التصوف كرؤية للعالم ـ اشريف مزور

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

abstract-painting-bangkok-1مدخل:
مما لا شك أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي وجوده في هذا العالم. وغير خاف أيضا أن حاجة الإنسان لإدراك العالم من حوله وسبر أغواره هي حاجة إلى الفهم، بقدر ما هي رغبة لإعادة بنائه وتغييره، لذاك فرؤى الإنسان المختلفة للعالم تجسد نزوعه اللامحدود إلى تعقله والفعل فيه، بحثا له عن موقع في خضم الوجود، بل وتمردا على ما هو موجود. لا ارتياب في أن موقف الإنسان من قضايا الوجود يترجم هوسه بإيجاد المعنى ومنح القيمة للأشياء، ظهر ذلك في العلم والتقنية والجمال والمقدس...

ورغم اختلاف الطرق الاستدلالية والمادة المفهومية في هذه الرؤى، فإنها تشترك جميعا في إضفاء مشروعية على طموح الإنسان لضمان استمرارية بقائه. ألم يقل ديكارت Descartes عن حركة اليد الإلهية (Pichenette) بأن الله قد خلق العالم (صنعه)، لكن لم يضع له غاية محددة ومعينة مسبقا، فالعالم إذن يستقيم بموارده وقوانينه الخاصة، وهي القوانين التي على الإنسان اكتشافها، وفي لحظة الاكتشاف والإدراك والتمثل والرؤية والصياغة والتعبير اختلفت العقول البشرية وتباينت منطلقاتها ونتائجها، لكن هذا لا يمنع من استنبات تقاليد حوارية بين المباحث والرؤى تلافيا لمنطق الدوغمائية الشال لخصوبة الإمكان، وقد لا تعني الحوارية هنا أكثر من السماح بالتراوح والتذاوت Intersubjectivité والتعارف والتيهان...

يفيدنا تعدد التصورات للعالم حقيقة كبرى مفادها عدم جواز فصل الإنسان عن العالم، فالأخير لا يفهم إلا من خلال الإنسان، والإنسان لا يعي إلا وهو متوضع ومتمركز في عالمه([1]). 

وإذا كانت أشياء العالم من الغنى والتنوع أكثر مما يوجد في عقولنا وبطون فلسفاتنا ونظريات علومنا، فإننا نفهم حرص المفكرين على إيجاد نقطة ارتكاز ومنظور ثابت ومنظم لسيرورة وصيرورة الأشياء، وبلغة برغسون Bergson صب انسيابية الحياة في قوالب جامدة، صحيح أن الفكر الفلسفي في ماهيته عقلنة للعالم، كحال العلم الذي استعاض عن البحث في جواهر الأشياء بالاقتصار على تفسير العلاقات بين الظواهر، لكن لا نعدم وجود تمثلات قديما وحديثا لجأت إلى تفسير المرئي باللامرئي (الأسطورة والدين)، بل وفي خضم مفارقات الوجود هناك من لجأ إلى أسلوب الكشف والفناء والرمز تحقيقا للصفاء الروحي واليقظة الذوقية. فكيف يحدد التصوف الإسلامي رؤية الإنسان للعالم، هل من تقاطعات واختلافات بين  التصوف والفلسفة في ثقافتنا العربية الإسلامية؟

مقدمـة:

        يتشكل الفكر الإسلامي في عرف العديد من الدراسات العربية وغيرها من اتجاهات ثلاثة: فلسفة عقلانية خالصة كما يجسدها فلاسفة الإسلام الذين عملوا على التوفيق بين علوم الأنا والآخر، علم الكلام أو علم المناظرة العقدي الذي ابتدأ بالحديث عن قضايا سياسية بمضمون ديني، حتى صار دفاعا عن العقائد الإسلامية بالحجاج العقلي، ثم علم التصوف الذي نما في ميدان الزهد وازدهر من خلاله إلى أن أخذ صورة علم المدون وتجربة وضعت في قواعد.

        وبعيدا عن الدراسات الاستشراقية التي مالت إلى رد التصوف الإسلامي إلى أصول يونانية وهندية ومسيحية وفارسية قديمة، أو في أحسن الأحوال إلى العناصر الآرية التي دخلت تحت مظلة الفتح الإسلامي، تحت ذريعة أن العقلية السامية لا تصلح لبناء أنساق نظرية وعلمية وفنية، فإننا نقرر اعتمادا على مكتسبات الدرس السوسيولوجي أن كل ظاهرة في بيئة معينة تكون أساسا وليدة عوامل داخلية لا خارجية، لأن ما هو خارجي يوقظ الظاهرة ولا يخلقها إطلاقا، هذا مع التأكيد على أن التصوف الإسلامي باعتباره تجربة تتلون كتلون الماء بلون إنائه، تطور في تواصل تام بين التيارات الفكرية داخل وخارج عقر الدار، وهذا الحوار الداخلي والخارجي جعل التجربة الصوفية في بحثها عن الإله والمقدس وتجلياته في الكون والإنسان مشابهة لتجارب روحية وثقافات دينية إشراقية لدى أمم أخرى، تتواشج معها بالتماهي والاختلاف لاسيما من جهة إدراك الحق إدراكا مباشرا، تستحيل معه المعرفة الذوقية فناء في موضوع المعرفة، أي في أسرار الربوبية واندماجا فيها([2]). 

