المصلحة هي كل قول أو فعل جلب منفعة أو جنب مضرة ، وهي نقيض الفساد ، وقد يعبر عنها بالنفع المقابل للضر ، وبالخير المقابل للشر ، وبالبر المقابل للإثم ، وبالرحمة المقابلة للغلظة ، وبالطيبات المقابلة للخبائث [1].،...كل تلك ألفاظ كلية قد ينوب بعضها عن بعض في الدلالة عن المقصد العام لورود الشرع ، وقد اعتبر الكثير من الأصوليين والفقهاء " المصلحة " مدار التشريع والغاية من وراء تقرير الأحكام [2] ، إلى الحد الذي جعلهم يبتكرون أصل "المصالح المرسلة " ويجعلونه حاكما لجميع ما لم يرد فيه نص ، فكانوا إذا استجدت بين أيديهم الحوادث ولم يجدوا لها جوابا من أصولهم المعتمدة انطلقوا ينظرون في المصلحة المجردة معتبرين هذا النظر تطبيقا لروح الشريعة ومقاصدها العليا .
اجتهادات الصحابة:
طلب المصلحة هو الذي بنيت عليه أولى اجتهادات الصحابة في القضاء وفي التدبير الاجتماعي والسياسي.....بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا وجدوها في حكم سبق العمل به في عهده عليه السلام ، كان ذلك هو الأصل وهو المطلوب ، فإن أعياهم ذلك بحثوا عن أقرب التصرفات تحقيقا لها في وقت لم يوجد فيه بعد إجماع ولا قياس ، ومن نماذج ما يذكر العلماء في ذلك :
- جمع أبي بكر للقرآن الكريم : ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كان قد أمر بكتابة القرآن ، فكان الوحي ينزل والمسلمون يحفظون والكتبة يكتبون ، حتى انقطع الوحي قبل وفاته عليه السلام بتسعة أيام ، فلما كان عهد أبي بكر وجد المسلمون أنفسهم يخوضون معارك عنيفة ضد أهل الردة ويسقط منهم الكثير ، فقد قتل في اليمامة ما يزيد عن ألف ومائتين من الصحابة منهم سبعون من حفظة القرآن ، فعظم ذلك على المسلمين وخشوا ضياع القرآن بوفاة حملته ، فاقترح عمر على أبي بكر أن يجمع القرآن ، فتردد أبو بكر في الإقدام على عمل لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أمر به ، يقول زيد بن ثابت أحد كتبة الوحي في عهده عليه السلام : " أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر ، فقال أبو بكر أن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذْهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه ، وإني لأرى أن تجمع القرآن ، قال أبو بكر ، قلت لعمر : كيف أفعل شيئا لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذْلك صدري ، ورأيت الذْي رأى عمر " هنالك دعا أبو بكر زيدا بتتبع القرآن وجمعه ، فاحتج بمثل ما احتج به أبو بكر على عمر قائلا : " كيف تفعلان شيئا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : هو والله خير" ، فاقتنع زيد بما اقتنع به صاحباه وأقبل يتتبع القرآن يجمعه من " الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال " يقول : " حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره : لقد جاءكم رسول من أنفسكم ...إلى آخرهما " [3] أي لم يجدهما مكتوبتان عند أحد غيره ، أما الحفظ فكان كثير من الصحابة يحفظونهما وزيد منهم ، وإنما كان يريد الجمع بين الحفظ والكتابة زيادة في الضبط والتوثيق[4] وكان أبو بكر بذلك أول من جمع القرآن ، وأول من سماه المصحف .
