أثارت مسألة الأقليات في التاريخ المغربي المعاصر اهتمام عدد من الباحثين المغاربة خاصة المؤرخين والأنتروبولوجيين، وتطرح دراسة الأقليات إشكالات نظرية ومنهجية ومعرفية فضلا عن إكراهات البحث الوثائقي والأرشيف.وإذا كان الفضل لمؤرخي المرحلة المعاصرة في فتح ثغرة الكشف عن واقع وتجربة الأقليات العرقية والدينية فإن الكتاب بين أيدينا"يهود المغرب وحديث الذاكرة " قد منح الموضوع بعدا آخر من خلال جرأة مساءلة الذاكرة والتاريخ الشفهي – مع ما يرافق ذلك من صعوبات- والسفر بنا في رحلة، تعددت مسالكها،وعمل فيها الباحث الأنتروبولوجي والمؤرخ المغربي عمر بوم على تجميع قطع متناثرة وممتدة، وتشظيات متباعدة عبر أجيال مختلفة لبناء صورة اليهودي كما شكلتها أزمنة تاريخية متعددة ولحظات مجتمعية متباينة،وكما صاغتها تجربة العيش المشترك لليهود في المجال المغربي .
اختار الباحث في دراسته- استغرقت10سنوات من البحث الإثنوغرافي والوثائقي- توظيف خطابات السرد الشخصية وبنياتها اللغوية – كما هو الأمر عند طريقة المؤرخين اللغويين- للكشف عن العلاقة بين أنماط اللغة وتبادلاتها والسيرورات ثم التحولات الاجتماعية مستخدما ما أسماه"النموذج الطولي"(كما اقترحه لابوف) لمعالجة الذكريات الاجتماعية لدى المسلمين المغاربة عن اليهود،تلك الذاكرة التي يمتزج فيها الذاتي والشخصي،العفوي والموجه،القصصي والمحكي والتاريخي والتي تميزت بالتغير عبر الأجيال و"أفواج الأتراب"،مع الانتباه المعرفي للسياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية(محليا-جهويا-عالميا..)التي تتداخل لتوليد تلك المواقف وتأسيس الذاكرة،فضلا عن أبعاد التنشئة الاجتماعية والخلفية السياسية والاختيارات الإيديولوجية ل"حاملي الذاكرة"وأثر ثورة وسائل الإعلام.
ويمكننا رصد صدى الأزمنة التاريخية كما هي في النموذج البرودلي ،حيث طبق الباحث "تقنية الزمن-الظاهري" على التباينات اللغوية التي عكستها الأفواج العمرية بعضها يعود لحقب بعيدة وأخرى انتقالية ثم راهنة(أهمية التجربة الفردية والتاريخية في مقاربة المواقف تجاه اليهود).وقد أولى الأنتروبولوجي عمر بوم عناية في استخدامه لمفاهيم مركزية منها الفوج أو الأقران والجماعة،والمخطط ومسار الحياة منظورا لها ك"مرويات سردية " لأربعة أجيال متعاقبة من المسلمين المغاربة تفيد في تمثل وصورة اليهود في الذاكرة المغربية .
يقع الكتاب في 343 صفحة،وهو من إصدارات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ضمن سلسلة نصوص وأعمال مترجمة تحت رقم 18(سنة2015)،ترجمته قام بها المؤرخ والباحث المغربي خالد بن الصغير الذي أغنى الخزانة المغربية بعدد من المؤلفات حول قضايا المغرب المعاصر أساسا مغرب القرن التاسع عشر.
المؤلف مقسم إلى مقدمة وستة فصول تنتهي باستنتاجات و خاتمة ثم ملحق منهجي مع البيبليوغرافيا .