وإذا كان لب الحوار بين الثقافات القائم على مبدأ الحق في الاختلاف والتسامح يقتضي الوصول إلى ذات الحقيقة رغم اختلاف السبل الاستدلالية، فإنه بين التصوف والتفلسف كخطابين بشريين تمايزات تمس الجوهر لا العرض، بدءا بتاريخ النشأة ووصولا إلى الموضوع المشتغل عليه مرورا بالمنهج الذي جعله د.الجابري فيصل التفرقة في بنية العقل العربي (بيان، برهان، عرفان)، إذ إن الجابري اتجه إلى عدم التوقف عند دراسة الخطاب الذي ينتجه العقل، بل إلى البحث في تكوين العقل الذي أنتج ذلك الخطاب([3]).

هذا وقد تم تقسم هذا المقال إلى جزأين؛ اختص القسم الأول منه بالبحث في إشكالية نظرية الاتصال كما تناولها أهل الفلسفة والتصوف، وامتد القسم الثاني لمقاربة مسألة قصور اللغة عن التعبير عن التجارب الصوفية. ولعل من نافل القول التذكير بأن أن توصل إليه الفكر المعاصر (فلسفة الحياة عند برغسون ونظرية العلامة عند السيميائيين) يجد إرهاصات له مع المتصوف، باعتبار منحاه الحدسي- الذوقي، فالتصوف أفق روحي يضافر فيه المتصوف بين النظر في المدونات من الجهة، والتمارين الروحية والسياحية والتأملات الذهنية من جهة أخرى([4]).        

I-نظرية الاتصال بين المتصوفة والفلاسفة 
        إن التصوف في جوهره قمة سعي الإنسان لإكمال وجوده أمام ربه، ولا يخفى على من شدا طرفا بالتراث العربي الإسلامي أنه من العلوم الحادثة في الملة لدوافع دينية واجتماعية وثقافية متفصلة فيما بينها([5]).
        وإذا كان الإنتاج الفلسفي الإسلامي ممثلا في قمة تطوره مال إلى رفض الاتجاه الصوفي (يذهب ابن رشد في كتابه الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة إلى ان طرق الصوفية واهية كطرق الحشوية والأشعرية في إثبات الصانع لسببين: أولهما أنها ليست طرقا نظريا مركبة من مقدمات وأقيسة، وثانيهما أنها ليست عامة لكل الناس بما هم ناس([6]))، فإننا لا نعدم أعلاما بارزين اجترحوا نمطا في الكتابة الصوفية بعد طول تطواف في التفلسف وشرائط البرهان والحد والكلام (الغزالي، ابن خلدون...).

        نروم من خلال هذا القول الوقوف على أبرز سمة تفرق التصوف عن التفسلف لأن بينهما وشائج تلتقي في المقصد (كما أن الشريعة والحكمة تلتقيان في الرضاعة من الحق)، إذ الغاية منهما معا الوصول إلى السعادة وامتلاك ناصيتها، وهذه لا تتحقق إلا بالإفلات من روابط الضرورة الحيوية، فالعلم أيا كان يتناقض مع بادئ الرأي والمنفعة. فضلا عن ذلك، يمتاز التصوف بخاصية التطهير –التي جعلها أرسطو الثابت الذي يعبر الفن التراجيدي من أوله لآخره- من خلال تصفية النفس من شوائب الدنيا الفانية وقمع هواها وحملها على إيثار الآخرة الباقية عليها، وإماتة كل رغبات الجسم المختلفة إماتة تدريجية عبر امتحان يومي حتى يكون حضور الله في النفس حضورا قويا من دون أن يشاركه في النفس شيئا آخر، فالمتصوف الحقيقي هو الذي يجهز على الهو بالمعنى الفرويدي لهذه الكلمة. إن المتصوفة هم وحدهم الذين وقفوا الموقف البارمنيدي الثابت في وجه النهر الدنيوي الهيرقليطي السيال والجارف حتى للفقهاء([7]). يبقى أن التصوف هو موقف من العقل وحدوده المعرفية([8]).

        جدير بالإشارة أن الحياة الروحية لدى كبار متصوفة الإسلام سعت إلى تجاوز حدود الإيمان بما هو تصديق إلى عمل الإحسان كما رسمه جبريل للنبي محمد (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك)، أي أن التصوف روحانية متعالية ويقين داخلي عميق([9]).

        إن التاريخ الإنساني هو بناء للعقل والقلب معا، فليس بالعقل وحده يحيا الإنسان، إذ الحياة ليست مجرد أحكام منطقية وحسب، بل فيها خيوط وجدانية وعاطفية استأثرت باهتمام الفكر ما بعد الحداثي لاسيما مع نتشه وفرويد والرومانسيين. وإذا كان العقل في عرف السوفسطائية مقياس الأشياء جميعا، فهو ليس كذلك في العالم الميتافيزيقي، لقد حكم المتصوفة على العقل بالقصور والهشاشة في عالم الإلهيات كما قرر ذلك حجة الإسلام أبو حامد في تهافته الذي أنتج فيه عجز العقل حسب عبارة ذ.العلمي حمدان([10]).. إلا أن الإلمام بحقيقة الفكر الصوفي –الذي قاد المعركة ضد كل محاولة لتقريب السر الإلهي الخفي بالنظر العقلي (معتزلة، فلاسفة)- يقتضي مقاربته اعتمادا على "المدة الطويلة" حسب إحدى المصطلحات الرائجة عند زعيم مدرسة الحوليات الفرنسية Les annales  (فيرناند بروديل)، ذلك أن ثمرة الكتابة الصوفية من شجرة الزهد والتعبد في مراحل الإسلام الأولى (عهد الصحابة والتابعين)، وهي بذلك تطور طبيعي للحياة الروحية للمسلمين المنبثقة عن صلب المنظومة الإسلامية لا من خارجها([11])، رغم ما يلحظه المتأمل لمفاصل الإبداع الصوفي من أوجه تشابه وتماثل بينه وبين نظريات سابقة على الإسلام "ولئن كانت المبادئ التي يتأسس عليها التصوف الإسلامي تشارك نظيرتها في الأديان الأخرى، فإن التصوف في الإسلام يتمايز عن ذلك بالماهية من جهة كونه تأسيسا لخطاب ذي محددات معرفية ورهانات فكرية، وهموم وجودية ومناح جمالية تبدو في أوجه كثيرة منها ذات غيرية مستقلة"([12]).

