحلامه، ربيعا صيفا خريفا، يأبي شتاءً أن تُسلب من قلْبه. فرغم الوعود، ورغم الإفك، ورغم العهر السياسي الفاضح لبقايا نظام بائد، الشعب قرّر.. لا للطغاة. فتونس الفقراء، وتونس الشرفاء، تطارد اليوم فلول السحرة والأفاكين حتى لا تُسرق منها انتفاضتها في ربع الساعة الأخير. إذ رحل سيّء الذكر ولكن نظامه لا يزال حاضرا، لذلك، هم متربّصون ونحن متربصون، ولن يهنأ بال شعب حتى يُفكِّك مؤسسات الإفك وشرائع الزور، التي صاغها السحرة إلى فرعون.

لا بد من التعويل على الوعي، واستحضار تجارب الماضي، والاحتماء بإرادة الشعب حتى لا تسرق إرادة الحياة. فنظام الزيف الأكبر الذي صنعته دعاية الطاغية، زين الشياطين، وأعوان حزبه، في وجوههم تونس تنتفض.. مستنجدة بدستور قرطاج المجيدة، وحكمة القيروان التليدة، وطهر الزيتونة الأصيلة.
حزب اغتصب شعبا وطغمة أذلت أمة، نسيا أن الشعب سيأتيهما من حيث لم يحتسبا. لقد كان التونسي بركانا خامدا، صابرا محتسبا وهو قابض على الجمر، حتى حان يوم الحسم الأكبر. انتفضت تونس من صحرائها إلى بنزرتها، ومن ساحلها إلى سباسبها. فلسنا جياعا كما قالوا.. ولسنا عراة كما رددوا، إنما جوعنا للحكم الرشيد، وللقول السديد، وللحق يعلو ولا يعلى عليه. فها هي تونس الخضراء تستعيد قرطاجها السليبة، فلنحذر!

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