انطلق الباحث في مؤلفه من توطئة طريفة تعود إلى شهر ماي من سنة2004،وتتحدث عن "أرييل شارون" في الصحراء،وهي حكاية- لها ما بعدها في الكتاب-عن صاحب الفندق الوحيد في واحة "أقا" (رجل في الأربعين من العمر)الذي يلقبه-من باب الدعابة- بعض زبنائه من المقيمين بالمنطقة ب"شارون" لأنه ذات يوم كان "راضيا عن اغتيال زعيم حركة حماس" حسب أحد الشبان،وهي توطئة تمهد لموضوع البحث حيث تتردد شهادات حول اليهود بمنطقة أقا والحسرة على رحيلهم الذي أعقبه الكساد الاقتصادي وتراجع الرخاء بالواحة...
في المقدمة نظرة مقتضبة عن تاريخي الوجود اليهودي جنوب المغرب باعتباره من أقدم وأعرق مناطق حضور اليهود ضمن العالم العربي، وإبراز لدور الحماية التي حظوا بها سواء في المنطقة السلطانية أو خارجها بين القبائل،وأدوارهم المهنية كحرفيين وتجار،ثم تأثرهم بظروف ما بعد استقلال المغرب خاصة من طرف الحركة الصهيونية.
وبعد إثارة مسألة الكتابة التاريخية المغربية التي تمحورت على القضايا الوطنية في بعد قومي-إسلامي،مقابل التجاهل الكبير، الذي استمر إلى فترات متأخرة، لدراسة موضوعات الأقليات العرقية والدينية باعتبارها نوعا من الطابوهات (قد تطال تبعاتها دعابة أوجدية من له جرأة الاقتراب من موضوع اليهود في المغرب،والأمر نفسه وقع مع الباحث)،عرض الباحث إشكالية دراسته التي تمحورت حول رصد العوامل الرئيسية المتحكمة في بناء وتشكيل ذكريات المسلمين وتوليدها حول اليهود الغائبين،واستقصاء تلك العوامل ما بين مرويات السرد وأثر الأحداث المعاصرة والراهنة في قلبها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ،منبها إلى ثنائية التجاهل الأكاديمي للباحثين المغاربة حتى عهد قريبـ للموضوع،وتأويلات الأطروحات والمعرفة الاستعمارية ثم صعوبة "اختراق" الذاكرة بمستويات عمرية وفوارق زمنية متعددة (مقاربة طولية).
اعتمد الباحث على عينة دراسة تتكون من أربعة أجيال مغربية متعاقبة ومتنوعة عرقيا وإثنيا من مناطق الجنوب المغربي النائية مركزا على استجواب الذكور بشكل خاص(صعوبة إجراء المقابلات مع النساء لقيود ثقافية محلية) و تتوزع تلك الأجيال ما بين مرحلة الحماية وفترة الحرب العالمية الثانية مع تأسيس إسرائيل،ثم جيل مرحلة الاستقلال وسنوات الحروب العربية-الإسرائيلية،وأخيرا جيل لم يسبق له أن عايش اليهود بل "عرفهم" من خلال وسائل الإعلام وتغطيتها لانتفاضتي 1987 و 2000.
ويبرر الباحث اختياره لعينة بحث توجد على أطراف المغرب في الجنوب-الشرقي لرصد أحوال يهود الصحراء خاصة في واحة أقا ،مع أولوية الاهتمام بالذاكرة والتغير في المواقف حيث الذاكرة صيرورة تاريخية مستمرة عن التمثل اليهودي في المجتمع المغربي فضلا عن احتمالات وإمكانية التذكر والاسترجاع في بلاد كان لليهود فيها حضور تاريخي طويل،ذاكرة شابها الخلط بين اليهود المغاربة والسياسات الإسرائيلية حدّ القذف باليهود المغاربة خارج المغرب...