        يبدو أن الفلسفة كخلاصة روحية لعصرها لها قصد يتمثل في إدراك المعنى والنظام الذي يدب في أوصال هذا الوجود (تظهر أنها تتحدث عن الشيء وهي عينه)، ولكن هل الفلسفة وحدها هي التي لديها هذه الرغبة؟ الجواب طبعا سيكون بالسلب، لأن هناك علما آخر ينافسها هو علم التصوف، وهنا نذكر بأن التصوف تجربة وضعت في قواعد ولذلك صارت علما (*)، فالتصوف ممارسة شخصية موسومة بالفرادة والعواصة وغير مضمونة النتائج([13])، مما يجعلها وقفا على أهلها، وهذا ما يضفي على الطبيعة الصوفية طبيعة الاختصاص، فلا ينالها إلا المختارون من أهلها، بينما تنحو التجربتان الفلسفية والعلمية نحو العلانية والشراكة والشمول كي يظفر بتذوقها الجميع في الفضاء العمومي قدر المستطاع([14]). ولذلك ينشد المتصوف نفس الغاية التي ينشدها الفيلسوف، ولكن الطريقة تختلف. في هذا الصدد، نرى بأن لقاء بن رشد بابني عربي الذي تم في قرطبة في مرحلتين زمنتين متباعدتين كان لقاء صوفيا وليس فلسفيا، فابن رشد هو الذي رغب في هذا اللقاء بعدما أن سمع بالاتصال الصوفي على حد ما ذكره بن عربي في فتوحاته؛ سأل ابن رشد نظيره الشاب ابن عربي: كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهي؟ هل هو ما أعطاه لنا النظر؟ فأجاب المتصوف: نعم ولا، وبين نعم ولا تطير الأرواح من موادها، والأعناق من أجسادها، فاصفر لونه وأخذه الأفكل، وقعد يحوقل وعرف ما أشرت به إليه([15]). ولا يتردد  H.Corbin في إرجاع تصوف ابن عربي إلى مصادر إشراقية فارسية نازعا عنه كل أصالة أو فرادة في هذا المجال([16]). إن النفحات الربانية التي ترد على الصوفي قد تتفق مع استدلالات النظر الفلسفي، وقد تختلف معه وتتجاوزه([17])، مناط ذلك أن التصوف يروي ظمأ النفس إلى مثل أعلى قد يكون محالا على العقل إدراكه، ولكن في هذه الاستحالة نفسها تجد النفس موضعا للطمأنينة وحافزا إلى أن تجاهد في سبيل ما تصبو إليه من سعادة([18]).  بسير الذات العارفة في طلب حقيقة الوجود، أو بمعراج النفس في إدراك الألوهية والعوالم العلوية، يستحيل التصوف نصا كونيا texte universel  يبني نظامه الذاتي لإشكالية المعرفة والمنحى الشخصي في الإيمان والوجود والحياة([19]).           

        من الحقائق التي يعرضها علينا تاريخ الفكر البشري بما في ذلك تاريخ العلم، أن الناس يبدأون في ممارسة فن من القول أو نوع من المعرفة قبل أن يسموه ويقننوه، تماما مثلما تكلموا اللغة قبل وضع قواعد لها، إن إعطاء اسم لجملة من المعارف يأتي دائما في مرحلة لاحقة، أي عندما تصبح تلك المعارف في حاجة إلى تبويب وتنظيم، وقابلة للتقعيد والترسيم، وعلم الصوف في الحضارة العربية الإسلامية شأنه هذا الشأن، لقد خاض الناس في تجارب صوفية قبل أن يدونها ويضعوا لها قواعد كما حدث مع الغزالي والقشيري والسهروردي وغيرهم([20]). واللافت للنظر في مجال التصوف أن أقطابه(*) يسلكون منهجا ذوقيا كشفيا تتحقق فيه أحوال وتقطع فيه مقامات طبقا لثنائية التمكين والتلوين، عكس الفلسفة التي ما زال يثير منهجها البرهاني مواقف سجالية خاصة عندما نستحضر ما استجد في الدرس المنطقي واللساني المعاصر من نظريات نأى بها روادها عن صرامة الاستدلال الحسابي إلى خصوصبة التداول الحجاجي بما هو بضعة من اللغة الطبيعية "فلما كانت الفلسفة خطابا طبيعيا، فلا يفيدها تقليد أهل البرهان في صنع استدلالات صورية، لا هي ارتقت بها إلى درجة اليقين الرياضي، ولا هي هدتها سبل التوجيه العملي، والحق أن الفلسفة الواعية بأصولها الطبيعية والتداولية التي ندعو إليها لا تبغي بمسالك الحجاج بديلا، لأنها وحدها الكفيلة في إطار مجال التداول ومقتضياته التفاعلية بأن تحصل الإقناع وتدفع إلى العمل"([21]).