- امتناع عمر من تقسيم الأراضي المفتوحة : لم يجمد عمر على وسائل اعتمدها الرسول صلى الله عليه وسلم في تدبير أمور القتال وغنائم الحرب – على الرغم من قرب العهد بينهما - بل استمر في تطوير الوسائل ، فترك ما كان يفعله عليه السلام من توزيع الأراضي المفتوحة على فاتحيها لما رآه من تغير مكان المصلحة من التوزيع على الإبقاء ، وهكذا فإنه لما فتحت فارس وغنم المسلمون أراضيها الشاسعة رأى عمر أن إبقاء الأراضي في أيدي أصحابها حفظ لها واستثمار لمواردها في الإنفاق على الجند والقائمين على مصالح الدولة في مختلف مناطقها ، فلم يقسم منها شيئا ، وهذا أغضب الكثير من الفاتحين ورأوا فيه ظلما يلحقهم ، فما كان من عمر إلا أن أرسل إلى عشرة من كبراء الأنصار ، خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج ، فلما اجتمعوا لديه قال لهم : ( إني لم أزعجكم إلا لأن تشتركوا في أمانتي فيما حملت من أموركم ، فإني واحد كأحدكم ، وأنتم اليوم تقرون بالحق ، خالفني من خالفني ووافقني من وافقني ، ولست أريد أن تتبعوا هذا الذي هواي ...قد سمعت كلام هؤلاء القوم الذين زعموا أنني أظلمهم حقوقهم ، وإني أعوذ بالله ان أركب ظلما ، لئن كنت ظلمتهم شيئا هو لهم وأعطيته غيرهم لقد شقيت ، ولكن رأيت انه لم يبق شيء يفتح بعد أرض كسرى ، وقد غنمنا الله أموالهم وأرضهم وعلوجهم، ...وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها وأضع عليهم فيها الخراج وفي رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئا للمسلمين : المقاتلة والذرية ولمن يأتي من بعدهم ، أرأيتم هذه الثغور[5] لا بد لها من رجال يلزمونها ...فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج ؟ فقالوا : نعم ما قلت وما رأيت إن لم تشحن هذه المدن والثغور بالرجال وتجري عليهم ما يتقوون به ، رجع أهل الكفر إلى مدنهم... ) [6] فلم يقسم عمر شيئا من أراضي فارس المفتوحة لما رآه من تحول المصلحة من التقسيم زمن الرسول عليه السلام ، إلى الإبقاء في زمنه هو رضي الله عنه .
- أخذ عمر زكاة الفرس واعتباره من الأصناف التي يجب في حقها الزكاة على الرغم من ظاهر حديث " ليس على المسلم في فرسه صدقة "[7] والحديث بحسب ما يرى جاسر عودة عام لم يخصصه شيء ، ومحكم لم ينسخه شيء وواضح لا يبهمه شيء ، ومطلق لا يقيده شيء ، وإنما فهم عمر رضي الله عنه المقصد الاجتماعي والاقتصادي من الزكاة وسعى لتحقيقه عن طريق المرونة في وعاء الزكاة حسب تغير البيئة وقيم الممتلكات ، ولم يقتصر على ظاهر الحديث ويجمد على مقتضياته ، ويتجاهل مقتضيات الواقع الجديد ، فإذا كان القصد من الزكاة هو سد حاجة الفقراء ورفع العنت عنهم ، فإن هذا القصد لا يتحقق بتخصيص من يملك خمسا من الإبل أو أربعين من الغنم أو خمسة أوسق من الشعير ثم إعفاء كبار الرأسماليين ويرى جاسر عودة أيضا أن هذا الاجتهاد من عمر يثبت عالمية الشريعة ، إذ هي لم تنزل لبيئة العرب وحدها ، وإنما نزلت لكل زمان ومكان [8]
- إسقاط عمر عقوبة القطع عام الرمادة : ذلك أن غلمانا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة وأقروا على أنفسهم بعد أن تم القبض عليهم ، فأبى عمر أن يقطعهم لعدم توفر شروط القطع عنده ، إذ كانوا جوعى مضطرين ، فكانت الضرورة عند عمر شبهة تسقط القطع ، وبذلك فإن المصلحة قد تحولت في نظره من محل إيقاع العقوبة إلى محل رفعها مراعاة لشبهة تغير السياق وتبدل الاوضاع .