وتأسيسا على ما أسماه "كتابة الهامش" رصد الباحث روايات الأطروحات الكولونيالية واستهجانها للقبائل المغربية،وهي خاصية تميز معظم نصوص السرد التاريخي الاستعماري ما يطرح السؤال حول موضوعيتها وطريقة التعامل معها .ثم قام بتعريف المجتمع اليهودي في المناطق الصحراوية النائية معتمدا تجربته الإثنوغرافية وبحثه الميداني، ووصف محلات التجارة في السوق المحلي ومكانة اليهود في رواجه وهما عنصران ظلا في ترابط (قلة الملح بعد هجرة اليهود)ثم دورهم ضمن"الاقتصاد الصحراوي" وشبكاته التي تمتد عبر محاور التبادل و"عواصم اليهود الحضرية بسوس" ويؤكد على أهمية الحماية المخزنية وحماية الزعماء المحليين من ذوي النفوذ لليهود الذين كانوا بمثابة وكلاء اقتصاديين يصلون بين المراكز الحضرية والقروية، وقد مثلت منطقة أقا مجال احتضان إحدى أقدم الطوائف اليهودية التي تأثرت بتحولات التجارة البحرية في القرن19م،وكان لها حضور في التاريخ السياسي العام(دعم تأسيس الدولة السعدية).
من جانب آخر يثير الباحث دور بعض أثرياء التجار اليهود في خدمة الاستكشافات الكولونيالية من خلال نموذج "مردخاي أبي سرور" الذي ولد في أقا وعاد إليها بعد رحلة نحو الشرق العربي حيث صار أحد كبار التجار الذين بلغت تجارتهم تنبكتو نهاية القرن19م مستثمرا شبكات اجتماعية عبر خط التجارة لتأمين مصالحه،غير أنه وقع في يد الجمعية الجغرافية الفرنسية والتي وظفته للاستفادة من معرفته بأوضاع الجنوب وعمق الصحراء ثم في سوس ليعمل منذ1880 دليلا لمصلحة "شارل دوفوكو" الذي زار منطقة أقا سنة 1882م.
وهنا يكشف الباحث العلاقة بين الاستكشاف العلمي والمشروع الاستعماري من خلال تجربة عدد من الرحالة الأوربيين(كايي- لينز- رولفز- دوفوكو)ولجوئهم للتنكر لتنفيد خطط الجمعيات !العلمية وخدمة"الشرف الوطني"
في الفصلين الثاني والثالث يعود بنا الباحث إلى تفاصيل دقيقة من حياة ويوميات يهود جنوب المغرب داخل وخارج أماكن سكنهم"الملاحات" مبرزا أشكال المعاملات التي كانت تربطهم بالمسلمين وأنواع العقود والرسوم العدلية والنظم القانونية و المحاكم و الأعراف التي كانت ناظمة لتلك المعاملات("شَرْكة عمل" "شركة عقود" "شرْكة مال""شرْكة ملك"..) ويبدي الباحث هنا شعورا مزدوجا يتمثل في الأسف حول اللامبالاة التي طالت التعامل مع الوثائق المحلية والجهوية رغم أهميتها في إضاءة جزء من الماضي ،وفي الثناء على المحاولات الجادة لمؤرخين مغاربة حاولوا إرساء مدرسة تاريخية وطنية تستند على المصادر المغربية القديمة والأرشيف المحلي لدراسة تاريخ الأقليات ،مؤكدا على ارتباط بحثه بذلك الانفتاح للبحث في التاريخ الجهوي ليهود الجنوب المغربي وضرورة مطارحة الاثنوغرافيات الاستعمارية ومحاججتها استنادا على "أصوات السكان المحليين"وعلى سبر أغوار ما تزخر به الخزانات العائلية المحلية الخاصة والأرشيف المحلي.
يكشف الباحث هنا قوة العلاقة بين اليهود والمسلمين في قرى جنوب المغرب وتجاوزها لحدود السوق،ووضعهم ضمن التراتبية الاجتماعية في ارتباط بتحالفات تجارية محلية وجهوية وحماية مخزنية وقبلية،ثم عرَض مجموعة من النماذج لحالات تتعلق بقضايا الرهون واستغلال المياه والشراكات والقروض والأكرية ، كقضايا نظر فيها قاضي أقا وكان اليهود طرفا فيها وتتفاعل فيها عناصر التعامل بين المسلم والذمي والترخيص بالسكن المشترك ثم اللجوء للرهن قصد مواجهة الكوارث الطبيعية والأوبئة وكذا دور المخزن من خلال "التاجر السلطاني".