 ويرى الأستاذ طه أن المبررات التي قد تكون حملت فلاسفة الإسلام على الدفاع عن برهانية الفلسفة لا تخرج عما يلي: علمية المقال الفلسفي كصنويه الرياضي والطبيعي، تسليط أدوات المنطق على القسم الميتافيزيقي من العلوم النظرية، الاستناد إلى البرهانية لحماية المقال الفسلفي عندما تصادمت ميتافيزيقا أرسطو مع إلهيات المسلمين([22]). هذا، وقد نجد لاختلافات الفلاسفة حول المنـزع البرهاني ما يسوغه من داخل الفكر الفلسفي الذي لطالما قعد للتمايز والنقد والتقويض، لاسيما وأن التباين لا يكون على مستوى الإشكالية وإنما في طريقة مقاربتها، فتاريخ الفلسفة هو تاريخ اللقاء بين العقل والوجود، أو بالأحرى تاريخ اللقاء بين عقلين، عقل سار في الوجود وعقل قارئ له، عقل يضمن نظام الأشياء وقوامها، وعقل يشحن الأسماء بالدلالات ويسبك الماهيات في مفاهيم ومصطلحات.

        إن كل من على دربة بصناعة الفلسفة، يعرف الفرق بين نظرية الاتحاد أو الاتصال الصوفية ونظرية الاتصال الفلسفية، فالاتحاد عند الصوفية بتجلياته المختلفة (عند البسطامي والحلاج وابن عربي وابن عجيبة)، هو تجربة روحية وجدانية قائمة على الرؤيا وخرق العادة والانتماء إلى طريقة أو شيء يؤخذ منه العرفان أخذا، إنها تجربة تطرح على مستوى القلب لا على مستوى العقل، على مستوى الذوق لا على مستوى النظر العلمي، على مستوى العرفان لا على مستوى المعرفة، على مستوى التجربة والحدس لا على مستوى البرهان والدليل([23]). أما تجربة الاتصال الفلسفية فتشترط الامتلاء المعرفي عن طريق ممارسة علمية في مختلف أجناس العلم، أي تشترط تحقيق العقل النظري تحقيقا كاملا وتعبئة الذات بمعرفة الطبيعة معرفة علمية إلى الحد الذي تصل فيه هذه المعرفة إلى لحظة تنقلب فيه انقلابا نوعيا لتتحول إلى تجربة ميتافيزيقية لا تقصد معرفة عوارض الطبيعة وقوانينها وأسبابها، بل تقصد الاتصال بمبدأ الوجود نفسه، بإلقاء نظرة ميتافيزيقية عامة عن الوجود لا نظرة قطاعية إلى هذا العالم أو ذاك، فالاتصال الفلسفي إذن لا يتحقق إلا بالعلم وليس بالرياضة أو الوجد أو بالرؤيا و الإلهام([24]). إن نظرية الاتصال هي فيصل التفرقة بين التصوف والتفلسف منهجا وموضوعا؛ فإذا كان طريق الاتصال في الفلسفة هو العلوم النظرية وموضوعه هو العقل الفعال، فإن طريق الاتصال في التصوف هو العلوم العملية التي تقوم على المجاهدة والمكابدة والذكر، أما موضوعه فهو الله، وعليه يكون التقاء الفلسفة بالتصوف بالعرض وليس بالذات. وعلى الرغم من ذلك فإننا نميل إلى إقرار حقيقة مفادها أن الإنسان في البداية ينهج سبيل النظر العقلي إلى أقصى حدوده، ثم سرعان ما يستدعي طريق الكشف كمعرفة قلبية موجهة إلى أسمى عالم "عالم الملكوت" وصادرة من أشرف موجود "الله"، ألم يقل أبو الوليد "إن المعرفة بالله شيء يلقى في النفس عند تجريدها من العوارض الشهوانية وإقبالها بالفكرة على المطلوب"([25]).

         في إطار المقارنة بين التصورات الفلسفية/ العلمية والصوفية، ندرج بعض الرؤى بخصوص إشكالية المقدس في هذه المباحث، غني عن البيان أن المقدس كما هو ثابت علميا، (أنثربولوجيا) وفلسفيا ينشأ من الجهل وعدم القدرة على فهم الظواهر الطبيعية، أي من نقص في فهم الصلة بين العلة والمعلول (المعجزة عند سبينوزا Spinoza حادثة طبيعية تحدث وفقا لقانون طبيعي نجهله )، وهو ما يؤدي إلى تقديس شيء ما اتقاء للضرر وجلبا للمنفعة، وفي الوقت الذي تتم فيه مواجهة الأخطار ودفع المضار وجلب المنافع بالعقل والعلم، أي معرفة العلل، ينتهي التقديس، فالضرر والنفع والخوف والجهل مقياس العبادة. في مقابل ذلك نجد التصوف رياضة روحية وجسدية في مضمار المقدس، بل إن المقدس هو حجر الزاوية في التصوف (clef de voute)، ويعتبر الفن (موسيقى، شعر، رقص، تشكيل...) وسيلة أساسية لممارسة المجهادة في تناظر تام مع مستويات الشعور والأنا العميق. 