فهذه نماذج أربع من أولى اجتهادات الصحابة بعد وفاة الرسول صلى لله عليه وسلم تظهر تجاوزهم للوسائل القديمة إلى وسائل جديدة اعتبروها أكثر استجابة لمقتضيات واقعهم الجديد وأقرب التزاما بروح الشريعة في ظل هذا الواقع ، وقد تحرج الدكتور سليم العوا من إطلاق لفظ " تغيير الأحكام " على تصرفات الصحابة هذه مفضلا تسميتها بإدارة الأحكام على المصالح والعمل بها ما أدت إلى تحصيل مقصودها [9] ، لكن غياب هذا الشرط " تحصيل مقصودها " يعيد الدكتور العوا إلى ما تحرج منه وهو التصريح بتغيير الأحكام ، ولا أرى سببا لحرج ما دام هذا التغيير هو فرار من قضاء الله إلى قضاء الله ، أي من حكم شرعي جزئي إلى حكم شرعي جزئي فرضته الاستنارة بنور المقاصد العليا.
وأيا كانت التسميات ، فلا ينبغي أن تجعلنا نخطئ الفرق بين الوسائل المتغيرة والغايات الثابتة ، فقد تأتي الوسائل في صورة أوامر أو نواه أو أحكام ، وقد تأتي الغايات على نفس الصور والأشكال ، وإنما يتبين الفرق بين الوجهين بالرجوع إلى القرائن الهادية إلى روح الشريعة ، أي إلى المقاصد العامة والأحكام الكلية ، وقد كان الاجتهاد في إعادة ربط الأحكام الجزئية بمقاصدها العامة هو أساس "إدارة الأحكام على المصالح " عند الصحابة ، فإن سمينا تصرفاتهم تغييرا للأحكام الجزئية على ضوء مقاصدها كانت التسمية سليمة ، وإن سميناها " إدارة للأحكام على المصالح " كانت التسمية صحيحة ، إذ لا مشاحة في التسميات والاصطلاحات ما دام الفرق واضحا بين الغايات الثابتة والوسائل المتغيرة .
منهج الاجتهاد المصلحي :
أيا كانت التسميات ، فإن طلب المصلحة أسلوب أصيل يغني عن كثير من الأساليب التي استحدثت فيما بعد ، فالفخر الرازي (ت 606 هـ ) يعرض بأدوات القياس المعقدة في زمانه ويقول: ( من تتبع أحوال مباحثات الصحابة علم قطعا أن هذه الشرائط التي يعتبرها فقهاء الزمان في تحرير الأقيسة والشرائط المعتبرة في العلة والأصل والفرع ما كانوا يلتفتون إليها بل كانوا يراعون المصالح لعلمهم بأن المقصد من الشرائع رعاية المصالح ) [10] و يجعل ابن القيم ( ت 751 هـ ) المصلحة لب الشريعة ، فكل ما جاء غير منسجم معها وجب إسقاط اعتباره ولو نسب إليها بالتأويل ( كل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور...وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت إليها بالتأويل ) [11] ويجمل ابن عابدين الأسباب الداعية إلى تغيير كثير من الأحكام في تغير المقتضيات التي استوجبت ظهورها ، فإن الحكم يتغير بقدر تغير مقتضياته ( كثير من الأحكام يختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله ، أو لحدوث ضرورة أو فساد ، بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه للزم منه المشقة والضرر بالناس و لخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف ورفع الضرر) ، وقد كان البحث عن المصلحة المجردة فيما لم يرد فيه نص هو الذي أدى إلى ظهور أصل "المصالح المرسلة " وتعميق النظر في هذا الأصل وفي تفريعاته ومستلزماته أثمر بدوره " علم مقاصد الشريعة " على مراحل متقطعة ، كل مرحلة تمهد الطريق إلى التي تليها وتزيد الأمر تدقيقا وتوضيحا وتطويرا ، من الحكيم الترمذي (ت 295 هـ) في " علل إثبات الشريعة " إلى أحمد بن سهل البلخي ( 322 هـ ) في " مصالح الأبدان والأنفس " إلى القفال الشاشي (ت 365 هـ) في " محاسن الشريعة " إلى إمام الحرمين الجويني في "غياث الأمم" ( 478 هـ ) إلى أبي حامد الغزالي (505 هـ ) في مستصفاه ، إلى الفخر الرازي ( 606 هـ ) في محصوله إلى العز بن عبد السلام ( 660 هـ ) في قواعد الأحكام في مصالح الأنام إلى شهاب الدين القرافي (684 هـ) في الفروق إلى من اعتبر منشئ علم المقاصد ومفرده بالتأليف أبو إسحاق الشاطبي (790 هـ ) في الموافقات ، ثم إلى سلسلة من العلماء والباحثين المجددين المبدعين : الطاهر بن عاشور (1973 م ) ، علال الفاسي (1974 م ) يوسف القرضاوي أحمد الريسوني سليم العوا..إلخ
انبناء النصوص على المصالح
ومن هنا تأكد طلب المصلحة لعظم الاحتياج إليها ، ولانبناء النص عليها من خلال أساليب التعليل ، ونماذج التنزيل ، أحدهما أو كلاهما.