وعبر صور من حياة الأفراد والطبيعة في جنوب المغرب (بين ورزازا وأقا) نقل الباحث شهادات وذاكرة حول الماضي الذي تقاسمته الواحة مع يهود الصحراء وهم يجوبون أطرافها ببضائعهم متنقلين على الدواب وحاملين معهم أخبار البلاد،ويعيشون في "ملاحاتهم"بين دفء القصور بأنماط اجتماعية كثير منها يشابه جيرانهم المسلمين(هيمنة الذكور في المجتمع والمكانة الدينية-دور المرأة-تعليم الفتيات-التعدد في الزواج..)لينفتحوا لاحقا مع قدوم الاستعمار على المدارس الأجنبية ومؤسسات الرابطة اليهودية التي انتشرت بالجنوب واستفادت من دعم منظمات ولجان خارجية أوربية وأمريكية،ويقدم الباحث هنا مفارقة أخرى للتجربة اليهودية حيث تصاعدت وتيرة هجرة اليهود بتزايد مستوى تعليمهم العصري وكأن تعليم أبناء الطائفة اليهودية صار وسيلة مساعدة على الرحيل.
وخصص الفصل الرابع لمناقشة أسباب هجرة اليهود من المغرب-الذي يعود استقرارهم به إلى عهود قديمة جدا- وتفاعلاتها مع أحداث دولية كبرى زمن الحرب الثانية ومع مواقف القوى الوطنية التي تراوحت بين الدفاع عن ارتباط اليهود بالمغرب والتنديد بسياسة الحركة الصهيونية،مع رجوعه(الباحث) إلى فترات تاريخية سابقة(القرون16-17-18-19) قصد استجلاء وفهم دوافع الهجرات المبكرة لليهود (دور الجماعات الدينية –نزعات التعصب تجاه اليهود-الحماية القنصلية-أنشطة الحركة الصهيونية..)
وإبراز دور الحزب الشيوعي المغربي باعتباره التنظيم السياسي الوحيد الذي استطاع بلوة نقاش فعلي حول العلاقة بين اليهود والمسلمين منذ 1943 وإن تأثر بارتباطه بالحزب الشيوعي الفرنسي وبسجاله واصطدامه الإيديولوجي مع حزب الاستقلال .
بينما شكل كل من الفصل الخامس والسادس حيزا لعرض ذاكرة وشهادات تنتمي لأجيال تنافرت مواقفها تجاه يهود المغرب وكلما توارت ذاكرة الجيل الأول(الأجداد والكبار) كلما انكسرت وتصدعت مستويات الذاكرة وانزاحت تمثلات الأفراد من التاريخي الواقعي إلى الافتراضي والمتخيّل الذي يبلغ مدى التصور الصدامي .هكذا يقرأ الباحث شهادات تلك الأجيال وذاكرتهم متتبعا إياها من خلال المفهوم الهابرماسي للفضاء العام حيث تتفاعل الرؤى والمواقف والتمثلات ما بين مساحات الاعتراف وجرأة نقاش العلاقة مع يهودي المغرب ومكانته ضمن المجتمع (كما هو الحال مع الأحزاب اليسارية والحركات الطلابية خاصة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فترة السبعينات) وبين آليات الإقصاء والإلغاء التي تصل مداها برفض الاعتراف والمعاداة بنزوعات دينية وعرقية(كما الحال بالنسبة لتيارات الإسلام السياسي والحركات العروبية)وتظهر في لحظات من سياقات تطور الموضوع ف تفاعله مع أحداث الصراع في الشرق الأوسط اتجاهات تميل إلى ما بعد الاعتراف بالشخصية اليهودية وتقبلها حتى في انتمائها لحيز يشغله الصراع(كما الأمر عند بعض التيارات الأمازيغية وجمعيات الصداقة مع اليهود في إسرائيل) بمبرر توظيف الأنظمة العربية للقضية الفلسطينية في استمرار سلطتها وإخضاع شعوبها .