        رغم أن الرصيد المعرفي الصوفي الإسلامي ظل كنزا مخفيا، ومعدنا منسيا إلى حدود أواخر القرن 19([26])، فإن حركة الاشتغال عليه فيلولوجيا ونقديا في إطار تعالقه وحواريته مع علوم الداخل والخارج أبانت على أنه يتمتع بخصائص تؤهله للإسهام في تنمية الإنسان فردا ومجتمعا، ذلك أنه خطاب محبة بين الصوفي وربه والرسول والشيخ والمريدين وكل الناس، وفي هذا انفتاح واضح على الغير كما هو دين الإسلام عامة([27])، كما أنه ذو طابع شمولي، إذ يتفاعل فيه الديني والدنيوي والروحي والمادي، والعلمي والعملي، والذاتي والجماعي، والاجتماعي والاقتصادي وغير ذلك، ويتمتع بكفاءة الإفادة لكل الناس، إذ يضم ما يخص الإنسان العادي والمترقي في سلم التجربة... ([28])، وهذه المؤهلات وغيرها تجسدت في عدة تجليات أبرزها تجذر التصوف في الثقافة العربية الإسلامية من حيث المنجز الإبداعي والنقدي، إضافة إلى تعدد طرقه وزواياه، بتعدد أنشطتها الدينية والروحية والعلمية والسياسية...، مما يجعله خطابا فاعلا في أوانه، وتراثا متماديا بعد زمانه يمكن استثماره([29]) كمنبع أصيل للإفادة والتوجيه تنمويا.

 

II-قصور اللغة الإنسانية عن التعبير في التجربة الصوفية

        إن اللغة الإنسانية عاجزة عن التعبير والإحاطة بالأحوال والشطحات الصوفية التي تند عن كل القوالب اللغوية الجامدة والباردة. التصوف "تجربة ذاتية فريدة يصعب تكرارها أو إعادة تجريبها من مفكر لآخر غير الذي تذوقها واستشعر حلاوتها وغاب بين طعومها"([30])، وبلسان النفري "كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة"([31])، فليس في إمكان اللغة البشرية –التي اختلف في تحديد أصلها (هل هي تواضع واصطلاح أم وحي وتوقيف  أم محاكاة لأصوات الطبيعة؟)- نقل التجربة الصوفية التي هي تجربة تعاش وتكابد، ولا تحكى عبر قنوات الألفاظ والكلمات، فالمتصوفة هم أرباب الأحوال والأسرار لا أصحاب الأقوال. بيد أن المتصوفة المتأخرين ما كان لهم أن يحتكموا إلى هذه القاعدة أو ما يماثلها، فأفشوا الأسرار التي تند عن الأنساق المنطقية([32]). يخبرنا تاريخ المتصوفة بأن إذاعة السر لا تخلو من أوخم العواقب كما حدث لبعض العينات الدالة منهم كالحلاج الذي صلب وقطعت أوصاله، لأنه ردد العبارة الشهيرة "أنا الحق"، التي لم يفهمها الناس(*)، ومفاد التيار الحلولي Incarnation أن الله يتجسد في الإنسان في لحظة من اللحظات بعد المجاهدة، فينطق ويتحدث بلسانه، مما يعني أن المتصوفة لا يمكن أن يحاسبوا، لأن ما قالوه هو قول الله الذي نطق ويقول ما يشاء ويحدث الكرامات في لحظة معينة، ويجب ألا ننسى بأن المصطلحات الصوفية حين تتخذ معنى حلوليا لا تتحدث عن الإنسان أبدا، وهذا هو انمحاء الذات التي تذوب كلية([33]).

مزجت روحك بروحي
   
****
   

كما تمزج الخمرة بالماء الزلال

        جاء التصوف إذن بتوظيف جديد للغة التي انطبعت بالرمزية في التعبير وسحر البيان واستغلاق المضمون، وفي هذا السياق يقرر محمد أركون بقوله: "نجد أن القراءات الرمزية للصوفيين والقراءات المجازية للغنوصيين والباطنيين هي أكثر خصوبة بالمعلومات والدروس عن تجسيد أو تحيين العجيب المدهش المحتمل وجوده في القرآن"([34]). والحق أن الكتابات الصوفية غنية وخصبة تقترب من الموسوعية وتستعصي عن كل تحديد"إنه لما كان المتصوفة على وفاق أن ما يتجلى لهم من مكاشفات وحقائق يستعصي على اللغة أن تقوله وتعبر عنه، كثر استنجادهم بالشعر والحكم والأمثال، وغلبت على آثارهم معاني الرمز وأساليب الإشارة والإيحاء، ومالوا إلى تحميل الألفاظ المعهودة والمتداولة معاني عرفانية ودلالات مخصوصة"([35]). بإيجاز خصوصية اللغة عند المتصوفة من خصوصية تجربتهم، ولئن حدد الوضعانيون المناطقة مهمة الفلسفة في التحليل المنطقي اللغوي لعبارات العلم (علمنة الفلسفة) الإحالية([36])، فإن لغة أهل التصوف تنأى بنفسها عن الموضوعات المادية ولذلك فهي إيحائية وليست تقريرية.  