أساليب التعليل :
ذلك أن الأحكام التشريعية لم تأت معلقة في الهواء من دون موجبات تستوجبها ، وأسباب تدعو إليها بل كانت لها علل تندرج ضمنها تحقق مصلحة المكلف بصفته الفردية ، وبصفته الاجتماعية والإنسانية ، ومن مجموع العلل المستخلصة من النصوص استمد العلماء حكم التشريع ومقاصد الأحكام ، فأتت هذه المقاصد قطعية الدلالة والثبوت ملبية الحاجة الإنسانية إلى بوصلة تحدد الوجهة وتوجه الحركة ، تلك هي الأحكام الكلية والمقاصد العليا التي لا يتناولها التغيير ، بل يتم تغيير كل شيء من أجلها وفي سبيلها ، فعلة تحريم الربا قطع الطريق على الاستغلال الظالم [12] وفتحها أمام أنواع الصدقات [13] وعلة تشريع القصاص الحفاظ على الحياة [14] وعلة تشريع القتال إيقاف العدوان وإقرار الأمان[15] والعلة الجامعة لتحريم المحرمات هي إغلاق الطرق المؤدية إلى الخبائث والفواحش وتعبيد الطرق المؤدية إلى الطيبات وزينة الحياة [16] وكثيرا ما يتم بيان العلل تعقيبا على أحداث وقعت ، أو تعاليم وردت ، يتم الحث فيها على الشكر[17] أو الصبر[18] أو العدل [19] أو الإحسان [20] أو المثابرة في العمل[21] ..
أ- نماذج التنزيل :
تعتبر السيرة النبوية الوسيلة المثلى لبيان طرق تنزيل الأحكام الشرعية في الواقع المتغير ، وتتضمن نماذج لفقه التنزيل ينسج المجتهد على منوالها ويجدد من خلالها ، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتعامل مع الأحكام الجزئية بمعزل عن عللها التي استدعت وجودها ، فجميع الجزئيات مندرجة عنده ضمن أحكام أعم وأهم ، ولم يكن - عليه السلام - ليفرط في حكم كلي من أجل آخر جزئي ، وأشد ما يكون هذا وضحا في المجالات الاجتماعية والسياسية والأمنية شديدة التغير... ففي حادثة الإفك مثلا أوقع الرسول صلى الله عليه وسلم حد القذف على جميع من أذنب ثم استثنى عبد الله بن أبي بن سلول ، لكثرة أتباعه ونفاذ كلمته عند المنافقين ، فإيقاع العقوبة على " رأس المنافقين " لن يمر دون فتن داخلية تفاداها الرسول عليه السلام بالإعراض عن "رأس الفتنة " وهكذا ، فتحول المصلحة العامة من موقع إيقاع حد القذف إلى موقع تجنب الفتنة جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبها في موضعها الجديد معرضا عن القديم ، فلم يوقع حدا على ابن سلول واكتفى بالإعراض عنه ، وفي كتب الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر يوما أن رجلا قد زنى ، فقال الرسول " اضربوه حده " قالوا : يا رسول الله إنه أضعف من ذلك ، فقال : " خذوا عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة ولقد اشتهرت واقعة الرجل الذي جامع زوجه في نهار رمضان فأتى الرسول عليه السلام وقال له : " هلكت وأهلكت يا رسول الله ، قال وما ذاك ؟ قال جامعت زوجي في نهار رمضان .