يورد الباحث في خضم مناقشة تلك الشهادات ومساءلة الذاكرة جملة من الأحداث والمنعطفات التي أثرت في بناء صورة يهودي المغرب (التجربة الناصرية-حرب 67-مواقف الجامعة العربية-..)والسجال السياسي والإيديولوجي الذي واكبها داخل الوطن خاصيته التردد بين الدفاع عن اليهود باعتبارهم مواطنين وبين العداء لهم (حزب الاستقلال مثلا فترة إعلان "حركة الوفاق" المعتدلة وما بعدها)فضلا عن التحولات التي شهدتها مواقف النظام المغربي على امتداد عقود وسنوات 1960-1970-1980-1990 .
وإذا كانت الأجيال الأولى قد شكلت صورا وتمثيلات لليهود المغاربة قريبة من التجربة التاريخية الفعلية معبرة عن اعتدال واضح تجاههم وبنوع من الأسى عن هجرتهم التي ضاع معها في قرى الجنوب ومناطقه وهج ورخاء الأسواق والاقتصاد ،فإن شباب المغرب(الجيل الأخير في الدراسة) شيّد تمثلاته عن "اليهودي الغائب" متأثرا في ذلك بما تسوقه فضائيات الخليج وشبكات الأنترنيت والأحداث الجارية (اغتيال أحمد ياسين-انتفاضة الأقصى..)وبتجاذبات فكرية متعارضة أساسا في فضاء الجامعة،شباب يؤسس لذاكرة طارئة مستندا على صور الإعلام والإشاعة وإنتاج النكتة "النكتة الدينية المرضية" كوسيلة للإفلات من رقابة السلطة التقليدية وممارسة نوع من "المقاومة الخفية ولتكوين تواصل ممتد وواسع وافتراضي (يترواح بين ثقافة المشاركة والانتفاضة بواسطة الويب) .
ويأبى الباحث عدم إنهاء دراسته التاريخية والإثنوغرافية دون عرض مجموعة من الاستنتاجات
يُجلي فيها تباين وتضارب حضور يهودي المغرب في الحديث والذاكرة بين الأجيال المغربية،والفارق الكبير في تمثلاتهم ،ثم اللجوء الجمعي إلى تخزين التمثلات وتداولها عبر أشكال حكي وسرد متنوعة وفي أمكنة مختلفة،مع تحولها نحو السلبية بفعل انكسارات الذاكرة وتأثير وسائل الإعلام وطغيان الذهنية الدينية رغم محاولات عدد من المنابر اختراق الصمت تجاه الموضوع والمزاوجة بين جرأة النقد للسياسة الإسرائيلية وتمييز اليهودية عن الصهيونية .
ويعتبر الباحث تنظيم مؤتمرات من أجل حوار الأديان (2006بإشبيلية-2008 في مدريد..)ومهرجانات التعايش(بعدة مدن مغربية) فرصة لاستعادة روح "الأندلس "و إنشاء فضاءات للتسامح والتصدي لموجة الكراهية (كما شهدتها إسبانيا محاكم التفتيش)،وللمغرب،الذي مثل أرض اللقاء للهاربين من الإضطهاد (يهود ومسلمي إسبانيا) إمكانات تجديد التعايش وإحياء ذاكرة مشتركة وأنسنتها .
بعد التماس العذر من المؤلف والمترجم إن كان ثمة تقصير في عرض الكتاب ،فإن الغاية من تقديمه ليست سوى تقريب بحث ودراسة استغرقت من مؤلفه عقدا من الزمن وبحثا وثائقيا وميدانيا عميقا،والمشاركة في التعريف بواحدة من الدراسات الإثنولوجية-التاريخية لمقاربة تاريخ الأقليات كجزء من رهانات إعادة كتابة التاريخ العام والوطني المغربي ،وهذا التقديم المتواضع لا يمكن أن يلغي الحاجة إلى العودة للكتاب والسفر عبر ثناياه وزخم شهاداته وصوره وأسئلته ،وفي كل عودة للكتاب قراءة متجددة وحياة أخرى للنص من أجل ذاكرة منفتحة على المستقبل.