        هذا، وتعلمنا الفلسفة النقدية الكانطية أن كل معرفة بالمطلق هي معرفة محفوفة بالأخطاء والمنـزلقات، ذلك أن العقل خارج إطار الحدوس الحسية لا ينتج إلا المغالطات والنقائض ، فالمعرفة العقلية تعجز عن طرق باب عالم الأشياء في ذاتها Les Nouménes  التي تبقى في منأى عن التحليل الفلسفي، فكيف بالصوفي وهو الذي يبلغ مقام الفناء التعبير بلسان عموم الخلق؟ إن الأمر كما يقل المتكلمة يدخل في نطاق المضنون به على من ليسوا أهلا له. ولعل ما يسوغ ذلك هو أن التصوف تجربة ذاتية إرادية تروم الاتصال بالموجود والتوحد بالواحد وتتغيا الدنو من الإله "ومن لا يختبرها من الداخل لا يستطيع النفاذ إليها والتعبير عنها"([37]). وبما أن المتصوف في سياحته الروحية لا يثبت على حال ومقام، فإن الأمر في التعبير يزداد تعقيدا كلما تسنم مراقي المجاهدات، فالتجربة الصوفية تندرس على صخرة اللغة التي وضعت للعالم المحسوس، وليس للعالم الميتافيزيقي الذي تعجز عن نقل عجائبه الروحانية وغرائبه الإلهية([38]). يظهر ذلك بوضوح في مقام الوصول، يقول المتصوفة عادة "والأمر أكثر مما يصف الواصفون".

        نومئ هنا إلى أن استعمال المتصوفة للرمز وإن كان نفس من جهة غلواء معاناتهم حيت مكنهم من بعض التعبير، فإنه من ناحية أخرى جر عليهم وبالا من الانتقادات من قبل أولئك الذين لا يمكنهم أن يرتقوا من درجة الحس إلى درجة المعنى، ولذلك فإن من لا يدرك نوعية الاستخدام الإشاري للغة عند المتصوفة واعتمادهم على الاستعارة والكناية وخرق المألوف من القواعد(*)، سينتهي حتما إلى جملة من القبائح يصم بها الصوفية لبقائه تحت رق التعابير الحسية([39]).

ويمكن أن نشايع أركون دونما خشية السقوط في المبالغة بأن المتصوفة وحدهم لاسيما الأقطاب منهم دون غيرهم من أصناف المثقفين الآخرين في الإسلام، استشعروا البعد الرمزي في اللغة القرآنية، بحيث عجزت المنهجيات الألسنية والفقهية واللغوية أن تستكشفه أو تقبض عليه حتى الآن "لكأن الخطاب القرآني يشكل عالما كاملا من الآيات والرموز...فالكلمات فيه مقصودة بمعناها الرمزي والمجازي، إنها موجودة كعلامات للدلالة على عظمة الخالق وقدرته"([40]).

إن غموض لغة أهل التصوف وغرابة بعض أفكارهم عن المألوف، لم يقف حجر عثرة في طريق تجذير الخطاب الصوفي في البيئة الإسلامية وتكثير مريديه وأتباعه، عكس الفلسفة التي ادعى أهلها البرهان، فنظروا إلى الآخر نظرة استعلائية (باعتباره قاصرا بالمعنى الكانطي للكلمة)، إلى حد تغييبه من دائرة الجدال والسجال، فللوصول إلى الحقيقية لا ينصت الفيلسوف إلا لعقله المتفرد المتوحد، وكان من نتاج ذلك أن حاصر الفيلسوف نفسه قبل أن يحاصره غيره، وفقد السند الاجتماعي الذي يمكنه أن يتكئ عليه، مما سهل نجاح الفقيه والمتكلم واللغوي في إضعاف صوت الفكر الفلسفي([41])، وإذا كان بعض المفكرين العرب المعاصرين أكدوا أن الصوفية تغلغلت في الأوساط المجتمعية بحكم قيمها الموسومة بالتواكل والصبر والورع والخشية مما كان سببا في تخلف المجتمع العربي الإسلامي([42])، فإن هناك من الباحثين الآخرين من رأوا ضرورة التمييز بين التصوف من حيث هو فكر وعلم، والطرق الصوفية من حيث هي ظواهر اجتماعية وتمثلات ذهنية جماعية للقداسة والولاية وما يستتبع ذلك من إقامة لطقوس ونذور وشعائر معينة استجلابا للبركة ودفعا للشرور والأذى([43]).

صفوة القول، إن الرحلة الصوفية ممارسة شاقة يحتاج فيها المريد إلى شيخه(*)، وعسيرة لا يقوى على تحملها وقطع جسورها إلا القليلون الذين سكنهم عشق الوصول، إنها من اختصاص ذوي الفطر الفائقة الذين اختاروا القتال الكربلائي كما يقول الشيعة، وعليه وكما يؤكد ابن عربي "من لا كشف له لا معرفة له"([44]). بقي أن نشير إلى أن إخفاق اللغة في التعبير عن التجربة التي تحصل للمتصوف الذي يبلغ مرحلة الكشف يكاد يماثل الأطروحة البرغسونية، والتي مؤداها أن اللغة بما هي مدونة تعاقدية لا تستطيع أن تعبر بعمق عما يجري في الحياة النفسية للفرد باعتبارها ديمومة حية وشعورا انسيابيا، بينما اللغة لا تثبت إلا ما هو موضوعي ولا شخصي كالحال في العلم الذي أبدعته الذات، فصار من دون ذات.