فهذه نماذج تبين طرق تنزيل الأحكام الشرعية الجزئية على الوقائع المتغيرة بالطريقة التي تحفظ المقاصد العليا للشريعة والمصالح المرجوة منها ، فلما توفي الرسول صلى الله عبيه وسلم استمر تنزيل الاحكام على نفس المنهج النبوي ، فاجتهد الخلفاء في البحث عن المصلحة أنى كانت ولم يعتدوا بأحكام جزئية إذا لم تعد منسجمة مع المقاصد العامة ، فهذا أبو بكر يجمع القرآن في مصحف واحد ابتغاء مصلحة لم تكن قائمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ كان الوحي مستمرا في النزول حتى قربت وفاته ، وهذا عمر يوقف حد السرقة لما غابت شروط إيقاعها ، ويلزم الطلاق البين لمن طلق ثلاثا في المجلس الواحد ، ويدون الدواوين ، ويوقف سهم المؤلفة قلوبهم ، ويمسك الأراضي المفتوحة أن توزع غنائم على الجند ....على خلاف ما كان يصنع الرسول عليه السلام ، كل ذلك طلبا للمصلحة التي أصبحت في غير المكان الذي كانت عليه زمن الرسول عليه السلام ، ولو تشبث الصحابة بالجزئيات لغابت عنهم الكليات ولأضاعوا روح الشريعة .
نستخلص من هذا ضرورة أن تكون الأحكام الجزئية مندرجة في كليات أشمل وأكبر وأعلى ، وإلا فكل جزئي يناقض كليه يسقط .
[1] أغلب ما يطلق النفع على الماديات والخير على المعنويات والبر على الاجتماعيات والطيبات على المأكولات والمشروبات ، والرحمة على ذلك كله ، ولذلك فهي عين المصلحة ومقصد المقاصد كلها فضلا عن كونها الغاية من الرسالة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
[2] يتأمل قول الطاهر بن عاشور وهو من أعلام المقاصديين المحدثين : ( الشرائع كلها – وبخاصة شريعة الإسلام – جاءت لما فيه صلاح البشر في العاجل والآجل أي في حاضر الأمور وعواقبها وليس المراد بالآجل أمور الآخرة لأن الشرائع لا تحدد للناس سيرهم في الآخرة ولكن الآخرة جعلها الله جزاء على الأحوال التي كانوا عليها في الدنيا ، وإنما نريد أن من التكاليف الشرعية ما قد يبدو فيه حرج وإضرار للمكلفين ، وتفويت مصالح عليهم ، كتحريم شرب الخمر وتحريم بيعها ، ولكن المتدبر إذا تدبر في تلك التشريعات ظهرت له مصالحها في عواقب الأمور ) مقاصد الشريعة الاسلامية ص : 14
[3] البخاري، التفسير: 4311، فضائل القرآن:4603، الأحكام:6654، الترمذي، التفسير: 3028، أحمد، مسند العشرة:72، جمال القراء: 1/86، وانظر: تخريجه مستوفىً في كتاب المصاحف لابن أبي داود: 1/169-179، وراجع المقنع للداني:2-3.
[4] ا لإتقان في علوم القرآن، 1 / 185، النوع السابع عشر: في معرفة أسمائه وأسماء سوره.
[5] الشام ومصر والجزيرة والكوفة ...
[6] روى أبو يوسف أن عمرا أرسل إلى عشرة من الأنصار ، خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج من كبرائهم فلما اجتمعوا حمد الله وأثنى عليه ثم قال .....
[7][7]صحيح البخاري باب ليس على المسلم في فرسه صدقة اتمم التخريج
[8]مقاصد الشريعة وقضايا العصر ، مجموعة بحوث ص 57
[9]مقاصد الشريعة وقضايا العصر ، مجموعة بحوث ص 48
[10] الفخر الرازي في المحصول من علم الأصول 6/165
[11] إعلام الموقعين 1/ 114
[12] (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) البقرة 279
[13] (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) البقرة 276
[14] (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )
[15] (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) 190 البقرة
[16] (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ، قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) الأعراف 22 ونجد أيضا :( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) الأعراف 157
[17] (وسيجزي الله الشاكرين) آل عمران 144
[18] (والله يحب الصابرين ) آل عمران 146
[19] (والله لا يحب الظالمين ) آل عمران 140
[20](والله يحب المحسنين )عمران 124
[21](ونعم اجر العاملين) آل عمران 136