 


خاتـمة:

تعددت رؤى العالم، لكن جميعها جسد نزوع الإنسان المتواصل إلى إيجاد المعنى في كل ما يحيط به، وفي هذا الإطار، يلقننا التصوف الإسلامي درسا في الأخلاق والسلوك "ومن زاد عليك في التخلق فقد زاد عليك في التصوف"([45])، ومما يقوي رحابته هو تأكيد المتصوفة أن جوهر الدين واحد، وهو المحبة، وإن تعددت أشكاله في كل دين بين عبادات ومعاملات. ولا نشتط في القول بأن التجربة الصوفية تجربة روحانية مغرية في الوعاء الزمني لما بعد الحداثة التي تحاول تعديل وتصحيح وتسديد انحرافات الحداثة وتلقيح العقلانية الصارمة التي استبعدت اللاعقل بقوة. ولئن كانت الاتجاه الوضعي مع Comte Auguste قد أقصى البعدين الأسطوري/ الدين، والفلسفي/ الميتافيزقي لصالح الاحتفاء للعلم في طبعته الحداثية([46])، فإن نقاد الحداثة من المعاصرين أعلنوا نهاية السرديات الكبرى GRANDS Récits (بلغة ليوطار lyotard) وكشفوا عن العار العلني للعقل الأداتي ( إقصاء اللاعقل) ، من خلال إعادة كتابة تاريخ الإقصاء وهو ما يعني القيام بأركيولوجيا الاستلاب.

 وإذا كنا قد كشفنا عن بعض أوجه التمايز بين الفلاسفة والمتصوفين، فإنه لا مندوحة من القول بأن التاريخ الإنساني هو صناعة للعقل واللاعقل، وهذا من الدلائل القاطعة التي تفيد أن الإنسان كائن ذو أبعاد متعددة، يصعب تقييدها تحت نوع واحد، فهو ذات عاقلة، بيوثقافية، تاريخية، لاشعورية، واهمة، دينية، جمالية، أخلاقية، تصوفية...        
      

لائحة المراجع

-       الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، 2008.
-       ابن خلدون عبد الرحمن، المقدمة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2007.
-       ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة  في عقائد الملة أو نقد علم الكلام ضدا على الترسيم الإديولوجي للعقيدة ودفاعا عن العلم وحرية الاختيار في الفكر والعمل، مع مدخل ومقدمة تحليلية وشروح للمشرف على المشروع د.محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 3، 2008.
-       ناجي حسين جودة، التصوف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجا، مركز دراسات فلسفة الدين-بغداد، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 2006.
-       المصباحي محمد، نعم ولا ابن عربي والفكر المنفتح، منشورات ما بعد الحداثة، ط 1، 2006.
-       أحمد بلحاج آية وارهام، موقف بن رشد من إشكالية المعرفة الصوفية، دار وليلي للطباعة والنشر مراكش، ط 1، 2001.

-       محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط 1، 2010.
-       [1] - آيت حمو محمد، أفق الحوار في الفكر العربي المعاصر، منشورات الاختلاف، ط.1، 2012.
-       محمد أركون، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1987.
-       عبد الرحمن طه، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، ط 3، 2007.
-     Henri Bergson, la philosophie française, document produit en version numérique, par bertrand gibier bénévole.
-     H.Corbin, imagination créatrice dans le soufisme, de Ibn Al Arabi, paris, 1958.
-     B.Pascal, pensées, paris, flammarion, 1976.

 المجلات
-        مجلة الأزمنة الحديثة، عدد 3-4 ، أكتوبر، 2011.

-       مجلة الغنية، عدد 1، أبريل 2011، مركز دراس بن إسماعيل.
-       مجلة دعوة الحق، السنة 54، عدد 401، يوليوز 2011.
-       عالم الفكر، العدد 2، مجلد 37، أكتوبر/دجنبر 2008.

[1] -B.Pascal, pensées, paris, flammarion, 1976, pp : 65-66.
[2] - الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، 2008، ص.7.
[3] - محمد وقيدي، التراث في فكر الجابري، الإشكال والمنهج، مجلة الأزمنة الحديثة، عدد 3-4 ، أكتوبر 2011، ص.61.
[4] - محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.148.
[5] -ابن خلدون عبد الرحمن، المقدمة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2007، ص.490.
[6] -ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة  في عقائد الملة أو نقد علم الكلام ضدا على الترسيم الإديولوجي للعقيدة ودفاعا عن العلم وحرية الاختيار في الفكر والعمل، مع مدخل ومقدمة تحليلية وشروح للمشرف على المشروع د.محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 3، 2008، ص.117.
[7] - محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط 1، 2010، ص.64.
[8] - ناجي حسين جودة، التصوف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجا، مركز دراسات فلسفة الدين-بغداد، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 2006، ص.5.
[9] - الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.26.
[10] - آيت حمو محمد، أفق الحوار في الفكر العربي المعاصر، منشورات الاختلاف، ط.1، 2012، ص.22.
[11] - التصوف الإسلامي في المغرب- مرحلة ما قبل تشكل المدارس الكبرى- عبد الوهاب الفيلالي، مجلة الغنية، عدد 1، أبريل 2011، مركز دراس بن إسماعيل، ص.102.
[12] - الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.7.
* - يذكر الغزالي عند وصفه لسيرته الروحية قائلا: "فابتدأت بتحصيل العلم من كتبهم (الصوفية)... حتى اطلعت على مقاصدهم العلمية، وحصلت ما يمكن تحصيله من طريقتهم بالتعلم وبالسماع وظهر لي أن أخص خصائصهم ما لا يمكن الوصول إليه بالتعلم، بل بالذوق، والحال وتبدل الصفات". الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص 23.
[13] - المصباحي محمد، نعم ولا ابن عربي والفكر المنفتح، منشورات ما بعد الحداثة، ط 1، 2006، ص.39.
[14] - المصباحي محمد، نعم ولا ابن عربي والفكر المنفتح، مرجع سابق، ص.239.
[15] - أحمد بلحاج آية وارهام، موقف ابن رشد من إشكالية المعرفة الصوفية، دار وليلي للطباعة والنشر مراكش، ط 1، 2001، ص.108.
[16] -H.Corbin, Imagination créatrice dans le soufisme, de Ibn Al Arabi, paris, 1958, pp : 91 et suivant.
[17] - أحمد بلحاج آية وارهام، موقف ابن رشد من إشكالية المعرفة الصوفية، مرجع سابق، ص.109.
[18] - أحمد بلحاج آية وارهام، موقف ابن رشد من إشكالية المعرفة الصوفية، مرجع سابق، ص.108.
[19] -H.Corbin, Imagination créatrice dans le soufisme, de Ibn Al Arabi, op.Cit, pp : 17-18.
[20] - ابن خلدون، المقدمة، مرجع سابق، ص.492.
* - القطب معناه رأس العارفين، بحيث لا يساويه أحد في مقامه في المعرفة، ابن خلدون، مرجع سابق، ص.497. ومعناه أيضا درجة في التخلق بالأخلاق الإلهية على أكمل وجه وحيازة أسمى مدارج العلم اللدني، والمعرفة بالحقائق الكونية. الكحلاوي محمد، مرجع سابق، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، ص.64.

[21] - عبد الرحمن طه، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، ط 3، ص.2007، ص.66.
[22] - عبد الرحمن طه، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، مرجع سابق ص.66.
[23] - المصباحي محمد، نعم ولا ابن عربي والفكر المنفتح، مرجع سابق، ص.94.
[24] - المصباحي محمد، نعم ولا ابن عربي والفكر المنفتح، مرجع سابق، ص.102.
[25] - ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة  في عقائد الملة، مرجع سابق، ص.117.
[26] - الكحلاوي محمد، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.19.
[27] - الخطاب الصوفي والإسهام في التنمية: مؤهلات وتجليات، عبد الوهاب الفيلالي، مجلة دعوة الحق، س 54، عدد 401، يوليوز 2011، ص.110.
[28] - عبد الوهاب الفيلالي، الخطاب الصوفي والإسهام في التنمية: مؤهلات وتجليات، مجلة دعوة الحق، مرجع سابق، ص.111.
[29] - عبد الوهاب الفيلالي، الخطاب الصوفي والإسهام في التنمية: مؤهلات وتجليات، مجلة دعوة الحق، مرجع سابق، ص.114.
[30] - ناجي حسين جودة، التصوف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجا، مرجع سابق، ص.16.
[31] - محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.20.
[32] - - محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، مرجع سابق، ص.68 .
* - يذهب علي سامي النشار إلى أن قتل الحلاج لا يعود إلى قوله بالاتحاد بالله، بل لسبب سياسي، متمثل في اتهامه بالزندقة والقرمطة والانتساب إلى الإسماعيلية. محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.53.
[33] - محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، مرجع سابق، ص.75.
[34] - محمد أركون، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1987، ص.199.
[35] - محمد الكحلاوي، مرجع سابق، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، ص.21.
[36] - يوسف تيبس، معيار العلم أو القابلية للإبطال، عالم الفكر، العدد 2، مجلد 37، أكتوبر/دجنبر 2008، ص.251.
[37] محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، مرجع سابق، ص.113.
[38] - ابن خلدون،المقدمة، مرجع سابق، ص.491.
* - إن نحن أخذنا بالدعوى التي تفيد أن اللغة تحمل سمات فكر من يتكلمونها، طه عبد الرحمن، مرجع سابق، ص 69.
[39] -  محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.21-22.
[40] - ابن خلدون،المقدمة، مرجع سابق، ص.491.
[41] - محمد ايت حمو، ابن خلدون بين نقد الفلسفة والانفتاح على التصوف، مرجع سابق، ص.89.
[42] - حوار مع الفيلسوف حسن حنفي، الأزمنة الحديثة، مرجع سابق، ص.157.
[43] - محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.29.
* -  في كتابه شفاء السائل، عالج ابن خلدون مسألة الحاجة إلى الشيخ، فهي ليست على قدم المساواة في كل أنواع المجاهدات، فالمرء لا يحتاج إليه في مجاهدة التقوى، ويحتاج إليه في المجاهدة الثانية (الاستقامة)، دون مرتبة الوجوب والاضطرار التي تظل خاصة بالمجاهدة الثالثة (الكشف والمشاهدة)، بعض جوانب اهتمام ابن خلدون الصوفي من خلال كتابه شفاء السائل، أحمد الأزمي، مجلة الغنية، مرجع سابق، ص.98-99.
[44] - محمد الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوف المقارن، مرجع سابق، ص.23.
[45] - عبد الوهاب الفيلالي، مجلة دعوة الحق، مرجع سابق، ص.110.
[46] -Henri Bergson, la philosophie française, document produit en version numérique, par bertrand gibier bénévole, p.10.


تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